مقترحات ترمي لإنقاذ الاقتصاد الوطني لزمن ما بعد كورونا

إن المملكة المغربية،تعيش منذ تولي الملك محمد السادس نصره الله و أيده للحكم دينامية مستمرة ومنسجمة .

تدور في عمقها حول قناعة تجعل الاقتصاد أولوية كبرى, بناء على فرضية أساسية مفادها أن النهضة الاقتصادية هي قاطرة الإصلاح الشامل وعنوانه.

وإذا كانت الإصلاحات التي قام بها المغفور له الملك الراحل الحسن الثاني في أخر حكمه قد تركت ميزانية الدولة في حالة مريحة،خاصة بفضل عمليات الخوصصة التي عرفت نجاحا غير مسبوق،فإن الدينامية الاستثمارية الحقيقية التي انخرط فيها المغرب ستبدأ حقيقة مع تولي الملك محمد السادس للحكم،بما سيعطيه من اهتمام بالغ للنمو والنهضة الاقتصادية.

و بالرجوع و المدارسة لكل هذه الأعوام التي خلت منذ الألفية الثانية،يمكن أن نخلص إلى وجود خيط ناظم ورؤية منسجمة،تتبلور من خلالهما معالم نموذج اقتصادي مغربي جديد،عرف معه النموذج الاقتصادي القديم تحولات عميقة، يمكن أن نلخصها في خمس مستويات :

ا1 : لخروج من منطق الريع إلى منطق المنافسة .

2 : الانفتاح التجاري عوض الحماية الجمركية.

3 : استهداف الأسواق الدولية عوض الانكفاء على السوق المحلي بمنطق الريع .

4 : الاندماج في المحيط العالمي بدل الانغلاق والقطيعة.

5.: الدور المركزي للدولة كقاطرة للاستثمار والتنمية الاقتصادية.

وفي إطار هذه التحولات الجذرية التي همت العقيدة الاقتصادية المنتهجة في بلادنا، يمكن أن نحدد معالم النموذج الاقتصادي المغربي في تسعة عناصر أساسية .

و هي كما يلي :

أولا – تنمية الاستهلاك الداخلي كقاطرة للنمو .

ثانيا – الدولة المقاولة والاستثمار العمومي .

ثالثا – الإنتاجية التصديرية .

رابعا – السياسات القطاعية :.

خامسا – الانفتاح والاندماج
في السوق الدولية .

سادسا – جلب الاستثمار الخارجي .

سابعا – تشجيع المقاولة والقطاع الخاص .

ثامنا – التحكم في التوازنات الماكروقتصادية .

تاسعا – التوفر على قطاع مالي قوي .

وكخلاصة،فإن الاقتصاد الوطني يمتلك في زمن ما قبل كورونا رؤية واضحة تترجم خصوصية مؤهلاته وإمكاناته .

وترسم له أهدافا وأفاقا طموحة, وفق ما يمكن تسميته بالنموذج الاقتصادي المغربي.

أهم سماته هو الرغبة في القطيعة مع المقاربة الريعية التقليدية, والانخراط بكل حزم وعزم في محيطه التجاري والاقتصادي, بكل ثقة في قدرته على خلق عرض يكون قيمة مضافة للأسواق الداخلية والخارجية على السواء.

علي أن كورونا كوباء عالمي سيترك لا محال سلبيات و ايجاببات على الوضع الاقتصادي العالمي و الوطني.

1 الإيجابيات :

• انخفاض أسعار المحروقات عالميا مما سيوفر على الخزينة المغربية عملة صعبة هامة جدا.

• ارتفاع قيمة الدرهم المغربي مقابل الدولار و اليورو.

• ارتفاع الاحتياط الوطني من العملة الصعبة ليصل إلى 280 مليار.

•تجميد بعض القروض الدولية التي بذمة المغرب لدى المؤسسات البنكية الدولية.

• تثمين الحس الوطني العالي لعموم أفراد الشعب المغربي،الذي ابان عن وعي كبير و تضامن عال بين أفراده.

2 السلبيات :

• انخفاض المداخيل الضريبية.

• تراجع نسبة التحويلات المالية للجالية المغربية بالخارج .

• تراجع حجم الصادرات المغربية إلى الخارج.

• تأثر القطاع السياحي بمخلفات وباء كورونا.

و بناء على كل ما سبق يمكن ان نقدم المقترحات التالية :

• 1 : مجال الصناعة و التجارة

نقترح ضرورة إعادة النظر في مجموعة من اتفاقيات التبادل الحر،لما فيه من حماية للمصالح العليا للاقتصاد الوطني و نظرا للمتغيرات المتسارعة التي يتخبط فيها الاقتصاد العالمي .

و أولى هذه الاتفاقيات هي اتفاقية التبادل التجاري آلتي وقعها المغرب مع تركيا سنة 2006.

و التي أنهكت قطاعات حيوية و خصوصا قطاع النسيج الذي يعد المتضرر الأكبر من هذه الاتفاقية.

حيث بسببها أغلقت العديد من مصانع النسيج أبوابها بعد إفلاسها،مع ما نتج عن ذلك من فقدان الآلاف من العاملين لشغلهم.،و هو الأمر الذي يفرض التدخل السريع و الناجع،من أجل مراجعة بنود هذه الاتفافية و التفاوض بقوة انتصارا للمصلحة العليا للاقتصاد المغربي أولا قبل آي شيء.

التقليص من حجم المواد الغير اساسية المستوردة من الخارج،بنسبة تناهز 75 %
مع منع كلي لاستيراد بعض المنتجات الغير ضرورية،كالسيارات الفارهة الباهضة الثمن خصوصا و أن الظرفية الاقتصادية لن تسمح بذلك.

و ذلك للحفاظ على الإحتياطي من العملة الصعبة و حماية للاقتصاد المغربي.

دعم و مواكبة المقاولات التي تأثرت بتداعيات و باء كورونا
و خصوصا تلك الشركات المنخرطة في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي و المساهمة في انعاشها.

فسح المجال للمنتوج الوطني الجيد و تشجيع المستهلك المغربي على الإقبال عليه،في إطار تعبئة عامة مفعمة بقيم روح المواطنة و ذلك عبر القيام بحملات تحسيسية و اعلامية ذات رؤية استراتيجية واضحة تنتصر للمنتوج الوطني و تروم إلى تجويده باستمرار.

إعادة النظر في الحد الأدنى للدخل، مع الرفع من ساعات العمل من 8 إلى 10 ساعات لتدارك كل ما ضاع خلال زمن وباء كورونا .

مع تطبيق السلم المتحرك للأجور نظرا للركود الاقتصادي العالمي و من ثمة الوطني،مع ما ينتج عن ذلك من ضعف في القدرة الشرائية و هبوط الأسعار حيث العرض سيتجاوز الطلب في مجالات عديدة .

2 الفلاحة :

على مستوى القطاع الفلاحي على الحكومة ان تفكر في استراتيجية استثنائية تعتمد على تنويع المنتوج الفلاحي ليشمل زراعة القمح واللشعير تحقيقا للاكتفاء الذاتي فيما يخص هذه المادة الحيوية في حياة المغاربة.

3 : قطاع السياحة

نقترح تشجيع السياحة الداخلية و إنعاش الفنادق المتضررة من آثار وباء كورونا ،و ذلك عبر مايلي :

1 : خلق برامج تحفيزية تستهدف المواطن المغربي أولا .

2 : إغراء السائح الأجنبي باثمنة تنافسية و تخفيزية في إطار جولات سياحية تشمل أهم المدن السياحية بالمملكة.

3 : دعوة المواطن المغربي إلى قضاء عطلته السنوية داخل التراب الوطني لمدة 3 سنوات،
و اعتبار الأمر واجبا وطنيا في ظل الظرفية الاقتصادية التي تسبب فيها وباء كورونا.

4 : القطاع البنكي :

على الحكومة المغربية أن تتحمل مسوولبتها كاملة،و تعمل على الضغط على المؤسسات البنكية،من أجل تأجيل السداد الشهري للاقساط الخاصة بالقروض الممنوحة من طرف الابناك لفائدة الأفراد و المقاولات ،التي يثبت تضررها من مخلفات وباء كورونا كوفيد 19 ،و أيضا دعوة الابناك إلى تخفيض نسبة فائدة القروض ب 0.50 %،علما ان بنك المغرب قد خفض نسبة الفائدة من 2.50 % إلى 2.25 % ثم إلى 2.00 % فقط،حاليا .

5 القطاع الصحي :

يجب على الحكومة المغربية،اعادة النظر في الميزاتية المرصودة لوزارة الصحة،و تدارك كل الاخطاء السابقة خلال مناقشة قانون المالية وفق مستجدات وباء كورونا.

كما لا تفوتنا الفرصة للتنويه بالمؤسسة العسكرية و ما ابانت عليه من روح وطنية عالية،و نجاحها في التدبير المحكم للمستشفيات الجهوية و الاقلبمية و الميدانية عبر ربوع المملكة.

كما ندعو الجهات المسؤولة إلى التفكير بعمق في إمكانية تسيير مستشفيات جهوية من طرف هذه المؤسسة العسكرية.

6 قطاع التعليم :

نقترح لتجويد التعليم بالعمل على جعل القطاع شبه عمومي،اي ان يصبح التعلبم خدمة مؤدى عنها من طرف الفئات الميسورة آي بشكل تضامني حيث الغني يؤدي عن الفقير و حيث الفصل الدراسي يضم كافة طبقات المجتمع المغربي ضمانا لمبدأ تكافؤ الفرص مع اعادة ضرورة اعادة الاعتبار لصورة رجل التعليم في المجتمع كرجل للتربية و التعليم اساس اية نهضة شاملة .

و ختاما، نتوجه إلى السدة العالية بالله صاحب الجلالة الملك محمد السادسد دام له النصر و التمكين،متمسكين باهذاب العرش العلوي المجيد،منوهين باسمي عبارات التمجيد لكل الإجراءات الاحترازية التي دعا اليها جلالته خلال أيام هذا الوباء الفتاك،حيث ضحى جلالته باقتصاد البلاد في سبيل سلامة أفراد الشعب المغربي،ما جعل المغرب بذلك محط إعجاب العالم بأسره.

كما نوجه التحية،لكل جنود الخفاء الذين نراهم في الصفوف الأمامية،اثناء الحرب ضد وباء كورونا،فتحية إجلال و اكبار للأطباء و الممرضين،و كل الاعوان و الاداريبن المنتمين لوزارة الصحة،كما نوجه التحية للقوات المسلحة الملكية،و رجال الدرك الملكي،و الامن الوطني و القوات المساعدة،و و كل مسؤولي موظفي و أعوان وزارة الداخلية،و نساء و رجال التعليم،و كل العمال و الموطفين و أصحاب المهن الحرة الذين عملوا على توفير الخدمات للمواطنين في زمن كورونا،و الي عموم افراد الشعب المغربي نساء و رجالا نظرا لحسهم الوطني العالي .

كما نتوجه بالدعاء بالرحمة والمغفرة لأرواح الشهداء الذين راحوا ضحية وباء كورونا،متمنين لكل المصابين بهذا المرض الفتاك الشفاء العاجل باذن الله عز و جل.

داعين كافة المواطنات و المواطنين إلى مزيد من الصبر و التضحية و الالتزام بكافة إجراءات الحجر الصحي،بكل مسوولية و روح وطنية إلى أن يزول هذا الوباء عن بلادنا في أقرب الاجال ان شاء الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق