اعمو : وداعا مايستروا احيدوس

بكاءاوعمو

تلقيت بعميق التأثر وبالغ الأسى، النبأ المحزن لوفاة المشمول بعفو الله ورضاه، فجر اليوم الجمعة 19 فبراير 2016، موحى الحسين أشيبان المعروف بمايسترو رقصة أحيدوس في المغرب، عن سن يناهز 113 سنة.

وبهذه المناسبة الأليمة أعرب لأسرة الفقيد الفنية، ولمحبيه وأصدقائه، ولكل أقاربه وذويه، عن أحر التعازي وخالص عبارات المواساة مقدرا فداحة الرزء في رحيل أحد أبرز فناني التراث الشعبي الذي كان لعقود خير سفير للإيقاعات المغربية المتنوعة في المحافل الوطنية والدولية.

إن هذا المصاب الجلل هو خسارة للثقافة المغربية الأصيلة ككل، حيث كان للفقيد حضور قوي على الساحة التراثية كأشهر مؤدي للرقصة الاستعراضية الأمازيغية أحيدوس.

كما خسرت بلادنا فنانا أصيلا يجسد بحق التراث اللآمادي لهذا الوطن، حيث كان رحمه الله، برشاقته المعهودة وهندامه الأنيق – حتى مع تقدمه في السن – يسافر بنا جميعا في بحور الفن الأصيل ، وهو يغازل الموسيقى بسلاسة، كأنه يطير كالفراشة على الخشبة. وأظن جازما أنه لا يوجد في المغرب من لا يعرف خياله بالبرنس ولا يتذكر وجهه البشوش بلحيته البيضاء التي تضفي عليه هالة الفقهاء، وهو يرقص مرحا ويرفع يديه إلى السماء كلما كان عليه تغيير إيقاع الفرقة الموسيقية المرافقة له، وهو الذي غزى الساحة الفنية الوطنية بطلعته الفنية البهية منذ بداية الخمسينات، وظل وجها مألوفا ومحبوبا في شاشتنا الوطنية لعقود. فهو قمة من قمم الفن والثقافة الأمازيغية الأصيلة التي أوصلت الرقص الشعبي المحلي إلى قمة الشموخ والعالمية.

ورغم ارتباطه – رحمه الله – بالرقصة الغنائية الاستعراضية “أحيدوس ” منذ بزوغها في الوسط الطبيعي والجغرافي لإنسان الأطلس المتوسط، فهو يذكرنا بأن المغرب حافل بكثير من الأنماط الاحتفالية الشعبية على اختلاف مكوناته وروافده المتعددة، العربية منها والأمازيغية والحسانية واليهودية، والتي علينا – احتراما لذكراه ولما يمثله من رمزية – واجب الحفاظ عليها وتثمينها كمكونات أساسية في بنية المجتمع المغربي.

وإننا إذ نستحضر بهذه المناسبة الأليمة، هذا الرصيد الفني والإنساني، للراحل موحى الحسين أشيبان ، الإنسان، والمبدع والفنان المهووس بحب فن أحيدوس . وما كان يتميز به الفقيد من معرفة فنية غزيرة ومن خصال إنسانية عالية. نحيي فيه، رحمه الله، وفاءه للمثل العليا، ووطنيته وسمو أخلاقه. ونرجو من العلي القدير أن يوفي الفقيد الكبير أحسن الجزاء، على ما أسدى للتراث الشعبي خصوصا وللثقافة المغربية بوجه عام من خدمات جليلة، وأن يتقبله في عداد الصالحين من عباده، ويشمله بمغفرته ورضوانه، ويسكنه فسيح جنانه.

وإذ نشاطر، أقارب الفقيد ومحبيه، أحزانكم في هذا المصاب الأليم، الذي لا راد لقضاء الله فيه، نسأل الله عز وجل أن يلهم أسرته الفنية وأقرباءه وذويه جميل الصبر وحسن العزاء.

وإنا لله وإنا إليه راجعون.

عبد اللطيف أعمو
مستشار برلماني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق