مشيخة ومريدون ! بقلم محمد أزرور

محمد ازرور
قف وتأمل معي الملاحظة التالية : انتهت مسرحية الربيع العربي الرديئة، وعادت ريما لعادتها القديمة !
لنسترسل الآن برفق وهدوء. ولنطرح الملاحظة بشكل آخر:
المتتبع للشأن العام المغربي وخاصة منه السياسي والإداري يصاب حتما بنوع من الامتعاض والتقزز الشديدين لما يراه من تراجع كبير وانتكاسة بهلوانية في هذين المجالين بالذات.
لنضرب أمثلة على ذلك.
أولا: في السياسة. تسلق العارفون بخبايا السياسة ومنازلها ″مدارج السالكين″ لابن قيم الجوزية في لمح البصر ليصبحوا بين عشية وضحاها موظفين سامين او برلمانيين او وزراء…والوسيلة طبعا هي تقنية المعارضة من اجل المعارضة او لنقل من اجل الكراسي، شعارهم في ذلك ″قرد… بقرة… برتقال″ إلى حين الاستيلاء على المقاعد بالطبع، ليتحول الشعار بعد ذلك الى قراءة متأنية في كتاب ″كفاحي″ لهتلر والتفنن في هصر المواطن البسيط عبر ترسانة من التشريعات والقوانين.
وفي حالة لا قدر الله، انتفض الشارع، ينكمشون كالرخويات داخل قواقعهم وينسحبون بجبن أمام الفساد والاستبداد الذي يصبح بقدرة قادر شرطا من شروط الاستقرار والذي يتغنون به صباح مساء أمام العدسات والمكروفونات – انظر مشكل الأساتذة المتدربين نموذجا –
وللتبرير وطلبا للانسجام النفسي مع ذواتهم، فهم يجرون وراءهم حبلا طويلا من الكذب، والوعود الزائفة، والقناعات الهشة، والتناقضات الفكرية والسلوكية، التي يسهل اقتفاء أثرها والتأكد منها اليوم بواسطة وسائل الاتصال والتواصل التي تعري كل شئ للعيان، اللهم من فضل وهم العمى على حقيقة الإبصار.
ثانيا: في الإدارة. من الشاوش إلى أعلى موظف في الهرم الإداري هناك متلازمة واحدة. ممارسة السلطة الوهمية أينما، وحيثما، وكيفما اتفق! لا يهم! المهم هو قراءة الإذعان والاستسلام في نظرات المريدين للخدمة العمومية.
ويبدأ هذا المشهد عادة بثرثرة كالإسهال اللفظي حول القيم الإدارية النبيلة التي سادت ثم بادت، وباتهام المجهول حول ما آلت إليه الأوضاع من ضعة بعد رفعة، وبأنه، أي الموظف، لا حول له ولا قوة في كل ذلك، ثم يغرقك نفس الموظف بتفكير بهلواني عجيب في بحر من التفاصيل التي لا تنتهي، ليقنعك بان الإدارة لا ترحم، وان تعقيداتها لا يدركها إلا ″الشيوخ″ الذين قضوا سنوات عديدة ومزمنة في دهاليزها، ليعرج بعد ذلك على المراسيم والظهائر والقوانين…وليختم في النهاية بأنه لا يستطيع تلبية طلبك لأنه يتعدى نطاق صلاحياته وبالتالي فعليك بمن فوقه فالإدارة كالسلالم ولابد من مراعاة ذلك.
الخلاصات :
1 – كلنا، عن وعي ام لا، نسعى نحو المشيخة ونبحث عن مريدين طائعين وخانعين لإرضاء نزعة التسلط لدينا وعقدة التفوق المغشوش ولتذهب بعد ذلك دولة الحق والقانون إلى الجحيم !
2 – لمزيد من الاطلاع على الموضوع يرجى قراءة كتاب ″الشيخ والمريد″ لعالم الاجتماع المغربي عبد الله حمودي.
3 – أنا أيضا، لا تستغربوا، أسعى جاهدا نحو المشيخة وأحب أن يكون لي أتباع مخلصون وطائعون ! فهل من مريد ؟
محمد ازرور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق