الطّْلبة والطلاَّبة : بقلم مصطفى باحدة

“الطّلبة” لم تعد كما كانت من قبل وقفا على المعدومين، بل احترفها العديد من الناس واحترفتها كذلك الدول، لأن ثمنها قليل وأجرها كثير، وأصبح الكثير ممن يتعاطون هذه الحرفة أكثر تنظيما، شبكات بمدير عام وسكرتيرات ومسؤولي الموارد البشرية والتسويق…كما أصبحت تنحو لتكون أكثر تخصصا : شبكات الأيتام، ذوو العاهات، عابرو السبيل، أصحاب البكائيات … كما انفتحت في إطار استراتيجيتها التسويقية الجديدة على جنسيات مختلفة ممن هجروا بلدانهم لاهثين وراء رغيف الخبز.
في المساجد، وبشكل شبه يومي لا يكاد الامام يسلم حتى يقف شخص يتباكى ويتحسر ويتألم، يريد دقيقا فقط أو تذكرة سفر أو ثمن دواء أودفع كراء البيت المتراكم أو…
أيا كان جنسه وجنسيته فهو يطلب شيئا واحدا :المساعدة، وكم يكون المشهد مضحكا حين تَرِقُّ قلوب المصلين وتتعاطف مع إحداهن ممن أبدعت في ذرف الدموع بغزارة بينما تستشيط الأخريات غيظا وغضبا حين يرين الدراهم تتقاطر عليها، وهن اللائي لم جفت دموعهن ولم تسعفهن أيضا لاستذرار نقود المحسنين.
لقد كانت بعض القنوات الاذاعية سباقة لتنظيم العمل الخيري والتضامني، كما اتخذت الدولة مبادراتها الخاصة في هذا المجال كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث تم جعل التنمية والتضامن استراتيجية ذات أبعاد مستديمة عوض جعلها مبادرات متقطعة، ومع كل هذه الجهود فالظاهرة أكبر من أن يتم احتواؤها، ولازالت جد مستفحلة.
إن مجموعة من هذه البرامج التلفزية أظهرت أن بعض  “السعاية” كانوا يكتنزون المال الكثير ويعيشون مقابل ذلك حياة الجرذان، فالمهنة عندهم صالحة فقط لجمع الأموال.
على هذا النحو، يجب احتضان هؤلاء وتنظيم مهنتهم بالتكوين الأساس والمستمر، وخلق مسالك تكوينية تحت شعار: ” كيف تكون طلابا ناجحا؟ أو كيف تجلب ما تريد؟
الدول أيضا تطلب وتمد اليد كي تستجلب المنح والهبات، فالأفراد يبيعون ماء الوجه في سبيل الاغتناء، لكن الدول تبيع أشياء أكبر، المانحون الذين يعطون بسخاء لا يبتغون لا أجرا ولا توابا، بل يشترطون أن تنفتح الدول المستفيدة في وجوههم وأمام نزواتهم وأن لا تمانع ضد مخططاتهم التي ظاهرها تنمية وباطنها تبعية اقتصادية وسياسية، يريدونها دولا تسبح بحمدهم وتقول لكل دعواتهم: آميـــــــــــن
الدول الفقيرة لا خيار لها سوى الانخراط في مشاريع الأقوياء، ولا موقف لها سوى ذلك الذي يتخذه المانحون.
الانفتاح على الآخرين قَدَرُنا نحن فقط، فأن تغني تلك المغنية بتُبَّانٍ فقط، وأن يفسح المجال للمثليين، وأن تغترب لغتك في بلدك وان يهيم شباب البلد بفنون الآخرين، كلها مؤشرات تعني أنك تستطيع أن تستمر “طلابا” منفتحا، فهل هؤلاء المانحون منفتحون على لغاتنا وفنوننا وثقافتنا؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق