رأي: مقاطعة النقابات لفاتح ماي هدية من ذهب للباطرونا وصفعة للطبقة العاملة

image

 

عبد السلام العسال –

في غفلة من الجميع، وفي سابقة خطيرة غير محسوبة العواقب في تاريخ العمل النقابي في المغرب، قررت ثلاث مركزيات نقابية (امش التوجه البيروقراطي، كدش، فدش) وفي أخر لحظة ودون إشراك قواعدها المناضلة، مقاطعة تخليد فاتح ماي 2015، متوهمة أنها أبدعت شكلا نضاليا جديدا ناجعا للاحتجاج على تلكؤ الحكومة في الاستجابة إلى مطالبها.

شخصيا أحسست برائحة الخيانة، خيانة الطبقة العاملة، تنبعث من هذا القرار الطائش والمسموم، ذلك أن المقاطعة الفعلية التي يراد منها، بالفعل، أن تكون شكلا نضاليا هي تلك التي تسير في اتجاه تأزيم وضع ما وإرباك الخصم كمقاطعة جلسات الحوار مع الحكومة أو مع الباطرونا، أو مقاطعة اجتماع رسمي، أو مقاطعة حفل رسمي أو مقاطعة جلسة في البرلمان أو مقاطعة الانتخابات، لكن أن تقاطع النقابات تخليد الطبقة العاملة لعيدها الأممي الذي حققته كمكسب تاريخي عبر العديد من التضحيات الجسام، عبر استشهاد العديد من العمال والعاملات، وعبر العديد من النضالات والكفاحات البطولية للطبقة العالمة في مختلف أنحاء العالم، أن تقاطع أكبر مكسب تاريخي للطبقة العاملة، أن تقاطع اليوم العالمي للطبقة العاملة، أن تقاطع عيدها الوحيد والأوحد، أن تعزل الطبقة العاملة المغربية(على الأقل المنتمية لها نقابيا) عن جميع العاملات والعمال في العالم في هذا اليوم الأممي المشهود، فإن ذلك يعني أن هذه النقابات تكون عن سبق إصرار وترصد قد:
ـ فرملت العاملات والعمال والموظفات والموظفين المنتمين إليها من المساهمة في تخليد العيد الأممي للطبقة العاملة ومن رفع أصواتهم للتنديد بالأوضاع المأساوية التي فرضت عليهم من طرف الحكومات الرجعية المتعاقبة ومن طرف نظام لاديمقراطي لا يتوانى في حبك المخططات التصفوية لحقوق ومكتسبات شعبنا، وللجهر بمطالبهم العادلة والمشروعة وللاحتجاج على السياسات الطبقية المنتهجة ضد الشعب المغربي عموما وضد الجماهير الشعبية الكادحة والطبقة العاملة بوجه خاص،
ـ همشت مناضلاتها الشريفات ومناضليها الشرفاء الذين يناضلون بصدق من أجل خدمة الطبقة العاملة وليس استخدامها، كما همشت الأجهزة المقررة لهذه النقابات التي لم تتم حتى استشارتها حول هكذا قرار خطير للغاية،
ـ قدمت هدية من ذهب إلى أعداء الطبقة العاملة، الباطرونا والنظام وسماسرة العمل النقابي، وذلك كترجمة للزواج الكاتوليكي بين هذه القيادات البيروقراطية والباطرونا وممثلي النظام والحكومة(لنستحضر حضور مريم بنصالح وبنكيران وبنعبدالله وطريقة الاحتفاء بهم من طرف سي الميلودي في المؤتمر الأخير لل ا م ش، وقبل ذلك بسنوات حضور ادريس البصري في مؤتمر ك دش)،
ـ وجهت صفعة غادرة وملغومة إلى الطبقة العاملة وإلى كل القوى الديمقراطية المساندة لها،
وكل ذلك، في نظري،يشكل خيانة حقيقية لنضالات وتضحيات الطبقة العاملة وعموم الجماهير الكادحة، وهذه الخيانة لا يجب أن تمر بسهولة، إذ علينا جميعا أن نطرح على أنفسنا نحن المناضلات الديمقراطيات والمناضلين الديمقراطيين، وفي مقدمتنا المنتميات والمنتمين لهذه النقابات ذاتها، سؤال إلى أين تسير بنا هذه القيادات البيروقراطية؟ وهل علينا أن نساير هذا الاتجاه الانبطاحي إلى ما لانهاية أم علينا أن نقف بحزم ضد هذا الاتجاه المتعفن، ذلك هو السؤال الذي يقتضي جوابا حازما وصارما ليس فقط على مستوى التحليل والرؤية ولكن أيضا على مستوى ترجمة هذه الرؤية وذلك التحليل إلى ممارسة ثورية ضد الهيمنة البيروقراطية على النقابات وتوظيفها لخدمة مصالحها الضيقة عبر تقديم “خدمات جليلة” للباطرونا ولأعداء العمل النقابي الجاد والمكافح وأعداء الكادحين وعلى رأسهم الطبقة العاملة،
لقد آن الأوان لننتفض ضد البيروقراطيات النقابية التي أصبحت خياناتها واضحة للجميع،
فأن نكون أو لا نكون تلك هي المسألة التي ما قبلها ولا بعدها مسألة

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق