جماعة تيوغزة : الجواب الشافي على الرد الحافي

الجواب الشافي على الرد الحافي
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله “فإن المُنْبَتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى”، ورد هذا القول حول التريث واليسر في شؤون الدين و الدنيا.. و المُنْبَتُّ: هو الذي يواصل السير مواصلة مستمرة، ما أراح نفسه ولا أراح راحلته، ثم يبرك به جمله ويهزل وينقطع به، فينقطع في صحراء حيث لا ماء ولا ظل، فلا هو الذي رفق ببعيره حتى يوصله ولو بعد عشرين يومًا، ولا هو الذي قطع الأرض كلها بسلام، بل برك به بعيره في برية؛ وذلك لأنه كلف نفسه، وكلف بعيره أكثر مما يحتمل ،فسار عليه حتى أهزله.
كان من المفترض على رئيس الجماعة أن يستفيد من تجربة من سبقوه في رئاسة الجماعة تجنبا للوقوع في ما وقعوا فيه، أخذا بالعبرة و المثال فيما مضى وتحسبا لما قد يأتي..أقول يستفيد وألا يحاول حرق المراحل والاستفراد بالسلطة و القرار، وخاصة أن المفترض به، أنه هو ومن معه في الجماعة، يعرفون أكثر من غيرهم مغزى الحديث النبوي .
لقد نسي الرئيس أو أنساه بريق الكرسي ما كان يقوله، وما كان قد وعد به من وعود، هي في جوهرها أوهام وأحلام اقتضاها سياق الحملة الانتخابية السابقة لأوانها (الاستعداد لولاية ثانية) وما تستدعيه من تمثيل وإخراج وحبكة وتشويق ، مستعملا الإمكانيات المادية للجماعة          ( الاسمنت- المصابيح – الهدايا …) ربما قد نجد لإخفاقات الرئيس أكثر من عذر، لعل أبرزها ما يبوح به في العلن على موائد العزاء والأفراح، ( أنا وحدي أشتغل – هدوك ضد التنمية – هدوك تيقلبوا غير على ما يكلوا ……… )! فلم يبقى له سوى استعمال القاموس الجديد لبنكران في إشارة إلى العفاريت والتماسيح.
ولكن مع الأسف، كان على رئيس الجماعة توقع كل ذلك وأكثر،لأن حجم الفساد الإداري ( تزوير شهادة العزوبة ) والفساد المالي ( تقرير المجلس الجهوي للحسابات : 4,5 مليون للإطعام – 6 مليون المازوط – 3 مليون قطع الغيار – 8 مليون من الاسمنت – 5 الاف درهم من الطوب – 1,5 مليون الكرافيث – 4 الاف درهم جافيل – 5 مليون الهاتف – 1 مليون من الاغراس …..) المستشري بالجماعة أكثر من آليات الإصلاح والعمل التي تبناها السيد الرئيس، رغم التنبيهات والتنبيهات الكثيرة له بالرجوع إلى الصواب ، لم تجد لديه آدانا صاغية.

فدشن سنته الأولى بمعركة دموية مع تقني الجماعة ، وتكليف موظفين أكفاء للعمل في مكاتب السلطات. والسماح بانتقال آخرين ، وأخيرا بمحاولة فاشلة لإقالة  نوابه وكاتب المجلس. كان عليه التدرج في التعاطي مع الملفات الحساسة والتعامل بشيء من الدهاء والعقلانية مع المعارضة ،عوض فتح جبهات الصراع مع أعضاء الأغلبية، مما حدا بأحد الأميين الشرفاء، النزهاء ، بتوجيه صفعة مدوية للرئيس ، مازالت جراحها لم تندمل بعد، لأنه لم يتقبل الإهانة، فأعلن تمرده، وقال بأعلى صوته ” اللهم إن هذا منكر”   فصوت ضد الحساب الإداري لسنة 2011م . لقد أراد السيد الرئيس القيام بكل ما يمليه عليه ضميره دفعة واحدة ،دون امتلاك الوسائل اللازمة لذلك،بل ودون قراءة و تفكيك شبكة العلاقات المعقدة التي نسجها من سبقوه إلى دهاليز الإدارة ، ففتح العديد من الملفات في ذات الوقت، كما انخرط في العديد من المخططات الكبرى مع ثلة من المرشدين النابغين في وضع الخرائط السياسة المستقبلية، في ذات الوقت أيضا، مما شتت اهتمامه بالجماعة مثلما شتّـتّتِ المخططات جُهده.
–    فنسي كل المقررات الجماعية التي صوت عليها المجلس بالإجماع ( التطهير السائل – المخطط الجماعي – تصميم التهيئة – الماء الصالح للشرب – ….)  وكذا المشاريع المبرمجة التي تتوفر الجماعة على اعتماداتها مند 2010 ( القنطرة بالمركز 25 مليون- سوق السمك 27 مليون – تحفيظ الأملاك الجماعية 1,6 مليون – التشجير 2,3 مليون – باب الملعب الرياضي – ترقيم الشاحنة – إفراغ مطامر المجازر- حديقة الجماعة – النفايات  …..)
–    و نسي عقد الاجتماعات الدورية للجنة المحلية للتنمية البشرية ، أما لجنة تكافؤ الفرص فلم تعقد أي اجتماع مند 2009م،
–    وفي المقابل نجده يعلن عن تكوين لجنة لتنظيم السوق ، ومراقبة البناء و….
–    في الوقت الذي تمادى في عدم تكوين لجنة المشتريات ، وتعيين المسؤول عن الخزين، والمسؤول عن التوقيع المزدوج في الفواتير.  فأصبح كل شيء ينجزه بمفرده.
هذه الوضعية ساهمت في نهج أسلوب الصفقات بواسطة سند الطلب bon de commande (عوض طلب عروض أثمان les marchés ) مع ممونين ومكاتب للدراسات ومقاولين بأكادير وتارودانت وكلميم ( كأنهم منعدمون في تيزنيت وإفني ) ما يعطي الانطباع بتفرده في التسيير و استئثاره بالقرار، الشيء الذي أثار حفيظة المجلس والموظفين على السواء.
وهاهو يحاول تغطية الشمس بالغربال، من خلال دفاعه المستميت عن البقعة الأرضية، ناسيا مرة أخرى أو متناسيا ما صرح به في محضر الحكم المؤرخ يوم 25/10/2011 حول ملف مدني جماعي عدد 42/09 بما يلي: ” وبناء على رد المعي عليه (ح.م) بواسطة محاميه أكد فيه بأن نوافذ منزله فتحت مند 2001 وأن المدعي لم يثبت ملكيته وحيازته للعقار الذي فتحت عليه نوافذه، وأن محضر المعاينة المدلى به ليس حجة على التملك والحيازة وأن النوافذ فتحت على مكان يعتبر مجرى مائيا مهيأ من طرف الجماعة حاول المدعي السيطرة عليه وتقدم بطلب تحفيظه فتعرض عليه العارض وكذا وكالة الحوض المائي لسوس ماسة درعة حسب شهادة المحافظة رفقته”
وبقدرة قادر تنازل الرئيس عن التعرض ، ضاربا عرض الحائط كل التصريحات المدلى بها، لغرض في نفس يعقوب . مستعرضا مبررات وأعذار أقبح من الزلة.
صحيح أن البقعة أقتنيت سنة 2007 غير أن بائعها (ح.أ) الذي يدعي أنها صارت له بموجب الإرث كنصيبه على الشياع ، دون الإدلاء بما يؤكد ذلك ( عقد الإراثة) سبق له وورتثه أن باعوا نفس القطعة للسلطات الاستعمارية الاسبانية – حسب العقد الذي أدلى به الورثة – مما يؤكد حتمية اعتبارها ملكا عموميا .   
وفي نهاية المطاف، وبعد هذا الجهد الجهيد،أتت النتائج كارثية تماما عكس ما كان مخططا له، فلا هو مع المعارضة، ولا هو مع الأغلبية ،بل ساهم في فقدانهما جميعا بطريقة غير مدروسة.  
فكان حال السيد الرئيس الموقر كحال “المُنْبَتّ” الذي أراد قطع المسافة في أقل مدة ،فلا هو أدرك النهاية، ولا هو حافظ على راحلته،حارقا المراحل التي ينبغي احترامها ،والأولويات التي يجب ترتيبها حسب فاعليتها و راهنيتها.. فأحرق نتيجة لذلك كل أوراقه دفعة واحدة، فلا هو أوفى بوعوده أمام ناخِبيـه ، ولا هو حافظ على رصيده الشعبي الذي أوصله إلى  الرئاسة.والأيام المقبلة تنبئ بمرحلة جديدة ودقيقة ستعيشها الجماعة ، بتوقيف المجلس أو حله ، وتكوين لجنة لتسيير أمور الجماعة ، في انتظار انتخابات جزئية ، أو انتخاب مكتب جديد.

بقلم الحسين ادابير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق