التحرش الجنسي .واقع معاش : تزنيت نموذجا

فالتحرش اصبح يهدد امن شوارعنا والصحة النفسية لمجتمعنا ،، فالعديد من النساء يوميا يتعرضن له في مختلف المرافق العمومية في الاسواق و الادارات و الضيعات والحافلات والطاكسيات والمؤسسات التعليمة والمدارس …

** معنى التحرش الجنسي **

لفظ التحرش جديد على ثقافتنا ومجتمعنا ، ويذهب المختصين ان معنى التحرش الجنسي هو “أي قول أو فعل يحمل دلالات جنسية تجاه شخص آخر يتأذى من ذلك ولا يرغب فيه” ويغلب ذلك من الذكر تجاه الأنثى، وذكروا بعض الأمثلة على ذلك مثل: النظرة الخبيثة أو ذات المعنى للأنثى بينما تمر من أمام الشخص، والتلفظ بألفاظ ذات معنى جنسي، أو تعليق صور جنسية أو تعليقات جنسية فى مكان يعرف الشخص أنها سوف تراه، أو تعمد لمس المرأة وهي تسير في الشارع أو داخل أجهزة المواصلات أو في أي مكان آخر”

** اراء من الشارع **

من اجل ذلك ارتأينا للنزول الى شوارع تزنيت لاستقراء التصريحات ومحاولة فهم الظاهرة وايضا استطلاع مدى استياء نساء وبنات تزنيت من هذه الظاهرة .

ــ نعيمة 22 سنة مستخدمة :
بأسى شديد تقول : ان شباب اليوم لم يعد يخجل ولا يستحيء من احد ،، فحتى كلامهم اصبح جارحا ومضايقاتهم تتسم بالخشونة في العديد من المرات لذلك اضطر الى تطويل مساري المتجه نحو البيت وعدم المرور في طريق مختصر يعج بالشباب الذي يضايق المارة من الشابات ،،

ــ زينة 19 سنة تلميذة :
بنوع من القبول والتحرش والاستياء تقول : بعض المرات يقف في طريقي بعض المتوحشين من الشباب ويطالبني برقم هاتف او يتوسل مني الوقوف من اجل ان يكلمني وعندما لا تستجيبي لطلباته ينعتك بأبشع الصفات والنعوت القدحية المشينة خصوصا من ابناء المرتاحين ماديا في المنطقة ،، وتستدرك زينة ان هناك بعض المرات تعجب بملاطفات البعض ومعاكساته وتستجيب في الغالب بابتسامة ولما لا محاولة التعرف عليه ،، فهي كما تقول محبة للحياة وان العصر قد تغير فللزواج لابد ان تكون نظرتك ثاقبة وان لا تكوني عنيدة ف البعض من المتحرشين يكون فعلا يراقبك منذ مدة وهي ايضا تراقب ذلك .

ــ مينة متزوجة وثلاثينية في العمر :
حقيقة الظاهرة اكتسحت المدينة مؤخرا وتقول انها بالرغم انها متزوجة ولديها طفلين فهي تتلقى مغزالات من شباب و رجال راشدون كما تقول )بعقلهم( .. و اضافت ان ما يقلقها ويثير اشمئزازها انها في الاماكن المزدحمة في الاسواق هناك من يتعمد الارتطام بها وملامستها بدون خجل او حياء .. وتقول متنرفزة هادو بهايم ما بقاو بشر .

ــ عبدالله 21 سنة طالب :
بدون مقدمات او مؤخرات يعترف انه لا يكاد يوما ان يمر دون ان يتحرش ويبرر ذلك ان ذلك يقع بدون ارادته حالما يحس بتجاوب مع احداهن كانت جميلة او لا او صغيرة او كبيرة ،، فالتجاوب هو كل شيء ومرات عديدة تسفر عملية النكّير بتعارف والى حدود الان يرتبط معهن بعلاقة صداقة و تبادل السلام ، و تبقى الامور في حد المعاكسة ولا تصل الامور الى التحرش الجنسي .

ــ المحجوب شيخ متقاعد ألتقينا به صدفة في احد الفضاءات العمومية وتبادلنا معه اطراف الحديث عن رؤيته للظاهرة ،، ويقول ان الشباب الحالي اصبح اكثر جراءة وقليل حياء  ،، و لا ينكر ان التحرش في عصر شبابه كان حاضرا لكن بطرق غير مباشرة وفي فضاءات محددة لذلك في مكان السقي او المناسبات و بالخصوص في المواسم ،، وفي الغالب يكون التواصل كما يسميه فنيا كما يؤكد ان من يكون بتلك الخصال في زمانه يكون مذموما وغير مرغوب به عند الفتيات .

ــ سلطانة 25 سنة :
التحرش شيء عادي في حياتي ، وليس بتلك الخطورة التي نعتقد ،، نادرا ما تصادف قلال الحياء .. فقط هي تكون حرجة عندما تكون مع امها او احد اقاربها ويناديها البعض باسمها ، وتربط الظاهرة بأن البنات يتحملن المسؤولية ايضا وتؤكد ان اغلبيتهن يعجبهن النكّان والمعاكسة .

ـــ مينة 16 سنة تلميذة :
تقول ان اكثر ما يعكر صفوها هو التحرش و تعيش على الدوام حالة رعب وخوف عند الدخول الى ازقة تكون خاوية و هي في الغالب لا تخرج بعد اذان المغرب الا نادرا رغم ان اخوتها جميعهن اناث لا يعانين من نفس المشكل .

ـــ عمر 32 سنة مستخدم :
التحرش هي مهنة للشماكرية فقط و لي مسالين فقط او البراهش ،، و عن التحرش في اماكن العمل يقول انه موجود ولكنه نادر جدا ، فقط الافلام والمسلسلات هي التي تضخم الامر ، و يقر بان تزنيت عكس سطات والدارالبيضاء مثلا حيث كان يعمل ،، وان تيزنيت ناسها محافظين ومربيين مزيان والتحرش ليس بتلك الخطورة في المدن الاخرى .

ـــ فاطمة 28 سنة عاملة :
تؤكد انها تعرضت مرات كثيرة للتحرش الجنسي داخل العمل الى جانب صديقاتها و تعتبر الامر طابوها لا تتحدث فيه الا نادرا حيث يكون بنكهة السخرية رغم ما يسببه من اضرار نفسية لها .

** مقاربة اجتماعية للتحرش الجنسي **

يذهب علماء الاجتماع عند تحليلهم للظاهرة ان لها علاقة مباشرة بالطبيعة المحافظة للمجتمع وتوغل الصرامة في التعامل بين الاباء و مواضيع الجنس ،، والى الفصل وعدم اختلاط الجنسين واحساسهم بالبعد عن بعضيهما .. حيث يحاول الطرفين كسر الحاجز بينهما باالاغراء واظهار المفاتن ومحاولة الاحتكاك المباشر ضد المجتمع ..
وكذلك ترتبط بارتفاع تكاليف نسبة الزواج وارتفاع نسبة البطالة و تفشي البداوة والعدوانية و والقبلية التي تنعكس على منظومة القيم والاخلاق المتعارفة عليها ،، و طفو الدافع الغريزي والرغبة الشهواتية لدى الرجال . ويذهب الجميع ان اهم عنصر مؤثر هو الكبت الجنسي والعاطفي
وايضا نفاق المجتمع .

** رؤية علم النفس للتحرش الجنسي **

يشير علم النفس إلى أن هؤلاء الأشخاص الذين يمارسون هذه الظاهرة هم في الغالب غير ناضجين، ولا يمتلكون أساليب التعبير عن مشاعرهم، أو هم غير ناجحين في خلق علاقات صحيحة مع الجنس الآخر، وكثير منهم يتميز بالانحراف العام،وهم يجدون صعوبة في عملية التكيف بالرغم من نضوجهم الجسدي والنظرة إليهم باعتبارهم كباراً، ولكنهم لا يزالون يعانون من طفولة الذات الاجتماعية، وهم نرجسيون،ويكرهون الالتزام بالقيم الأخلاقية والنواميس الاجتماعية..

** اراء رواد وعلماء مرموقين حول الظاهرة **

يقول عالم النفس يونغ: إن الكبت الجنسي ليس مجرد كبت غريزة, بل إن خطورته أنه يجعل الإنسان يتدهور روحياً ومعنوياً, والعذاب ليس عذاب جسد لا يجد إشباعاً لغرائزه فقط, بل هو عذاب نفسي وإحساس عميق باليأس وانعدام القيمة, لأن الجنس هو طاقة حيوية وايجابية تعمل على توازن الشخص روحياً ومعنوياً،ويضيف بأن المكبوتين جنسياً يشعرون أن مرتبتهم الإنسانية قد هبطت إلى مستوى المعوق أو المجنون.

تقول د. نوال السعداوي أن الثقافة الجنسية داخل المجتمع العربي يسودها مكبوت يتم استعماله في مواجهة الآخر وقمعه وهناك استيهامات وعلاقات جنسية تسيطر على حواراتنا وتستند إلى المكبوت الثقافي والاجتماعي وإلى المسكوت عنه، نستحضرها هنا ، فالعلاقة الجنسية مازالت مكبلة بمكبوت يتم التعبير عنه عبر احتقار الآخر والتمثيل به واحتقاره باستعمال اللغة الجنسية التجريحية، والتي تأتي نتيجة اعتبار أفضلية الرجل على المرأة.

يقول الشيخ جمال قطب ـ من علماء الأزهر ـ أرجع انتشار هذه الظاهرة إلى غياب الحياء والذي يمثل قمة الهرم القيمي بالمجتمع، وإلى تفسخ حتى التقاليد والأعراف، والتي تدعو إلى الشهامة والحفاظ على المرأة والفتاة في حال تعرضها لخطر..

** رأي العلمانيين **

يشيرو العقلانيون أن عاملي الدين و العرف قد ساعدا على تشويه صورة المرأة في المجتمع مما انعكس على النظر إليها كوعاء للجنس، إضافة إلى الكبت و القمع و المحظور و الخوف من الحديث حول الثقافة الجنسية الصحية المفيدة و التي تحرر الإنسان من الأوهام و الخزعبلات وتقيه من الإصابة بالأزمات و العقد النفسية التي تحيله بدورها الى كائن عدواني يمارس التحرش و العدوان والاغتصاب.اضافة الى ارتفاع نسبة البطالة وارتفاع نسب العنوسة والطلاق و غلبة النفاق المجتمعي في المعاملات ،، وارتفاع تكاليف الزواج و الى غياب الوازع الانساني والقيمي وغلبة الماديات في حياتنا .
كما ان النظرة الدونية للمرأة حسب الاعراف وما يتواثره البعض مروثات تاريخية دينية تعتبرها اقل قيمة ووعاء جنسي للافراغ ،، ويحس الرجل انه اقل قيمة منه فهي من ضلع اعوج فقط ،، مما يجعله يدافع بقوة عن سلطته فهو السيد ويجب ان يطاع والمراة مجرد طائعة وخانعة وان لم تستجب تعطيه سلطته انزال العقاب عليه حسب تأويله الديني والمجتمعي القاصر اللانساني . ويرى العلمانيون ان التحرش لا علاقة له باللباس او الزي .. فالكل معرض للتحرش .

** رأي علماء الدين **

يرى هولاء ان غياب الحياء في الشارع والانحلال الخلقي و تفشي الملابس الضيقة والشفافة والتنورات هو سبب البلاء ،، وايضا الى ان المرأة بحاجة دائمة لمن يحميها في الشارع وتكسيرها للوصاية عليها من اهم العوامل التي ادت الى تفاقم الظاهرة ،، واننا نعيش نتائج الحرية والانفتاح الذي يدعو المتاثرون بالغرب .. وان ما يقع في المجتمع هو راجع الى غياب الوازع الديني في حياتنا وابتعاد الشابات والبنات عن الزي الاسلامي وتمردهم عن الواقع ومزاحمتهن للرجال في الشارع ، دون اغفال ان دور الاسرة قد تاثر ولم يعد له ذلك الدور في تأطير وتربية الابناء وايضا الى انتشار الاباحية والعهر في القنوات الفضائية والانترنت .

** حلول مقترحة **

العلمانيون و المثقفون يرون ان ادماج التربية الجنسية في مقررات التعليم ، و تثقيف المجتمع بثقافة جنسية صحية هو الكفيل الوحيد للحد من الظاهرة وايضا البحث عن حلول لحل ازمة السكن و التشغيل لامتصاص الحرمان الجنسي وتشجيع الشباب على الزواج باعطاء امتيازات لهم ،، دون نسيان تاهيل المرأة وتمتيعها بكامل حقوقها الاجتماعية والاقتصادية و ترسيخ نظرة المرأة الانسان عوض المرأة الجسد السائدة في تصوراتنا الدينية والاجتماعية ..
اما علماء الدين والفقهاء فهم يرون ان اعادة بناء سلم القيم و عودة البنات الى زيهم الشرعي وضرورة مرافقة محرم لهن هو السبيل الوحيد للحد من ظاهرة التحرش وايضا خلق صناديق خيرية لتزويج الشباب واحتضانهن اجتماعيا و اعادة النظر في الزواج المدني المتحضر الذي يكلف الشباب اكثر من طاقتهم .. واعادة الشرطة الاخلاقية للشوارع هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر دون نسيان العودة الى الى التعدد وتزويج الفتيات في سن مناسبة ( اقل من 18 سنة ) للحد من الانحلال الخلقي وارتفاع نسب التحرش الجنسي والعنوسة .

*********

لابد من الاشارة ان مقالنا وتحقيقنا كان حياديا دون اعتبار مرجعياتنا الفكرية ،، وندعو الجميع الى مزيدا من التوعية و تفعيل المبادرات المجتمعاتية والجمعوية للحد من هذه الظاهرة التي تهدد حياتنا وتنذر بهلاكنا .. وحلمنا العيش في بيئة يسودها الاحترام و العفة والتفاهم والتسامح بين الجنسين وبناء مجتمع على المساواة والعدل والقسط والمحبة والرحمة والاحسان للاخر .

عن صفحة شبا
ب تزنيتي ضد التطرف والعنف بالفايسبوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق