رسالة " مباركة " إلى بنكيران

انا “الكسالة” في الحمام التي تنظف أوساخ الآخرين، وقبل أن أفارق الحياة في حفل شواء جماعي أنا وأفراد عائلتي، تصبب جبيني عرقا ..

أنا خادمة البيوت التي تنقلت من “دار لدار”…
أنا صاحبة “سبع صنايع والرزق ضايع”…
أنا التي قطنت وزوجها خمسة وعشرون سنة في كراج، واقتسمت وعائلتي ستة أمتار بمعدل متر مربع لكل فرد!

لا تسألني لماذا أنجبت ستة أولاد وصار لي حفيد وأنا الفقيرة المعدمة، لأنك تعرف أن هذه ضريبة الأمية وثمن الإهمال والتقصير واللامبالاة…

من فرط ما سئمت من الانتظار قلت لجارتي قبل يومين من احتراقي ” ايمتا يعفو عليا ربي من هاذ تمارة ونشوف وليداتي قاريين وخدامين..”

أنا التي حينما احترق أولادي، غامرت بنفسي لإنقاذهم لان سيارة الإسعاف تأخرت، ولأن خراطيم المياه شحت فجأة بعد دقائق من وصولها.

بقية القصة تعرفها، ما لا تعرفه انه رغم أميتي وجهلي بدروب السياسة أعرف بعضا من خباياها ومنعرجاتها.

ودعني أذكرك أنني احترقت وأولادي وأنت ترأس حكومة حملتك إليها رياح الربيع العربي ونسمات الإصلاح وشعارات محاربة الفساد، أنا التي صدقت انك ستنقذني من الجهل والفقر، بعد أن قيل لي انك وصلت إلى السلطة بعد أول انتخابات قيل إنها نزيهة بإجماع الكل، وأول دستور جديد منحك صلاحيات واسعة..

قال أحد جيراني في حوار لموقع “فبراير.كوم” أنني وأبنائي ضحية مغرب متخلف، وأن بعض المسؤولين تسابقوا لالتقاط صور خلال جنازة، قيل إن الملك تكفل بنفقاتها مشكورا وهو يعزي زوجي وابنتي الوحيدة التي بقيت من بعدي.. وأضاف (جاري دائما) إن لك رواية تقول أن ثمة تماسيح وعفاريت تحاربك، وأن صراعا سياسيا تم باسمي وباسم الشعب المغربي.. أين كان هؤلاء المسؤولين حينما كنت أحترق؟  

لقد مت بلا كرامة، مت بشرف نعم، وكنت ولازلت تلك المرأة المكافحة التي بكاها كل بنات وأبناء الحي، لكنني مت محروقة متفحمة، أدثر أولادي برمادي وأنا معزولة اصرخ..
لا تسألني لماذا لم اطرق الخزان! ولماذا ولجت الكراج وأنا اعرف يقينا أن أبنائي قضوا، لا تلمونني فأحلام الأم بلا حدود، حلمت ان انقد عظامهم من التفحم، وربما أساعدهم على تلاوة الشهادة.. حلمت وحلمت، ومت بينهم..

أنا اليوم مباركة المحروقة، وبالأمس فدوى العروي، وقبلها أمينة الفيلالي، والطفلة وئام، وغذا المكلومة “مباركة بيس” التي لا تحمل من الاسم إلا الوهم…

أشعر أن آلتك بطيئة وخطابك مكرر وأنك عاجز عن الحركة… وقد بلغني انك قلت خلال حملتك الانتخابية، إن المغرب في حاجة إلى رئيس حكومة شجاع يمتلك درجة عالية من الجرأة..
أرجوك إما أن تكون شجاعا وتقول الحقيقة وتقلب طاولة الفساد والإهمال الذي ينخر هذا البلد وتتخلى عن الشكوى من التماسيح والعفاريت التي باتت مكررة، أو قدم استقالتك، وإلا فإنك تلعب اللعبة ذاتها التي لعبها قبلك رؤساء حكومة سبقوك، ولن يذكر التاريخ أكثر من ذلك!

 

مرية مكرم فبراير كوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق