رؤية هلال ذي القعدة وذي الحجة 1442هـ بين الشرق والغرب الاسلامي

 

ذ.خليل بن محمد أجبابدي- تيزنيت المملكة المغربية أستاذ وباحث مهتم بعلم التوقيت والتعديل

رؤية هلال ذو القعدة 1442هـ:

لنعتبر رؤية الهلال لمدينة الداخلة بأقصى الصحراء المغربية، طولها:15درجة 59دقيقة وعرضها:23درجة 42دقيقة، ولمكة المكرمة (طولها: 39درجة 50دقيقة وعرضها:21درجة 28دقيقة).

كان الاجتماع يوم الخميس 10يونيو2021م على الساعة 10 صباحا و54دقيقة بتوقيت غرينتش، ولما كانت ساعة اجتماع الشمس والقمر عالمية، أي تقع في لحظة واحدة، فإنها كانت بالنسبة لمكة المكرمة على الساعة الواحدة و54دقيقة بعد الزوال، بفارق 3ساعات، وهذا الفرق هو باعتبار الفضل بين التوقيتين الإداريين، وليس الفضل بين طول المدينتين.

وكان غروب الشمس بمكة المكرمة لهذا اليوم على الساعة: السابعة وثلاث دقائق بتوقيت مكة المكرمة، فكان عمر الهلال وقتها تقريبا 5ساعات وتسع دقائق.

بينما عمر الهلال مغرب الشمس ليوم الخميس 10يونيو2021م بمدينة الداخلة كان 8ساعات و58دقيقة.

ومن المعلوم أن:

أقل مدة لعمر الهلال تمت فيه رؤيته بالعين المجردة كانت: 15ساعة و22دقيقة وتم رصدها يوم 25فبراير سنة 1990 من قبل الراصد بييرس، وبالنسبة لمن يعتمدون استعمال آلات التيلسكوب أو المرقاب، فقد كانت أقل مدة لعمر الهلال تمت فيه رؤيته بآلة التقريب 13ساعة و14دقيقة.

لذا في كلتا الحالتين هو قليل جدا مقارنة مع أقل المُدد لرؤيته بالعين المجردة أو باستعمال المرقاب.

حدود الرؤية بالنسبة لمدينة الداخلة بالصحراء المغربية:

يوم الخميس 10يونيو2021م، عند غروب الشمس بمدينة الداخلة كان:

  • عمر الهلال: 8ساعات 54دقيقة
  • مكث الهلال: 17دقيقة
  • ارتفاع الهلال: 2درجات 36دقيقة
  • قوس الرؤية: 4درجات 19دقيقة
  • قوس النور: 4درجات 18دقيقة

وبعد 20دقيقة من غروب الشمس، كان:

  • بعد السواء: 4درجات 16دقيقة
  • البعد المعدل: 4درجات 34دقيقة
  • دقائق النور: 17دقيقة

وإذا نظرنا إلى هذه المعطيات، وجدنا أن كل الضوابط ناقصة (باعتبار حدود أوجه الحكم برؤية الهلال من عدمها حيث لدينا القيمة الدنيا المعتبرة لحد قوس النور 10درجات وللمكث 48دقيقة ولارتفاع الهلال 7درجات).

وبالتالي الرؤية كانت ممتنعة بمدينة الداخلة المغربية، وكان فاتح ذي القعدة 1442هـ هو يوم السبت 12 يونيو2021م.

واعتبارا لكل ما سبق إيضاحه حول، الاجتماع وعمر الهلال وحدود الرؤية بالنسبة لمدينة الداخلة بالصحراء المغربية، وبناءا على أنه:

“من المعلوم ضرورة عند جميع الفلكيين أن الاجتماع يقع في آن واحد من الزمان، وأن رؤية الهلال في جهة الغروب عشية، إنما تقع بعد الاجتماع، والخروج من الشعاع، وأن الغروب في البلاد الشرقية، يتقدم على الغروب في البلاد الغربية،…، وأن حدود الرؤية وقت غروب البلاد الشرقية تكون أنقص من حدود الرؤية، وقت غروب البلاد الغربية، وخصوصا مع التقارب في العرض (الفرق بين عرضي مكة المكرمة والداخلة المغربية 2درجات 14دقيقة)، وأنه كلما كانت الحدود أكثر، تكون رؤية الهلال أظهر.

لهذه المقدمات المتفق عليها، يكون تقدم المشارقة على المغاربة، باعتبار الرؤية البصرية مستحيلا قطعا، عند جميع الفلكيين”(ابن عبد الرازق، العذب الزلال في مباحث رؤية الهلال، الجزء 1 ص:16، الطبعة الأولى 2002).

ولقد علمنا سابقا أن حدود الرؤية ناقصة جدا بمدينة الداخلة المغربية وقت غروب الخميس 10يونيو2021م، وهي قطعا أنقص وأقل بمكة المكرمة وقت الغروب بها لنفس اليوم.

النتيجة:

الرؤية ممتنعة الخميس 10يونيو2021م بالمغرب، وهي أكثر استحالة بالبلدان الشرقية.

وفاتح ذي القعدة 1442هـ كان بالضرورة في كلا البلدين يوم السبت 12يونيو2021م. وهو ما اعتمدته المملكة المغربية، غير أن بعض دول المشرق الاسلامي بدأ ذو القعدة عندها مبكرا يوم الجمعة 11يونيو2021م. وهو حكم لا يثبت لا شرعا بحكم أن الرؤية مستحيلة يوم الخميس 10يونيو، ولا فلكيا لأن الهلال لازال غارقا في شعاع الشمس تستحيل رؤيته بكل من العين المجردة والمرقاب، أكثر من ذلك الاقتران الواقع هذا اليوم تزامن مع الكسوف الحلقي للشمس.

رؤية هلال ذي الحجة 1442هـ:

ستتم مراقبة رؤية الهلال، بالمغرب إن شاء الله، يوم السبت 10يوليوز 2021م الموافق لـ29ذو القعدة 1442هـ. وفلكيا سيكون الاقتران في نفس اليوم على الساعة 1 و18دقيقة بعد منتصف الليل.

حدود الرؤية بالنسبة لمدينة الداخلة بالصحراء المغربية:

يوم السبت 10يوليوز 2021م الموافق لـ29ذو القعدة 1442هـ، عند غروب الشمس بمدينة الداخلة سيكون:

  • عمر الهلال: 18ساعات 37دقيقة
  • مكث الهلال: 43دقيقة
  • ارتفاع الهلال: 7درجات 50دقيقة
  • قوس الرؤية: 9درجات 34دقيقة
  • قوس النور: 9درجات 42دقيقة

وبعد 20دقيقة من غروب الشمس، سيكون:

  • بعد السواء: 9درجات 5دقائق
  • البعد المعدل: 10درجات 27دقيقة
  • دقائق النور: 39دقيقة

وإذا نظرنا إلى هذه المعطيات، وجدنا أن كل الضوابط ناقصة، وبالتالي الرؤية ستكون عسيرة جدا، وسيكون فاتح ذي الحجة 1442هـ هو يوم الاثنين 12 يوليوز 2021م، وعيد الأضحى يوم الأربعاء 21يوليوز، إن شاء الله.

بالنسبة للمملكة العربية السعودية:

الموافق لـ29ذو القعدة 1442هـ بالسعودية سيكون: يوم الجمعة 9 يوليوز 2021م، وهو اليوم الذي يُفترض فيه تحري رؤية الهلال، غير أنه فلكيا لن يكون الاقتران إلا اليوم الموالي السبت 10يوليوز 2021م على الساعة 4 و18دقيقة بعد منتصف الليل.

فكيف يعقل تحري رؤية الهلال قبل اجتماعه بالشمس؟

وهذا دليل قطعي على أن فاتح ذي القعدة، بالسعودية،  كان يوم السبت 12يونيو2021م وليس 11 يونيو كما أُعلن رسميا.

السؤال المطروح:

بما أن المسألة تتعلق بموسم الحج وما يتضمنه من شعائر مرتبطة بضبط تواريخها (الوقوف بعرفة ويوم عيد الأضحى):

هل سيُتعامل مع فاتح ذي الحجة في الديار السعودية كما تُعومل مع فاتح رمضان لسنتنا 1442هـ؟

حيث رُصد الهلال يوم الأحد 11أبريل (الموافق لـ29شعبان بالسعودية 28 منه بالمغرب) وذلك قبل الاقتران، فتعذرت بذلك الرؤية، وهو أمر منطقي، ثم أعيد تحري الرؤية يوم الإثنين 12أبريل، مع أنه الموافق بالسعودية لـ30شعبان (؟؟؟!!!!) بعذر أن دخول شهر شعبان لم يكن قد ثبت مساء يوم 29 رجب. والطريف أنه حتى يوم الاثنين 12أبريل 2021 الرؤية متعذرة قطعا بالعين المجردة وبصعوبة يُرى بالمرقاب فقط في أقصى غرب إفريقيا والأمريكيتين.

أم سيُعلن فاتح ذي الحجة يوم الأحد 11 يوليوز 2021م ؟ مع أن الرؤية، يوم السبت 10يوليوز، ستكون عسيرة جدا بمدينة الداخلة أقصى غرب الدولة المغربية، فما بالك بالجزيرة العربية.

ويجب عدم نسيان ما سيترتب عن إعلان فاتح ذي الحجة في كل المشرق الاسلامي ومغربه، من إنقسام في تعيين يوم عيد الأضحى، لدى المسلمين في الدول الأوربية مثلا. فنعود هنا إلى إثارة مسألة نقل الرؤية ومقدار البعد المفرط الذي لا تصح معه نقل الرؤية وهو كما فصَّله العلامة ابن عبد الرازق في كتابه ‘العذب الزلال في مباحث رؤية الهلال’ 2226كيلومتر، والمسافة بين إسبانيا (المحاذية للمغرب، مثلا) والجزيرة العربية  تقريبا 5000كيلومتر، أي أكثر من ضعف المسافة المسموح فيها النقل (فنقل الرؤية من المغرب أولى على هذا الأساس).

أخيرا وليس آخرا:

هذا موضوع، أثار ولا يزال، تعجب وقلق واستنكار كل مهتم بهذا العلم الشريف وما يتعلق به من ضبط الشعائر الدينية، وأسال الكثير من المداد قديما وحديثا.

فليث كل الدول الإسلامية والهيئات العلمية تنقل أحداث مراقبة الهلال مباشرة على التلفاز وتعتني بذلك أشد العناية، أكثر من عنايتها بنقل مباريات كرة القدم التي تنقلها بالتحليل والتدقيق والإعادة، وترصد لهذه الرياضة (وبالأحرى التجارة بعقول الشعوب) ملايين الدولارات والأطر والأقمار الصناعية وشركات الاشهار العالمية.

أم أن “الكرة” أولى بالعناية من مراقبة الأهلة، خاصة هلال رمضان لضبط الصيام، وهلال ذي الحجة لضبط الحج.

وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ“.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق