قانون “ألقاب التمييز” و”الأسماء الأمازيغية” أو عندما تغيّب المواطنة

أمقران

لا شك أن رفض الأغلبية البرلمانية بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان المصادقة على مقترح قانون للفريق الاشتراكي والذي يهم حذف الألقاب التمييزية اعتمادا على النسب، ورفع المنع عن الأسماء الشخصية الأمازيغية أعاد مسألة جدية الدولة المغربية في بناء دولة الحداثة والديمقراطية إلى نقطة الصفر، وبرهن بالملموس أن هناك من يسعى إلى تكريس السياسة التقليدانية الوفية للامتيازات بدل السعي إلى تأسيس حقيقي للمواطنة ودولة الحق والواجب.

السيد وزير الداخلية لم يجد حرجا في زعم انتفاء منع الأسماء الأمازيغية، وهو إدعاء تكذبه الشكاوى الرسمية وغير الرسمية لآباء مغاربة يجدون أنفسهم أمام موظفين بسيطة ثقافتهم، متحجرة مواقفهم لايجيدون غير عبارتهم المالوفة المهترئة: “إنه إسم ممنوع”، في إشارة إلى الدوريات “البصرية” المشؤومة والتي تشهد على قتامة الصورة الحقوقية في عهد الوزير الراحل ادريس البصري. هنا نسأل السيد وزير الداخلية، وما الذي يضر إن نحن أصدرنا نصا قانونيا رسميا يمكّن المواطن المغربي من مواجهة تعنّت وتحجّر هؤلاء الموظّفين خاصة أن الدستور المغربي يعترف بالتعددية؟؟

المضحك المبكي في هذا الباب، الذريعة التي تقدّم بها منسق شعبة الداخلية بفريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، والذي زعم جريا على العادة السيئة لحزبه أن التحفظ على بعض الأسماء التي تحمل أسماء لبعض آلهة الأصنام والأوثان وذات الحمولات العقائدية!!

زعم لا يمكن إلا فهمه من زاويتين، أولاهما أسلوب المزايدة على المغاربة باسم الغيرة على العقيدة والذي يجب التصدي له بشتى الطرق لكونه ركوبا على المقدّس المشترك للمغاربة، ثانيهما الجهل المقدس لبعض الجهات التي تجهل الأمازيغية حضارة، لغة وثقافة وتريد أن تفتي بغير علم. وفي هذا المقام، نتحدى المدّعي أن يدلّنا على إسم واحد في المغرب كله تم رفضه لكونه إسم صنم أو وثن.

إنها عقدة الفوبيا التي لايمكن مواجهتها إلا بالنص القانوني الذي كنا ننشده، والذي وحده سيكون الفيصل بيننا. وستظل الأسماء الأمازيغية وحدها هي التي تتعارض مع التعاليم الإسلامية في منظور خريجي هذا الحزب الذين اساؤوا  ويسيؤون  إلى صلب الهوية المغربية.

وبخصوص الأسماء التمييزية التي تحمل اسم “مولاي” و”الشريف” و”لالة”، لا بد من التذكير أن هذه الألقاب لم تكن تشكل أدنى مشكل ولم تثر أي تحفظ في مرحلة تاريخية معينة، تلك المرحلة التي كانت هذه الألقاب لا تخرج عن دائرة الموروث الثقافي الذي ارتبط بالتقاليد والعادات المغربية العفوية، أما وأن تعطي الامتياز لصاحبها فهو أمر مرفوض في مغرب القرن الواحد والعشرين، وفي دولة تنشد  إقرار المواطنة وحفظ كرامة المواطنين.

وإذا كان أحدهم قد نفى أن يكون هناك امتياز قانوني وإداري باسم الألقاب موضوع القانون المرفوض، فإن ذلك لا يخرج عن دائرة التنكر الفاضح لواقع يعلمه المغاربة جميعا، فبماذا نفسر البطائق التي تمنح لهذا وذاك بناء على “شجرات” لا يفهمها غير واضعيها، وتسلم بطرق ملتوية وفق منطق “من يدفع أكثر”؟؟

إن الدولة المغربية مدعوة إلى تحمل مسؤوليتها لأن هناك جهات حزبية تريد أن تحرجها في المحافل الحقوقية الدولية، فالامتناع عن  قبول أسماء المواليد الأمازيغية إنما هو خرق سافر للقانون  الدولي ولحق طبيعي من حقوق الإنسان، وزمن التمييز الإثني ولّى بغير رجعة في كل الدول التي تحترم نفسها. فهل يعقل أن يحسم سبعة عشر نائبا في قانون من هذا الوزن؟؟

 

بقلم: لحسن أمقران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق