الولاء لمن يدفع أكثر…!!

أحمد همام

استوقفني هذا الأسبوع، كما استوقف الكثيرين غيري من المهتمين بالشأن العام، حدثين منفصلين من الأهمية بما كان، أولهما ما قام به “جوشا كوهن” وهو شاب مغربي يهودي، صادف تواجده بأحد المطاعم الأمريكية الإنفصالية “أمينتو حيدار” حيث خاطبها بالدارجة المغربية “حشومة عليك” قبل أن يتبعها بالإنجليزية ” أن الصحراء مغربية وأنت مواطنة مغربية وما تفعلينه غير مقبول”، هذا الشاب المعتز والفخور بأصوله المغربية غادرت عائلته المغرب قبل فترة الحماية. أما الحدث الثاني فهو تصريح للممثل” سعيد التغماوي” (حامل لثلاث جنسيات: الفرنسية، الأمريكية، المغربية) خلال لقاء تلفزيوني لقناة فرنسية حيث قال: ” أنه لو قامت حرب بين المغرب وفرنسا، فإنه سيدافع عن فرنسا ضد المغرب لأنه يعتبر نفسه فرنسيا.”

هنا يتضح جليا مكمن الخلل والفرق بين “جوشا كوهن” وكل من “أمينتو حيدار” و” سعيد التغماوي” حيث تتهاوى منظومة الريع مقابل الولاء، وكما قال جلالة الملك محمد السادس في خطاب المسيرة الأخير:(هناك من يريد وضع الوطن في خدمة مصالحه، وهؤلاء الذين جعلوا من الإبتزاز مذهبا راسخا، ومن الريع والإمتيازات حقا ثابتا، ومن المتاجرة بالقضية الوطنية مطية لتحقيق مصالح ذاتية، كما نعرف أن هناك من يضعون رجلا في الوطن، إذا استفادوا من خيراته، ورجلا مع أعدائه إذا لم يستفيدوا ).

فالمواطنة المبنية على حب المواطن لوطنه وانتمائه له، والشعور بمشكلاته، والتفاني في خدمته، هي تربية يجب أن تغرس في أبنائنا التلاميذ في البيت والمدرسة، من خلال تزويدهم بالمعارف النظرية والعملية عن كافة مكونات وطنهم الإيجابية، كالأرض، التاريخ، الشعب، السلطة والسياسة، وترسيخ محبة الوطن والوحدة الوطنية بالتعاضد الإجتماعي وتعميق الولاء والإنتماء للوطن، بما تتضمنه العلاقة بين الفرد والدولة من حقوق وواجبات وحرية وما يصاحبها من مسؤوليات.

فالأوضاع السياسية والأمنية الراهنة التي يعيشها المغرب تستلزم نكران الذات الفردية والفئوية وخلق وتحسين اللحمة الوطنية، هذه الأوضاع المتسمة بالإنزلاقات الخطيرة لبعض السياسيين خطابا واصطفافا مع قرب الإستحقاقات الإنتخابية، توحي بوجود عصبية وقبلية مقيتة، عوض تغليب المصلحة العليا للوطن والإرتكاز على الديمقراطية الداخلية ومبدإ التضامن العميق لكل أبناء الوطن الواحد، كما أن التهديدات الإرهابية الجدية والمرتبطة ب :

* تزايد عدد المغاربة الملتحقين بصفوف التنظيمات الإرهابية بسوريا والعراق والذي بلغ 1354 حسب مدير المكتب المركزي للتحقيقات القضائية.

* المغرب نموذج للعالم العربي والمغرب العربي، لتمسكه ونهجه خيار الإصلاح في ظل الإستقرار.

* كون المغرب يمثل جانبا من السنة المعتدلين على غير نهج المتشددين.

* دعمه للشرعية الحكومية بمالي ومساندته للتدخل الفرنسي.

* مشاركته في “عاصفة الحزم” إلى جانب أشقائه العرب من أجل أمن ووحدة واستقرار اليمن وسيادة المملكة العربية السعودية ضد المد والتهديدات الحوثية الشيعية المدعومة من طرف إيران.

* عدم تعاون النظام الجزائري، بالإضافة إلى ما يقدمه من دعم لمليشيات البوليزاريو المرتبطة بتهريب المهاجرين إلى المغرب، والسلاح بين تندوف وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتنامي الأنشطة الإرهابية بمنطقة الساحل.

كل هذه العوامل مجتمعة تجعل المغرب هدفا لهذه التنظيمات الإرهابية، التكفيرية، المتطرفة العابرة للقارات، مما يستلزم التحلي بأقصى درجات اليقظة والحذر، فالدولة والمواطن شريكان في صنع الأمن والإستقرار والمحافظة عليهما، كما أن الدولة مدعوة بحكم إمكانياتها المادية واللوجيستيكية إلى تكييف سياساتها الأمنية مع التحولات السريعة للإرهاب، وتطوير آلياتها الإستباقية دون التفريط في الإصلاحات السياسية والإقتصادية والإجتماعية مع التنزيل الصحيح لمقتضيات الدستور.

وخير ما نختم به، هذه الآيات البينات (4-5) من سورة الممتحنة:((  ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير، ربنا لاتجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا، ربنا إنك أنت العزيز الحكيم ))  صدق الله العظيم.

 

أحمد همام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق