رحلة إلى بلاد الحرمين الشريفين (4) بقلم الأستاذ حسن تلموت

منى
حلقة خاصة: “قصة ما شهدته في منى” الجزء الثاني

*ما شهدت:
التقيت مع من أثق فيه، وأحسب أنه على اطلاع نسبي على الأخبار –والعهدة عليه- أن من أسباب ما وقع أن صحون الرمي على طوابق، وأن لكل طابق طريق يوصل إليه، وأن هذه الطرق مقسمة بنظام بين الحجيج بحسب المناطق التي قدموا منها، فللعرب طريق، ولأهل جنوب شرق آسيا طريق ولأهل أروبا طريق…وهكذا..
وبعض هؤلاء –لا أذكر الآن من هم- يحملون إلى الجمرات بالقطار أو المترو، وذكر لي صاحبي أن القطار أو المترو تعطل في ذلك اليوم، ثم إن السلطات السعودية حملت الحجيج في الحافلات لتوصلهم إلى طرق تفضي مشيا على الأقدام إلى موقع الجمرات…ولعله في غياب للتنسيق بين أصحاب القرار وبين العساكر الذين ذكرنا صغرهم في أول هذه الحلقة، لم تتخذ إجراءات السلامة اللازمة فالتقى الناس على أمر قد قدر..فقتل بعضهم بعضا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم…
خامسا: بخصوص السؤال عن عدد المغاربة المصابين في الأحداث؟ لا يمكنني الجزم سوى بأمرين اثنين:
*أن من كان في مخيمنا لم يمت منهم احد -ولله الحمد والمنة- رجالا ونساء…
*أنني أخطرت من ثقة أن اثنين أصيبا بكسور في الكتف وفي عقب القدم
*جرت الركبان بذكر وفاة امرأة “أستاذة للغة الإنجليزية” لعلها تعمل في العيون –رحمها الله وتقبلها في الشهداء- وزوجها مصاب إصابة بالغة، حكى لي ذلك أحد أصحابي في الخيمة قال أن الرجل المصاب صديقه، وأنه زاره ووقف على الأمر بنفسه.
*أخبرني صاحبي “سريره قرب سريري في مخيم “منى” أنه رأى بعينه إخراج بطاقة التعريف المعتمدة في “منى” من جيب رجل وامرأة فإذا هما مغربيان…ورغم ثقتي في من نقل إلي الخبر لكني لا أستطيع النفي ولا الإثبات لهذا الخبر، وإنما نقلته هنا لما يعلم طلاب علوم الحديث والأصول أن “غلبة الظن” الناشئة عن السند المتصل تفيد الصدق وإن كانت لا تفيد اليقين، فكيف بالسند العالي…
أخيرا: هذا ما رأيته بعيني وما شهدته بشهادة الثقات، أما ما تناسل من “أخبار” تحمل المسؤولية لطرف، من قبيل أن موكبا لأمير سعودي عطل السير.. أو تنفي المسؤولية عن طرف وتسعى لتبرئته من قبيل أن المخابرات الإيرانية حذاها أمل الهيمنة على المناسك فخططت لهذه المجزرة الرهيبة في صفوف الأبرياء…، فقد انتشر في المخيمات، ولا يملك أحد نفيه ولا تأكيده إلا بتحقيق نزيه يُخشى الله تعالى في بيان حقائقه، وما أرى من انزاح نحو تبني رواية من هاتين الروايتان إلا نتيجة تعصب أو طائفية، دعم فرضيتهما ما يلحظ من استبداد “آل سعود”، وولغ “إيران” في دماء أطفال سوريا دون رادع من دين أو إنسانية، والله المستعان…والأمر أحسبه كما قال الشاعر:
وعين الرضى عن كل عيب كليلة *** ولكن عين السخط تبدي المساوئ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق