رأي : الخصاص والفائض في تدبير الموارد البشرية

الخصاص

     تعتبر الحكامة في تدبير الموارد البشرية مدخلا أساسيا في إنجاح الدخول التربوي ومؤشرا دالا على فعالية ونجاعة منظومة التربية والتكوين ككل. ومن بين مبادئ الحكامة في تدبير الموارد البشرية مبدأي الشفافية وتكافؤ الفرص اللذان يضمنان ـ عند احترامهما في أخد القرارات ـ حق نساء ورجال التعليم في حركية نزيهة وواضحة المعالم, وفي غيابهما تسود المحسوبية والزبونية في تدبير هذا الملف. ويمكن الجزم بأن قطاع التربية والتعليم من بين القطاعات العمومية التي تعرف فسادا كبيرا في تدبير هذا الملف. فمنذ الإعلان عن إمكانية المشاركة في الحركة الوطنية إلى صدور النتائج مرورا بالحركات الجهوية والإقليمية وانتهاءا بعملية إعادة الإنتشار والغموض هو المسيطر. ونتساءل لم تتم برمجة هذه الحركات خلال فصل الصيف مابين شهر يونيو وشهر شتنبر ألأنها مرتبطة بالتعيينات الجدد والحصيص الذي تستفيد منه كل جهة أم أن الوزارة اختارت هذه الفترة لحساسيتها فترة امتحانات إشهادية, اقتراب نهاية السنة الدراسية, العطلة الصيفية, الدخول المدرسي بكل مايصاحب هذه الفترات من ضغط وتوتر. ولمذا يتم اعتبار جميع المناصب شاغرة أو محتملة الشغور, هل الوزارة بأكاديمياتها ونياباتها عاجزة عن تحديد المتوفر والخصاص بالمؤسسات التعليمية, عاجزة عن تحديد خرائط تربوية حقيقية تعكس الخصاص و المتوفر في كل نيابة وأكاديمية تعليمية. فما فائدة إذا مصلحة التخطيط ومصلحة الموارد البشرية إذا تم اعتبار جميع المناصب شاغرة أو محتملة الشغور. إن الطريقة التي يتم بها تدبير ملف حركية الموارد البشرية يدل على أن الوزارة الوصية تتخبط في العشوائية والظرفية في غياب استراتيجية واضحة تبني لماسيؤول إليه التعليم غدا.

ولتقريب الصورة أكثر لابأس من أخذ كمثال نيابة التعليم بإقليم تيزنيت. فكما هو معلوم فإن الخريطة التربوية الإقليمية تعدل بناء على نتائج الحركة الإقليمية والتعيينات الجدد. والحال أن نتائج الحركة المحلية للموسم الدراسي 2013/2014 بإقليم تيزنيت أقل مايقال عليها أنها هزيلة حيث لم يتجاوز مجموع الأساتذة اللذين استفادو من الحركة وبجميع الأسلاك التعليمية (الإبتدائي, الثانوي الإعدادي و التأهيلي) 8 أساتذة منهم حالتين بالتبادل. وبالتالي كيف يمكن تفسير الكم الهائل من التكاليف في إطار ما يصطلح عليه بإعادة الإنتشار والتي تصدر عن نيابة التعليم بالإقليم عند بداية كل موسم دراسي كما هو الحال خلال بداية السنة الدراسية الحالية. فإذا كانت هذه التكاليف تمنح لتغطية خصاص فعلي نتساءل لماذا لا يتم تغطيته عن طريق الحركة الإقليمية. وإلا مافائدة هذه الحركة إذا كانت معطيات الخرائط التربوية المعتمدة مغلوطة ومجانبة للصواب. ولماذا لايتم نشر لوائح الفائض والخصاص بالمؤسسات التعليمية و بالنيابة الإقليمية كما هو منصوص عليه في المذكرة الإطار المنظمة لحركية الموارد البشرية وخصوصا الفصل المتعلق بالفائض والخصاص. ولماذا يتم اللجوء لعملية الضم بمجموعة من مؤسسات التعليم الإبتدائي لتفييض أستاذات محظوظات وتكليفهن بمؤسسات تعليمية توجد ببلدية تيزنيت علما أنه تمت المطالبة بالإنتقال إلى نفس المؤسسات التعليمية من طرف أساتذة غيّب حظهم خلال الحركة الإقليمية دونما الإستجابة لمطالبهم. فكيف أصبح بهذه المؤسسات التعليمية خصاصا مباشرة بعد إصدار نتائج الحركة المحلية أواخر شهر يوليوز أي بعد إمضاء محاضر الخروج من طرف الأساتدة.

إن المحسوبية والزبونية التي يتم بها تدبير ملف التكليفات يسيل مدادا يصعب حصره لكثرة الأمثلة والحالات, وكأنما لا تغيب مؤسسة تعليمية واحدة بالإقليم لم يتم بها إما تكليف أستاذ أو تفييض آخر…(يتبع)

بقلم عبد الكريم بيكورن

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق