قراءة في تجليات تظاهرة الموقار للفنون الجميلة … جدلية التجربة والإبداع

ملتقى الفنون الجميلة

ان الإبداع فعالية إنسانية وخلق يتغيا تجاوز المعتاد و تخطي ما هو مألوف وسائد بهدف إنتاج صور و رموز وأفكار مغايرة و استشراف أفاق جديدة  تبرهن على الملكة الخلاقة لدى الإنسان ككائن عملي يسعى دوما إلى تغيير واقعه وصياغة علاقات أكثر ملاءمة لطموحاته في الحرية والعدالة والتقدم . والإبداع كتجسيد إنساني. اما ان يبقى متوقعا في الحدود الذاتية للفرد. واما إن ينصهر في إيقاع جماعي يحفز مختلف القدرات الذاتية على تطويع الواقع و تحسين شروط العيش .

وقد انقسم الباحثون في تناولهم للإبداع إلى اتجاهين أساسيين : الاتجاه النفسي الفردي

الذي يؤكد على أولوية الذات وعلى المخزون الفردي في الإبداع باعتباره تفجيرا لرغبات وصور وأفكار لم يتمكن الفرد من التعبير الصريح والمباشر عنها . فيجد في المجال الإبداعي متنفسا و لحطة تعويضية يكثف فيها تلك الصور والأفكار و الرغبات بشكل أكثر سموا وجمالا..

أما الاتجاه الجماعي فيرى إن الإنسان من حيث هو كائن اجتماعي لا يمكن إن يبدع إلا داخل سياق اجتماعي يسمح له  بتفجير قدراته  الابداعية . بل ان الابداع ليس اجتماعيا فقط من حيث دوافعه وشروط امكانه  بل هو  اجتماعي في مضمونه وادواته كذلك  . فالابداع . من هدا المنطور . عملية ذات  أبعاد اجتماعية تستمد مقوماتها  من ثقافة الجماعة وتسهم في نفس الان في تغيير الحساسية الجمالية و الفنية للا فراد .

والمجتمع الذي لا يوفر شروط ممارسة و تحقيق قدراتهم الإبداعية محكوم عليه بان يظل مجتمعا أسنا يكرر نفسه داخل دائرة منغلقة تجتر المألوف و تستهلك ما هو معتاد و من ثمة فكل حديث جدي عن الإبداع لا يمكن ان يستمد مصداقيته إلا في مجتمع منفتح يوفر لإفراده شروط تحقيق دواتهم و حريتهم  و يمكنهم بتالي من الإلهام الفعلي  في تطوير مجتمعهم.

و من هدا المنطور اقامت جمعية تيزنارت للفنون الجميلة مهرجانا جماعيا للإبداع التشكيلي على مسار ثلاثة ايام متوالية 14-15-16 ابريل 2014 حيث اقامت الالون عرسا اخر على امتداد فضاءات  مدينة تيزنيت ..جسدت على ملامح التصور الفكري ميراثا لقراءات تعبيرية متعددة في كينونتها تؤرخ الابعاد  النوعية للفن البصري. للماضي والاني و المستقبل وتبرز بتجلياتها  دلالات الرؤى العميقة لتمثلات ابداعية جماعية تترجم معالم  انتاجات على اساسها الجمالي عانقت توافقا بين الافكار  التي عبر عنها ما يناهز الاربعين فنانا تشكيليا  شابا توافدوا بكثافة  من شتى انحاء المغرب للمشاركة في مهرجان  الموقار  في نسخته الثانية  بقيم نهضوية مستقاة مما ارساه الرواد الاوائل من جيل الستينات . وهي قيم أراد بها  المشاركون تحقيق التقدم الجمالي التشكيلي الذي  لا تتناقض فيه المفاهيم الثقافية التشكيلية و لا في تلك الرؤية العميقة التي لا تفقد  ذاتيتها بالانغلا ق او الدوبان  وانما بالتلاحم الجماعي و الاجتماعي من اجل الخلق الابداعي ومواكبة العصر و المشاركة فيه. انها قيم انتظم حولها هؤلاء الفنانون الشباب ليقاوموا التراجع الابداعي محاولين اعادة الخطاب و الفكر التشكيلي الى معناه الاصلي في خضم  ركود ملفت وعدم اهتمام بالغ تعيشه الساحة التشكيلية محليا واقليميا بمدينة تيزنيت. و من خلال جل الانتاجات الابداعية التي اكدت حضورها في ساحة  المهرجان . استطعنا ان نتوقف  مليا لدراسة اساليبيها وتقنياتها وتوجهاتها . حيث اتسمت بتنوع و اختلاف في النصوص التي  اعتمدت على الفكرة الفلسفية  والتجريد الذهني و كذلك العلاقات الجدلية والحسية  المباشرة التي يطغى عليها  الطابع  المادي للمواد و الاشكال ..

وهي افكار حداثية تاثر بها هؤلاء الفانون  الشباب . وارادوا التعبير  عنها بكل تجربتهم  الابداعية  و التي لا تخلو من خطاب يبحث عن نفسه في مملكة التشكيل و هي باتاكيد  مهمة صعبة تواجههم  لتحقيق الوحدة الجدلية بين الابداع و التجربة وبدونها قد  يكون هناك ارتباك للمرحلة الابداعية في شموليتها .. ولان نتائج النتاجات المعروضة  بشتى اتجاهاتها قد لا مست في بعض من جوانبها  نتائج الرؤية لابداعية المؤكدة و المتوخاة من خلال  عملية التقويم و التعديل وحواجز الا بداعو العائد الداتي بين المبدع وعمله و العائد  الاجتماعي بين المبدع و المحيطين به . فان الامر لايعدو ان يكون من وجهة نظرنا. بصيص امل لأفق مشع تلوح بوادره  نحو استشراف تنموي في مجال الفن التشكيلي بمدينة تيزنيت. رواده فنانون شباب همهم الوحيد النهوض بالفكر والثقافة التشكيلية وتعميق العلاقة بين الابداع و الهموم المجتمعية و الخروج بميثاق يحدد الاستراتيجية التي ينبغي على اساسها ارساء دعامات الحقل الابداعي بعيدا عن الدين

يجادلون في الأمر و يضعون المكنسة تحت السجادة.

 

بقلم     علي البوخاري

استاذ الثقافة الفنية

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. اي فنون واي جمال لا حول ولاقوة الا بالله اخر الزمان يمدح كل ماهو منبود في هدا الزمان تستنزف ماليات الجماعات كل منى هب ودب يؤسس جمعية امنصاص اموال الدولة لااقل من ذلك

اترك رداً على غيور إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق