عندما يغير المفتش جلده

 omarogan

ليس الثعبان هو الحيوان الوحيد الذي يغير جلده، بل هناك السرطان والفقمة والضفدع وحتى الإنسان؛ حيث أظهرت الوقائع بالدليل الملموس والبرهان المحسوس أن الإنسان يغير جلده أكثر من مرة في اليوم الواحد – إن لم نقل في الثانية الواحدة – حين يبيع نفسه للشيطان مثل فاوست في مسرحية يوهان غوته من أجل الحصول على منفعة مادية أو رمزية ضئيلة بصورة يراغماتية لا محل فيها لتهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق، وأحبانا يكون ذلك مجانا بسبب العبودية المختارة كما أسماها إيتيان بواتييه.

فالصراع القائم بين المفتش عمر أوكان والوزير محمد الوفا – نتيجة رفض المفتش الأساليب اللاديمقراطية للوزير في التسيير والتدبير والفرجوية المائعة التي ساحة جامع الفنا أنبل منها وهي منها براء براءة الذئب من دم يوسف – لم يبق في حدود           هذين الطرفين بل تدخلت فيه الكثير من الطفيليات والبكتيريات التي تقتات من الصراعات من أجل رفع سومتها في بورصة المنافع والخيرات التي تجود بها الإدارة على أذنابها المتملقين لها والساعين إلى نيل رضاها بشتى الطرق والوسائل غير الشريفة وعير القانونية.

هكذا وجد المفتش عمر أوكان نفسه يسبح وحيدا ضد التيار بعد أن اصطفت قوى الظلام ضده لا لشيء سوى رفضه الانضمام لعقلية القطيع وغيرته الزائدة غلى قطاع التربية والتكوين وأداء واجبه المهني على ضوء الضمير الأخلاقي الذي صار سلعة كاسدة في سوق الفساد الذي ينخر جسم البلاد.

ولم يبق الهجوم عليه قصرا على المفتش العام للشؤون التربوية أو الكاتب العام للوزارة أو مدير الأكاديمية أو النائب الإقليمي، وإنما تجاوزه إلى بعض زملائه في المهنة الذين يعرفهم الداني والقاصي والذين قد سبق لهم الاستفادة من هبات الإدارة التي تم منحها لهم خارج القانون لشراء ذممهم الفاسدة إلى درجة أن البعض منهم كانوا يستفيدون من تذاكر السفر بالطائرة دون موجب قانوني، والبعض الآخر تم تقديم وعود لهم بشغل منصب نائب إقليمي أو رئيس قسم بالأكاديمية او منسق جهوي لتنسيق التفتيش أو تم إرشاؤهم بتعويضات مادية خارج القانون، وهو ما يفسر سبب التهجم عليه سابقا بالضرب والجرح من طرف أحد زملائه في التفتيش التربوي، والذي جازته الإدارة على صنيعه هذا ضد المفتش عمر أوكان (العدو رقم واحد للوزارة والأكاديمية والنيابة) بالتستر على عدم قيامه بواجبه المهني وغيابه المستمر عن منطقة التفتيش المسندة له.

فعلى الرغم من رحيل الوزير محمد الوفا عن وزارة التربية الوطنية إلا أن “مسامر الميدة” لا زالت تتآمر ضده وتصر على شططها في استعمال السلطة تجاهه في تحقير واضح للمقررات القضائية الصادرة لصالحه، وخرق سافر للقوانين المنظمة للوظيفة العمومية.

وقد تعددت آيات هذه الخروق التي شملت مما شملته :

–          التستر على إفشاء النائب الإقليمي للوزارة ببوجدور من طرف الوزارة في خرق للفصل 18 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية.

–         عدم إسناد المنطقة التربوية له على الرغم من التحاقه بالعمل بأمر من المحكمة الإدارية بأكادير.

–         إحالته على المجلس التأديبي على الرغم من صدور حكم لصالحه من المحكمة الإدارية يقضي بإلغاء قرار التوقيف الذي بُني عليه قرار الإحالة على المجلس التأديبي على أساس أن ما بُني على باطل فهو باطل.

والغريب أن المجلس التأديبي قد أصدر عقوبة غير قانونية في حق المفتش عمر أوكان بناء على اتهامات جمة باطلة من الإدارة بالإخلال بالواجب المهني دون استفسار سابق عنها أو وجود ما يثبتها من دلائل أو شهود، في الوقت الذي يتم فيه التستر على عدم إحالة موظفين بنيابة بوجدور على المجلس التأديبي مع أن التهم الموجهة لهم ثابتة في حقهم بالدليل القاطع والبرهان الساطع وصدور عقوبات سالفة في حقهم.

وأغرب من ذلك أن تصدر العقوبة بطلب من الوزارة وليس باقتراح من المجلس التأديبي؛ فقد راسلها المجلس التأديبي من أجل إرسال الوثائق المثبتة لاتهاماتها الموجهة للمفتش عمر أوكان، وليس ذلك الموقف صادرا عن حب للمفتش عمر أوكان وإنما عن سوء نية القصد منها تشديد العقوبة في حقه، لكن افتقاد الوزارة لوسائل الإثبات قد حدا بها إلى مراسلة المجلس التأديبي متدخلة في شؤونه وآمرة إياه باتخاذ عقوبة من العقوبات المذكورة في الفصل 66 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية في تدخل سافر في استقلاليته التي يفرضها القانون؛ مما جعل المجلس التأديبي ينصاع لأوامر الوزارة ويصدر عقوبة غير شرعية في حق المفتش عمر أوكان تقضي بتوقيفه عن العمل لمدة ستة أشهر مع الحرمان من الأجرة ظلما وعدوانا وإرضاء لخاطر الوزير الذي تجاوزت فضائحه الخطوط بكل الألوان وآخرها النطق بكلام ناب لا يليق بوزير داخل قبة البرلمان دون أن يتم إعفاؤه من مهامه للصورة السلبية التي يقدمها عن المغرب بالخارج والتي تضر بمصالح البلاد ولا تخدم الوحدة الوطنية إلى الدرجة التي جعلته يتطاول على رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.

وليس غريبا أن يوافق على العقوبة رئيس قسم الموارد البشرية بالأكاديمية المعزول من منصبه بتهمة الفساد، ولكن الأغرب هو أن يكون من اقترح العقوبة هو النائب السابق للوزارة ببوجدور الذي هو زميل للمفتش عمر أوكان في المهنة والمنطقة التربوية والنقابة.

والحقيقة أنه إذا كان القانون فوق الجميع في المغرب كما هو مذكور في الدستور؛ فإن هذين الشخصين هما من ينبغي أن تصدر عقوبة في حقهما نظرا لغرقهما في لج الفساد؛ حيث إن رئيس قسم الموارد البشرية قد  تم إعفاؤه من مهامه بسبب الخروق التي رصدتها المفتشية العامة في حقه والتي كان ينبغي أن تُحال على الوكيل العام للملكلتحريك مسطرة القانون الجنائي بشأنها ما دام الأمر يتعلق بجرائم مقترفة في حق المال العام تم فضحها من طرف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والنقابات الممثلة بالمجلس الإداري للأكاديمية، وقد تم التستر على فضائحه المالية التي يتورط فيها مدير الأكاديمية أحمد بنزي ومدير الأكاديمية عزيز نحية بدورهما باعتبارهما آمرين بالصرف دون أن يتم عرضه حتى على المجلس التأديبي، ما دام أخطبوط الفساد يُجازى بالتستر عليه في هذه البلاد والزمرة القليلة من الصلاح يتم التآمر عليها ومعاقبتها على استقامتها ونزاهتها، مما يزكي المثل المعروف : “ما دمت في المغرب فلا تستغرب”.

كما أن الفضائح الأخلاقية لهذا الشخص يعرفها الجميع داخل الإقليم والتي تضر بميثاق الشرف الذي ينبغي غلى الموظف العام أن يحترمه ويلتزم به من أجل تخليق الحياة الإدارية وترسيخ ثقافة المرفق العام والقيم الوقائية وتدعيم الشفافية وإلا تعرض لعقوبة تأديبية، لكن الذي حصل هو أنه بعد مدة من إبعاده عن الأكاديمية واختفائه عن الأنظار تم إرجاعه ليصير متصرفا في ميزانية كبيرة تقدر بالملايين ومسؤولا عن مركز التكوين المستمر وعن مشروع باجيسم مع أنه لا يتوفر على الكفاءة المهنية والنزاهة الأخلاقية لتسييرهما، بيد أنه يملك علاقات بينة وملفات نتنة عن الأكاديمية تجعله عنصرا ينبغي إسكاته بشتى المناصب حتى لا يفضح المتورطين معه في ملفات الفساد.

لكن ما هو أغرب من الغرابة نفسها أن يكون من اقترح العقوبة هو مفتش تربوي المفروض فيه الدفاع عن زميل له في المهنة، لكن إذا ظهر السبب بطل العجب.

هذا المفتش هو النائب الإقليمي السابق لوزارة التربية الوطنية الذي تم إعفاؤه بدوره من مهامه من طرف الوزارة والذي لم يهدأ له ساكن منذ إعفائه والتجأ إلى نقابة مفتشي التعليم وإلى القضاء أيضا وإلى معارفه ومجاهله من أجل الرجوع إلى المنصب الذي صارت تربطه به نوستالجيا قوية وصلت إلى درجة الهوس، وهو ما يفسر ترشحه لشغل منصب مدير أكاديمية ومنصب مدير مركزي بالوزارة وإصدار بيانات نارية ضد الوزارة التي أقصته من اجتياز مباراة هذين المنصبين لعلمها بما تخفيه الصدور والسطور من شرور المنصب التي لا يقع ضحيته إلا من رحم ريك.

لكن لماذا تم إعفاؤه من المهمة التي كلف بها؟

ينقسم الرأي الإقليمي والجهوي بين فئة تعتبر ذلك بسبب أخطاء في التدبير والتسيير، وبين فئة ترجع ذلك إلى كون النائب الإقليمي لم يكن سوى نائب الفاعل في تسيير شؤون النيابة وتدبيرها وأن شخصا آخر غير مكلف بهذه المهمة هو من كان يتولى أمورها في إطار المقاربة بالنوع؛ وهذا ما يفسر أن الوزير السابق لوزارة التربية الوطنية في الاجتماع الذي جمعه بالمفتشين بأكادير السنة الفارطة قد منع هذا النائب من الاستمرار في كلمته حول حرمانه من التباري لمنصب مدير أكاديمية وقاطعه مهددا إياه بفضحه أمام الحضور، ولم يقم النائب السابق بالاحتجاج على الوزير لأن “كرشه فيها العجينة” وجلس على مقعده مذموما محسورا مثقلا بكلكل ما تملكه الوزارة عنه من ملفات لا يعلم كنهها إلا هو والراسخون في العلم من المسيرين لشؤون التربية والتكوين.

وحتى عندما التحق للعمل بنيابة طرفاية؛ فهو لم يقم بواجبه المهني في التأطير والمراقبة التربوية ولم يكن يحضر لمقر عمله – محتجا بكون أحد نواب التعليم السابقين بالإقليم المنحدرين من الأقاليم الصحراوية لا يزاول مهام التفتيش بعد إعفائه من التكليف المسند له من الوزارة – إلى درجة جعلت نائب التعليم بطرفاية يحتج لدى مدير الأكاديمية على أن هذا المفتش لا تربطه رابطة بنيابة طرفاية، ولهذا السبب تم تنقيله إلى نيابة بوجدور من أجل التستر عن غيابه ليس المستمر بل الدائم عن أداء واجبه المهني، لنصير أمام حكاية سوريالية مضحكة مبكية يُحاكِم فيها المفتشُ المخل بعمله المفتشَ المتفاني في أداء واجبه بتهمة عدم القيام بالواجب المهني، ولو كان هناك إنصاف حقيقي وعدالة صرفة لتم تغيير الأدوار ولتم تفعيل التشريع التربوي بإحالة المفتش الذي لم يقم بواجبه في نيابة طرفاية وفي نيابة بوجدور على المجلس التأديببي أو لتم تفعيل مسطرة الانقطاع عن العمل في حقه بما أنه لم يوقع محضر الالتحاق بالعمل إلا في 10 شتنبر 2013 بدل 02 شتنبر 2013 كما هو منصوص عليه في مقرر وزير التربية الوطنية للموسم الدراسي 2013- 2014 في المادة الثالثة منه.

وآخر فضائحه التي تم التستر عنها من طرف نائب التعليم الحالي ببوجدور أنه لم يلتحق إلا متأخرا في أول يوم من فترة امتحانات البكالوريا 2014 لمزاولة مهمة الملاحظة الموكولة له ما دام قد ألف الغياب عنها في مركز الامتحانات بطرفاية؛ حيث أذكر أنني حين كنت مكلفا بمهمة المراقب الوطني للجودة بالجهة لم أجده في مركز الامتحان وتم استدعاؤه من الفطور الذي كان منهمكا في تناوله، وحين عثرت على حالات عديدة للغش بالمركز المذكور جاءني طالبا راغبا مني التغاضي عنها بحجة أن هذا المركز لم يسبق أن سُجلت في حقه أي حالة من حالات الغش لأجيبه أنني لا أستطيع لسبب وجيه ووحيد، ولما سألني عن السبب رددت عليه “لأن اللـه يرانا”، وقد استعملت هذا المعجم حتى أُشعره أن هذا التصرف لا يليق أن يصدر عن مفتش للتربية الإسلامية وأحد قادات حزب البديل الحضاري ذي المرجعية الدينية الإصلاحية، والمفروض فيه فضح الغش وليس الدفاع عنه متناسيا أو ناسيا الحديث الشريف: “من غشنا فليس منا”.

لهذا فإن شخصا هذا ملفه لا يمكن أن يصطف إلى جانب الحق لتبرئة المفتش عمر أوكان من التهم المنسوبة له دون دليل مادي مثبت لها، وإنما هو يتواجد حيث الإدارة متواجدة ليصطف معها ضد من تعتبرهم الإدارة أعداءها من الفاضحين لفسادها والكاشفين عن عورتها، وذلك طمعا في رضاها ونيل خيراتها الرمزية في إسناد أحد المناصب له خصوصا وأنه ظل يجري وراءها دون أن ينال القشور، خصوصا وأنه مقبل على اجتياز مباراة الترشح لشغل منصب مفتش منسق جهوي، وربما تجازيه الوزارة عن تلبية أمرها له بمعاقبة المفتش عمر أوكان على فضحه لفسادها بإسنا

 هذا المنصب له تقديرا وعرفانا لجهوده في خرق القانون وعقاب الأبرياء.

والحقيقة أنه لو كانت هناك عدالة حقيقية في الأرض كما تلك التي في السماء لكان هذا المفتش هو من ينبغي عرضه على المجلس التأديبي بتهمة الإخلال بالواجب المهني وليس المفتش عمر أوكان المعروف بنزاهته واستقامته.

وبهذه المناسبة أقول لكل من هاجمني من زملاء وأعداء بباطل زائل واصطف مع الإدارة ضدي دون أن يطلع على حقيقة الموضوع وخلفياته ما قاله النعمان بن حميضة البارقي: “قول الحق لم يدع لي صاحبا”، ولي في أرسطو قدوة حسنة حين تم عتابه لانتقاده أستاذه أفلاطون فرد على منتقديه بقوله لهم: “أحب الحق وأحب أفلاطون فإذا افترقا فالحق أولى بالمحبة”، فأنا مع الحق حيث مالت ركابه أميل وهو ما يجعلني أبدو مثل شخص مجنون يحارب الجميع بمن فيهم أعز المقربين، وذلك استجابة للآية الكريمة وعملا بقوله تعالى : “يا أيها الذين آمنوا كونوا  قوامين بالقسط شهداء للـه ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين”، وقد قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية : “يأمر تعالى عباده المؤمنين أن يكونوا قوامين بالقسط، أي بالعدل، فلا يعدلوا عنه يمينا ولا شمالا ولا تأخذهم في اللـه لومة لائم، ولا يصرفهم عنه صارف، وأن يكونوا متعاونين متساعدين متعاضدين متناصرين فيه”، ويضيف ابن كثير حول أداء الشهادة : “ليكن أداؤها ابتغاء وجه اللـه، فحينئذ تكون صحيحة عادلة حقا، خالية من التحريف والتبديل والكتمان”، ويقول ناصحا مؤديها والشاهد عليها وبها : “[و] اشهد الحق ولو عاد ضررها عليك، وإذا سئلت عن الأمر فقل الحق فيه وإن كان مضرة عليك، فإن اللـه سيجعل لمن أطاعه فرجا ومخرجا من كل أمر يضيق عليهوإن كانت الشهادة على والديك وقرابتك، فلا تراعهم فيها، بل اشهد بالحق وإن عاد ضررها عليهم، فإن الحق حاكم على كل أحد ، وهو مقدم على كل أحد”.

وآخر دعوانا أن الحمد للـه رب العالمين، وحسبنا الله ونعم الوكيل، من ينصر اللـه فلا غالب له، ومن يهد فلا مضل له، وقل للدواني والقواصي والأقارب والأعادي من مفتشين وغيرهم قل تعالوا جميعا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل إلى اللـه العلي القدير فنجعل لعنة اللـه على الكاذبينبناءنا وأبناءكم أاا.

                                                                                          إنجاز المفتش عمر أوكان

مفتش التعليم الثانوي التأهيلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق