كرونولوجيا الإحصاء بالمغرب

الحليمي

فرض تطور نظم التسيير الحديث اللجوء إلى الإحصاء من أجل بحث وتخطيط الإستراتيجيات التدبيرية، وهي الآلية التي فطن إلى أهميتها “المخزن”، واعتمد عليها باختلاف الظروف والوسائل الموظفة منذ فجر الاستقلال، ليبلغ عتبة ستة إحصاءات خلال السنة الحالية، دون احتساب إحصاءين خضع لهما المغاربة خلال فترة الحماية، إذ كانت الغاية منهما سياسية واقتصادية صرفة. اليوم تطور إحصاء السكان ليتحول إلى عملية منهجية موحدة، تستهدف جمع البيانات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية، التي تنطبق في فترة زمنية محددة على كافة الأشخاص في بلد ما أو جزء محدد منه، وتجميع هذه البيانات وتحليلها ونشرها، علما أن الإحصاء هو عملية دورية يتم خلالها عد السكان رسميا، وفق توصيات الأمم المتحدة مرة كل عشر سنوات. 
ومر الإحصاء في المغرب بمجموعة من المراحل، سجلت تطور الوسائل المستخدمة فيه، والأطر المؤهلة لتدبيره، إذ تحيل كرنولوجيا العملية الإحصائية في المغرب على بداية قاتمة، همت أول إحصاء للسكان على يد المستعمر الفرنسي سنة 1921، إذ قام بإحصاء السكان والسكنى في المنطقة الشمالية الخاضعة لنفوذه، بنية الاستغلال الممنهج عبر المعطيات التي جمعها، للثروات البشرية والطبيعية والاقتصادية للمملكة، والأمر نفسه بالنسبة إلى المستعمر الإسباني الذي نظم إحصاء في المنطقة الجنوبية الخاضعة لنفوذه سنة 1951.
وبعد حصول المغرب على استقلاله، ركز على مأسسة تدبير الشؤون العامة، وإحداث الإدارات والمرافق العمومية، إلا أنها لم تكن قادرة على التجاوب مع حاجيات المواطنين المختلفة والمتزايدة، في ظل افتقارها للمعلومات والمعطيات الضرورية عنهم، لذا كان لزاما على الدولة التفكير في تنظيم إحصاء عام للسكان والسكنى من أجل تكوين فكرة واضحة عن حاجيات المواطنين وانتظاراتهم، يتم على ضوئها رسم الاستراتيجيات والخطط التنموية العمومية، لينظم أول إحصاء بعد الاستقلال بتاريخ 1960، تلاه إحصاء آخر بعد حوالي عشر سنوات بتاريخ 1971، لم يغط مناطق العيون وبوجدور والسمارة ووادي الذهب، التي كانت تحت سلطة الاحتلال الاسباني آنذاك.
ونظمت عملية أخرى لإحصاء السكان بعد ذلك بأربع سنوات، بتاريخ 1975، إذ همت هذه العملية جميع تراب المملكة بعد استرجاع الأقاليم الجنوب المحتلة، تلتها عمليات إحصاءية أخرى سنوات 1982 و1994 و2004، قبل الوصول إلى سادس عملية من هذا النوع خلال السنة الجارية، التي وظفت طرقا وأساليب تقنية جديدة، والأهم من ذلك تحت إشراف أطر وكفاءات مغربية، بخلاف ما كان عليه الأمر في الإحصاء الأخير الذي عرف إشراف أطر فرنسية على عملية تجميع وتحليل ومعالجة المعطيات.
إلى ذلك، أفرزت نتائج العمليات الإحصائية الخمس الماضية تطور عدد السكان بنسبة تأرجحت بين زائد 1.4 وزائد 2.7 في المائة، إذ سجل الإحصاءان الأخيرين تباطؤ عدد السكان، الذي انتقل منذ سنة 1960 إلى آخر إحصاء قبل حوالي عشر سنوات، من 11.6 إلى 29.8 مليون نسمة، بينما انتقلت تكلفة الإحصاء من 50.7 مليار إلى 90 مليار سنتيم من أجل تمويل العملية الإحصائية الحالية.وفي هذا الشأن، خصص 70 في المائة من الميزانية الإجمالية المخصصة لتمويل عملية الإحصاء، الذي سيهم الفترة بين فاتح و20 شتنبر المقبل، لتعويض المشاركين في العملية، إذ بلغ حجم هذه التعويضات 625.66 مليون درهم، فيما خصص مبلغ 138.44 مليون درهم لكراء السيارات والوقود، علما أن المندوبية السامية للتخطيط ستستعين خلال عملية الإحصاء بسيارات الدولة لمزاولة مهامها، بينما خصص مبلغ ناهز 133 مليون درهم لاقتناء الأدوات والتجهيزات.
 

 

نشر في الصباح يوم 07 – 09 – 2014

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق