أوعمو يرد على مقال : "من كان منا بلا خطيئة فليرمي كريمة بالحجارة"

ويسعدني التعليق على تعليقك ، فلقد أعجبني كثيرا عمق الحكمة وفلسفة معالجة الموضوع من الناحية الاجتماعية بربط علاقة السلطة بالمجتمع وأفراده ، وكذلك دقة الملاحظة حول دور الفاعلين الحقوقيين والمجتمعيين والسياسيين والإعلاميين في احترام وترسيخ قواعد المحاكمة العادلة وتجنب الابتذال والسقوط في مجرد الفرجة والفضول وإذكاء غريزة حب الاطلاع.فإذا كان تصور عامة المواطنين للمركز القانوني للسلطة والإدارة يتسم بالاعتراف لها بالهيمنة والغطرسة والقوة بجانب واجب الاحترام المطلق، فإن ذلك راجع إلى ثقافة فرضت بالقوة عبر عقود من الزمن ، ويصعب تغييرها في لحظة أو هنيهة أو بجرة قلم، بل هي مرتبطة بتطور قيم المواطنة ونمو الوعي وتحقيق درجة متقدمة من الارتقاء بالمجتمع العادل المتوازن في ظل دولة القانون. وهو ما يصبو إليه الجميع من خلال نضالات المجتمع وتفاعلاته.ولكن القاضي مطالب بأن يحقق العدالة من خلال القانون، ولضميره في ذلك دور أساسي، باعتبار أن العدالة الجنائية تعتمد على الوجدان والقناعة. فلا يمكن له إلا أن يبحث عن أوصاف الجريمة موضوع المتابعة ومدى تحقق شروط الإدانة والتكييف بالنسبة لكل المساهمين فيها، ولكن عليه في نفس الوقت أن يراعي الواقع وقدرة التأثير والقوة والضعف بجانب النتيجة والأداء الاجتماعي المحصل من الجريمة.فمن حقك إذن أن تلاحظ أن الحكم كاد أن يساوي بين كل المتابعين في إنزال العقوبة نفسها عليهم، سواء كانت حبسية أو مدنية، دون استعمال وازع الضمير والوجدان . وهذا شق آخر وواجهة أخرى من المشكل في علاقة القضاء بالمجتمع، وهو أيضا يندرج ضمن المخاض العام الذي نأمل منه الإصلاح الشمولي لمنظومة العدالة والمجتمع بجميع هيئاته وسلطاته من أجل تحقيق العدل.وأهنئك مجددا على رهافة حسك ويقظة الضمير التي تميزك والحضور النوعي في تتبع الوقائع وملامستها من وجهة نظر مجتمعية ومدنية على قاعدة الحكمة والتوازن ومبادئ الحق والإنصاف.

عبد اللطيف أوعمو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق