أوعمو : لماذا ساكنة تيزنيت ضد بناء المحطة الحرارية ؟

مع ما يتطلب الأمر من اتخاذ الحذر و الغحتراز لتكون المشاريع الطاقية في مستوى الإلتزام بقواعد و مبادئ حماية البيئة و ضمان الاستدامة.
لذلك فإن المسألة لا تتعلق بمناهضة إقامة محطة لإنتاج الكهرباء ، لكن الخلاف قد ينحصر من جهة في الموقع المختار لبناء المشروع و تبعاته البيئية و طريقة اختيار هذا الموقع من طرف الجهات المعنية، و من جهة أخرى في نوع الطاقة التي تشتغل بها.
و بالنظر لعدم احترام المساطر القانونية من بحث عمومي و إعداد دراسة التأثير على البيئة و عدم احترام مقتضيات الميثاق الجماعي ، و خاصة  المادة 44 منه و تجاوز مساطر التعمير و عدم الإلتزام بمبادئ الشراكة و التشاور، يتضح أن كل المساطر التي يتعين إنجازها قبل إعداد دفاتر الشروط و التحملات و الإعلان عن طلب العروض، هي كلها غير محترمة بل وقع استدراكها بطرق تكاد أن تكون مغشوشة و فاقدة لأبسط شروط النزاهة و الشفافية، إن لم نقل أنها مختلفة.
لكن الأسباب الرئيسية التي جعلت جماعة تيزنيت و ساكنتها بجانب بقية الجماعات و ساكنة الإقليم برمته تقف ضد المشروع تكمن في :

– كون تيزنيت مدينة عتيقة صنفت ضمن التراث الوطني منذ سنة 1932 كما صنف موقع مدينتها العتيقة و مجالات توسعه و حمايته سنة 1954. و بالتالي، فما يرتبط بها من ذاكرة و تاريخ حوض سوس الأدنى و الدور الذي لعبته عبر تاريخها كملتقى للحفاظ على الأمن و ضمان الإستقرار بين القبائل و ربط الأقاليم الصحراوية بشمال المملكة هو جزء من الذاكرة الوطنية.

– إن الحفاظ على مركز تيزنيت و مكانتها كعاصمة  للإقليم، و ما تحمله من تراث و تاريخ و ذاكرة مشتركة هو من مسؤولية الدولة أولا و هي تتقاسمها مع ساكنة الإقليم.

– إن الحمولة الثقافية و التراثية للفضاء الذي وقع عليه الإختيار لتشييد المحطة الحرارية هو جزء من مزارع أزغار الذي هو عقار جماعي عمومي يستقبل كل سنة قوافل و خيام ساكنة الجبال من الشرفاء و الفقراء في أفواج لتنظيم المواسم الدينية و الثقافية عبر الأضرحة و المدارس،  و خصوصا في موسم الصيف لإحياء ذاكرة زاخرة و غنية تشمل الجوانب الدينية و الروحية و الإقتصادية و الثقافية لساكنة الإقليم.

– إن الموقع المختار لزرع المشروع هو فضاء تاريخي يحمل حمولة خاصة لكونه يعد مربطا لتحالف القبائل دفاعا عن وحدة البلاد و استمرار سلالة الأشراف العلويين و إقرار مملكة موحدة في مواجهة إقامة إمارة معزولة في المنطقة.

– و انطلاقا من إيماننا بالطبع التقليدي الأصيل لمدينة تيزنيت و عراقتها في تاريخ سوس، و ما تحمله من رموز و دلالات ما تزال حية في ذاكرة الأجيال، فلم يكن للمجالس المحلية المتعاقبة – تحت ضغط و غسرار الساكنة – من خيار سوى وضع مخطط تنموي للجماعات و محيطها يستهدف الإستدامة و تثمين التراث بمختلف تجلياته المادية منها و الغير المادية و الطبيعية. فاعتمدنا بالدرجة الأولى على استثمار المجال البيئي و الدفاع عنه  و ادماجه كلية في خياراتنا التنموية معتمدين في ذلك مبادئ و قواعد التنمية المستدامة و الحفاظ على البيئة. مما جعل ساكنة تيزنيت تدافع باستماتة عن تثمين واحتها داخل المدار الحضري، و عن اختيار أسلوب إيكولوجي لصرف مياهها العادمة.

– إن قرار بناء محطة لأأنتاج الكهرباء عن طريق الفيول الثقيل على مرمى حجر من المدار الحضري للمدينة يكون خطرا محدقا على مخططات التنمية بالجماعة، و سيجهز على كل ما تحقق من مشاريع تبنتها و دافعت عنها ساكنة المدينة بمقاربة تشاركية و تشاورية أكيدة.

– إن وثائق التعمير، كما اعتمدتها ساكنة المدينة، تتجه نحو تصور مندمج و متكامل و متناسق بين عناصر المدينة القديمة و محيطها. و هذا المشروع المزمع غرسه بجوار المدار الحضري يتناقض كلية مع توجهات وثائق التعمير و مع الخيارات التنموية للمدينة.

– فإذا كانت دواعي اختيار موقع زرع المحطة الحرارية بجوار تيزنيت، جهة الشرق، هو وجود طريق معبد نحو مدينة تافراوت ووجود  مولد كهربائي بجانبها، فإن ذلك لايمكن أن يتحقق على حساب ذاكرة المدينة و موقعها الإعتباري، و يلغي خياراتها التنموية و يمحي أدوارها التاريخية و الثقافية و العمرانية، باعتبارها المدينة المركز للإقليم، ولها واجب و مسؤولية الدفاع عن نفسها كمكسب للتيزنيتيين و لجميع المغاربة.

– إن المجلس الجماعي لما صوت بإجماع أعضائه  على قرار الإعتراض و التعرض على بناء المحطة الحرارية بالقرب من المدار الحضري في الوقت الذي يمكن فيه بناء هذه المحطة في أماكن عديدة سواء داخل الإقليم أو خارجه، فإنه قام بواجبه و تحمل مسؤولية الدفاع عن المدينة و عن مزاياها و مميزاتها و عن مكتسباتها و رموزها …  و يحمل بذلك المسؤولية كاملة للجهة التي تحمل المشروع و تحاول تنفيذه قصرا و كرها، قبل التأكد من سلامة اختيارها.

النص الكامل لكلمة رئيس المجلس البلدي لتيزنيت في أشغال اللقاء التواصلي حول الوضع البيئي بالإقليم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق