لماذا أعاتب بنكيران؟ بقلم عبدالله وسخين

هؤلاء هم أبناء بنكيران

لم يسلم أي رئيس حكومة في المغرب من الانتقاد لكن السيد بنكيران و حزبه لا تتسع صدورهم لذلك, رغم أنهم في السابق كانوا كذلك يكيلون النقد لأسلافهم وبالتالي فلا يمكن مطالبة الجميع بالصمت حتى تحقق الحكومة وعودها أو جزءا منها. ولا يمكن أن تكون كل الانتقادات مبنية و مؤسسة ,فالسياسة تنافس و قد تغيب عنها الاخلاق في بعض الأحيان  إن لم نقل في جلها. في هذه الأسطر المعدودة سأحاول سرد بعض مكامن “المعاتبة” لرئيس الحكومة.

الجميع يعلم الظروف الذي جاءت فيه هذه الحكومة و الآمال العريضة المعلقة عليها لتحصين مكاسب الدستور الجديد و القطع مع انتظارية “المسلسل الديمقراطي” خصوصا من طرف حزب العدالة و التنمية الذي يمكن نعته بالورقة الأخيرة التي يمكن أن يعلق عليها آمال كبيرة مادام أن كل الأحزاب أخذت حظها من تدبير الشأن العام باستثناء “اليسار الراديكالي”, يضاف الى ذلك ما كان معروفا عن قيادي العدالة و التنمية من مواقف “شجاعة” في اتجاه “الدمقرطة” خصوصا “الصقور “منهم.

وقد كان البرنامج الانتخابي للحزب طموحا و من خلاله سنحاول إثارة بعض الثغرات على أنه يجب التذكير بأن الانتخابات التشريعية جرت و بعض المعطيات كانت معلومة لدى الحزب و لم تستجد عليه بعدها و ذلك لدحض تلك التبريرات التي يتم تكرارها على مسامع المواطنين و أولها نتائج الحوار الاجتماعي و تكلفته المالية و التي لم يبدي الحزب و لا نقابته أي اعتراض عليها, زيادة على الأزمة الاقتصادية التي دخلت سنتها الثالثة إبانها. يضاف الى ذلك حجم دعم صندوق المقاصة و وضعيات التوازنات المالية للدولة. إذن فكل هذا كان معروفا قبل إعداد البرنامج و هنا وجب التذكير ببعض ملاحظات الخبير الاقتصاد المرحوم بنعلي و التي رفضها الحزب وقتها و أكد على مصداقية برنامجه.

على المستوى السياسي  لم يوفق رئيس الحكومة في تشكيلته و لم يف بوعد تقليص عددها بل استمر في تقديم تنازلات تلو الأخرى حتى وصل العدد إلى ما يقارب الأربعين إرضاء للخواطر ليس إلا. كما أنه لم يقطع مع عهد التكنوقراط بل مكّنهم  في النسخة الثانية من مقاعد إضافية و من تم ضاع حلم الحكومة السياسية المسؤولة أمام المواطنين. يضاف إلى ذلك ضعف التأويل الديمقراطي للدستور من خلال القوانين التنظيمية و كمثال بقاء الوصاية على الجماعات و الجهات و تعثر قانون الحصول على المعلومة و الجدل حول الحسابات الخصوصية الواردة في القانون التنظيمي للمالية. لكل هذا يمكن إضافة بعض النقط الواردة في برنامج الحزب لم نر لها أثر و تتعلق بتقنين و ضبط دور الأمانة العامة للحكومة و إحداث وزارة مختصة في الجهوية و الجماعات المحلية مما سيقطع مع التدخل المثير للجدل لوزارة  الداخلية في الشؤون الجماعية . يضاف إليهما تبني البرنامج الانتخابي لمراجعة التشريعات المتعلقة باختصاصات العمال  و ملاءمتها مع  الاختيارات الجديدة للدستور و الدور الجديد للدولة وتجريم كل خرق  للقانون يؤدي الى الحد من حرية الاجتماع و التجمهر أو التظاهر و عرقلتها واشراك المغاربة المقيمين بالخارج في الانتخابات التشريعية و هنا التساؤل عن كيفية الإشراك ؟ و كنقطة أخيرة ورد في ذات البرنامج فتح الحوار مع اسبانيا حول سبتة و مليلية و طرح المبادرة على مستوى الأمم المتحدة في لجنة تصفية الاستعمار.و لكن الأمر محسوم بإعلان رئيس الحكومة أن الأمر غير مطروح حاليا.

على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي  يطلع علينا حزب رئيس الحكومة بوعود مهمة  من قبيل رفع الدخل الفردي ب 40 في المئة و تخفيف العبء الضريبي على الدخل على الفئات الدنيا و المتوسطة و رفع مساهمة ذوي الدخول العليا

و إقرار منظومة  جديدة للضريبة على القيمية المضافة في أفق إعفاء المواد الأساسية  الغذائية و الطبية و تطبيق 30 في المئة على المواد المكملة .كما أن هذا البرنامج يتوخى معدل النمو محدد في  7 في المئة وتقليص معدل الفقر بالنصف إضافة الى خفض معدل البطالة بنقطتين و الوصول بنسبة الأمية الى 20 في المئة  و احتلال المرتبة 40 في مناهضة الفساد و مضاعفة عدد وحدات السكن المنجزة فعليا و تحقيق المرتبة 90 في مؤشر التنمية البشرية ورفعالحد الأدنى للأجور ليصل الى 3000درهم و المعاش الى 1500 درهم مع تقوية الطبقة المتوسط و القيام بسياسة ارادية لإنهاء  اقتصاد الريع و الاحتكار  و الهيمنة و الحد من المضاربة إضافة الى وضع سياسة استباقية  جراء تقلب أسعار المواد الطاقية وانشاء منحة شهرية للتدريب لفائدة حاملي الإجازة المعطلين لمدة سنتين وتحمل نفقات لذوي الإعاقة بدون دخل و بدون عائل.

إننا بسرد بعض ما نراه إخفاقا لا تغمرنا سعادة و لا ننكر “منجزات” هذه الحكومة و من خلالها مساهمة حزب العدالة و التنمية و إنما سعينا دائما لتحفيز رئيس الحكومة للعمل على تقوية المؤسسات و تحقيق العدالة الاجتماعية بدل ما يمكن تسميته “بالتحامل” على فئات بعينها دون أخرى كما في حديثه عن تقاعد الوزراء و البرلمانيين و الحديث عن إنهاء مساهمة ذوي الأجور العليا في ضريبة التضامن. ثم إننا كذلك نذكر أن هذا الوطن كان قائما قبل هذه الحكومة و لا ينبغي إشعار المواطنين و كأن كل شيء حصل فجأة خلال أربع سنين و أن من هو خارج الحكومة لا يعرف أو تهمه مصلحة الوطن أكثر .

 

عبدالله وسخين

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق