التقرير السياسي لحزب العدالة والتنمية بجهة سوس ماسة درعة

العدالة والتنمية

توصلت تيزنيت 24 بنسخة من التقرير السياسي لحزب العدالة والتنمية بجهة سوس ماسة درعة، وفيمات يلي نص التقرير كما ورد إلينا …

 

السيدان الوزيران

السيدات والسادة المسؤولون الجهويون للأحزاب السياسية

السيدات والسادة البرلمانيون والمنتخبون وممثلو القطاعات الوزارية بالجهة

السيدات والسادة رجال الإعلام والصحافة

معشر الضيوف الكرام

الإخوة والأخوات مناضلو ومناضلات حزب العدالة والتنمية

مقدمة

في البداية اسمحوا لي أن ارحب بكم في هذا الحدث السياسي بمناسبة انعقاد المجلس الجهوي لحزب العدالة والتنمية بجهة سوس ماسة درعة في دورته الثالثة الذي نفتتح أشغاله اليوم بحضور وتأطير الوزيرين المحترمين، عبد العزيز رباح و مصطفى الخلفي عضوي الأمانة العامة للحزب .

هانحن ولله الحمد نفتتح أشغال هذه الدورة مجسدين بذلك  سياسة اللامركزية في تدبير شؤون الحزب، بعد أن نجح حزبنا في تنزيل سياسة تفويض صلاحيات سياسية شاملة للكتابات الجهوية للحزب منذ عدة سنوات، فالكتابة الجهوية هي – حسب قوانين الحزب ووثائقه-قيادة سياسية في مجالها الترابي بكل ما تعنيه القيادة السياسية من دلالات ومعاني، في تناغم تام مع السياسات الوطنية للحزب، ورؤاه ومواقفه الكبرى وتوجهاته الاستراتيجية.

يشكل المجلس الجهوي مناسبة سنوية للتقييم والتقويم، و الوقوف عند إنجازات مختلف الهيئات التنظيمية والانتدابية للحزب على صعيد الجهة، وكذا الاكراهات التي  قد تكون اعترضت عملها سواء كانت اكراهات ذات طبيعة سياسية أو تنظيمية أو تدبيرية أو تصورية أو غيرها . كما يشكل المجلس الجهوي ورشا مفتوحا  للتفكير ، والتأمل، والتحليل والنقاش العميق حول السياسات العمومية المطبقة بتراب الجهة،  وأيضا ورشا جماعيا لتحليل المشهد السياسي الجهوي عامة والمشهد الحزبي خاصة ، غايتنا في ذلك المساهمة في إنضاج الرؤى والأفكار الكفيلة بالدفع بالتنمية الشاملة بهذه الجهة: جهة سوس ماسة درعة.

 

السيادة المغربية على الصحراء غير قابلة للمساومة

أيها الحضور الكريم

إننا ونحن نعقد مجلسنا الجهوي هذا فان روح المسيرة الخضراء تظللنا ، وروح  عيد استقلال المغرب تحفنا، ولابد أن نقف بخشوع و إجلال أمام  أرواح شهدائنا الأبرار الذين ضحوا بدمائهم من اجل  استقلال الوطن ، ومن اجل وحدته الترابية، لنؤكد في هذا الإطار على تعبئتنا الدائمة تحت قيادة جلالة الملك اعزه الله ونصره للدفاع عن صحرائنا العزيزة، و لنعلن انخراطنا التام في المواقف القوية التي عبر عنها جلالته في خطابه الأخير  بمناسبة الذكرى 39 للمسيرة الخضراء، حيث وقف فيه جلالته على ما عرفته أقاليمنا الجنوبية من تطور، وما طبع مسارها من شوائب، وما تواجهه من تحديات داخلية وخارجية.ومن فقراته الدالة قول جلالته:إن المغرب عندما فتح باب التفاوض من اجل إيجاد حل نهائي للنزاع المفتعل حول صحرائه، فان ذلك لم يكن قطعا، ولن يكون أبدا حول سيادته ووحدته الترابية.  إلى أن قال جلالته بشكل صريح وبلغة حاسمة : يجب التأكيد هنا على أن سيادة المغرب على كامل أراضيه ثابتة وغير قابلة للتصرف أو المساومة “. و ” إن أي شخص إما أن يكون وطنيا أو خائنا. فليس هناك مرتبة وسطى بين الوطنية والخيانة”.

إن مجلسنا الجهوي مناسبة للتأكيد على أن هذا المشكل المفتعل أدى ومازال يؤدي إلى استنزاف المنطقة، والى تهديد استقرارها، والى إعاقة بناء المغرب الكبير بما يمثله من مجال حيوي هائل من الناحيتين الاقتصادية والجيو-ستراتيجية.

دعوة مستعجلة لإنقاذ القدس الشريف

أيها الحضور الكريم

إذ نؤكد على تلكم المواقف حول قضيتنا الوطنية الأولى، فان ذلك لن ينسينا أبدا التأكيد أيضا على موقفنا الراسخ تجاه القضية الفلسطينية، التي مازال مسلسل التآمر الدولي عليها مستمرا بالرغم من بعض الانفراجات وبعض الوعي الذي لمسناه لدى بعض الدول الغربية في الآونة الأخيرة تجلى أساسا في اعتراف دولة السويد بالدولة الفلسطينية، والاعتراف الرمزي بها من طرف البرلمان الإسباني في الايام القليلة الماضية، فإننا نجدد إدانتنا الشديدة  للهجوم الصهيوني الأخير على المسجد الأقصى، الذي استغل الانشغال  الدولي بمحاربة إرهاب ” داعش”  ، والوضع الفلسطيني المتسم بالصراع والانشقاق، والوضع العربي الذي بلغ مستوى لا يحسد عليه من التردي والانحطاط، نعم يتعرض الحرم القدسي إلى الاغلاقات المتكررة أمام المصلين،  والى الاقتحامات التي لا تتوقف من المتطرفين اليهود تحت حراسة شرطة الاحتلال ، والى مصادرة الأملاك والمساكن ، و إطلاق مشاريع التهويد في كل اتجاه. وفي ظل هذا الوضع الذي تعيشه أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين لا يسعنا إلا أن نجدد الدعوة إلى الشعوب الإسلامية في كل بقاع الأرض للتعبير عن رفضها للمخططات الإسرائيلية بجميع وسائل التعبير الممكنة، كما ندعو  الحكومة الى مزيد من التحرك السياسي

 والدبلوماسي لنصرة قضية القدس في المحافل الدولية ، وميدانيا بتخصيص اعتمادات مالية لدعم صمود الفلسطينيين المدافعين عن القدس الشريف.

     كما لا تفوتنا الفرصة دون التذكير بالمعاناة المستمرة لشعبنا الفلسطيني في قطاع غزة وما يتعرض له باستمرار من اعتداءات متكررة في ظل حصار عربي و اسرائيلي جائر يهدف الى قتل روح المقاومة والصمود في نفوس أبناء الشعب الفلسطيني .

    وبهذه المناسبة ندعوا جميع الشعوب والحكومات العربية والاسلامية واحرار العالم الى تحمل مسؤوليتهم تجاه القضية الفلسطينية وصيانة كرامة و حقوق الشعب الفلسطيني.

    كما ننتهز هذه الفرصة للتأكيد على موقف حزبنا المبدئي الرافض  لجميع أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب و نثمن مبادرة فريق العدالة والتنمية النيابي بتقديم مقترح قانون في هذا الشأن.

 

إشعاع مغربي في وسط عربي متوتر

أيها الحضور الكريم

لقد كانت سنة 2014 سنة حبلى بالتطورات و الاحداث دوليا وعربيا ووطنيا،  تركت آثارا واضحة على الوضع  الداخلي للمغرب.

فبقدر ما نتأسف على الأحداث الدامية التي تشهدها عدد من الدول العربية كسوريا والعراق واليمن وليبيا، وتعقد الأوضاع بتلك الدول لأسباب  متعددة منها دخول أطراف إقليمية ودولية على خط الأزمة بها، ومنها  حالة التشظي الداخلي والصراع بين مختلف أبناء الشعب الواحد، بقدر ما نتأسف على كل ذلك وعلى الردة التي شهدتها بعض البلدان العربية الأخرى نحو الاستبداد المطلق، والرجوع إلى حكم العسكر وعودة النظام السابق بواسطة الانقلاب العسكري، والتحكم في المجال العام ، بقدر ما نتأسف على كل ذلك، بقدر ما ننوه ونشيد  بتجربتين متميزتين في الفضاء العربي:

 أولاهما التجربة المغربية حيث دخلت بلادنا بعد ” الربيع الديموقراطي” تجربة سياسية متميزة نقلته إلى طور جديد من أطوار الانتقال الديموقراطي كللت بتنظيم انتخابات تشريعية تعتبر الأكثر نزاهة وشفافية في تاريخ المغرب المعاصر مقارنة  بغيرها من التجارب الانتخابية السابقة، وتشكيل حكومة سياسية حملت اكبر أحزاب المعارضة إلى السلطة :حزب العدالة والتنمية. وهذه السيرورة أدت إلى تجنيب المغرب سيناريو الفوضى والعنف و الاحتراب الداخلي على غرار ما تعرضت له باقي البلدان العربية. انه تحول تاريخي ذاك الذي عرفه المغرب ونحن اليوم على أعتاب المحطة الثانية منه وهي تنظيم الاستحقاقات الانتخابية في الشهور القليلة المقبلة، التي ستكون مناسبة لتنزيل مشروع الجهوية المتقدمة، وهي مرحلة حاسمة في مسار تعزيز المؤسسات الديموقراطية ودولة القانون، وسياسة اللامركزية واللاتمركز، وتقاسم السلطة  والثروة بين المركز والمجال.

 التجربة الثانية هي تجربة تونس الشقيقة التي  نظمت فيها ثاني انتخابات تشريعية منذ قيام الثورة وسقوط نظام بن علي الاستبدادي،  تميزت ليس فقط بحصول حزبين كبيرين على اكثر من 70 بالمائة من مقاعد البرلمان وهما حزب ” نداء تونس” و ” حركة النهضة “، وإنما بانتصار الديموقراطية واختيار الشعب التونسي لممثليه بحرية ونزاهة وشفافية، وانتقال تونس من النظام الجمهوري المزيف إلى النظام الجمهوري الديموقراطي ، عبرت عن نضج كبير لدى النخب السياسية التونسية، التي نحتت مصطلحا ساحرا لحل الخلافات بينها هو مصطلح التوافق، سواء عند وضع دستور جديد للبلاد أو عند تأسيس الهيئة العليا المستقلة لانتخابات، أو عند تشكيل الحكومة السابقة ، أو في غيرها من المحطات السياسية الكبيرة. ولا بد أن ننوه هنا بموقف حركة النهضة التي قدمت تضحيات كبيرة لإنجاح الانتقال الديموقراطي وبادرت إلى الاعتراف بنتائج الانتخابات وتهنئة الحزب الفائز. إن تجربة تونس قدمت نموذجا جديدا للتعاون والتنسيق، والتحاور بين التيارات العلمانية والوطنية والإسلامية واليسارية ، بعيدا عن أي انغلاق حزبي ضيق، أو خلفية ايديولوجية شوفينية لا تراعي المصلحة العليا للأوطان.

الحكومة: نحو مساندة قوية للإصلاحات الهيكلية الكبرى

 أيها الحضور الكريم

لا تخفى على أي سياسي مهتم بالشأن العام بل لا تخفى على أي متتبع وملاحظ التحديات الاقتصادية والتنموية التي تضغط بشكل كبير على عمل الحكومة، وبالخصوص استمرار تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على منطقة اليورو وهو الشريك الاقتصادي الأول لبلادنا، وكذا ضعف نسبة النمو بمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا حيث لم تتجاوز نسبة 2,6% ، واستمرار انكماش التجارة العالمية بسبب استمرار الانكماش الاقتصادي بدول اوروبا الغربية واليابان، كما أن أسعار الفوسفاط عرفت انخفاضا لم يكن متوقعا في الأسواق العالمية. وبالرغم من هذه التحديات فقد تمكنت الحكومة من تحقيق إنجازات هامة من أبرزها:استعادة التوازنات الماكرواقتصادية بتقليص العجز من 7,3% سنة 2012 إلى 4,9%  سنة 2014 ، والحفاظ على الاحتياطيات من العملة الصعبة في مستوى يتجاوز خمسة اشهر، علاوة على الرفع من الاعتمادات الموجهة نحو الاستثمار العمومي إلى 186 مليار درهم سنة 2014 بزيادة 06 مليار درهم عن سنة 2013. و في هذا الصدد لا يمكننا إلا أن ننوه بالقرارات الجريئة التي اتخذتها الحكومة  الحالية بغرض إصلاح ملفات كبرى ملتهبة وحساسة كإصلاح صندوق المقاصة ، وأنظمة التقاعد، وإشكاليات المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب ، ملفات تأخر إصلاحها لأزيد من عشر سنوات بسبب عدم تحمل الحكومات السابقة لمسؤولياتها كاملة، وتغليب بعض مكوناتها للمصلحة الحزبية والانتخابية على المصلحة العليا للوطن. وبالموازاة مع تلكم القرارات الجريئة ، تابعنا أيضا القرارات الحكومية الشجاعة  في المجال الاجتماعي منها المبادر ة الحكومية بتمكين النساء الأرامل من دعم يصل إلى 1050 درهم لكل أرملة لها 03 أطفال يتابعون دراستهم، وهو توجه يرمي إلى محاربة الهشاشة والفقر ودعم القدرة الشرائية لهذه الفئة من المواطنين ، وفي نفس السياق يأتي إحداث  صندوق التعويض عن فقدان الشغل لفائدة الأجراء لتنضاف إلى الإجراءات السابقة كصندوقي التماسك الاجتماعي و التكافل العائلي وغيرها من الإجراءات…

  إن هدفنا اليوم ليس هو استقصاء المبادرات الحكومية في مختلف المجالات وعلى مستوى مختلف القطاعات الوزارية، إنما غرضنا التأكيد على مساندتنا القوية للحكومة الحالية التي تعتبر أول حكومة منبثقة من انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، في ظل الدستور الجديد.

 

جهة سوس ماسة درعة  عريقة حضاريا وتاريخيا

أيها الحضور الكريم،

    إننا ننتمي إلى جهة سوس ماسة درعة  ، تلكم الجهة التي تتميز بالكثافة التاريخية والعراقة الحضارية .ذلك أنها لعبت أدوارا طلائعية في مسيرة بناء الدولة المغربية، والمحافظة على مقوماتها وهويتها الثقافية والدينية. فلم تكن هذه الجهة عبر امتداد التاريخ بعيدة في أي لحظة من اللحظات عن المخاضات السياسية والاجتماعية والثقافية التي عرفها المغرب منذ اقدم العصور، يكفي أن نذكر بأن ثلاث دول كبرى التي تعاقبت على حكم المغرب كانت انطلاقتها من هذه الجهة، بدءا بدولة المرابطين التي تلقى مؤسسها عبد الله بن ياسين الجزولي العلم برباط ” اكلو ” على يد وكاك بن زلو اللمطي، وكانت دعوته أساس جمع قبائل صنهاجة بالصحراء لتسير تحت لواء دولة المرابطين وتوحد بلاد المغرب والاندلس، كما أن مؤسس الإمبراطورية الموحدية المهدي بن تومرت بدأ دعوته، وأسس حركته الإصلاحية ، انطلاقا من سوس، وبلغت هذه الامبراطورية من النفوذ والسلطان ما مكنها من توحيد شمال افريقيا كلها تقريبا وبلاد الاندلس،  يضاف إلى هاتين الدولتين دولة الأشراف السعديين التي قامت على أكتاف علماء هذه الجهة  مثل مبارك الاقاوي ومحمد الشيخ السعدي وغيرهم ، وكانت عاصمتهم – أي تارودانت- عاصمة للمغرب بأكمله لفترة غير يسيرة . ويشهد التاريخ المغربي المعاصر انخراط أبناء هذه الجهة في حركة المقاومة والجهاد ضد الاستعمارين الفرنسي والاسباني، وبرز منهم مقاومون كبار جمعوا بين الفكر والعلم والجهاد مثل العلامة محمد المختار السوسي وسيدي الحاج الحبيب التنالتي و المجاهد احمد الهيبة والأستاذ عمر المتوكل الساحلي ومحمد بنسعيد ايت ايدر وغيرهم كثير. هذا العمق التاريخي جعل من هذه الجهة منطقة غنية في مجال الرأسمال المادي وغير المادي.

ومن هذا المنطلق نرى انه لإنجاح مشروع الجهوية المتقدمة، لابد أن تتم مراعاة المعايير الثقافية والتاريخية في التقطيع الجهوي المرتقب حفاظا على انسجام الشخصية الجهوية ولما للعوامل الثقافية من دور محوري في العملية التنموية ، ولا يخفى على أحد أن الأمازيغية ثقافة ولغة ليست فقط  من المكونات الرئيسية لهوية هذه الجهة وإنما هي ركن ركين في الهوية الوطنية الجامعة، وعليه  ندعو الحكومة الى الإسراع بإخراج القانون التنظيمي للأمازيغية، والبدء في إدماجها في مختلف القطاعات الإدارية والقضائية والإعلامية والاقتصادية وغيرها.

جهة سوس ماسة درعة  : مساهمة ريادية في الاقتصادي الوطني

أيها الحضور الكريم

تلعب جهة سوس ماسة درعة  دورا مفصليا في التنمية الاقتصادية للمغرب بفضل المؤهلات الهامة التي تتميز بها في عدة قطاعات إنتاجية كالفلاحة والسياحة والصيد البحري، حيث تساهم بأزيد من 12 %  من الناتج الداخلي الخام، ما جعل منها القطب الاقتصادي الثاني بالمغرب بعد جهة الدار البيضاء الكبرى .علما أنها تساهم بثلث الناتج الداخلي الخام في ثلاث قطاعات تشكل المرتكزات الرئيسية لهذا الوزن الاقتصادي هي :

-قطاع الفلاحة: خصوصا زراعة الحوامض والخضراوات بحيث تساهم جهتنا بأزيد من  60 % من الصادرات الفلاحية الوطنية. ونستطيع أن نقول بكل فخر بأن سوس هي سلة  غذاء المغرب. غير أن هذا التطور الايجابي رافقته سلبيات عديدة منها تزايد الطلب بشكل مهول على مياه السقي، و تراجع مخزون السدود بسبب توالي سنوات الجفاف مما أدى إلى ارتباك كبير في عملية تدبير المياه الجوفية، وهكذا عرفت الفرشة المائية  بالجهة تناقصا حادا ومتراكما لكون الكميات المائية التي يتم جلبها تفوق الموارد المائية المتجددة، مما يهدد مستقبل الفلاحة بالجهة وهو ما سينعكس سلبا على الاقتصاد الوطني برمته .ولمعالجة هذه المعضلة لابد من  فتح حوار موسع بين جميع المتدخلين في قطاع الماء من مؤسسات عمومية وغرف فلاحية وسلطات محلية ومنتخبين وجمعيات مستعملي الماء ومنتجي ومصدري الفواكه والبواكر والحوامض، وهيئات المجتمع المدني ، من اجل تقييم مدى التقدم في تنزيل استراتيجية الحفاظ على الموارد المائية الجوفية بعد ثماني سنوات من وضعها، لأن الجهة مهددة – ليس فقط في الموارد المائية المستعملة في السقي- و إنما في المياه الصالحة للشرب، حيث ان العديد من الدواوير بمختلف مناطق الجهة خاصة بالعالم القروي تعيش حاليا على وقع جفاف حاد يستوجب تدخلا سريعا من قبل الجهات المعنية وإذا فقد الماء فقدت الحياة. ” وجعلنا من الماء كل شيء حي”.  

دعوة إلى عقد مناظرة جهوية للنهوض بالسياحة

قطاع السياحة:تحتل السياحة مكانة رائدة في النسيج الاقتصادي لجهة سوس ماسة درعة نظرا لتنوعها ما بين سياحة شاطئية  ( حوالي 120 كلم من السواحل) وسياحة واحاتية صحراوية وسياحة جبلية ، وهي تساهم بأزيد من 31 % من الطاقة الايوائية الوطنية وبحوالي 33 % من مساهمة هذا القطاع في الناتج الداخلي الخام الوطني. وتؤكد الدراسات المتخصصة بان هذا القطاع من القطاعات الحيوية والواعدة  بجهة سوس ماسة درعة في الحاضر والمستقبل. وايمانا منه بهذا الدور الريادي للسياحة في توفير عدد لايستهان به من مناصب الشغل، وفي كونها مصدر من مصادر العملة الصعبة ، ونظرا لارتباطها بعدد آخر من القطاعات الإنتاجية كالصناعة التقليدية مثلا، فإننا في حزب العدالة والتنمية بادرنا في شهر يونيو 2014 إلى تنظيم ندوة جهوية باكادير تحت عنوان ” السياحة بالجهة: أية استراتيجية لأية تنمية ” خلصت إلى عدد من التوصيات التي نرى من الواجب التذكير بها في هذا التقرير السياسي، لعل أهمها :

– الدعوة إلى تنظيم مناظرة جهوية حول السياحة بمبادرة من مجلس جهة سوس ماسة درعة، وبتشاور وتشارك مع جميع المتدخلين في القطاع وعلى رأسهم الوزارية الوصية.

 -دعوة المركز الجهوي للاستثمار إلى دعم الاستثمار في القطاع السياحي كقطاع ذي أولوية.

-وضع سياسة جهوية فعالة وناجعة لتأهيل البنيات السياحية.

-دعوة الحكومة إلى تخفيف العبء الضريبي المفروض على المؤسسات الفندقية والسياحية.

-خلق صندوق جهوي خاص بدعم المشاريع السياحية الصغرى.

-تأهيل العنصر البشري ماديا ومعنويا، وإيجاد آليات للتكوين المستمر استجابة لمعايير الجودة في ظل تنافسية كبيرة مع جهات أخرى.

دعوة إلى تثمين المنتوجات البحرية بالجهة

أما القطاع الرئيسي الثالث المحرك للتنمية بالجهة فهو الصيد البحري الذي يساهم بحوالي  35 % من الناتج الداخلي الوطني الخام في هذا القطاع بما مقداره 6 ملايير درهم، و يساهم بأزيد من 50 %  من الصادرات الوطنية. ولا يمكن لهدا القطاع أن ينمو بالوتيرة التي تمكن الجهة من الحفاظ على ريادتها الوطنية إلا بجعله قطاعا تنافسيا وذلك بخلق أقطاب صناعية تنافسية في مجال تحويل منتوجات البحر، وفي هذا الإطار ننبه إلى ضرورة الاسراع بتنفيد مشروع اليوبوليس، وكذا تهيئة ميناء سيدي افني حتى يلعب دوره كاملا في تنمية الاقليم . اضافة الى  اعطاء الاولوية  والعناية اللازمة للصيد التقليدي.

ان أي نهوض بالقطاع يتطلب النهوض بأوضاع  المهنيين و شغيلة الصيد البحري والالتفات إلى مطالبهم العادلة بفتح حوار بين الوزارة الوصية وغرفة الصيد البحري وكافة المتدخلين في هذا القطاع الحيوي.

إنناإذ ندعو إلىالحفاظ على المكتسبات في القطاعات التنموية المهيكلة التي سبق التطرق إليها فإننا نؤمن بان التنمية الشاملة و المستدامة  لا يمكن أن تتحقق بجهتنا ما لم يتم الاعتماد – بموازاة مع ذلك – على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية كالاوفشورينغ والخدمات والتكنولوجيات الجديدة والطاقة النظيفة واللوجيستيك والصناعة السينمائية وغيرها.

من اجل تدارك الخصاص الكبير في المجال الاجتماعي بالجهة

     ومما يدعو إلى القلق هو التأخر الواضح لجهة سوس ماسة درعة قياسا بالجهات الأخرى مقارنة بالمؤشرات الوطنية في مجال التنمية الاجتماعية كالصحة ومحاربة الفقر والامية والتعليم.يكفي أن نذكر بان معدل الفقر بالجهة بلغ 12,5% في حين لا يتجاوز المعدل الوطني 9% ، كما أن بعض الأمراض المزمنة ( كالسرطان والسكري) تعرف تصاعدا ملحوظا في الجهة مما سيؤدي – ما لم تتخذ الإجراءات الصحية اللازمة- إلى ظهور تحديات أخرى من قبيل الأمراض التي تتطلب تكاليف مادية باهظة كتصفية الدم مثلا، اضافة الى قلة الأطر الطبية المتخصصة بالجهة وتقادم البنيات وعدم تجهيزها بالتجهيزات الضرورية والحديثة. وفي هذا الإطار ننوه بالقرار الحكومي القاضي ببناء كلية للطب والصيدلة و المركز الاستشفائي الجامعي بمدينة اكادير.

    إن أي حديث عن التنمية الاقتصادية لا ينفصل عن التنمية الاجتماعية، وكلاهما لا ينفصلان عن  جو الأمن والاستقرار والطمأنينة، وعموما تعيش جهتنا أمنا واستقرارا  بفضل المجهودات التي ما فتئت تبذلها الجهات الأمنية المعنية ، إلا أننا نلحظ انتشار بعض الظواهر المشينة من قبيل المخدرات والسرقات وانعدام الأمن  في بعض فضاءات الجهة التي تستقطب هجرة قروية كبيرة وشغيلة يدوية مهمشة، و ويتعين للقضاء على هذه الظواهر تعزيز الموارد البشرية المكلفة بحماية المواطنين من شرطة ودرك وقوات مساعدة، وكذا تعزيز ذلك كله بإنشاء مفوضيات جديدة للشرطة بمدن الجهة خصوصا بجماعتي القليعة بإنزكان أيت ملول وخميس ايت عميرة بشتوكة أيت بها وغيرهما.

    إن النهوض بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية بالجهة يستوجب من بين ما يستوجبه الرفع من وتيرة الاستثمارات العمومية بهذه الجهة على غرار باقي جهات المملكة، ذلك أن البحث في أسباب ارتفاع نسبة النمو ببعض الجهات في السنوات الأخيرة مقارنة بجهتنا يرجع بالأساس إلى ضخامة الاستثمارات العمومية هناك وتراجعها هنا. وهو أمر ليس مقبولا على الإطلاق، ونحن ندعو النخب السياسية بالجهة إلى الاضطلاع بدورها كاملا في الدفاع عن حقوق الجهة، والقطع مع ما سمعناه مرارا من أن ” السواسة كادين على روسهم”. إننا نطالب بحقنا في ثروة بلدنا، وحقنا في توزيع الاستثمارات العمومية على جميع  جهات المملكة بعدل وإنصاف.

أداء مشهود لمنتخبي الحزب بالجهة

أيها الحضور الكريم

لقد كانت الاستحقاقات الجماعية لسنة 2009 التي أفرزت مجالس الجماعات الترابية الحالية، كانت انتكاسة في مجال احترام إرادة المواطنين، لكون  عملية تشكيل الكثير من تلك المجالس تم تحت الضغط، والتخويف، والترهيب والمضايقات ، في سياق وطني وجهوي عرف ردة ديموقراطية بسبب رغبة حزب جديد آنذاك في التحكم في المشهد الحزبي وتصدر المشهد السياسي ، وفرض  نموذج الحزب الوحيد على الجميع. في تلك الظروف وبالرغم من كل المؤامرات تمكن حزبنا من الوصول إلى عضوية مكتب مجلس جهة سوس ماسة درعة، و ترؤس عدد من الجماعات الحضرية والقروية، والمشاركة في تسيير عدد آخر. وبهذه المناسبة نسجل بفخر واعتزاز العمل النوعي الذي يقوم به منتخبو الحزب في مختلف مواقع المسؤولية ،في الجماعات الترابية و الغرف المهنية، سواء في التسيير أو المعارضة، وما قدموه من نماذج مشرفة في التضحية ونكران الذات، وخدمة الصالح العام، والصمود على المبادئ والتصدي لبعض محاولات إضعاف دور المؤسسات التمثيلية للشعب.

 ونود أن نتقدم بتحية شكر وتقدير لحلفائنا في مختلف الجماعات الترابية التي عملنا معهم يدا في يد، كما نتأسف على الذين خانوا العهود والمواثيق ، وقدموا مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة ، خصوصا ما صدر من تصرفات غير مسؤولة وغير مبررة وغير مقبولة من رئيس الجماعة الحضرية لانزكان.

 كما لا يفوتنا أن نشيد بالأداء المتميز والنوعي لبرلمانيي الحزب بالجهة سواء تعلق الأمر بعملهم داخل المؤسسة التشريعية أو بالعمل الميداني في دوائرهم الانتخابية أو على مستوى التنسيق الجهوي مع بقية الفرق البرلمانية الجهوية من مختلف المشارب الحزبية، واشتغالهم الدائم على ملفات جهوية بروح الفريق الذي يضع تنمية الجهة فوق أي اعتبار،كما ننوه بأداء جميع الهيآت المجالية و الموازية لحزبنا جهويا، إقليميا ومحليا، ونثمن عاليا مبادرات  التنسيق و التعاون مع هيآتنا الشريكة.

    وبهذه المناسبة لابد أن نتذكر النائب البرلماني السابق عن دائرة سيدي افني، الأستاذ محمد عصام، الذي أبان خلال اقل من سنتين من عضويته بالبرلمان عن شخصية قوية في الدفاع عن حقوق المواطنين.لقد كان صوتا صداحا بتطلعات سكان إقليم سيدي افني في مختلف المحافل التي تحظى بشرف حضوره بها.

ومع كامل الأسف شكلت الانتخابات الجزئية التي جرت بهذا الإقليم ردة حقيقية عن روح ما بعد  دستور 2011 ، و أبانت عن عودة حزب التحكم والهيمنة إلى استعمال أساليب الترهيب والتخويف والضغط على الأعيان وبعض المنتخبين ، جنبا إلى جنب مع ممارسات مشينة من قبيل شراء أصوات الناخبين بالمال الحرام.

توجهات عملنا السياسي بالجهة

أيها الحضور الكريم،

أود في ختام هذا التقرير السياسي أن أذكر ببعض التوجهات التي تؤطر عملنا السياسي بالجهة كما استلهمناها من مواقف حزبنا على الصعيد الوطني :

-ندعم ونؤكد على منهج الحزب القائم على خيار المشاركة الداعم للتماسك الاجتماعي والاستقرار السياسي ببلادنا.

-نؤمن بالحوار والانفتاح على جميع مكونات المشهد السياسي بالجهة ، و مستعدون للتعاون مع جميع الطاقات والكفاءات من جميع المشارب السياسية مواصلة لمسلسل الإصلاح في ظل الاستقرار.

-نؤكد على رفضنا لعودة منهج التحكم في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والإعلامية، وبالخصوص باللجوء إلى الأساليب البائدة من قبيل الضغط على بعض الأعيان أو المنتخبين أو المسؤولين. وانه لا بديل عن تعزيز المسار الديموقراطي ببلادنا.

– لإنجاح ورش الجهوية المتقدمة ندعو الأحزاب السياسية إلى تقديم افضل ما لديها من طاقات وكفاءات، حتى نتمكن جميعا من فرز نخب جهوية ذات مصداقية وقادرة على تحمل المسؤوليات الواسعة المنوطة بها.

اشكركم مجددا على حسن الانصات

والسلام عليكم و رحمة الله

التقرير السياسي لحزب العدالة والتنمية بجهة سوس ماسة درعة

الصورة للكاتب الجهوي للجزب أحمد أدراق

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق