” عابيدو” شخصية تيزنيتية رياضية عانت التهميش.. فهل من التفاتة ؟

حسن ادحاجي

الشخصية التي سأتناولها هذه المرة،في اطار ذاكرة الرياضة بتيزنيت، شخصية فريدة من نوعها،هي رمز للتضحية و نكران الذات،رمز للتواضع و البساطة،شخصية أعطت الكثير لكرة القدم،ممارسة و تأطيرا،و تدريبا،و تمويلا،،يعرفه الجميع باسم “عابيدو”،بينما اسمه الحقيقي هو حميدة عابد،من مواليد 1948 بتيزنيت.

تعود أصوله الى إفران الاطلس الصغير،نفس المنطقة التي أنجبت أسطورة كرة القدم المغربية مصطفى حجّي،و شقيقه يوسف،.عاش طفولته في قصبة تيزيكي،عشق كرة القدم،و مارسها منذ الصغر،حالت ظروف اجتماعية دون إتمام دراسته،لكنه تعلم من مدرسة الحياة،،أسس فريقا أسماه المولودية،وظل وفيا لهذا النادي العريق،حتى ارتبط اسمه بالمولودية،كلما ذكر اسم النادي إلا وذكر اسم عابيدو،ضحى بماله و وقته،في سبيل استمرارية هذا النادي،و ضمان حضوره في كل بطولات الأحياء،،عرف بانضباطه،واحترام مواعيده،كان ينفق على الفريق من ماله،يتكفل بشراء اللوازم الرياضية للاعبين، و أداء مساهمة الفريق في الدوريات،كما يتكفل بجمع البدلات الرياضية عقب انتهاء كل مباراة ،لتنظيفها وتهييئها للمباراة القادمة،كل ذاك من ماله الخاص،رغم أن ظروفه المادية كانت صعبة،،عمل لسنوات مستخدما في محطة حافلات ايت مزال بساحة المشور،قبل افلاس هذه الوكالة و إغلاق أبوابها،لينتقل بعدها لمحطة الحافلات بطريق أگادير حيث يعمل الى يومنا هذا لضمان لقمة العيش الحلال لأسرته،،هذه الظروف الاجتماعية الصعبة لم تحل بينه و بين عشق المولودية،والتضحية في سبيل استمراريتها في تأطير الشباب،و التنافس على البطولات التي تنظم في اطار دوريات الأحياء،،شكل فريقه دوما،رقما صعبا ،فاز بالعديد من البطولات،،تعرف مبارياته خاصة مع الوداد(التجار) الكثير من الندية و القوة،،يحظى بحب و تعاطف الكثير من الجماهير التيزنيتية، لتواضعه وبساطته،و نبل أخلاقه،، أنيق في لعبه ،مدافع قوي رغم نحافته ،كما عرف بروحه الرياضية العالية،،و تقبله للهزيمة بصدر رحب،،قليل الاحتجاج على الحكام.

هذه الثقافة الرياضية كان يلقنها لكل لاعب يلتحق بفريقه،،يرى في الرياضة مدرسة للتربية،عرف بتنقيبه عن أجود اللاعبين لتعزيز صفوف فريقه،،لم يسع أبدا للشهرة، و لم يجر وراء أي ربح مادي،،بل كان يخسر الكثير من ماله و قوت عياله على الفريق.. كما لعب لسنوات مع فريق نادي الصحة بتيزنيت و شارك معه في البطولة الوطنية التي كانت تنظمها وزارة الصحة في الثمانينات،، كرامته وعزة نفسه تمنعانه من استجداء المسؤولين و التوسل اليهم قصد مساعدته،،

لهذا سيظل عابيدو رمزا من رموز مدينة تيزنيت،سيظل مثالا قل نظيره في التضحية و نكران الذات..يستحق التفاتة إنسانية من المجالس المنتخبة، ومن الفاعلين الرياضيين و الاجتماعيين،التفاتة جديرة بمساره الرياضي والإنساني..تحية تقدير و احترام لعبيدو، الرياضي و الانسان..ما أحوجنا لأمثاله في هذا الزمن الرديء،زمن النفاق و التملق و الانتهازية و الوصولية..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق