الصحفي والباحث مولاي محمد اسماعيلي في حوار مع تيزنيت 24 : الصحافة نسخة مصغرة من مجتمع فيه الغث والسمين

اما عن نفسي فإسمي مولاي محمد اسماعيلي، ولدت في تنغير، درست المرحلة الجامعية في اكادير ومراكش، كاتب صحفي وباحث أكاديمي، أدير جريدة مغرب الغد الورقية والإلكترونية، كما أنني اعمل باحثا في مجالات عدة أبرزها في الفكر المعاصر وحوار الحضارات، إضافة إلى ذلك أعمل مدربا في العديد من البرامج التدريبية المعترف بها، وأيضا في مجال الإعلام والصحافة، وفي مراكش أقوم بتدريس الصحافة في معهد الإتصال وعلوم الإعلام، قريبا إن شاء الله وفي الدخول الثقافي المقبل سيصدر لي كتابان هما الآن في طور الطبع، كما أنني أشتغل على مشاريع كتب ودراسات ستصدر في حينها بحول الله، بالإضافة إلى إنني أعمل على إتمام العمل في دورات تكوينية جديدة، لم أقدمها من قبل، توفقت في العمل عليها طيلة أشهر وهي الآن في أطوارها الأخيرة.

 

انطلاقا من تجربتكم يتضح أنكم مزجتم بين الاشتغال في حقل الإعلام والبحث العلمي، كيف مجزتم بين هذين الأمرين الجليلين؟
نعم، العمل بهذه الطريقة أمر صعب للغاية، فكلا الأمرين يتطلبان الوقت والجهد الكبيرين، ودائما ما أسعى إلى التوفيق بينهما وإعطاء كل واحد منهما وقته، ولو أن الإعلام شغلني كثيرا وحد بشكل مؤثر على مقروئي، حيت تراجع عدد الكتب التي أقرأها قبل أن أغوص في المجال الإعلامي والصحفي، ولكن رغم ذلك أحاول جاهدا من خلال توفير أوقات أخرى في السهر ليلا أو الاعتكاف لوقت طويل كما أفعل في هذا الشهر الكريم، حيت أعتكف على القراءة والكتابة والبحث العلمي، دون إيلاء اهتمام كبير بالإعلام والصحافة، فقط أبقى متابعا لها ومنتبها لأي جديد.
الصحافة كانت معشوقتي منذ الصغر، وقد كنت في صغري في مرحلة التعليم الأساسي، أكون مصدرا للأخبار لكافة زملائي في المدرسة، ففي استراحة الساعة العاشرة صباحا يلتئم حولي الأطفال في سني من اجل سماع الجديد من الأخبار التي شاهدتها أنا في التلفاز بالأمس، أما البحث العلمي فكنت أخذت حقنته في الجامعة باكادير، حيث شاءت الأقدار أن أكون بين فئة من الشباب يقدرون العلم والمعرفة والفكر، ما جعلني أحذو حذوهم وأهتم بالقراءة والمعرفة والفكر والبحث العلمي بشكل عام، وهو بدوره أضاف الكثير لشخصيتي ومنحها الكثير من وسائل الإتزان والروية والتعقل.
باختصار الجمع بين البحث العلمي والعمل الإعلامي صعب للغاية ومكلف للغاية، ولكن أنا أتعامل مع الأمر بمتعة، فعندما تعمل بمتعة تذوب كل الإكراهات والعوائق، والعمل بمتعة أيضا يؤدي إلى إتقان العمل وابتكار الجديد في أي وقت وعيش الحياة بشكل أفضل وأجمل وأروع.

ساهمتم في تأطير عدد من الدورات التكوينية في مجال الصحافة والإعلام، ما تقييكم لمستوى الإعلام المكتوب بالمغرب؟ وما رأيكم في مستوى المشتغلين فيه على صعيد الجهات والأقاليم؟

طيلة مسيرتي في التكوين والتاطير في الصحافة والإعلام، وجدت أن الصحافيين والإعلاميين في المغرب، هم نسخة مصغرة من مجتمع اكبر إسمه المجتمع المغربي، مجتمع فيه الغث وفيه السمين وفيه الصالح وفيه الطالح، لكن في هذا المجال تبدو الصورة أكثر قتامة، فقد صادفت بعض النماذج التي لا يجمعها مع الصحافة إلا الإسم، لا مستوى تعليمي ولا إتقان للتحرير الصحفي ولفنونه، ولا احترام لأخلاقيات المهنة، وبعد كل ذلك انتهازية وبيع للذمة ولمن يدفع أكثر، بشكل يسيء لمهنة الصحافة في المغرب، لا أقول ان هذه الظاهر شاملة ولا أعمم، فهناك في الإتجاه الآخر زملاء صحفيون حقيقيون يعملون بمهنية عالية، وبكفاءة قل نظيرها، وفي احترام تام لأخلاقيات مهنة الصحافة، وهم للأسف قليلون جدا بالمقارنة مع المتردية والنطيحة وما أكل السبع، الذين يملؤون هذا المجال، ويُكثرون من الصخب والإحتجاج بدعوى أنهم صحفيون، فيما هم في الأخير ليسوا إلا انتهازيين ينتظرون اللحظة المناسبة من اجل الإستفادة من هنا او من هناك.
أما عن مستوى المشتغلين في الجهات والأقاليم من الزملاء الصحفيين، فيمكن أن نستشهد هنا بالمثل القائل “يوجد في النهر مالا يوجد في البحر”، هناك زملاء في الجهات والأقاليم متميزون للغاية وكثيرا ما قدموا موادا صحفية متميزة للغاية بل فريدة من نوعها، أصبحنا نرى أقلاما جادة تنافس الأقلام الموجودة في هيئات التحرير في مركز الرباط الدار البيضاء، تحقيقات على أرفع مستوى، وريبورتاجات وتقارير غاية في المهنية والإتقان والإبداع، وهنا لابد من الإشارة إلى أمر مهم للغاية وهو أن المسؤولين في الجهات والأقاليم في كل جهات المملكة، يجب أن يهتموا بدعم الإعلاميين والصحفيين ليس بمنحهم أموالا أو إتاوات كما يفعل البعض، ولكن بتوفير المعلومة لهم والتعامل معهم كأفراد فاعلين في هذا المجتمع، وليسوا كأعداء.
يجب أن تتغير نظرة المسؤولين إلى الصحفيين بأنهم أعداء لهم، كل واحد في هذا المجتمع يؤدي وظيفته في إطار القوانين التي تحكمنا جميعا، ومن اجل تقدم البلاد وازدهارها لابد من التعاون المثمر بين كل القوى الفاعلة فيه، ومنها طبعا رجال ونساء الإعلام والصحافة.

في مجال الإعلام يكثر ما يسميه البعض بـ”النجارة”  أي المتطفلين على الميدان، الذين يسترزقون منه بأساليب خسيسة ومتنوعة، كيف تنظرون إلى هذه المسألة؟
أنا أقول دائما بان أكثر مهنة تتعرض للإغتصاب يوميا، هي مهنة الصحافة، أصبح كل من هب ودب يُصدر جريدة ويصبح مديرا بين عشية وضحاها، فيبدأ في مسيرة الإسترزاق، يجب أن يتوقف هذا الأمر، ويجب على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في إرجاع الهبة لمهنة الصحافة، والدولة بطبيعة الحال تساعد بشكل فاضح في بقاء الحال على ما هو عليه، بحيث لا تضع شروطا معينة للحصول على ترخيص جريدة مثلا، يجب أن توضع دفاتر تحملات واضحة لكل من يريد أن يصدر جريدة، وأيضا لابد من التوفر على مستوى تعليمي محترم لكي يكون لديك الحق في إصدار جريدة، وهنا أعتقد أن إبقاء منح التراخيص في يد المحكمة أمر غير صحي وغير أخلاقي، لان هذا الأمر يصور الصحفي دائما في ذهن الدولة انه مجرم حتى يثبت العكس.
لابد من تنقية مجال الصحافة من الدخلاء عليه، ويجب أن تقوم الدولة بخطوات حقيقية في هذا المجال، ومن هذا المنبر أدعو الأستاذ والصديق مصطفى الخلفي وزير الإتصال إلى التحرك من اجل إعادة الإعتبار لمهنة الصحافة و
للمشتغلين فيها.

يجد كثير من الصحفيين والمراسلين صعوبات جمة في الوصول إلى مصادر المعلومات، بحكم التكتم الشديد للإدارات عليها والخوف من تسريبها، وبحكم غياب منهجية واضحة لكيفية تسويق منتوجها التنموي والاجتماعي؟

من المشاكل التي نعانيها في المغرب، ان الإدارات والمؤسسات التابعة للدولة، أغلبها لا يتوفر على مسؤولين عن التواصل والعلاقات العامة، يجب ان تنتقل إداراتنا إلى مستوى أرفع وتعين مسؤولين حقيقيين عن التواصل والعلاقات العامة، حتى يجد الصحفيون من يخاطبهم عند حلولهم بهذه المؤسسات، كما يجب على الدولة من جديد وكل الفاعلين في مجال الإعلام والصحافة أن يعملوا على استصدار قانون الحق في الحصول على المعلومة الذي نص عليه الدستور المغربي الجديد، تنظيم الحق في الحصول على المعلومة سيجعلنا نتقدم لا محالة، حيث ستغيب كل وسائل التهديد والترغيب والترهيب التي نعاني منها كصحفيين عندما نلج إدارة ما أو مؤسسة معينة من اجل الحصول على معلومات معينة، هذا إذا أردنا فعلا أن نرقى إلى مستوى الدول الديمقراطية التي تعتبر فيها الصحافة حقيقة سلطة رابعة، تمارس دورها بكل فعالية ومهنية وقانونية.

ما تقييمكم لمستوى الإعلام الالكتروني، وتأخر الدولة في إخراج قانون مؤطر لها؟
الإعلام الإلكتروني أصبح واقعا الآن، وأصبح ملحا أكثر من أي وقت مضى، ويجب التحرك سريعا من اجل إخراج قانون يؤطر هذا الحقل الذي جاء نتيجة للإنفجار التكنولوجي الذي عرفه العالم في السنوات الأخيرة، الإعلام الإلكتروني يتخبط الآن في عدد من المشاكل العويصة والمركبة، أهمها المشتغلون فيه، فكما في الصحافة المكتوبة الورقية، تُسيطر جيوش من الأشخاص غير المهنيين وغير المكونين على هذا المجال، فقط نجد بعض الإستثناءات هنا آو هناك دون أن يكون لها تأثير في تغيير هذه الصورة التي عليها الآن الصحافة الإلكترونية، لابد من التحرك العاجل، وهنا لابد من الإشادة بالخطوة التي قامت بها وزارة الإتصال في تنظيم اليوم الدراسي حول الصحافة الإلكترونية قبل أشهر، ولكن تلزم خطوات أخرى كبيرة، وأهمها على الإطلاق إصدار قانون ينظم هذا المجال، ووضع ضوابط للإشتغال فيه، وإلا ستعم الفوضى وستنشر الإشاعات كأنها أخبار، وتنتهك أعراض الناس بالباطل، واكبر الخاسرين في كل هذا مهنة إسمها مهنة الصحافة.

في هذا الشهر الفضيل ما الذي تريدون قوله لقراء تيزنيت 24؟

أنا دائما لا أميل إلى توجيه النصائح لأحد، ولكن توجيه واحد أقوله دائما لكل من أصادفه، هو ضرورة الرجوع إلى القراءة، يجب العودة إلى خير جليس في الزمان الذي هو الكتاب، فمالك بن نبي المفكر الجزائري الكبير يقول ” امة لا تقرا تموت قبل أوانها”، فلنقرأ لنرتقي.

مسك الختام، ما رأيكم في :

–   تيزنيت 24
موقع متميز متابع للشأن المحلي والإقليمي بشكل دقيق، من خلال تصفحي له اعتقد جازما انه سيقول كلمته في المستقبل القريب، لأنه تفوح منه رائحة المهنية والعمل الصحفي الحقيقي، فهنيئا لتزنيت بهذا المولود الإعلامي المتميز، وهنيئا للقائمين عليه على مهنيتهم وعملهم الدؤوب.
–    المجتمع المدني بتيزنيت؟
دائما ما تصلني أصداء المجتمع المدني في تزنيت، هناك أعمال كبيرة تنجز، ولكن دائما المدينة والإقليم في حاجة إلى مؤمنين حقيقيين بالعمل الجمعوي، همهم هو العمل على أن تتبوأ المدينة مكانتها ضمن مدن المملكة، وهذا لن يتأتى إلا بتنظيم أيام دراسية ودورات تكوينية وغيرها من الأنشطة التي ترفع في مستوى المشتغلين في العمل المدني، وتساعد الأشخاص الذين ضحوا بالغالي والنفيس من اجل المدينة وسمعتها ومكانتها، والذين يستحقون كل التقدير والتكريم.
–    مول البيكالة؟
هذا المجرم يجب أن يقع في يد العدالة، ويجب على السلطات والمجتمع المدني العمل على الإيقاع به، لأن ما يقوم به غريب جدا عن تزنيت وعن أهلها المتسامحين، ويجب ان يأخذ قصاصه وجزاءه جراء تعديه على فتيات لا ذنب لهن سوى أنهن خرجن للتسوق أو للتنزه أو للعمل، وأمر الإمساك به يجب أن يكون سريعا حتى يزول الهلع الذي يسيطر على المدينة.

كلمة اخيرة
أجدد شكري وتقديري للقائمين على هذا الموقع الرائع، واتمنى لكم مزيدا من العطاء والإبداع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق