رأي في دورة يوليوز بجماعة "تيوغزة"

images

كثيرا ما كنا نسمع ونحاول أن نفهم عمق “ما دمت في المغرب فلا تستغرب”

إلاَّ أنه في هذه الأيام بدأت ملامح هذا المثل تزداد ترسخا وبيانا. فما وصلنا إليه من تيه في جماعة تيوغزة لا يضاهيه تيه. لو كان النواح مباحا لحق لنا أن ننوح عليها، تيه الرئيس متعدد الأبعاد والزوايا، لا يجاريه تيه، إفلاس عام وإصرار على التمويه والتمييع، في الأفق سراب وتسويق أحلام انتهى معه صخب ادعاءات وافتراءات، وخطاب “شعبوي” بعد أن أفلس الجماعة ، وقادها نحو الهاوية. سير بلا قصد، سرك كبير ومسرحية مبتذلة ، فصولها ملل ونصها كلل. وحتى لا نتيه نحن أيضا سنقربكم عن آخر العروض المسرحية التي عرفتها قاعة الاجتماعات بالجماعة يومه الأربعاء 7 غشت 2013 ، بمناسبة ذكرى دورة يوليوز العادية، التي لم يكتب لها النجاح بسبب الوضع المتردي للمجلس الجماعي. فمازال الرئيس يوهم نفسه ومعه ثلة من المحبين والمعجبين بسياسته الحكيمة في تدبير شؤون جماعة قروية أنه قادر على تحقيق المنجزات ومعالجة الملفات العالقة في الوقت بدل الضائع من عمر ولايته الحالية، بعدما عجز عن تحقيق أي شيء يذكر على مدى 3 سنوات ونصف، وحتى لا أكون سلبيا أكثر من اللازم ، فإن سعادة الرئيس المحترم تمكن بفضل مجهوداته الجبارة من رفع نسبة الاستهلاك في الإنارة العمومية إلى 250% والتي انتقلت من 18 مليون سنة 2011 وينتظر أن تصل مع متم سنة 2013 إلى حوالي 40 مليون سنتيم .

إن الإشكالية الحقيقة في جماعة تيوغزة وهذه أقولها للتاريخ تتمثل بالأساس في غياب عنصر أساسي المتمثل في  الحكامة وهي بالمناسبة دعوة صريحة إلى تجاوز حالة اللاتوازن الناتج عن أحادية صنع القرار دون مراعاة المنطق العلمي المؤسس على عناصر المشاركة في مختلف مراحل إعداد المشروع من التشخيص إلى البرمجة والتنفيذ ثم التقييم والمحاسبة، في إطار سيرورة تمتاز بالشفافية وحسن الأداء.

وغيابها راجع بالاساس إلى  ضعف التسيير والتخطيط مما فتح المجال للعشوائية والتخبط والإنتقائية، وأهم تجليات ذلك مضمون ميزانية الإستثمار بالجماعة المحصورة في 31-12-2012 في مبلغ قدره 358 مليون سنتيم ( بالضبط 3.584.143,52 درهم ) دون الحديث عن الفائض المالي لسنة 2012  والبالغ 171 مليون سنتيم . هذه الأموال بعضها مبرمج بكيفية عشوائية، كالقنطرة 25 مليون، وسوق السمك 27 مليون، الدراجات والسيارات 33 مليون ، الاراضي 25 مليون، الإصلاحات والأشغال 14 مليون، الدراسات التقنية 59 ألف درهم ……الخ، لذلك خصص اعتمادات أخرى إضافية لبعض هذه المشاريع ( ومثال ذلك القنطرة التي ستكلف 50 مليون سنتيم حسب رأيه وكذا سوق السمك ) فيما البعض الأخر يحتاج لمن يحرك ملفاتها لتخرج إلى حيز الوجود كتهيئة أماكن الاستجمام 65 مليون، التشجير 23 ألف درهم الأعمدة والأسلاك 7 مليون الماء الصالح للشرب 60 مليون ، كهربة الدواوير المتبقية 47 مليون …… الخ.

وفي قراءة متأنية  لجدول أعمال هذه الدورة نجد أنها تتضمن ولأول مرة 8 نقط رئيسية.

  • النقطتين  الاولين تتعلقان بدراسة وضعية المجازر ووضعية المقالع بالجماعة وهي نقط سبق للمجلس أن تداول فيهما غير ما مرة في كثير من الدورات، فما الجدوى من إعادة برمجتها من جديد؟
  • النقطة الثالثة تتعلق بمراجعة القرار الجبائي؟
  • النقطة الرابعة فقد أدرج فيها الرئيس طلب قرض من صندوق التجهيز الجماعي لتمويل 4 مشاريع كبرى منها المركب السوسيو رياضي وتعبيد الطرق أزيد من 23 كلمتر وبناء سوق مغطى وتهيئة مداخل الجماعة. إنها مشاريع تنموية تتطلب مبالغ مالية هامة تقدر بالملايير، يستعصي تنفيدها على أرض الواقع، لغياب عنصر الحكامة السالف الذكر والمتمثل أساسا في البحث عن الشركاء كالمجلس الاقليمي والجهة والوزارات. إن أقصى ما يمكن أن تقرضه الجماعة لن يتجاوز مليار سنتيم. لأن لجوء الجماعات المحلية إلى القرض يخضر لعدة تدابير قانونية و تنظيمية تطبقها جميع الأبناك و تهدف أساسا إلى تفادي المديونية المفرطة للجماعات.

فكل طلب يصل إلى الصندوق تتم دراسته بدقة حسب الشروط المطبقة على كل الجماعات المحلية. و هكذا، يقوم الصندوق بتحليل الوضعية المالية للجماعة التي يجب توفرها على نسبة مديونية تقل عن 40% من المداخيل العادية الإجمالية، و الحصول و بطريقة متواصلة على إدخار يسمح بتغطية شاملة لخدمة الدين. بالإضافة إلى ذلك و من أجل حث الجماعات المحلية على عقلنة مشاريعها، يتوجب عليها المساهمة في تمويل المشروع في حدود 20% من كلفته الإجمالية. وكمثال على ذلك جماعتي بونعمان وأكلو القريبتين مع جماعة تيوغزة من حيث الميزانية ، فهاتين الجماعتين لم  تتمكنا من قرض سوى 800 مليون سنتيم من أجل إنجاز حوالي 10 كلمتر، وستؤدى أقساطها على مدى 15 سنة.

  • النقطة الخامسة تتعلق بإعادة تخصيص إعتمادات؟
  •  النقطة السادسة تتعلق بكهربة الدواوير المتبقية ، فسعادته يعرف أن المشروع قد تمت برمجته في الفائض المالي لسنة 2011 بغلاف مالي قدره 47 مليون سنتيم فلماذا يتم إعادة وضع هذه النقطة من جديد في جدول الاعمال؟
  • النقطتين السابعة والثامنة والمتعلقتين بدراسة الحساب الاداري لسنة 2012 ،وبرمجة الفائض الحقيقي، وقد درسها وصوت عليها النائب الرابع ( الأول مؤقتا ) بعد ترؤسه لأشغال الجلسة. وهذا الفعل مخالف لمنطوق المادة 46 من الميثاق الجماعي ، والتي تمنع على الرئيس ونوابه أن يرأسوا جلسات الحساب الاداري ،وقد حدث هذا أمام مرأى ومسمع الكاتب العام للجماعة الذي لم يحرك ساكنا ( في جهل أو تجاهل للمساطير الادارية والقانونية)

وتفيذ الأنباء أن غياب الأعضاء 13 عن الدورة نابع من كون الرئيس مافتئ يعتبر حضورهم يشكل عرقلة للعمل الجماعي ، لذلك قرروا هذه المرة مقاطعة الاجتماع ليحلوا له جو العمل الفردي الذي ألفه منذ عضه على كرسي الرآسة بالنواجد، فأبى ألا يفارقه مهما كلفه ذلك ومعه الجماعة من ثمن. وأمام هذا الوضع فما هو موقف سلطة الوصاية من هذه المخالفة  طبقا للمادة 69 من الميثاق الجماعي؟

وخير ما أختم به المقال قولة جميلة ومأثورة للأستاذ مصطفى السباعي:

عش في الحياة كعابر سبيل، يترك وراءه أثراً جميلاً، وعش مع الناس كمحتاج يتواضع لهم، وكمستغن يحسن إليهم، وكمسؤول يدافع عنهم، وكطبيب يشفق عليهم، ولا تعش معهم كذئب يأكل من لحومهم، وكثعلب يمكر بعقولهم، فإن حياتك من حياتهم، وبقائك ببقائهم، ودوام ذكرك بعد موتك من ثنائهم، فلا تجمع عليك ميتتين، ولا تؤلب عليك عالَمين، ولا تُقدِّم نفسك لمحكمتين، ولا تُعرض نفسك لحسابين، ولحساب الآخرة أشد وأنكى.

 بقلم الحسين ادابير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق