مجلس النواب يصادق على مقترح أعمو الذي ينصف ضحايا الاغتصاب من مغتصبيهم

أوعمو

شهد الأسبوع الماضي، حدثا متميزا، لكنه مر في زحمة بعض الأحداث التي، كانت ربما أكثر إثارة، لكنها لم تكن أكثر جدوى من حادث مصادقة مجلس الناب بالإجماع على مقترح قانون يقضي بتعديل الفصل 475 من القانون الجنائي.

هذا الفصل الذي ظل مثيرا للجدل، وظل ملطلبا جوهريا للحركة النسائية والحقوقية بمختلف مكوناتها، بالنظر إلى كونه كان يبيح للمغتصب تزويج المغتصبة، وكأنه نوع من المكافئة على جريمة في حق المرأة، اعتبر انتصار للمجتمع برمته، لأنه أقر مبدأ عدم الإفلات من العقاب.
التعديل الذي صادق عليه مجلس النواب بالإجماع، كان من اقتراح النقيب عبد الطيف أعمو عن فريق التحالف الاشنراكي (التقدم والاشتراكية) بمجلس المستشارين قبل أن يحال على مجلس النواب، حيث تم بموجب هذا التعديل منع المغتصب من تزويج المغتصبة، وذلك بحذف الفقرة الثانية من هذا الفصل التي كانت تنص على أن “القاصرة التي اختطفت أو غرر بها، إذا كانت بالغة وتزوجت من اختطفها أو غرر بها فإنه لا يمكن متابعته إلا بناء على شكوى من شخص له الحق في طلب إبطال الزواج، ولا يجوز الحكم بمؤاخذته إلا بعد صدور حكم بهذا البطلان فعلا”.
وتنص الفقرة الأولى من التعديل ذاته أن من “اختطف أو غرر بقاصر تقل سنه عن ثمان عشرة سنة بدون استعمال عنف ولا تهديد ولا تدليس أو حاول ذلك، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم”.
وبهذا التصويت، يكون المشرع المغربي، قد وضع حدا للجدل الذي ظل طاغيا على الساحة وفي الأوساط الحقوقية والحركة النسائية عموما، منذ ثمانينيات القرن الماضي، والذي اشتد بالخصوص، خلال قضية المرحومة آمنة الفيلالي التي زوجت عنوة من مغتصبيها، قبل أن تنتحر وتضح حدا لحياتها سنة 2011، وهي القضية التي أثارت جدلا وسعا داخل الوطن وخارجه، حول هذا الفصل 475 المشؤوم، وارتفعت الأصوات النسائية والحقوقية مطالبة بإسقاطه.
وكانت الفتاة التي تتعرض للإغتصاب، ترغم على تزويج مغتصبيها، لاعتبارات وذرائع ثقافية بالية من قبيل “الخوف من الفضيحة” “الستر” وهي كلها كليشيهات مسبقة، ملتصقة بطبيعة المجتمع ونظرته الدونية للمرأة التي يحولها من ضحية إلى مجرمة، مما كان يثير حفيظة عدد كبير من المنظمات الحقوقية، وغضب الهيئات النسائية وكان يتسبب في انتحار عدد كبير من الفتيات اللواتي وجدن أنفسهن ضحية تشريع غير عادل يرسخ قيم الميز ودونية المرأة والخدش في كرامتها.
وكان عبد اللطيف أعمو صاحب هذا المقترح، قد أثث له بما يكفي من من المبررات الحقوقية والقانونية والاجتماعية بجانب المعطيات الاحصائية، إضافة إلى ما تستلزمه التزامات المغرب في إطار المعاهدات والمواثيق الدولية، وما تقتضيه إصلاحات البلاد من ضرورة تطوير منظومة قوانينه تحصينا ودعما لموقفه التفاوضي في مختلف مجالات علاقاته الدولية مع شركاءه.
وبالنظر إلى أهميته المجتمعية، فقد ارتأت الحكومة أن تبادر إلى تتميم مقترح القانون بتعديل من طرفها يسعى إلى تشديد العقوبة كوسيلة لحماية القاصرين، فأضافت ثلاث فقرات تتعلق الأولى بمضاعفة العقوبة الحبسية إذا ما ترتب عن الاختطاف أو التغرير علاقة جنسية، ولو برضى القاصر أو هتك العرض المنصوص عليه في الفصل 488 من القانون الجنائي، برفع العقوبة القصوى إلى 10 سنوات.
أما الفقرة الثانية فتتعلق بتطبيق العقوبات المنصوص عليها في الفصلين 485 في فقرته الثانية والفصل 486 في فقرته الثانية – حسب الأحوال- إذا ترتب عن الاختطاف أو التغرير هتك العرض بالعنف أو الاغتصاب، أي تحديد العقوبة بالسجن من عشر إلى عشرين سنة ، فيما تتعلق الفقرة الثالثة بالحالة التي ينتج فيها وقوع الافتضاض في حق المجني عليها، فإن العقوبة تصل إلى ثلاثين سنة سجنا.
محمد حجيوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق