المدرسة الجماعاتية رسموكة في مفترق الطرق؟

العائق الأول: الجدوى من المشروع؟

إذا كانت المدارس الجماعاتية هي البديل التربوي الذي تهدف من خلاله الدولة إلى الحد من ظاهرة الهدر المدرسي بتوفير جميع الشروط الضرورية لضمان تمـــــــدرس مستمر وبجودة عالية، فإن المتأمل للخريطة التربوية لجماعة أربعاء رسموكة ليقـــــف عند الكم الهائل للوحدات المدرسية الابتدائية المنتشرة بكامل تراب الجماعة إلــــــــى درجة ينتفي معها الحديث عن شيء اسمه الهدر المدرسي. هذه الحقيقة تجعلنا نتساءل عن الجدوى من المشروع ؟
لنتجاوز هذا الإشكال، ونقارب الموضوع من زاوية أخرى ترى بأن البديــــــــــل التربوي الجديد إنما جاء ليخدم موضوع الجودة في مقابل الحد من ظـــــــــاهرة الهدر المـــــــدرسي.
في هذه الحالة نكون أمام مقاربة جديدة وجديرة بالعناية الاهتمام لما تنطوي عليه شروط وأهداف من العيار الثقيل.
مدخل الجودة هذا في نظري المتواضع، يمكن اعتباره من أهم المقاربـــــات التي يمكن المراهنة عليـــــــه في  المشــــــــروع الجديد، لكن شروطها إلى حد كتابة هذه السطور غير متوفرة، ولا تلوح في الأفق لا على المدى القريب.
ضرب مبدأ الجودة في الصميم  يظهر جليا لمن تتبع خطوات إنجاز المشروع مند بدايته وإلى يوم الناس هذا، وما العوائق التي نحن بصدد تحليلها إلا خير دليل على ما نقول.

العائق الثاني: مواصفات المشروع لا تستجب لحاجيات المنطقة:

إن مشرعا تربويا بحجم المدرسة الجماعاتية ليحتم على المعنيين به أخذ نسبة عالية من الحيطة والحذر عند وضع الدراسة الخاصة به، وكذلك عند اختار المكان المناسب ، لأنه ليس مشروع سنة أو سنتين، ولا عقد أو عقدين، بل مشروع أجيال، لابد أن يستجيب فضاؤه لكافة الشروط التربويـــــــة اللازمـــــــــــــــــة:”المكان، التصميم، الحجرات الدراسية الكافية، الساحات، الملاعب، واجهة المؤسســـة، ….”.

كل هذه الشروط وغيرها مما لم نشر له لا نكاد نجد له أثرا في المشروع الجديد، أكثر من ذلك، انتهى إلى علمنا هذه الأيام اشتغال المصالح المختصة في النيابة على دراسة لزيادة أقسام جديدة للمشروع في الحيز الضيق المخصص أصلا لساحة المدرسة. وهو مـــــا يعكـــــس عين العبث في التخطيط.  
أما العيوب الفنية للمشروع فنكتفي بذكر واحدة منها، تخيلوا معي سور المؤسسة في إحدى جهاته يصل ارتفاعه إلى خمسة أمتار ومع ذلك الارتفاع يستطيع المارة من الخارج أن يتتبعوا كل ما يجري داخل المؤسسة. إنه انفتاح على المحيط من نوع جديد.

كل ذلك دفعني شخصيا إلى التساؤل: هل المسؤولون عن المشروع قاموا بدراسة علمية حددوا من خلالها مواصفات المدرسة الجماعاتية المطلوبة بناء على إحصائيات دقيقة ومتوفرة ، أم أن الموضوع عولج بمقاربات أخرى لم نتمكن من معرفتها نحن الرأي العام؟
أسئلة نرفعها لمن يهمه أمر تدبير هذا المشروع علنا نظفر بأجوبة مقنعة في القريب العاجل. ” ومن نافلة القول التذكير أن من حقنا معرفة هذه المعطيات بمنطوق الدستور الجديد للبلاد”

العائق الثالث: غياب دعامات المدرسة الجماعاتية:

وتتمثل هذه الدعامات فيما يلي: وجود الفضاء التربوي المناسب، العرض التربـــــــــــوي الموســــــــع، التنظيم التربوي المحكم، التغذية، وأخيرا النقل المدرسي.
فكل هذه الدعامات إما غائبة أو مشلولة، ولم تسلم منها إلا الدعامة الأخيرة المتعلقة بالنقل المدرسي.
•    فالفضاء التربوي ضيق، لا يمكنه أن يسع إلا فوجا واحدا، أي نصف العدد الإجمالي للتلاميذ المتمدرسين بالمؤسسة هذه السنة حتى يتمكنــــــــــوا من الاستفادة من الحصص الصباحية والمسائية في إطار ما سمي بالــــعرض التربوي الموسع.
•    أما العرض التربوي المقدم فقد تم تقزيمه ليستجيب لإكراهات المؤسسة، مع العلم أن الآباء والأساتذة كانوا ينتظرون تحسنا في هذا المجال.
•    التنظيم التربوي واستعمالات الزمن تحكمت فيها إكراهات المؤسسة الضيقة.
•    التغذية وعد بها التلاميذ، ووعد الحر دين،  لكنها تبـــــــخرت مع مرور الأيام.

العائق الرابع: فوضى وهدر في تدبير الموارد البشرية:

لغياب الدعامات الأساسية للمدرسة الجماعاتية تأثير مباشر على الاستثمار الأمثل للموارد البشرية، فقد عرف تدبير هذا الملف ارتجالا ملحوظا بلغ حد تكليف أساتــــذة بالعمل في المؤسسة في إطار محاضر رسمية ليتوصلوا بعد ذلك بإشعارات تخبرهــم بضرورة الرجوع إلى مقرات عملهم الأصلية بدعوى أنهم غير معنيين بالمدرســـــــة الجماعاتية هذه السنة، ليفتح المجال لوضع تنظيم تربوي آخر تكلف بموجبه مجموعة من الأساتذة بالتدريس(19 أستاذ)، وتكلف من بقي في الاحتياط  بمهام الدعم التربوي والخزانة المدرسيـــــــــة والإعلاميات(05 أساتذة)، مع الإشارة إلى أن هذه المهام كانت خالية من أي مضمون تعاقدي.
يعمل الأساتذة في المؤسسة الجديدة بتكليفات مؤقتة، ويتساءلون عن وضعيتهم القارة كيف ستكون وما القوانين التي ستنظمها وعن أقدميتهم في المجموعات الأصلية، ولم يظفروا بأي جواب شاف في الموضوع.
وتجـــــــــدر الإشارة إلى أن المؤسسة يسيرها ثلاث مدراء، الأول مدير رئيسي، والثاني مدير تربوي، والثالث مدير اجتماعي.

بعد هذا الجرد السريع لأهم العوائق البنيوية التي تحول دون إعطاء الانطلاقــــــة المؤثرة للمدرسة الجماعاتية برسموكة، لتكون في مستوى تطلعات الأبناء والآبــــــ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق