المنار اسليمي: "الأمن القانوني" بالمملكة مهدد والدستور الجديد في خطر

من المجلس الدستوري تجريد السيد “احمد حاجي “من صفته بحكم القانون ،لكن، أن يتجاوز المجلس الدستوري الطلب إلى تمديد عضوية ثلث أعضاء مجلس المستشارين المنتهية ولايتهم منذ أكتوبر الماضي ،فان الأمر يحتاج إلى فتح نقاش دستوري وسياسي لان القرار يتجاوز حالة التمديد لثلث من المستشارين انتهت ولايتهم وأصبحوا بدون سند دستوري و قانوني ، ليطرح تساؤلات حول حالة “الأمن القانوني” بالمملكة وحالة دولة القانون والمؤسسات في مرحلة سياسية يسود فيها صراع حول تنزيل الدستور.
فالمجلس الدستوري، ربط في قراره بين شيئين لا علاقة بينهما، ربط بين حالة تجريد مستشار فرد من عضويته و حالة تمديد عضوية ثلث من المستشارين انتهت مدة انتخابهم في مجلس المستشارين منذ شهر أكتوبر الماضي ،وهي قضية تتعلق بالتمثيل السياسي وسيادة الأمة في ممارسة الانتخابات ودرجة احترام تصويت الناخبين ، ويبدو أن قضاة المجلس الدستوري أرادوا في القرار رقم 12-911 الإجابة بطريقة غير مباشرة على النقاش الذي أثير في الفضاء العمومي حول ظاهرة استمرار عضوية تسعين مستشارا في مجلس المستشارين ،لكن إجابتهم جاءت “محتشمة” بصياغتها وسط فقرات القرار بمنطوق يصرح فيه فقط بتجريد السيد “احمد حاجي” من عضويته ، وحاملة بذلك ، لسابقة خطيرة في تاريخ المحاكم والمجالس الدستورية في العالم ،فمن هي الجهة التي طلبت رأي المجلس الدستوري في مجال ليس من صلاحياته نظرا لارتباطه بسيادة الأمة التي تمارسها بطريقة مباشرة او غير مباشرة ؟ وهل كان قضاة المجلس الدستوري واعين وهم يمددون عضوية ثلث المستشارين أن المسالة مرتبطة بثابت من الثوابت الدستورية التي تختار فيها الأمة ممثليها في المؤسسات المنتخبة كما يشير الى ذلك الفصل الثاني من الدستور؟
سابقة خطيرة في تاريخ عمل المجلس الدستوري: لا احد طلب رأي المجلس الدستوري ولا يحق له النظر في ذلك من تلقاء نفسه
وبالرجوع إلى مضامين قرار المجلس الدستوري رقم 12-911 نلاحظ أن الطلب انطلق برسالة من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس التي يطلب فيها من المجلس الدستوري التصريح بتجريد السيد “احمد حاجي “المنتخب في نطاق الهيئة الناخبة المكونة من أعضاء غرف التجارة والصناعة والخدمات لجهة فاس –بولمان ،و هنا يلاحظ توقف رسالة الوكيل العام للملك عند حدود طلب تجريد السيد “احمد حاجي “من صفته كعضو في مجلس المستشارين بناء على المادة 12 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين، هذه المادة التي تنص على أن تثبت المحكمة الدستورية التجريد من هذه الصفة مما يعني البت في حدود طلبات وكيل الملك في رسالته ،لكن المجلس الدستوري لم يقف عند حدود الإثبات ،وانما تجاوز ذلك في سابقة خطيرة إلى النظر في قضية دستورية لم تطلب منه وليس هناك في الدستور المغربي او القانون التنظيمي للمجلس الدستوري ما يعطيه صلاحية النظر فيها وهي حالة ثلث المستشارين المنتهية مدة عضويتهم ،وبمنح نفسه صلاحية النظر في هذه الحالة بدون سند دستوري او قانوني ،فانه يكون بذلك قد خرق الشرعية الدستورية ووضع نفسه أمام حالة شطط في استعمال السلطة الدستورية بخلق سابقة خطيرة لا مثيل لها في التجارب الدستورية في العالم ولم ترد من قبل في تاريخ القضاء الدستوري المغربي سواء مرحلة اللجن الدستورية المؤقتة السابقة او الغرفة الدستورية ولا المجالس الدستورية السابقة عن التشكيلة الحالية ، فالتمديد لثلث أعضاء مجلس المستشارين المنتهية ولايتهم ليست قضية عادية ،لان المجلس الدستوري هنا مارس سيادة ليست له وحل محل جسم ناخبين كبار صوتوا في سنة 2003 على أعضاء مجلس للمستشارين بسقف أقصاه تسع سنوات .
لكن اخطر ما في الأمر ، هو التعامل مع الحالة بدون مجهود تأويلي يمد الجسر مابين الحالة والقواعد الدستورية المنصوص عليها في الفصل 176 المشار إليه في القرار ،اذ ان قواعد تحليل المضمون تبين ان قضاة المجلس الدستوري بدوا عاجزين عن ممارسة التأويل فجمعوا في إحدى حيثيات قرارهم جملا غريبة وعجيبة في ربطها مابين حالة تجريد عضو مستشار وحالة ممارسة للسيادة باسم الأمة من طرف ثلث من الأعضاء انتهت ولايتهم بحكم القانون ،وذلك لما أورد في قرارهم الحيثية التالية :
” …وحيث انه ،لئن كانت مقتضيات المادة 92 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين توجب تنظيم انتخابات جزئية اذا قررت المحكمة الدستورية تجريد عضو بهذا المجلس من عضويته بسبب فقدانه الاهلية الانتخابية ،فانه يستفاد مما قرره الدستور ،في فصله 180،مع مراعاة أحكامه الانتقالية ،من نسخ نص الدستور الصادر في 7 اكتوبر 1996،وهو النسخ الذي يفقد هذا الدستور أي وجود قانوني لايجوز معه إحياء بعض احكامه والعمل بها او الاستناد اليها ،ومما ينص عليه في فصله 176 من استمرار مجلس المستشارين ،القائم في تاريخ دخول الدستور حيز التنفيذ والمنتخب وفق احكام الدستور السابق ،في ممارسة صلاحياته الى حين انتخاب المجلس الذي سيخلفه ،أن استمرار اعضاء مجلس المستشارين ،بصرف النظر عن تاريخ انتخابهم ،في ممارسة مهامهم بهذه الصفة الى حين انتخاب المجلس الجديد ،يقتصر على الأعضاء الذين يتشكل منهم هذا المجلس بتاريخ 29 يوليو 2011 ،تاريخ دخول الدستور حيز التنفيذ ،ولا يمتد الى غيرهم …”، فالحيثية تبين ان قضاة المجلس الدستوري عمدوا الى منح ترخيص تمديدي بدون مجهود تأويلي وكأننا ،في فهم المجلس الدستوري ،أمام فصل واضح من الدستور تمت صياغته بطريقة عالجت بصفة خاصة مسالة ثلث أعضاء مجلس المستشارين وحسمت الأمر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق