روبورتاج : هكذا جرفت السيول مقابر تيزنيت “مشاهد تدمي القلب وهياكل عظمية في كل مكان”

Présentation5

نشرت جريدة المساء في وقت سابق روبورتاجا في صفحة كاملة للزميل “محمد الشيخ بلا” حول الخسائر التي خلفتها الفيضانات بإقليم تيزنيت، وخاصة بالدواوير التابعة لجماعة أكلو الشاطئية، علاوة على الأضرار التي اصابت العديد من المقابر، وبناء على ذلك نعيد نشره تعميما للفائدة…

روبورتاج : هكذا جرفت السيول مقابر تيزنيت

تيزنيت محمد الشيخ بلا

“الله إحد الباس، ويلا جات غير من عند الله، مرحبا بها”… عبارات وحدت ساكنة جماعة أكلو الشاطئية بإقليم تيزنيت، وهي واحدة من الجماعات التي عرفت سيولا جارفة وغير مسبوقة، فواد “أدودو” الذي ألف سكان المنطقة سماع هديره لم يمر مرور الكرام، حيث ارتفع صوته وزمجر في وجه الشيوخ والنساء والأطفال، ولم يجد إلا سواعد الرجال الذين هرولوا في كل الاتجاهات لإنقاذ أهليهم وذويهم.

Présentation6

طوفان غير مسبوق

         ولعل من حسن حظ ساكنة أكلو، أن المياه الجارفة وصلت المنطقة في واضحة النهار، الأمر الذي ساهم في منع الخسائر في الأرواح دون الممتلكات التي تأثرت بشكل كبير، وغمرتها السيول والأوحال، كما جرفت معها الكثير من الطرق وأرغمت ساكنة الضفة الغربية للقنطرة الرئيسية بالمنطقة على العيش في عزلة إثر انهيار جزء كبير منها، كما أرغمت دواوير “الزاوية، أمراغ، والدغيميس، وتيمزليت، والخنابيب، والمركز الشاطئي لجماعة أكلو، على الرضوخ للأمر الواقع، مع ارتفاع دعوات اللطف والإيمان بالقدر، فطيلة اليوم الذي قضته “المساء” وسط الأوحال والدمار الذي خلفته السيول، أجمعت الساكنة على تجاوز “أدودو” لوداعته المعهودة، وزمجرته في وجه السكان والماشية والممتلكات.

ففي دوار “زاوية سيدي وكاك”، الذي يحتضن أقدم مدرسة عتيقة في تاريخ المغرب، يحكي السكان ساعات من الرعب التي عاشوها وسط السيول، فالبعض لجأ إلى أسطح البنايات، فيما اضطر البعض الآخر إلى الخرب بعيدا حتى يهدأ الطوفان، لتجتمع بعدها ساكنة المنطقة لإحصاء الأضرار وتحسس ما تبقى لديها من ممتلكات، فهذا يتفقد ما تبقى له من ممتلكات، وذاك يحاول إفراغ منزله أو ما تبقى من أديرته من مخلفات فيضان هادر، وتلك مجموعة تحاول جاهدة إسقاط الجدران المهددة لحياة المارة مخافة انهيارها في أية لحظة ، وفي الوقت الذي يتأمل فيه البعض ما جرى ويلتقط الصور ذات اليمين وذات الشمال، يحاول البعض لملمة الجراح وتحميل المسؤولية للدوائر المكلفة بالتعمير، والتي رخصت لهم بالبناء في مواقع الفيضانات.

ففي قلب الزاوية حمل مستثمر قادم من مدينة فاس مسؤولية ما ضاع منه بسبب الفيضانات للإدارة الجماعية، التي سمحت له بالبناء في وسط الوادي، ما أدى إلى أضرار بليغة في منزله الذي استثمر فيه كل ما يملك بمعية زوجته التي كانت على وشك فتح عيادة للطب النفسي بالمنطقة، لكن السيول لم تمهل المنزل الحديث، فحركت أساساته وأحدثت شقوقا كبيرة لتدمر بذلك حلم أسرة سمعت بالهدوء الذي يطبع المنطقة، وحاولت استثمار ما لديها من أموال، فاجتهاد الحياة ضاع على حين غرة – يقول رب الأسرة- بسبب خطإ إداري، مضيفا أنه يتوجه برسالته إلى جلالة الملك مخافة التماطل في تدبير ملفه، اعتبارا للآثار السلبية للحادث على مستقبل الأسرة، ومؤكدا توجهه للقضاء لإعادة الاعتبار إليه، بعد ضياع رأسماله في المنزل الذي بناه بما يقرب من 140 مليون سنتيم.

وغير بعيد عن منزل “الفاسي” كما يحلو للساكنة تسميته، عاينت “المساء” آثار الدمار الكبير لمنازل السكان، ووقفت على أطلال منازل كانت قبل يوم الجمعة شامخة وسط الوادي، لتختفي في عرض البحر، كأن وادي “أدودو” حمل معه ممحاة – على حد تعبير واحد من شباب أكلو- لمحو بعض من التدخلات البشرية المعرقلة لحركته، ولم يسلم منها إلا منزل واحد للفقراء الولتيتيين (تابع لفقراء الزاوية الولتيتية بجماعة ماسة) الذي ظل صامدا، رغم تجاوز علو السيول لسبعة أمتار، كما احتفت القنطرة الرابطة بين مسجد سيدي وكاك والمدشر القروي، وهي الآن بحاجة إلى إعادة تشييد كامل.

وفي الجهة المقابلة، ترى شيخا مسنا يتأمل أطلال منزله الذي عاش فيه قبل ستين سنة، وقد ذهبت أدراج المياه، ويحاول رفقة سبعة من شبان القرية إخراج دراجته النارية تحت الأنقاض، وبصعوبة بالغة تمكنوا من إخراجها وإدخال بعض السرور لقلب الشيخ المسن، ولا غرابة فالدراجة وسيلته الوحيدة للوصول إلى الضفة الأخرى، أما “إجو” التي تآكل منزلها في جنبات الوادي، وظهرت أساسته، فقد اضطرت لحمل ما تبقى من أمتعتها عند الجيران.

Présentation12

حصيلة مؤقتة

ووفق الحصيلة المؤقتة لساكنة دوار “زاوية سيدي وكاك” فإن الفيضانات هدمت 43 مسكنا بصفة كلية، أصبحت معها 43 أسرة بدون مأوى، وتضم في صفوفها 134 شخصا، كما نفقت في الفيضانات ذاتها العديد من المواشي والدواجن، فضلا عن تضرر شبكة الإنارة العمومية وانقطاع التيار الكهربائي عن ساكنة الجهة الغربية لوادي “ادودو”، وانقطاع الماء الصالح للشرب عن البلدة، فضلا عن تضرر شبكة الهاتف الثابت وانقطاع الاتصالات بساكنة الجهة الغربية من الوادي، وتوقف حركة السير بالطريق 1905 على مستوى قنطرة وادي “ادودو” المتضررة من الفيضان، إضافة إلى الأضرار الكبيرة بالطريق الجماعية الرابطة بين مدينة تيزنيت وشاطئ أكلو، عبر دوار الزاوية بفعل السيول الجارفة.

Présentation3

ثلاثة في واحد

من جهته، لم يسلم دوار “تمزليت”  من هجوم مياه وادي ايصوح على الساكنة بعد منتصف ليلة الجمعة / السبت، الأمر الذي خلف مجموعة من الخسائر من قبيل تدمير الأعمدة الكهربائية وقنوات جر المياه الصالحة للشرب التي عملت الجمعية على إنشائها منذ 2012، علاوة على جرف الكثير من الأغراض والآليات الخاصة بالساكنة.

كما أدى ارتفاع منسوب المياه بدرجات قياسية إلى إحياء مجرى قديم للوادي قبالة الدوار ، حيث لم يسبق له أن نشط بالمنطقة منذ عدة قرون، طبقا لأقوال أكبر المسنين بالمنطقة، كما أسفرت المياه الجارفة عن تقسيم الدوار إلى ثلاثة أقسام لأول مرة في تاريخ المنطقة، وتم قطع الطرق من جميع الاتجاهات وعزل عدة مساكن وإغراقها بالماء، إلى درجة أن قسطا منها أصبح مهددا بالسقوط بعد أن عملت السيول على حفر أعماق تتفاوت ما بين ثلاثة إلى خمسة أمتار، لتبدو بذلك “تمزليت” قرية منكوبة إلى جانب العديد من القرى بإقليم تيزنيت.

وقالت جمعية سيدي عبد الرحمان الخنبوبي للتنمية الاجتماعية بأن الساكنة عاشت في رعب شديد جراء السيول الجارفة والتساقطات العنيفة التي عرفتها المنطقة لأول مرة منذ سنوات خلت، مضيفة إن أعضاء الجمعية بالدوار – وحسب الامكانات المتاحة-  قاموا بعدة تدخلات ميدانية همت ترشيد السكان وتوجيههم لإخلاء منازلهم خاصة أولئك الذين يقطنون بالقرب من المجرى الحالي للوادي، محملة كامل المسؤولية لما وقع بالمنطقة وما سيقع لكافة المسؤولين المعنيين بالحفاظ على سلامة الساكنة، ومجددة النداء بضرورة التدخل الآني لمنع حدوث كارثة إنسانية بالمنطقة، مع العلم أن البنية الجيولوجية للمنطقة معروفة بهشاشتها وتتكون من أفرشة رملية حديثة التكوين بنيت عليها سكنيات عشوائية هشة وبنى تحتية.

ووصفت الجمعية خسائر المنطقة بالكبيرة، حيث تضررت القناطر واقتلعت الطرق، الشيء الذي أبان عن هشاشة البنيات التحتية وعرى مستوى الأعمال المنجزة، فضلا عن تضرر البنية الجيولوجية للمنطقة، وهي التي تتشكل أساسا من أفرشة رملية حديثة التكوين، زادت من خطورة الوضع بالمنطقة، علاوة على انهيار الكثير من المنازل، وفقدان الساكنة لأغراضها من أفرشة وملابس ووثائق إدارية وماشية ومواد غذائية، كما أتلفت السيول المحاصيل الزراعية والضيعات الفلاحية، وخلفت دمارا وخرابا بالعديد من الأعمدة الكهربائية وشبكة الماء الشروب، زيادة على نفاذ المواد الاستهلاكية.

Présentation1

لا عاصم اليوم من الماء

وتعليقا على الوضع، قال سعيد رحيم، ناشط جمعوي من أبناء المنطقة، بأن تيزنيت الكبرى من أدارار إلى أزغار تتشح بالسواد، وتلملم الآن جراحها، فالفيضان ورغم أنه من مشيئة وقدره الله حيث لا عاصم من الماء يوم أمس، فإن وجع الفيضان يعتبر من أخطاء البشر التي لا ينبغي أن تكون بعيدة عن المحاسبة”، داعيا إلى إعلان تيزنيت منطقة منكوبة، معتبر الأمر يهم بالدرجة الأولى النخب المحلية من  منتخبين وفاعلين جمعويين واقتصاديين الذين يتعين عليهم الانخراط في عملية مرافعة لدفع الدولة إلى تصحيح أخطائها و الغبن الذي لحق المنطقة لسنوات، فالدولة هنا في سوس استقالت – يقول رحيم- من مهامها واستغلت بشكل انتهازي حيوية المجتمع المدني وقيم التضامن الاجتماعي لترفع يدها عن التنمية وتوفير البنيات التحتية، مشددا على أن “الخطاب الرسمي يكرس معادلة مغلوطة يعولون بها على الجمعيات التنموية المحلية، عليما أن بعض مخلفات الفيضان أبانت عن هشاشة البنية التحتية وارتجال سياسات الدولة”.

من جهته، اشار م أفروخ، فاعل جمعوي ببلدة “الكعدة” القروية، إلى أن المنطقة بحاجة عاجلة إلى إحصاء جميع الخسائر كيفما كان نوعها، كما تحتاج الأسر المتضررة إلى إيجاد مأوي آمن لها، علاوة على وضع برنامج استعجالي وآني بهدف تجاوز مخلفات الكارثة، مع تحديد برنامج عمل لسد بعد الثغرات وتحديد أصل المشاكل، وترتيبها حسب أولوية التنفيذ، داعيا الدولة إلى دعم المناطق المنكوبة في البرامج الوقائية عن طريق التدخل عبر إداراتها الإقليمية والجهوية والوطنية.

Présentation7

ليس من رآى كمن سمع

من جهته، دعا عبد الله وكاك، رئيس جماعة أكلو إلى إعلان “إقليم تيزنيت” منطقة منكوبة، اعتبارا للأضرار الجسيمة التي حصلت بها، فـ”ليس من رآى كمن سمع”، مشيرا في كلمته أمام وزير الداخلية إلى أن المياه حولت جنبات الوادي إلى قاعا صفصفا، كما هدم الطوفان ما يقرب من 50 منزلا، وتأثر الشاطئ الذي حاز على اللواء الأزرق لثلاث سنوات متتالية، فساكنة الضفة الغربية – يقول وكاك- لا تملك لأمرها رشدا، والطوفان الذي مر من هنا لم أر مثله على الإطلاق، رغم أنني عايشت ما يقرب من 30 واديا طيلة عمري”.

Présentation5

سباحة الجثث

ولعل أكثر ما يدمي القلب بالمنطقة، هو منظر الهياكل العظمية التي طفت على سطح المياه، فالمقابر العديدة بالمنطقة، لم تسلم هي الأخرى من السيول، بعد انهيار حاجزها الوقائي، ففي مقبرة “سيدي امحمد أوشن” ومقبرة “سيدي عبد الله بيجيكن” غمرت المياه معظمها، كما اختفت العديد من الهياكل العظمية، ونفس الشيء بالنسبة لمقبرة “أمراغ” التي عاينت فيها “المساء” هياكل عظمية هنا وهناك، حتى أن السكان جمعو كومة منها، في انتظار إعادة الدفن بحضور الهيئات المختصة. وحسب روايات السكان فإن آخر عملية دفن بالمقابر المتضررة كانت في سبعينيات القرن الماضي، وبالكاد يتذكر المتحدثون أسماء المفقودين الراقدين في وقت من الأوقات تحت الثرى.

Présentation8

مساعدات وتضامن منقطع النظير

وفي سياق متصل، ورغم الانتقادات الموجهة لها، حاولت السلطات المحلية بمختلف أنواعها، التعامل بصرامة مع الموقف، فمنعت المرور بالقناطر المهددة، وطالبت السكان باتخاذ جميع الاحتياطات الضرورية للمحافظة على حياتهم، كما قامت تحت إشراف مباشر من عامل الإقليم والسلطات المحلية بالدائرة والقيادة بتقديم مساعدات من الأدوية والأغذية للمحاصرين بمختلف أنحاء جماعة أكلو، لكن الخطب جلل والمصيبة أعظم. ولعل صور التضامن بين الساكنة المحلية أبلغ تعبير عن الحس الرفيع بالمنطقة المعروفة على مدى التاريخ بالطيبوبة والكرم.

Présentation10

تحويل المجرى

وفي سياق الانتقادات الموجهة من قبل المتضررين، ركز معظم المتحدثين للمساء، على أن تحويل مجرى الوادي على مستوى بلدية تيزنيت، كان له الأثر السلبي الكبير على ما وقع بضفاف أكلو، فسوء تدبير المسؤولين للمجال الحضري لمدينة تيزنيت أدى إلى حدوث فيضانات حضرية عنيفة سببت عدة خسائر فادحة، كما أثرت سلبا – حسب قولهم- على المناطق المجاورة للمدينة بما في ذلك منطقة الخنابيب وأكلو بصفة عامة، فالواد الذي يعرف مكانه – يقول المتضررون- لا يقبل مثل هذه التدخلات البشرية، وهو أحسن مهندس يمكن الاعتماد عليه عند وضع تصاميم التهيئة، فالأمر خطير – يضيف المتحدثون- لأنه يتعلق بحياة الساكنة وممتلكاتهم.

Présentation9

تساؤلات وانتقادات

وخلال جولة “المساء” انتقد السكان ما أسموه بـ”بطء” تدخل الدوائر الرسمية طيلة يوم الجمعة، مسجلين الحضور العفوي للساكنة ووقوفها بشكل تضامني مع المتضررين، في غياب شبه تام للأحزاب السياسية المختلفة، كما أجمعوا على اعتبار منطقتهم منكوبة.

فالمناسبة لم تخل من تذكير بجملة من الانتقادات التي طالت ما أسماه النسيج الجمعوي بالمنطقة بـ”خروقات سافرة” طالت العديد من المواثيق والعهود الدولية المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والإنمائية، فضلا عن الضرب عرض الحائط بقانون التعمير الصادر في 17 يونيو 1992 والذي يشكل القاعدة القانونية لتدبير قطاع البناء داخل المجالات الحضرية والقروية، وعدم الالتزام والخرق السافر لقانون الماء 10-95 لتدبير جيد للموارد المائية وحسن استعمالها وصيانتها والمحافظة عليها، مستدلين على ذلك بسافلة وادي إيكي أسيف بمدينة تيزنيت التي شيدت فيها عدة منشآت مختلفة ( سكن، محلات تجارية… )، علاوة على خروقات تتعلق بالسماح بإقامة بنايات على ضفاف الأودية كما هو الحال بسافلة وادي إيصوح وعلى ضفاف وادي أدودو ورافده وادي تامدغوست.

كما انتقدوا غياب مطارح خاصة لتدبير النفايات وعدم الالتزام بتطبيق قانون تدبير النفايات الأمر الذي جعل سواحل المنطقة مطرحا لنفايات مختلفة تهدد البيئة الساحلية وصحة الإنسان وحياته، علاوة على عدم تفعيل الدوريات الوزارية المتعلقة “بتجنب الخسائر التي يمكن أن تنتج عن الفيضان”، و”بالوقاية من الحمولات للأودية وقت الإعلان عن حالت الطوارئ”، وأخرى تتعلق بـ”مهمة الوقاية وتدبير الأخطار”، و”بمخطط الحماية الجهوي من الفيضان واللجنة الإقليمية للماء”، وآخر يتعلق بـ”إرساء آليات تنسيق العمليات التي يقوم بها مختلف الفاعلين المحليين لمكافحة خطر الفيضان “، مع تسجيل غياب قانون تدبير الأخطار الطبيعية والتأمين ضدها، وغياب ضوابط البناء ذات الصبغة المحلية، وغياب خرائط خاصة بتحديد المناطق المهددة أو المحتمل تعرضها للأخطار، وانعدام مخططات التهيئة للمجالات القروية وكذا غياب مخططات محلية لتدبير الأخطار.

محمد الشيخ بلا – جريدة المساء

[email protected]

0667198863

         Présentation11  Présentation13  Présentation15

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق