مداخلة بنواري في مناقشة مشروع قانون رقم 33.13 المتعلق بالمناجم

بنواري

مداخلة النائب لحسن بنواري

عضو الفريق الاشتراكي بمجلس النواب باسم فرق المعارضة

في مناقشة مشروع قانون رقم 33.13 يتعلق بالمناجم

(الجلسة العامة ليوم الأربعاء 04 فبراير 2015)

 

السيد الرئيس،

السيد الوزير،

السيدات والسادة النواب المحترمون،

        

يعتبر قطاع المعادن من القطاعات الحيوية بالمغرب والتي تساهم ب 10 % في الناتج الداخلي الخام، كما توفر للبلاد نسبة لابأس بها من إيرادات العملة الصعبة، ومجالا حيويا في تنشيط الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل قارة تقدر بعشرات الآلاف.

 

كما تتميز بلادنا بتنوع تشكلاتها الجيولوجية التي تسمح لأراضيه بأن تحتضن ثروات معدنية متنوعة، تشهد عليها الاستغلاليات المنجمية المسجلة على الحدود الوطنية من طرف البلدان المجاورة جنوبا وشرقا. غير أن ضعف التخريط الجيولوجي والجيوكيميائي لبلادنا ساهم إلى حد بعيد في عدم إقبال المستثمرين الوطنيين والأجانب على الاستثمار في هذا القطاع، كما أن الاستثمارات والاستغلاليات المنجمية الحالية عبر ربوع المملكة وخاصة في المناطق الجنوبية والجنوبية الشرقية، لا ترقى إلى مستوى الاستغلال العقلاني الذي يستحضر جانب الاستدامة لمختلف الموارد الطبيعية بالمنطقة، بالإضافة إلى غياب البعد التنموي في التراخيص لهذه المناجم حيث لا تستفيد المناطق المنجمية ولا ساكنتها من مردود هذه المناجم ولو جزئيا، بل بالعكس من ذلك يتم تخريب البنيات التحتية للمنطقة كما يتم تدمير الأوساط الطبيعية وصحة المواطنين بها.

 

وفي الجانب التشريعي تتسم النصوص المنظمة لهذا القطاع بالقدم حيث يرجع القانون الحالي للمعادن إلى 16 أبريل 1951، كما يتسم بوجود تشريعات عدة، بعضها خاص بالفوسفاط وآخر بالهيدروكربونات، ناهيك عن وجود فراغات لبعض المجالات كالعينات المعدنية، والمستحثات والنيازك والتجاويف وغيرها… .

 

أمام هذا الوضع كنا ننتظر من الحكومة أن تأتينا بإصلاح شامل للقطاع يتمثل في إصدار مدونة المعادن والمناجم، تقوم بتحيين النصوص القديمة، وتجميع النصوص المتفرقة، وتغطي المجالات التي  تعرف فراغا تشريعيا مرتبطا بالقطاع، وتتسم بالشمولية من حيث عنايتها بالجانب الاجتماعي خاصة ما يتعلق بظروف اشتغال عمال المناجم وتنظيم حقوقهم، بالإضافة إلى عنايتها بالتنمية الشاملة والمستدامة للمناطق المنجمية من خلال إحداث مركبات صناعية لتثمين المنتوج المنجمي في عين المكان، وإدماج القطاع المنجمي التقليدي بما يضمن الرقي بهذا القطاع وتمكين المشتغلين به من آليات تنظيمية وصيغ تمويلية لتطوير استغلالياتهم المنجمية في الاتجاه الذي يصون لهم كرامتهم ويضمن لهم السلامة والاستفادة من ثروات بلادهم.

 

كنا ننتظر من الحكومة أن تساير الجانب التشريعي باستثمارات تسمح للإدارة المشرفة على القطاع من رفع مستوى التخريط ببلادنا حتى نتمكن من الإحاطة بكل مكوناتها، كنا ننتظر أن تجعل للقطاع الوسائل البشرية واللوجستيكية الكفيلة بجعله قادرا على مواكبة التحولات وفرض احترام القانون من خلال التأطير والمراقبة الميدانيين، غير أن الحكومة ومشروعها الذي هو أمامنا لم يرقى إلى مستوى الطموحات والانتظارات، فجاءتنا بمشروع قانون أقل ما نقول عنه أنه تجزيئي، بحيث اقتصر على مجال تسليم رخص الاستكشاف والبحث واستغلال المناجم، ويستهدف هذا المشروع حسب الحكومة إعطاء مزايا للمستثمرين الخواص بالقطاع لأجل الاستكشاف والتنقيب واستغلال المناجم.

لقد انخرطنا كفرق معارضة في مناقشة هذا المشروع على علته لأجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه، خاصة وأن الهاجس الذي كان يحكمه هو إرضاء المستثمرين في القطاع ولو على حساب الأوساط الطبيعية التي تجب حمايتها، وكذا على حساب المقومات الهوياتية للمناطق المعنية.

 

ولهذا الغرض تقدمنا بـ46 تعديلا تستهدف كلها تجويد النص من خلال حماية البيئة، استحضار البعد الاجتماعي، حماية الموروث الثقافي المادي واللامادي والحد من استنزاف الثروات المنجمية، الرفع من مستوى الحكامة بالنسبة للإدارة المرخصة.

 

–         في الجانب المتعلق بحماية البيئة:

 

تقدمنا بتعديل يروم عدم إدماج التجاويف الطبيعية ضمن التجاويف القابلة للاستغلال لأجل تخزين الهيدروكاربورات، وذلك لاعتبار التجاويف الطبيعية موروث طبيعي وطني، بل وعالمي تحتضن أوساطا جيولوجية وأوساطا بيئية محمية بحكم قوانين البيئة ولا يمكن أن تكون موضوع ترخيص لتخزين المواد البترولية بمختلف أنواعها لما تشكله هذه المواد من مصادر لتدمير هذه الأوساط. و اقترحنا أن يقتصر اللجوء لعملية التخزين إلى التجاويف الاصطناعية أو إلى المناجم المهجورة.

 

كما عملنا من خلال تعديلات عديدة إلى إدماج حماية البيئة في كافة التزامات أصحاب الرخص، وجعل الوضع البيئي جانبا من جوانب مراقبة الأعوان المكلفين بتتبع ومراقبة استغلال المناجم، بل اقترحنا أن يكون الإخلال بالبيئة أحد الدواعي لتوقيف الاستغلال وفسخ الرخص. كما أكدنا في فرق المعارضة، من خلال  التعديلات المقدمة على ضرورة أن تمتد حماية البيئة إلى محيط المناجم لما سجلناه في العديد من المناطق المنجمية من أضرار تلحق الساكنة والمجال بسبب أنشطة منجمية لا تراعي احترام البيئة في محيطها.

 

–         في الجانب المتعلق بحماية الموروث الثقافي الجماعي:

 

شددنا في فرق المعارضة على ضرورة تدخل الإدارة بشكل حازم لحماية الموروث الثقافي المادي واللامادي الجماعي بالمناطق المنجمية لما يمثله من ثروة وطنية لا يمكن التفريط فيها. مما يحتم على الإدارة التصدي لجشع مستغلي المناجم من خلال فرض كل التدابير الضامنة لحماية وتثمين هذا الموروث الثقافي حيثما وجد من ربوع الوطن.

 

 

–         في الجانب المتعلق بحماية الثروات المعدنية من الاستنزاف:

 

حرصنا في فرق المعارضة التصدي لما جاء به مشروع الحكومة من حيث إقرار صلاحية صاحب رخصة الاستغلال بالاستمرار في استخراج المعادن بشكل غير محدود في الزمن إلى غاية نفاذ الاحتياطي المنجمي، واقترحنا أن تكون المدة الأقصى للاستغلال محدودة في 30 سنة، وهي مدة كافية لاسترجاع الاستثمارات وتحقيق أرباح كافية من طرف صاحب الرخصة، كما أن كل مكمن يسمح بالاستغلال لمدة أطول من ذلك يتعين أن تسترجع الدولة سيادتها عليه بعد انصرام هذه المدة لتوظيفه بشكل أمثل من طرف الأجيال المقبلة.

 

–         في المجال الاجتماعي:

 

تقدمنا بمجموعة من التعديلات نفرض من خلالها ضرورة توفر طالب الترخيص على الموارد البشرية المؤهلة للقيام بالأنشطة المرتبطة بالترخيص المطلوب، ونستهدف من خلال هذا التعديل فتح مناصب شغل لفائدة خريجي مدارس ومعاهد التكوين في المجال المعدني.

 

 

–         في مجال الحكامة :

 

حرصنا من خلال العديد من التعديلات التي قدمناها على الرفع من مستوى الحكامة بالنسبة للإدارة المكلفة بتسليم الرخص ومراقبتها، من خلال اعتماد تدابير وإجراءات تعزز الشفافية وتكافؤ الفرص في التعامل مع الفاعلين الخواص في هذا القطاع. كما عملنا على تقليص مجال السلطة التقديرية لأعوان الإدارة، واعتماد الحزم والصرامة اتجاه كل المخالفات.

 

–         في المجال حماية ملاكي الأراضي المشمولة برخص الاستغلال المنجمي:

 

عملنا في المعارضة على إضافة تعديلات تستهدف ضمان حقوق ملاكي الأراضي اتجاه مستغلي المناجم قبل الشروع في الاستغلال وأثناء الاستغلال وبعد التخلي عن رخصة الاستغلال.

 

–         في مجال الاستغلالات التقليدية والعرفية:

 

تقدمنا بتعديلات تستهدف تسهيل المساطر لهذه الفئة لأجل الحصول على الرخص المنجمية من خلال اعتماد وثائق يمكن الحصول عليها حتى من خارج المساطر الإدارية.

 

وفي الختام كل ما يمكن تأكيده بعد كل المحاولات والاقتراحات التي قدمتها المعارضة، أن الحكومة وأغلبيتها مصرة على حماية الامتيازات التي جاءت بها لفائدة المستثمرين المستهدفين بهذا القانون، على حساب المقومات الوطنية، من بيئة، وموروث ثقافي مادي ولامادي وإنسان وتنمية مستدامة، كما أننا سجلنا أن مع هذا المشروع، ومن خلال رفض تعديلات المعارضة، ستستمر معاناة سكان المناطق المنجمية الذين لم يأتهم مشروع القانون هذا بأي جديد.

 

لهذه الاعتبارات كلها قررنا في فرق المعارضة التصويت بالرفض على مشروع القانون رقم 33.13 يتعلق بالمناجم لعدم تجاوبه مع طموحات وانتظارات المغاربة في تطوير قطاع المعادن بالمغرب.

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. غريب أن يبقى مصيرالشعب معلقا كأضحية العيد بين تعديلات تقدمها المعارضة وترفضها الأغلبية
    على الدوام. غريب أيضا أن لاتكون بين الإثنين – الا نادرا- مسافة تقارب تتحقق كلما كان اقتراح هذا
    أو ذاك في مصلحة الوطن. كأني بالأغلبية والمعارضة في خـندقين متقابلين لعدوين متناحرين، كل منها يتربص بالآخر ليفوز بأكبر عدد ممكن من المقاعد…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق