خطة بلمختار لإصلاح المنظومة التعليمية 

بلمختار

“مدرسة جديدة من أجل مواطن الغد” هو الشعار الذي اختاره الوزير رشيد بلمختار بمعية طاقمه الإداري والتربوي لهذا الموسم. مصادر اعتبرت الشعار بمثابة إقرار بفشل مختلف البرامج السابقة أو ضعف نتائجها، حيث تم تسجيل العديد من الاختلالات التي تلامس منظومة التربية والتكوين وهي الاختلالات التي عرضها أخيراً وزير التربية الوطنية والتكوين المهني بنفسه أمام المجلس الحكومي، الذي كان مناسبة أيضا للاطلاع على خطة بلمختار لإصلاح المنظومة والرؤية المستقبلية للوزارة في أفق 2030. 
مرجعيات أساسية
الوزير بلمختار أكد على أن السياق العام المصاحب لخطته الإصلاحية يتجلى في دستور المملكة الذي كرس التعليم كحق من الحقوق الأساسية للمواطنين، داعيا إلى تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب الاستفادة العادلة من الحق في الحصول على تعليم عصري وميسر الولوج وذي جودة، كما أكد الدستور نفسه -وفق بلمختار- على أن التعليم الاساسي حق للطفل وواجب على الاسرة والدولة. أيضاً من بين المرجعيات التي اعتمد عليها الوزير خطابات الملك محمد السادس التي دعا من خلالها إلى تقييم منجزات الوضع الراهن لقطاع التربية والتكوين وتحديد مكامن الضعف والاختلالات مع اعتماد النقاش الواسع والبناء في مقاربة قضايا التربية والتكوين، وأيضا التي دعا فيها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لإعادة النظر في منظور ومضمون الإصلاح وفي المقاربات المعتمدة والانكباب على القضايا الجوهرية للتعليم، وكذا دعوة القطاعات المعنية إلى مواصلة برامجها الإصلاحية دون توقف أو انتظار، مع التأكيد على ضرورة تجاوز الخلافات الإيديولوجية التي تعيق الاصلاح واعتبار العنصر البشري هو الثروة الحقيقية للمغرب وأحد المكونات الأساسية للرأسمال غير المادي.
ولم يغفل بلمختار التذكير بالاعتماد على الميثاق الوطني للتربية والتكوين كوثيقة مرجعية متوافق عليها لإصلاح التعليم والبرنامج الحكومي في شقه المتعلق بالتربية والتكوين، بالإضافة إلى إرساء المجلس الأعلى وفق الدستور الجديد وانخراطه في سلسلة من الأعمال لتقييم حصيلة تطبيق الميثاق الوطني.
لقاءات تشاورية
عملت وزارة التربية الوطنية، حسب الوزير، على تنظيم لقاءات تشاورية مع مختلف الفاعلين والمتدخلين، وذلك بهدف رصد الاختلالات الاساسية للمنظومة التربوية في مختلف المجالات وفق منظور يتجاوز حدود الوقوف عند تحديد الاختلالات ليشمل ما هو أهم من خلال توفير تحليل موضوعي للأسباب الكامنة وراء إخفاقات المنظومة التربوية، مع ضرورة التعرف على انتظارات جميع الفئات المستهدفة وبلورة اقتراحات عملية لتجاوز الوضعية الحالية للمدرسة المغربية ورسم مشروع تربوي على المدى القصير والمتوسط والبعيد. وحسب الوزير فقد بلغ عدد المشاركات والمشاركين في هذه المشاورات ما يقارب 120 ألف مشاركة ومشارك شكلت الإناث من بينهم 31% والتلميذات والتلاميذ 7%، فيما بلغ عدد المؤسسات المستهدفة ما يفوق 6000 مؤسسة تعليمية شكلت منها مؤسسات الوسط القروي 48% ومؤسسات التعليم الخصوصي 15%.
اختلالات ونقائص
أقر الوزير بوجود اختلالات في مجالات مختلفة منها ما هو بيداغوجي ك”نظام التقييم ونظام الإشهاد، التعلمات الاساس، التحكم في اللغات، الكتب المدرسية، الإعداد للاندماج في الحياة المهنية”. وفي مجال العرض المدرسي “التعليم الاولي، تعميم التمدرس، ظروف استقبال التلاميذ،الهدر المدرسي”، وكذا مجال الموارد البشرية، حيث تم تسجيل اختلالات في التكوين لمهن التربية وفي جهاز تأطير وتقييم المدرسين، بالإضافة إلى إشكالية الحكامة، حيث هناك ملاحظات على الجهاز التنظيمي وفي نظام التدبير واللامركزية وكذا في سلسلة التدبير وتعبئة الفاعلين المحليين..
رؤية 2030
حددت الوزارة خمسة محاور للأهداف الأساسية لرؤية الإصلاح 2030، هي دعائم انتماء وأسس المعرفة ثم ركيزة بناء الرأسمال الاجتماعي والفرد والطموح الى الهناء وكذا الحاجيات الاقتصادية وتنمية البلاد، على أن يتم تصريف هذا الأهداف حسب الفئة العمرية (5-4)،(6-9)،(10-14)،(15-17)،(18-19) وتحويلها (أي الأهداف) إلى أهداف للتربية والتكوين على أن تضم مكونات معرفية وعاطفية وقدراتية وسلوكية وقيمية ومكونات تخص النمو الجسدي، مع تمكن التوجيه التدريجي لمسارات اختيارية ابتداء من السلك الإعدادي (التعليم العام والإعداد للمهن).
كما اقترحت الوزارة تجميع مؤسسات التربية والتكوين في شبكات مندمجة تساهم في إرساء عرض تربوي متنوع، وخلق نماذج مختلفة تساير اختلاف السياق السوسيو-ثقافي الجهوي (القروي، الحضري، شبه حضري..)، عبر إمكانية التكييف الجزئي للمناهج والمقاربات البيداغوجية والتنظيم المدرسي والموارد البشرية، بالإضافة إلى إرساء حكامة ناجعة بمسؤولية مشتركة، وكذا خلق شبكات وحدات الدعم التربوي تهدف إلى تأطير وتنشيط وتكوين المدرسين في مجموعات وتغطية مناطق تربوية منسجمة وكذا تفعيل مستمر للتجديد التربوي والتكييف مع السياق.
التدابير ذات الأولوية
يقترح بلمختار عددا من التدابير ذات الأولوية وفق تسع محاور يهدف أولها إلى التمكن من التعلمات الاساسية عن طريق وضع منهاج جديد للسنوات الاربع الاولى من الابتدائي والرفع تدريجيا من عتبات الانتقال الى الأسلاك التعليمية من اجل الوصول الى الحد الأدنى كن المعارف الاساسية الضرورية للنجاح في السلك الموالي،فيما المحور الثاني يشدد على تقوية اللغات الأجنبية بالثانوي للاعدادي وتغيير نموذج التعليم مع تنويع المسارات ودعم التمكن من اللغات الأجنبية عبر تدريس بعض المواد في المسالك الدولية للباكالوريا المغربية. المحور الثالث يتحدث -وفق الوزير- عن دمج التعليم العام والتكوين وتثمين التكوين المهني عن طريق اكتشاف المهن وأحدث مسار مهني جديد بالاعدادي لفائدة التلاميذ الحاصلين على الشهادة الابتدائية وخلق الباكالوريا المهنية وربطها بسوق الشغل ثم التوجيه نحو التكوين المهني،في حين يضم المحور الرابع مسألة الكفاءات العرضانية والتفتح الذاتي وذلك بتحفيز التفتح واليقظة عند التلاميذ وتشجيعهم على إبراز مواهبهم وتطوير روح المبادرة والمقاومة.
أما المحور الخامس، وفق المسؤول الحكومية، فيتمثل في تحسين العرض المدرسي بتأهيل المؤسسات التعليمية والتخفيف من الاكتظاظ بالأقسام الدراسية والرفع من العرض المدرسي عبر شراكات عمومي وخصوصي، مع تنظيم قطاع التعليم الأولي وتحسين جودة الخدمات المقدمة من طرف مختلف المتدخلين.
الموارد البشرية
خطة الوزير ضمت أيضا العنصر البشري حيث شدد المحور السادس على ضرورة التأطير عن قرب “التكوين عبر الممارسة”، وذلك بإحدث جهاز للتأطير المستمر لفائدة المدرسين للرفع من مستوى أدائهم داخل الأقسام الدراسية، والرفع من مستوى كفاءة المدرسين وذلك بإعادة النظر في التكوين الأساس للمدرسين، كما تضمن المحور السادس الحكامة الحيدة وذلك فيما يتعلق بتعزيز القدرات التعبيرية للمؤسسات واستكمال اللامركزية الفعلية وإعداد نظام أساسي جديد لموظفي القطاع يمكن من تدبير محكم للموارد البشرية. دون إغفال النزاهة بالمدرسة والمتضمنة في المحور الثامن الخاص بتخليق الحياة المدرسية، وذلك بمحاربة العنف والغش والممارسات المشينة كالساعات الإضافية وتغيب المدرسين، فيما ركز المحور التاسع على تثمين الرأسمال البشري وتنافسات المقاولة.
 

خالد السطي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق