اليحياوي: نحذر من استعمال عبارات فضفاضة في تنزيل الحق في الوصول إلى المعلومة

قبل أن يتم التنصيص عليه في الدستور الحالي، دون أي تدابير وممارسات ملموسة لتفعيله في انتظار ما ستفرج عنه الحكومة من إجراءات تنظيمية.
في انتظار ذلك، فإن الإعلاميين المغاربة لا يجدون صعوبة فقط في الحصول على المعلومة من مصدرها، نتيجة التحفظ والتوجس الذي نجم عن محاكمات تم الإعلان عنها تحت طائلة السر المهني، بل إن البحث عن المعلومة بشكلها المباشر يتحول في كثير من الأحيان إلى اعتداءات جسدية في حق الصحافيين، خاصة خلال تغطية بعض الوقفات الاحتجاجية بحكم أن هراوات القوات العمومية لا تميز -بشكل يكون متعمدا في بعض الأحيان- بين المحتجين والإعلاميين، الذين تكون مهمتهم هي نقل حقيقة الأحداث وتقصي الأخبار من مكانها.
الحق في المعلومة- إلى الآن- لايزال مجرد إعلان نوايا حسب يحيى اليحياوي، الخبير الإعلامي، الذي أكد أن الآونة الأخيرة تميزت بكثرة الأوراش واللقاءات حول هذا الحق بعد أن تم الحجر عليه لعقود، وأشار إلى أن الواقع المغربي لم يعرف أي تغيير باستثناء المعطى الجديد المتمثل في التنصيص على هذا الحق ضمن الدستور الحالي.
وأشار اليحياوي إلى أن الحق في المعلومة مطلب قديم تبناه الصحافيون والباحثون وأيضا المواطنون وهو ما أشار إليه في دراسة أنجزت سنة 1998 لفائدة ترانسبرنسي، حيث أكد أن الحل للقطع مع الإشاعات والمعلومات الخاطئة والمزايدات يمر عبر وضع قانون أسمى يضمن الوصول إلى المعلومة، وهو إجراء يراه ضروريا ما دام الكل يتحدث عن الحكامة والشفافية والمسؤولية.
واعتبر اليحياوي أن المغرب في أمس الحاجة إلى هذا القانون، الذي سيتيح للمواطن والإعلامي والباحث حق الاطلاع على الأرشيفات في المؤسسات العمومية وغيرها، إما لتوظيف ما فيها من معلومات أو من أجل الاطلاع فقط.
وحذر اليحياوي من اللجوء إلى نص فضفاض في تنزيل الحق في الوصول إلى المعلومة، وقال إن ذلك ينبغي أن يمر عبر لجنة متعددة الاختصاصات تبتعد عن المسائل الهلامية والنصوص العامة والفضفاضة، التي تفتح المجال للتأويل الذي يعد حسب اليحياوي أكثر خطرا من النص الواضح، وهي اللجنة التي ينبغي أن تحدد بدقة طبيعة الوثائق التي يمكن الاطلاع عليها وآجال التقادم التي ستتيح الاطلاع على الأرشيفات، وكذا من يحق له تقديم المعلومة، هل هو الوزير أم المسؤول أم من يملك التفويض بذلك؟
كما أشار إلى أن تنزيل الحق في الوصول إلى المعلومة يرتبط أيضا بعدة مسائل إجرائية، من بينها ضرورة إعادة النظر في بعض الفصول القانونية ومنها إفشاء السر المهني، وشدد على ضرورة تحديد مفهوم الحق في الوصول إلى المعلومة بدقة، وكذا تحديد الخطوط الحمراء التي يتعين عدم تجاوزها حيث نعرف ما لنا وما علينا، وذلك من خلال توضيح طبيعة المعلومات التي من شأنها المس بأمن الدولة الداخلي أو النظام العام، مؤكدا أن الإرادة والسعي نحو تطبيق هذا الحق من شأنه القطع مع الإشاعة التي تعد أمرا خطيرا، وقال «ما معنى أن يتم الاعتماد على بعض وسائط الاتصال والمواقع الاجتماعية في صياغة أخبار قد يكون لها تأثير قوي دون أن تكون لها مصداقية»، مشددا على أن وجود قانون للحق في المعلومة من شأنه أن يضع الإعلام المغربي في طريق صحيح يجنبه الانزلاق في بعض الممارسات التي يفرضها السعي نحو الخبر في محيط تنعدم فيه المعلومة، كما سيمكن من الخروج من دائرة السرية التي تدفع بها الدولة.
ورغم أن الحكومة أعلنت في أكثر من مناسبة عزمها على تفعيل هذا الحق فإن تطبيقه لن يكون سلسا، حسب اليحياوي، الذي أشار إلى أن البداية ستعرف نوعا من التلكؤ والتردد، قبل أن يتساءل عن جدوى إصرار الدولة المغربية على مركزة المعلومات، في الوقت الذي تتوفر فيه عدد من الدول العربية على قانون يكفل الحق في الوصول إلى المعلومة ومنها تونس والأردن ولبنان.

وكالات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق