في رثاء العلامة سيدي محمد بلمكي البوجرفاوي. بقلم محمد ازرور

 

تنتابك مشاعر متضاربة ومتنافرة وأنت داخل إلى زاوية سيدي وكاك من عواطف تجاه الماضي، ماضي الأجداد والأعلام الذين نذروا أنفسهم لخدمة هذا الدين وهذا الوطن، وتقارن رغما عنك هذه الصروح البشرية الصامتة التي أفنت عمرها في طلب العلم والتعليم كالعلامة رحمة الله عليه سيدي محمد البوجرفاوي، بأقزام اليوم الذين يملؤون الدنيا ضجيجا وصياحا، يتلونون ويغيرون من فكرهم وعلمهم كما يغيرون ملابسهم الشتوية أو الصيفية تبعا لأحوال الطقس، لا يثبتون على حال ولا يستقرون على مقال.
خمس وثلاثون سنة أمضاها المشمول بعفو الله ورحمته سيدي محمد البوجرفاوي دون كلل أو ملل في تدريس علم التوقيت بهذا المكان المعزول على سفوح هذه الجبال الصامدة.
لو سألت أيا من شباب أو تلامذة اليوم عن ماهية هذا العلم، لصدمت من هول الفاجعة والجهل المطبق الذي صرنا إليه والذي يكرسه نظامنا التعليمي ″العصري″ بامتياز مقارنة مع ما يسميه ″خبراء التربية″ بالتعليم ″العتيق″، ومنه واليه ينتمي أمثال سيدي محمد البوجرفاوي.
يتفق معظم علماء الانتربولوجيا على أن المدخل الأساسي للوقوف على مبلغ القوة أو الضعف في حضارة إنسانية معينة هو علاقة الذين ينتمون أو يزعمون الانتماء إلى هذه الحضارة بعلم الفلك عموما وعلم التوقيت على الخصوص.
السؤال إذن هو ما علاقتنا نحن مسلمي اليوم بهذا العلم الذي برع فيه أجدادنا ووهب أمثال سيدي محمد البوجرفاوي أعمارهم كلها للإبقاء على شعلة هذا التخصص العلمي متقدة في دياجير الظلمات والجهل الذي أصابنا؟
قد يقول القارئ أن هذه الملاحظة نوع من التشاؤم والإحباط الذي يؤدي إلى النكوص أكثر منه إلى النهوض وان الواجب الحقيقي للمرحلة هو التفاؤل.
طيب عزيزي القارئ. لكن دعني أقول لك أن علم التوقيت هو روح العبادات كلها في الإسلام، وان ذهاب هذا العلم أو موته لا قدر الله يعني ذهاب كل العبادات في مهب الريح، لأنه وبتعبير آخر لا توجد عبادة أو شعيرة في الإسلام لا ترتبط بالوقت.
هو إذن من العلوم الإستراتيجية التي وان فرطنا فيها فعلينا وعلى الدنيا السلام كما يقال !
فاللهم يا عالم الغيب والشهادة ويا من عنده علم الساعة اسكن عالمنا الجليل سيدي محمد بلمكي البوجرفاوي في زمن الخلود وجازه عنا خير الجزاء لما أسداه للإسلام والمسلمين من ضبط دقيق لمواقيت الصلاة والصيام والحج والزكاة.
محمد ازرور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق