هل أعفى أوزين مسؤولي وزارة الشبيبة والرياضة بعد إعفائه من طرف الملك ؟

أوزين

«الكراطة» التي استعملت بملعب مولاي عبد الله في ربع نهائي الموندياليتو، وزادت من وقع فضيحة عشب الملعب استعملها محمد أوزين مجددا. كيف ذلك؟ الوزير قام قبيل وبعيد إعفائه من مهامه بسويعات معدودة بحملة «تكريط» أو «تطهير» داخل دواليب الوزارة عصفت بالعديد من المغضوب عليهم وتركت الوزارة خاوية على عروشها في غياب العديد من المسؤولين الكبار.
نهار طار طيرهم!!
محمد أوزين وزير الشباب والرياضة كان يعلم علم اليقين أن رحيله عن كرسي الوزارة كان قريبا بعدما كشفت التحقيقات مسؤوليته السياسية والإدارية عما حصل بملعب العاصمة. فهل كان من الضروري أن يطبخ الوزير في «طنجرة الضغط» قرارت إعفاء سريعة لمسؤولين بالمصالح المركزية والخارجية للوزارة يوم صدور بلاغ الديوان الملكي، وما سبب هذه القرارات الفجائية؟
رئيس مصلحة السيارات والمعدات ورئيس مصلحة الصفقات كانا في مقدمة الرؤوس، التي طارت بفعل قرارات الوزير المعفى من منصبه. سبب إعفاء هذين المسؤولين أرجعته مصادر «الأحداث المغربية» إلى وجود شكوك حول وقوفهما وراء تسريب وثائق صفقة سيارات مثيرة للجدل. البرلماني عن حزب العدالة والتنمية أحمد جدار وجه مراسلة مرقمة ب1473/ 2014 إلى رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران طالبه من خلالها بفتح تحقيق في صفقة شراء سيارات بدون مواصفات قانونية بمبلغ يقارب 250 مليون سنتيم، بعدما أقدمت وزارة الشباب والرياضة على اقتناء 15 سيارة مصلحة جديدة من وكالة للسيارات بالجديدة، قبل أن يتبين أن الوكالة المذكورة في ملكية مدير ديوان الوزير نفسه. الصفقة تضمنت أيضا مخالفة أخرى تمثلت في كون مسؤول كبير بالوزارة وقع على الصفقة كممثل للوزارة من جهة ووقع على المصادقة على الصفقة من جهة أخرى!!!
قرار آخر للوزير يدفع إلى طرح أكثر من علامة استفهام. الأمر يتعلق بإعفاء المسؤول عن «باركينغ السيارات»، وهو القرار الذي ربطته مصادر جد مطلعة برفض الأخير تعيين 30 سائقا جديدا بعد توصله بسيرهم الذاتية. رفض ربطه المعني بالأمر بكون 18 من السائقين المرشحين للعمل في الوزارة يتحدرون من يفرن، التي يرأس جماعتها محمد أوزين، أما المرشحون ال12 الباقون فيتحدرون من جماعة يعقوب المنصور بالرباط، التي تروج معطيات عن كون الوزير السابق يستعد للترشح فيها خلال الانتخابات الجماعية القادمة.
اللي دوا يرعف
العديد من المسؤولين المغضوب عليهم من طرف أوزين وبعض المقربين منه أو الذين أدلوا بدلوهم في فضيحة ملعب الرباط، وتحدثوا عنها في مواقع التواصل الاجتماعي طالتهم «كراطة» الإعفاء أو التنقيل. الأمر شمل نائب وزير الشباب والرياضة بالرباط والعديد من مناديب الوزارة، حيث قرر الوزير يوم رحيله، إعفاء ثلاثة مناديب لوزارته في مدن طنجة وشفشاون و الخميسات وبني مكادة كما أعفى نائبة الوزارة بالصويرة، في حين أجرى حركة تنقيلات غير مسبوقة شملت 25 مندوبا، حيث تم تنقيل مندوب عين السبع إلى عين الشق، وتنقيل مندوب تزنيت إلى عين السبع، وكذا مندوب تارودانت إلى الصويرة بالإضافة إلى تنقيل مندوب الرشيدية إلى سطات، ومندوب سطات إلى تارودانت، ومندوب أكادير إلى آيت باها…
تنقيلات الوزير همت أيضا رئيس قسم التجهيز، الذي تم تعيينه رئيسا لقسم التجهيزات الرياضية، كما تم تنقيل رئيسة قسم النخبة إلى قسم التواصل، في الوقت الذي تم تنقيل رئيس المصلحة التقنية بمجمع الأمير مولاي رشيد ببورنيقة وتعيينه رئيسا لمصلحة البرمجة بمجمع الأمير مولاي عبد الله، وهو الأمر نفسه، الذي انطبق على رئيس المصلحة الإدارية والحسابات بمجمع مولاي رشيد للشباب والطفولة بوزنيقة، الذي تم تمكينه من رئاسة المصلحة الإدارية بالمديرية الجهوية للرباط.
قرارات الأنفاس الأخيرة
الغريب في قرارات الإعفاء والتنقيل، التي أصدرها أوزين أنها اتخذت في الوقت الذي كان الوزير يعد الدقائق قبيل مغادرته لكرسي الوزارة، بدليل أن القرارات تسلمها مكتب الضبط يوم 7 يناير 2014 على الساعة الثالثة و 37 دقيقة بعد الزوال، في حين نشرت وكالة المغرب العربي للأنباء بلاغ الديوان الملكي الخاص بإعفاء محمد أوزين من منصبه كوزير للشباب والرياضة على الساعة الثانية و 24 دقيقة من بعد زوال اليوم نفسه، مع العلم أن الوزير كان على علم بقرب رحيله، كما ألمح إلى ذلك بلاغ الديوان الملكي، وخاصة الفقرة التي جاء فيها: «وبعد إبلاغه بمضمون التقرير، ومن منطلق روح المسؤولية، طلب السيد وزير الشباب والرياضة من السيد رئيس الحكومة، بأن يرفع إلى النظر السامي لجلالة الملك ملتمس إعفائه من مهامه. وطبقا لأحكام الفصل 47 من الدستور، فقد قرر صاحب الجلالة، نصره الله، إعفاء السيد محمد أوزين من مهامه كوزير للشباب والرياضة».
ملاحظة أخرى كشفتها قرارات الإعفاء التي توصل بها المسؤولون المعنيون بها وهي أن بعض تلك القرارات وقعها الوزير شخصيا، في حين تكفل بتوقيع البقية المتبقية محمد الغراس بصفته «مكلف بتسيير مديرية الموارد البشرية»، وهي الصفة التي منحت له في «الوقت بدل الضائع» لوجود الوزير في كرسي الوزارة، علما أن التفويض الذي منح لمحمد الغراس لم ينشر في الجريدة الرسمية كما ينص على ذلك القانون.
أكباش فداء
بمجرد تفجر فضيحة تحول عشب ملعب الأمير مولاي عبد الله بالرباط إلى ما يشبه المسبح، شرع محمد أوزين في التضحية بعدد من المسؤولين لامتصاص الغضب الشعبي العارم. البداية كانت بسعيد إيزكا مدير الملعب الذي قرر الوزير إقالته من مهامه بدعوى مسؤوليته عن حادثة استعمال «الكراطة» و«الجفاف»، التي بثتها قنوات تلفزية عالمية وتحولت إلى مادة للسخرية من المغرب. إيزكا تمسك ببراءته وقال لمقربين منه إنه يؤمن بقضاء الله وقدره وأن الحق سيظهر قريبا. إيزكا لم يكن الوحيد الذي طالته قرارات الوزير، حيث تم توقيف كريم العكاري الكاتب العام للوزارة، الذي يتمتع بدعم قوي من طرف مسؤولين كبار. دعم مكنه من الاحتفاظ بمنصبه في الوقت الذي تعاقب أربعة وزراء على تدبير قطاع الشباب والرياضة. التوقيف طال أيضا مصطفى أزروال مدير الرياضات بالوزارة، الذي تحول من صفة مدير مؤقت إلى دائم لتبدأ علاقته بمحيط الوزير في التوتر بعد ذلك بأسابيع قليلة. عبد الإله بن كيران التقى بالوزير مباشرة بعد هذه القرارات وطلب منه بالحرف فتح تحقيق جدي في الفضيحة وأن يذهب التحقيق إلى أبعد مدى، مطالبا في الوقت ذاته بعدم تقديم أكباش فداء، قبل أن يصدر القرار الملكي القاضي بتجميد أنشطة أوزين في مونديال الأندية ومنعه من حضور المباراة النهائية وتكليف رئيس الحكومة بفتح تحقيق أوكلت مهمته إلى وزارتي الداخلية والمالية.
أمطار «الفضائح»
المغاربة حمدوا الله كثيرا على أمطار الخير. ليس فقط لأنها أنعشت حقينة السدود بل لأنها كشفت ما خفي من فضائح «الإصلاحات»، التي خضع لها ملعب الأمير مولاي عبد الله وكلفت الدولة مبلغ 22 مليار سنتيم كاملة. عشب الملعب الذي أثار سخرية معلقي القنوات العالمية طبل له الوزير قبل الفضيحة بعدما أكد أنه عشب من النوع الممتاز، وأنه من نفس نوعية عشب ملعب سانتياغو بيرنابيو بمدريد، قبل أن تكشف التساقطات المطرية الغزيرة أنه عشب ضعيف الجودة بدليل أن انزلاقات اللاعبين، حولت العديد من بقع الملعب إلى حفر، ناهيك عن كون تجهيزات «الدريناج» المخصصة لتصريف المياه، لم يتم تركيبها بشكل جيد لتكون النتيجة هي تحول أرضية الملعب إلى مسبح. عشب ملعب الأمير مولاي عبد الله الذي تكلفت بتركيبه شركة «فالتيك» التي يوجد مقرها بالرباط وتم استيراده من شمال مدينة برشلونة الإسبانية كلف لوحده مبلغ مليار و 500 مليون سنتيم، وهو ما يدفع إلى طرح العديد من علامات الاستفهام والتعجب، سيما أن عشب ملعب مراكش كلف 600 مليون سنتيم فقط وعشبا ملعبي طنجة وأكادير كلفا 800 مليون سنتيم لكل منهما!!؟؟
الأمطار تسببت أيضا في أضرار فادحة بالسقف الذي يغطي منصة الملعب، حيث كشفت مصادر مطلعة ل«الأحداث المغربية» أنه بات يعاني من بعض التصدعات، نتيجة تسرب المياه إليه بشكل غزير، وهي المياه التي وصلت إلى منصة الصحافة، مما أصبح يشكل خطورة كبيرة على حياة المشجعين في حال إعادة فتح الملعب دون معالجة جميع الاختلالات التي ظهرت به، والتي مست حتى المعدات الإكترونية والمكتبية.

 

سفيان البوزيدي نشر في الأحداث المغربية يوم 15 – 01 – 2015

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق