التصويت العلني على مكاتب الجماعات والجهات يُربك “تُجّار الانتخابات”

التصويت العلني على مكاتب الجماعات والجهات يُربك "تُجّار الانتخابات"

مباشرة بعد وضع مرشحي الأحزاب ترشيحاتهم للتنافس على جهات وجماعات المملكة، ستشرع وزارة الداخلية عبر ولاتها وعمالها في الدعوة لانتخاب المكاتب المسيرة للجهات، وذلك في آجال لا تتجاوز 15 يوما من تاريخ الاقتراع.

ومن المستجدات التي جاءت بها القوانين التنظيمية المتعلقة بالجماعات والأقاليم والعمالات، أن التصويت على رؤساء الجماعات الترابية يكون بشكل علني، وهو ما سيربك، بحسب العديد من المتتبعين، حسابات تجار الأصوات الذين كانوا يستغلون التصويت السري في شراء ذمم المنتخبين.

وأقر المجلس الدستوري، في قراراته المتعلقة بالجماعات الترابية، بدستورية مقتضيات المادة 6 الفقرة الأولى من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، والمادة 7 من القانون التنظيمي المتعلق بالعمالات والأقاليم، والمادة 8 من القانون التنظيمي للجهات، التي تنص جميعها على أن رؤساء مجالسها ونوابهم وأجهزتها يكون عن طريق التصويت العلني برفع اليد، معتبرا ذلك استثناء من قاعدة التصويت التي تقوم على أساس السري، وذلك تحت طائلة تخليق الحياة السياسية، وضمان الشفافية والالتزام الحزبي.

ويرى الباحث في العلوم السياسية والفقه الدستوري، الدكتور عمر الشرقاوي، أن هذا المقتضى الجديد تتوخى من خلاله المنظومة القانونية مكافحة كل أشكال الاتجار في الأصوات، خلال انتخابات الناخبين الكبار، منبها إلى كون “الترسانة القانونية لم تذهب بعيدا في إغلاق جميع منافذ التلاعب بالأصوات”.

وسجل الشرقاوي في تصريحه، أن المشرع “رفض تطبيق التجريد من المقعد في حالة طرد المستشار جراء عدم انضباطه للقرار الحزبي أثناء تشكيل المجالس واعتبار ذلك بمثابة ترحال سياسي”، موردا “أن المجلس الدستوري في قراراته المرتبطة بهذا المقتضى فضل التزام التفسير الذي طبقه مع الصفة البرلمانية، والتي تعني أن التجريد لا يكون بالطرد بل بالاختيار والطواعية”.

“هذا الفراغ يمكن توظيفه من طرف المستشارين، وعدم احترام توجهات أحزابهم، سواء جراء إغراء مالي أو اقتناع سياسي”، يقول الباحث في العلوم السياسية، الذي أكد، أنه “يمكن للمستشار أن يصوت لشخص ضدا على إرادة حزبه، دون ترتيبات قانونية اللهم إمكانية تأديبه أو طرده من الحزب، وفي هذه الحالة سيظل مستشارا لمدة ست سنوات دون أن يجرد من صفته الانتخابية”.

من جهة ثانية اعتبر الشرقاوي، أن “الغياب يشكل معضلة أخرى مرتبطة بالتحايل على التصويت العلني، ويحول هذا الإجراء الذي يراهن عليه في تخليق الحياة السياسية لآلية غير ذات جدوى”، متوقعا أن تهيمن ظاهرة الغياب بمحض الإرادة أو الإكراه بكل أشكاله على انتخابات الكبار.

وقال الشرقاوي في هذا السياق، “الاتجار بالأصوات لم يعد بإدلاء صوتك، بل بضمان غيابك الذي يسمح بترجيح كفة مرشح على الآخر، ومع ذلك هناك حظوظ كبيرة أن يساهم التصويت العلني في ربح نقاط ضد الفساد الانتخابي”، مبرزا أن “المشرع كان عليه التنصيص على إجبارية الحضور في تشكيل المجالس لأنه تحدث فقط عن النصاب، وبالتالي هو فتح المجال للتلاعب”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق