ذكريات المدرسة الابتدائية …حسن ادحاجي

13062457_10209201946231383_4635730291816795922_n

.. ندخل الى الحبس/المدرسة،نقف في طابور امام القسم،مثنى مثنى نلج القسم، لا اذكر اننا دخلنا دفعة واحدة، او دخلنا في فوضى، او في تدافع،طابور مستقيم،الصغار في المقدمة،والكبار في الخلف على شكل مدرج،، هكذا علمنا سي العمراني الذي يدير الملحقة، انه مستعد في كل لحظة و حين للتدخل،لتقويم اي اعوجاج في الصف،لازلت أذكر أنه يستعمل يسراه،اكثر من يمناه،و العصا لاتفارق يده اليسرى، يرتدي جِلْبابا معظم الوقت،صارم ، يحب النظام و الانتظام.أما المعلم فهو سي الخياطي،كان قصير القامة،مواظبا على ارتداء وزرة زرقاء،او رمادية،طيب،هادئ..تتوالى الدروس،بين درس في القراءة،و درس في الخط،او الحساب،او القرآن الكريم..على المقعد،في اعلى الزاوية اليمنى، و اليسرى،ثقبان دائريان،لوضع المحبرة، التي يملؤها المعلم بالمداد،ثم نغمس فيها الريشة اثناء الكتابة،مع استعمال منشفة،تحت أيدينا اثناء الكتابة،مخافة سقوط اي مداد على الدفتر،،على جدران القسم علقت صور كبيرة،اذكر منها صورة لجزار،و صورة لبائع خضر،تزين جدران القسم،و يستعملها المعلم صورا توضيحية،في دروس المحادثة..اكثر ما نرتاح له،هو دروس القراءة، بنصوصها الشيقة و الممتعة، و صورها الملونة، التي تثير فينا الكثير من التمثلات و الصور و الأخيلة.نصوص جمعت بين المتعة و التشويق والفائدة،لازالت ذاكرتي تحتفظ منها ببعض العناوين، أحمد و العفريت،زوزو يصطاد السمك،الثرثار و محب الاختصار،الله يرانا…من الذكريات التي لاتزال عالقة في ذاكرتي عن هذه المدرسة،قيام المعلم،بإخراج أنبوب صغير، من علبة صفراء،ثم شروعه في الطواف علينا،كأي ممرض لوضع مرهم اصفر في عينينا الاثنتين،قائلا انه سيخلصنا من أمراض العيون،وينظفها، مما يعلق بها من غبار،او جراثيم،،بالكاد نفتح عينينا،ينزعج احيانا من الخوف الذي يصيبنا،واحيانا يخطئ،فيضع في عيني احدنا،مرهما اكثر، فيبدو المنظر مقرفا،فكنا نكتم ضحكاتنا من المشهد،كنا نحتاج لبعض الوقت،لتزول تلك الغشاوة عن اعيننا، و التي تحجب الرؤية عنا،،،من الذكريات ايضا، التي بقيت راسخة في ذاكرتي،هي حضور،ممرض او ممرضين الى المدرسة،يحملون حقنا،وادوية، لتطعيمنا ضد أمراض،كنّا نجهلها،،كنّا نشعر برعب حقيقي،و نحن نتابعهم، بعيون زائغة ،خائفة، و هم يهيئون تلك الحقن امام انظارنا، المنظر شبيه بوضع متهم امام التحقيق، و هو يتابع جلاديه، و هم يهيئون أدوات التعذيب،ثم يطالبوننا بالكشف، عن سواعدنا،يشرع البعض في بالبكاء، و البعض الاخر في الصراخ،لكن ذلك لايتنيهم،عن مواصلة “اجرامهم”في حقنا،،سواعدنا لا تزال تحمل دمامل،و آثار تلك العملية المؤلمة،على شكل دوائر صغيرة،،احيانا تتعفن، و يتطلب شفاؤها،اياما او أسابيع،،،نغادر القسم،مع صافرة،او مجرد تصفيق،،وحين تلفظنا بوابة الحبس/المدرسة،نجد بائع حلوى “جبان كولو بان”،في الجوار، يتربص بِنَا و بجيوبنا،الفارغة معظم الوقت،يحمل عمودا ملفوفا بحلوى بيضاء، و بيده سكين،يقطع بها الحلوى،كلما نفحناه،قطعا نقدية، كان يبيع و هو يردد” جبان كولو بان”،،لم نفهم أبدا،هذه العبارة الغريبة و الطويلة،التي ظل يرددها،امام المدرسة،او في الأزقة، وهو يحثنا على الإقبال على هذه الحلوى،،،كان يرددها بحماس ،فيما بعد عرفت السر الذي ظل غامضا،سر هذه التسمية الغريبة،،كان يستفز جبننا، ويحثنا على تناول حلوياته، لكي نصبح شجعانا،و نظهر للعدو،بلاخوف،، يا جبان ، كل، و بان،،يتبع

13177521_10208469472485938_8841667911619238955_n

الصورة :
تؤرخ و توثق للفترة التاريخية موضوع مذكراتي حول المدرسة الابتدائية،ملحقة الحسن الاول او الحبس، سنة 1968/ صاحب المذكرات في الصف الأمامي،أقصى يسار الصورة قريبا من المعلم سي الخياطي، في الجانب الاخر الاداري سي العمراني.كل التحية و التقدير و الاحترام لهما،على حسن و جودة التعليم و التربية لأجيال كاملة.

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. بارك الله فيك يا استاذ واطال من عمرك
    رجعت بي الى بداية التمانينيات وكاني في فرعية الدوار
    صحيح أيام جودة التعليم والتربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق