«العين لا تعلو على الحاجب» يا أوزين

«حجزنا له مقعدين في الطائرة رفقة عضو من ديوانه، وأقام مع المنتخب في سويت من أجل مساندة اللاعبين، لكنه لم يرافقنا إلى ديربان، والعين لا تعلو على الحاجب».
يحتاج المرء إلى جهاز لتفكيك هذا الرد الذي زاد الموضوع غموضا، فدار همس في القاعة حول أريحية وسخاء وكرم جامعة الفهري التي لا تتردد في صرف آلاف الدولارات من أجل نقط مباريات الكرة بالعملة الصعبة، وحول قدرة الجامعة على طي صفحات الإخفاق بسرعة فائقة، استنادا إلى مقولة لطالما رددها الناخب الوطني بعد العودة من جنوب إفريقيا حين قال: «الآن انتقلنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر»، ولما سئل عما يكون الجهاد الأكبر أجاب: «رهان التأهل لكأس العالم»، قبل أن يرتفع صوت من عمق القاعة يقول: «الحمد لله ملِّي جيتو سالمين»، ويضيف بصوت خافت: «وغانمين».
اعترف مسؤولو جامعة الكرة بأن المسؤولية مرتبطة بالمحاسبة، وقرروا الاستناد إلى مضامين الدستور وهم يقدمون الحساب، لكنهم سرعان ما تمردوا على الدستور حين اختاروا اللغة الفرنسية لغة للتواصل، في الوقت الذي اعتقد فيه الحاضرون أن استقالة وشيكة قد تحسم الجدل القائم حول المنتخب، ليتبين أن استقالة عضو جامعي لا تتم إلا بعد أن يوارى جثمانه الثرى.
قدم المنتخب الوطني الحساب المالي والتقني وعرض الحصيلة، وراح كل إلى غايته «لا تقل شئنا فإن القدر شاء»، فيما حاولت أن أفهم سر تعويضات مالية لمنتخب أقصيَ في الدور الأول بلغت 240 مليون سنتيم، وصفها التقرير ب»مصروف الجيب». المهم، هناك جلسة محاسبة، لكن لماذا تقتصر على الإطار المغربي دون سواه؟ ولماذا لازال الجميع ينتظر عرض مدرب المنتخب الأولمبي بيم فيربيك، الذي يلتهم شهريا راتبا لا يقل عن 100 ألف أورو، حول حصيلة المشاركة المغربية في أولمبياد لندن، رغم التقادم الذي طالها.
متى تصبح المحاسبة بعد كل مشاركة مغربية ثقافة تكرس الحكامة الجيدة؟
هل عرضت الخارجية المغربية حصيلة المشاركة في مفاوضات مانهاست بكل مراحلها؟ وهل عرض وزير مغربي حصيلة مشاركته في ملتقى قطاعي خارج أو داخل المغرب؟ وهل قدم زعيم حزبي أو نقابي الحصيلة الأدبية والمالية لمشاركة تنظيمه في الاستحقاقات الانتخابية؟ وقس على ذلك من القطاعات التي تؤمن بمبدأ «كم حاجة قضيناها بتركها»، واضعة على فصول الدستور الجديد عبارة «معطل».
لقد رسم رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران الخطوط العريضة لحكامة «عفا الله عما سلف»، وعلى نهجه سارت كثير من الكائنات التي تتحمل مسؤوليات كبرى في تدبير شأن البلاد، حين اعتمدت نهجا بديلا لمبدأ المحاسبة اسمه المسامحة.

حسن البصري نشر في المساء يوم 05 – 02 – 2013

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق