دور الجامعة المفقود  بقلم أيوب بوغضن

 

بوغضن

لا يخفى أن التحليل النقدي الجاد المُسلط على المؤسسات  يتجه أساسا إلى استنطاق مدى وفاء هذه الأخيرة لأدوارها الأصيلة. وإذا كانت المؤسسات التعليمية عامة والجامعية على وجه الخصوص تتعرض لسيل من النقد، فإن قصور هذه التحليلات والأحاديث النقدية راجع أساسا إلى كونها لا تنطلق من الأدوار الأصيلة للمؤسسات التعليمية لبناء منظورات نقدية مفيدة.

تعد الجامعة مرمى للعديد من الخطابات الغيورة على وضعنا التعليمي بشكل عام. ولا تكاد تجد أغلب هذه الخطابات تتجاوز تحديات  تعد بمثابة الجزء الظاهر من الجبل الجليدي فقط؛ فمن قائل: إن أزمة الجامعة تتلخص في العنف المستشري في بعض المؤسسات الجامعية، إلى متيقن من أن تواضع مستوى البنيات التحتية وضعف التجهيزات وقلة عدد المُدرجات  هو رأس الأدواء، مرورا بالمهتمين بالمسألة اللغوية الذين يرون أن استمرار التدريس بلغة المستعمر هو سلوك يعكس بجلاء عمق أزمة الجامعة، بالإضافة إلى الذين يربطون أزمة الجامعة بمشكلة الشغل وأزمة البطالة أي تلازم الحصول على الشهادة الجامعية والسقوط في براثن البطالة..

إن قراءتنا لمسار الأدوار التي اضطلعت بها الجامعة منذ الاستقلال تبين بجلاء أن أزمة الجامعة راجعة أساسا إلى كونها قد حادت عن دورها الأصيل واتخذت لها وظائف أخرى رهينة بحسابات التقنوقراطي. وقد تكون وظيفة “تكوين الأطر” مُتَفهمة في سياق مغرب ما بعد الاستقلال، لكن الانكفاء حول خيار “المهننة” و”التقننة” والغفلة عن الدور الرئيس للجامعة وهو تعليم التفكير وتعلُم التعلُم وإنتاج المعرفة  يؤشر على وجود أهداف باطنة مستترة تقف وراء تكريس هذا النهج التقنوي-التشغيلي.

دشن العاهل المغربي أول نواة جامعية عصرية في المغرب في الرباط حملت اسمه هي جامعة محمد الخامس في 21 دجنبر 1957. تأسست الجامعة الأولى والمغرب يعيش فراغا مهولا من ناحية الأطر التي بإمكانها الحلول محل الأطر الاستعمارية في الإدارات ومختلف المجالات. وليس غريبا إذن أن يكون منتهى الطموحات من وراء تأسيس الجامعة؛ هو الاضطلاع بدور تخريج أطر تقنية إدارية تُسير البلاد.  وقد أكد خطاب العاهل محمد الخامس رحمه الله على هذا المنحى بمناسبة التدشين: (المغرب) في حاجة إلى ثقافة تشمل سائر الميادين، لا توفرها إلا جامعة مغربية عصرية تمكن من تهييء جميع الوسائل الضرورية التي هي الأطر الكافية المتلائمة وعهد الاستقلال، الأطر القادرة على الاضطلاع بمهام الإدارة والتسيير، لا في الميدان الإداري فحسب، بل في بقية الميادين الصناعية والاقتصادية والفنية”.(1)

غير أن الحياة السياسية، بُعيد الاستقلال، جرت مجرى آخر من حيث وفائها لآمال وآلام الفئات الشعبية ومنها بالدرجة الأولى الجماهير الطلابية؛ إذ ساد جو من التضييق بالحريات النقابية والتنكيل بالأحزاب والحركات المناضلة واعتقال أولي الفضل في انتزاع الاستقلال وإعدام الحياة النيابية في مهدها مع إعلان حالة الاستثناء؛ مما أدى إلى تبلور ردود أفعال عنيفة تجاه الدوائر الرسمية توسلت أغطية إيديولوجية بالاستناد إلى الماركسية-اللينينية. كل هذا، جعل المنظورات المؤطرة للسياسة التعليمية وبالأخص في الجامعة تبقى رهينة هاجس الحد من إيديولوجيا التمرد والانتفاض في وجه الدولة والنظام. لهذا زاغ الساسة الحاكمون بسكة الجامعة عن أدوارها الطلائعية الأصيلة وصار هَمُ كل الاختيارات هو الحد من غُلواء الإيديولوجيا الثورية وتخفيض مستوى المضمون المعرفي للمناهج التعليمية حتى لا يقع الطلاب في حب إيديولوجيا جذابة في سياق إقليمي وعالمي مثير ومحتقن بالانقلابات وطموحات الثورة على الأنظمة “الرجعية”.

حوالي منتصف السبعينات عقدت المعارضة، ممثلة في أحد تعبيراتها القوية، لقاءات مع العاهل المغربي الحسن الثاني رحمه الله بدعوة من هذا الأخير (اللقاء الأول كان بين المرحوم عبد الرحيم بوعبيد والعاهل سنة 1974)؛ أسفرت عن انفتاح محتشم في الحياة السياسية واستهلال متردد لتطبيع العلاقة بين الحركة الاتحادية –أبرز حركات المعارضة- في نسختها الثانية (أي الاتحاد الاشتراكي) مع الدوائر الرسمية. هذه التطورات في الساحة السياسية انعكست على المقاربة المعمول بها في الجامعة. إذ أن تطبيع العلاقة مع الأجنحة الإصلاحية للمعارضة كان من شأنه دفع الأجنحة الثورية الباقية إلى الانحسار والانكماش. غير أن الانفراج السياسي المحدود تزامن مع أزمات اقتصادية غير مسبوقة؛ الأمر الذي جعل أصحاب القرار يطرحون مسألة الجامعة على طاولة الاقتصاديين بعد أن كانت سابقا على طاولة “أوفقير” وزمرة من الأمنيين. “لقد تعاملت مختلف الحكومات المتلاحقة مع الجامعة منذ نهاية الستينات حتى بداية الثمانينات كمشكل مؤسساتي-اجتماعي. ومع بداية سياسة التقويم الهيكلي (1983) إلى الآن تعاملت معها كمشكل اقتصادي-إدماجي. وإذا كان الهاجس الأمني والإيديولوجي هو الذي وجه مختلف القرارات والإصلاحات التي مست الجامعة خلال سيادة المنظور الأول، فإن الهاجس الاقتصادي-التشغيلي هو الذي يوجه حاليا مختلف القرارات والإصلاحات المتخذة لحد الآن. وأهم ما يميز سياسة وتوجهات هذا المنظور الجديد هو تعامله مع الجامعة في توجهها العام ومهامها ونظام تدبيرها الهيكلي وآفاق إصلاحها، من خلال علاقتها المباشرة بالنظام الاقتصادي الوطني ومجالاته الإنتاجية. وهو ما يعني بأن سياسة إصلاح الجامعة ينبغي أن تتم صياغتها من خلال أولويات التنمية الاقتصادية وحاجياتها، كما يتم التخطيط لها من طرف أصحاب القرار والفاعلين الاقتصاديين. وهي مقاربة تغلب عليها في توجهاتها الكبرى المعالجة الكمية-الإحصائية للجامعة، ومعادلات التنافسية والمردودية والتلاؤم، وتقوم على مسلمة أساسية قوامها أن تنمية قطاع التعليم العالي يبقى رهينا بتنمية القطاع الاقتصادي”.(2)

وفق هذا المنظور الاقتصادوي تم السعي للاستجابة لتقارير البنك الدولي (1995) القائلة بالتركيز على التعليم الأساسي عوض الثانوي والعالي. مما أدى إلى تراجع الاهتمام بالجامعة والتوجه أساسا نحو مسلسل “التقننة” و”المهننة” حيث يتم تشجيع معاهد التكوين المهني التي بالإمكان الولوج إليها بشهادة التعليم الأساسي أو ما دونها.

مع حلول الألفية الثالثة اتجهت السياسة التعليمية إلى منحى آخر يندرج ضمن نفس الرؤية المهجوسة بالتشغيل ومتطلبات السوق. فصارت المعاهد العليا والمدارس ذات الاستقطاب المحدود هي أولى الأولويات، نظرا لارتباطها التلقائي بأسئلة الاقتصادي (عدد المهندسين الذين نحتاج، عدد المسيرين الذين يحققون الاكتفاء…). لكن يمكن قراءة التركيز والالتفات إلى المعاهد على حساب الجامعة من زاوية أخرى، وهي سعي الدولة الحثيث لنزع فتيل التفكير النَقاد وإشاعة التفكير المنقاد في أوساط المواطنين. فالتجارب التاريخية أثبتت أن الدول تلجأ إلى الترويج للمعاهد التقنية العليا التي تزيد الجامعة فقرا على فقر من الناحية المعرفية والفلسفية والقيمية، وتستعيض بها للمزيد من القولبة والتنميط وصناعة الآلات التي تتقن صنعتها ولا تعرف سوى ما تحت رجلها وتفتقر إلى النظر البعيد وتغفل عن الأفق الرحيب. فعلى سبيل المثال؛ “نجد أن خلق المدارس والمعاهد العليا في فرنسا قد كان على حساب الجامعات في سنة 1979، بقرار من الارستقراطية الفرنسية وذلك للحد من تأثيرات مفكري وفلاسفة الأنوار، بحيث تم إقرار إلغاء 23 جامعة وتعويضها بالمدارس العليا”. (3)

ولا عجب، إذا فهمنا هذا المعطى، أن نجد المرجعيات “السلفية” العاتية في الغلو والتطرف (نموذج ما يسمى “المدخلية” نسبة إلى زعيمها ربيع المدخلي) تعشش داخل معاهد الهندسة (على سبيل المثال، معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط). وفي هذا الصدد، يحكي لي أحد الأصدقاء، من هذا المعهد، أن أحد زملائه سجل حضوره في محاضرة لأحد المشايخ في مدرجات إحدى المعاهد في الرباط وكان طيلة المحاضرة مسكونا بسؤال وحيد يحتشد لطرحه على الشيخ يتعلق الأمر: أ لسنا في هذه المحاضرة في “اختلاط”: بعد أن رأينا الطالبات يقتعدن الشق الأيمن من المدرج والطلاب يقتعدون شقه الأيسر؟

تجدر الإشارة، في هذا الإطار، إلى أن الاختيارات الحاكمة للسياسة التعليمية الخاصة بالجامعة لا تخضع للتبديل ولا ترتهن للخلفية الإيديولوجية للوزير؛ فلا إسماعيل العلوي المنحدر من الحزب الشيوعي ولا عبد الله ساعف المعروف بانحيازه لليسار الديمقراطي ولا لحسن الداودي سليل العمل الإسلامي؛ لا أحد منهم أبان عن نية الانتفاض في وجه هذا القفص وهذا الخناق المضروب على التعليم العالي برمته من طرف أصحاب القرار التقنوقراطيين. فالتصريحات التي يطلقها من حين لآخر الوزير الحالي عن كليات الآداب والحقوق، إذا افترضنا حسن النية الكامنة وراءها، فإن دلالاتها واضحة في سلوكها مسلك المرتهنين لحسابات الاقتصادي- التقني. لأن كلية الآداب والعلوم الإنسانية مازالت، نظرا لطبيعتها، عصية على الانخراط في مسلسل السوق وإن كان الطلبة في النهاية هم الذين يؤدون الثمن. ويتساءل الباحث عبد الرحيم عمران: في ظل التوجه السائد حاليا: في ظل سيادة نوع من التفكير الأحادي الاقتصادوي-التشغيلي على توجهات إصلاح التعليم العالي؛ نتساءل عن مكانة ودور ما نسميه بكليات الآداب والعلوم الإنسانية. (4)

إن النهج الذي انخرط فيه أصحاب القرار وانتهجوه مع الجامعة في الستينات وأوائل السبعينات والذي أعطى الأولوية للمسألة الأمنية وإن كان يبدو مخالفا للنهج المُتخذ مع مطلع الثمانينات فإنه يقف معه على نفس الخط من حيث تفقير المضمون المعرفي والفلسفي والقيمي. “فرغم ما يبدو ظاهريا من مفارقة أساسية بين أولويات الهاجس الأمني-الإيديولوجي والهاجس الاقتصادي-التشغيلي تجاه الجامعة، فإن هناك توجها أساسيا يشكل قاسما مشتركا بينهما؛ ألا وهو الحد من أهمية المهام الثقافية-العلمية والمعرفية-الإشعاعية للجامعة المغربية لصالح المهام التكوينية والتخصصات التقنية-التطبيقية ذات الامتياز المهني والاجتماعي”.(5)

إن المسار التشغيلي الذي سارت فيه التوجهات الحاكمة للإصلاح الجامعي  باءت بالفشل ولا أدل على ذلك من تنامي نسب بطالة ذوي الشواهد العليا. ما يعني أن كل ما كان يحرك أصحاب القرار، من شبح انفجار البطالة، لم يتم تلافي مخاطره. أضف إلى هذا، أن عالم اليوم يتميز بدينامية لافتة في مستجدات المعرفة؛ فالتقنيات التي يلهث أصحاب القرار وراء تعليمها للطلاب، على أهميتها، قابلة للتبديل والتعديل. ما يعني أن فقدان الطالب لدراية عن فلسفة العلم المؤطر للتقنية التي يتعلمها يجعله على مهب الريح بخصوص التأقلم مع التقنيات الجديدة من حيث التعاطي الإيجابي معها. في هذا السياق أيضا، يبدو سوق الشغل غير متطابق مع عالم التكوين (أي الجامعة ومعاهد الهندسة والتقنية)؛ فغالبا ما نرى المهندس يقوم بمهام المسؤول التجاري ونلفي المحاسب واقف على أسئلة علم التدبير.. كل هذا، من شأنه أن يدفع أصحاب القرار لحقن المناهج المُدرسة بحُقن من المرونة تراعي التكامل المعرفي  حتى يتسنى للطالب عند التَخرج: التاقلم السريع مع مجال خارج التخصص المدروس. ويمكن الذهاب كذلك إلى كون غنى المقرر الدراسي من الناحية المعرفية والفلسفية والقيمية بمثابة  حصانة للطالب من الارتهان المؤبد للوظيفة العمومية؛ فالطالب المؤَسَس جيدا من الناحية المعرفية بإمكانه التفكير –رغم إمكانياته المادية المحدودة أو المعدومة- في الانخراط في مشاريع خاصة يستثمر فيها رأسماله المعرفي، وعلى كل حال فالقطاع العام؛ من المستحيل –مستقبلا- أن يتحمل سوى نسبة منزورة من المواطنين. والسياسة التعليمية، باتجاهها التقنوي، نازعة نحو إهمال المضمون المعرفي والتخفيض منه ونحو التكثير-في المقابل- من المضمون التقني والمهاري والحساباتي الذي يؤدي إلى وجهة واحدة من الناحية الوظيفية، فإذا لم يحالف الحظ الطالب المُتخرج  في الحصول عليها فقد بات على كف عفريت.

إن التوجه التقنوي-الاقتصادوي فشل، كما رأينا، في ما سطره من أهداف ظاهرة؛ أي الارتباط بسوق الشغل وتفادي أزمة البطالة. لكنه، نجح أيما نجاح في تحقيق ما تطلع إليه من أهداف باطنة غير مُعلنة. إنه قد نجح في اغتيال الحركة الطلابية التي ارتهنت لتاريخ مضى وتحليلات ميتة. إنه قد نجح في إخراس الأصوات التي تقول “لا” على بصيرة. إنه قد نجح في جعل طموحات الطلاب لا تتعدى السيارة الفارهة والمنازل الفخمة والزوجة الجميلة والهواتف الذكية. إنه قد نجح في إشغال الطلاب بقضايا تافهة سطحية (أسئلة “الاختلاط”!). إنه قد نجح في زرع “العقل الأداتي” الذي يعدم السؤال عن كنه الأشياء وماهيات الظواهر وما خلف السياسات. باختصار؛ إنه قد نجح نجاحا باهرا في اغتيال دور الجامعة. “إننا بتركنا لمجالات العلوم الإنسانية (وبتهميشنا للإطارات المعرفية والفلسفية للعلوم الأخرى سواء الدقيقة أو القانونية والاقتصادية) خارج دائرة البحث العلمي المتخصص، وأيضا خارج دائرة البرهان والاستدلال العلمي، ومنهجية الحجاج والإقناع العقلاني، فإننا بكيفية ما نساهم في سيادة ثقافة الشعوذة والطروحات والقناعات المتطرفة، ونكرس مؤسساتيا وثقافيا سيادة نوعين منفصلين من المصادر المرجعية “للمعرفة” داخل المجتمع المغربي: المعرفة العلمية التقنية المتخصصة والمعرفة الاجتماعية-الثقافية التداولية. وإذا كانت المرجعية الأولى ستجد في مراكز ومجموعات البحث الجامعي-التقني والقطاع الخاص، مصدرا هاما لها، وبكون العمل على تدعيمها وتشجيعها سيساهم في انتشار ثقافة تقنية-تطبيقية؛ فإن المرجعية الثانية وديناميكيتها التداولية ستجد في تمثلات ومواقف وممارسات المؤسسات والجماعات الفكرية المذهبية ذات الحقائق المطلقة والمناهج التصديقية غير القابلة للتحليل والبرهان والنقد والدحض، مرجعا أساسيا لها ولممارساتها”.(6)

في الختام، إن الجامعة فضاء يتيح مناخا يكتسب فيه الطلاب الناشئون طرائق التفكير ومعالجة النصوص وسبل التُعلُم وامتطاء صهوة البحث العلمي بمنهجية صارمة. فالمفهوم الحديث للجامعة يذهب إلى كونها فضاء لتعلُم التعلُم، وتكوين أطر الدولة، والبحث العلمي والحرية الفكرية.(7)

إن الجامعة هي موطن لتخريج الأحرار الذين بإمكانهم خوض غمار البحث والتعلُم دون لجوء إلى طرف من الأطراف سوى منابع ذخائر المعرفة وهي الكتب. ولا يمكن للجامعة أن تضطلع بهذا الدور التنويري الكبير إلا إذا تضمنت مناهجها محتويات غنية بالجانب الابستملوجي والإطار المعرفي للعلوم المدروسة. ورب قائل: إن الطلاب يمتعضون ويستصعبون حديث الفلسفة والابستمولوجيا ويُقبلون بلا تراجع على التقنيات ودراسة ثمار العلوم؛ متى كان المريض يهوى الدواء، ومتى كان الغارق يدرك سبب غرق مركبه وهو  بين الأمواج، ومتى كان الإنسان نازعا نحو المعالي وتاركا للطرائق السهلة والأمور اليسيرة.

إن دور الجامعة يكمن في مراجعة الرؤية وتخريج عناصر فاعلة بالمجتمع وليست معملا لتفريخ الجهلة والبيادق المراد التحكم بواسطتهم لإبقاء المجتمع في نفقات العتمة والتخلف. (8)

إن الجامعة المغربية، ما لم تتوخى استعادة دورها الأصيل؛ فستتخبط في حالة التيه وستستمر في تجريب وصفات الإصلاح دون جدوى. وسيتم اختزال أزمة الجامعة في أعراض ظاهرة (كالعنف، والبطالة..) بدون فائدة. إن حل الجامعة يبدأ في فك ارتهانها بأمواج التقنوقراطيين المُسخرين من طرف أصحاب القرار الذين يخافون بدون مبرر من البحث العلمي الحر والأصوات المتحررة حقا والغيورة على وطنها صدقا والملتزمة بمعاني المُواطنة الصادقة يقينا.

(1) علي القاسمي، الجامعة والتنمية: مقدمة الأستاذ عبد الهادي بوطالب، سلسلة المعرفة للجميع، العدد 27، 2002، ص:36.

(2) عبد الرحيم عمران، الجامعة المغربية ورهانات الديمقراطية، منشورات الموجة، 1999، ص:122-123.

(3) المرجع السابق، ص:123.

(4) المرجع السابق، ص:108.

(5) المرجع السابق، ص:123.

(6) المرجع السابق، ص: 114-115.

(7) تنسيق: الطيب بن الغازي، فكرة الجامعة، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الخامس بالرباط، 1997، ص:15.

(8) المهدي المنجرة، انتفاضات في زمن الذلقراطية، الطبعة الثالثة، ص:182.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق