الاستبداد الجديد بقلم أمينة ماءالعينين

أمينة ماءالعينين: الاستبداد الجديد

تشعر أنك ضحية الاستبداد حينما تمتنع عن قول ما تراه مناسبا لأنك خائف، ويرى عبد الرحمن الكواكبي في “طبائع الاستبداد” أن  الاستبداد “يكرس الذل والمسكنة ويتصرف في الأخلاق الفاضلة فيضعفها ويفسدها فيسود الميل الى الطاعة والخمول والنفاق والتحايل والنذالة.” الاستبداد يكرس ملامح مجتمع يسوده الصمت الغامض وتغيب فيه معاني الحرية “أم القيم”.
عادة ما ارتبط لفظ الاستبداد بالسلطة السياسية وسلوك من يحكمون، حيث عانت الشعوب عبر التاريخ من تبعات الاستبداد، غير أن التحولات السياسية التي عاشتها المجتمعات الانسانية جعلت مساحات الاستبداد تنعدم في المجتمعات الأكثر ديمقراطية، وتتقلص في الدول التي تشهد انفتاحا ومحاولة انتقال الى النظام الديمقراطي، والمغرب إحدى هذه الدول التي عاشت سنوات القمع والرصاص وكل مظاهر الاستبداد، ومع ذلك كان السياسيون يغامرون بحياتهم وحريتهم لمواجهته، فانبثقت معاني النضال وارادة التحرر. اليوم عرف المغرب السياسي تحولات هامة لم يعد معها السياسي والمسؤول يخشى التعبير عن رأيه مخافة الاغتيال أو الاختطاف أو الاعتقال، لكن ملامح استبداد جديد بدأت تتشكل، إنه استبداد الجمهور عبر اشكال التواصل الجديدة من وسائط إعلامية وشبكات اجتماعية. هذه الأشكال الجديدة من التواصل لها أوجه ايجابية متعددة، حيث تعمل على نقل المعلومة وتشكيل وعي اجتماعي منخرط ومتفاعل مع تدبير الشأن العام، كما تشكل ضغطا على مواقع القرار لمراعاة المطالب الشعبية، فضلا عن ممارستها أشكال جديدة من الرقابة الشعبية على مختلف السياسات العمومية. لقد استطاعت الوسائط الجديدة المذكورة التمرد على الآليات التقليدية في صناعة الرأي العام وتوجيهه وفق اختيارات مراكز النفوذ، غير أن ثورة الاعلام الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي لا تعكس دائما، الحرية والانفلات من آليات التوجيه والضبط، حيث تتحول في أحيان، إما بإرادة ممنهجة في غفلة من مستعمليها أنفسهم، وإما بتلقائية غير مؤطرة، الى وجه آخر من أوجه التحكم و التسلط.
ما الفرق بين أن يخشى مسؤول  الكلام خوفا من سلطة سياسية قمعية ومتسلطة؟ وبين أن يخشى الكلام خوفا من حملة تنقيص واستهداف واغتيال معنوي على مواقع التواصل الاجتماعي؟ إنهما وجهان متشابهان لعملة “الاستبداد”.
يجب أن ننتبه الى أن الانفتاح و الدفاع عن حرية التعبير واختلاف الآراء الذي تعيشه بلداننا على مستوى الخطاب، لا توازيه نفس القناعات على مستوى الممارسة، حيث يتنامى رفض المخالف، وعدم القدرة على التسامح مع الاختلاف، بل النزوع المتنامي الى العنف اللفظي والمعنوي تجاه المخالف، لا بغرض اقناعه بل بغرض الامعان في تحقيره وتبخيسه، وكأنه تصريف نفسي لاحتقانات ما، وجب تحليلها وتشريح أسبابها.
فلنحذر هذا الاستبداد الجديد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. اليس التدخل لانقاد ماء وجه احد المديرين من الاقرباء وامهاله حتى يشارك في الحركة وينتقل الى اكادير نوع من الاستبداد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق