مهرجان تيوت تجربة فريدة في تثمين المنتوج السياحي

 

نظم منتدى المبادرات لتنمية واحة تيوت بشراكة مع مركز سوس ماسة للتنمية الثقافية وجماعة تيوت بتعاون مع مجلس جهة سوس ماسة والمديرية الجهوية للثقافة ومختبر البحث في الجغرافية الجيوبيئية وتنمية المناطق الجافة والشبه جافة بجامعة ابن زهر بأكادير، بتنسيق مع تعاونية تايتمتين وجمعية نجاح تيوت والنسيج المحلي لتيوت الدورة الثالثة لمهرجان إكران تيوت : حقول الثقافة والسياحة والتنمية المستدامة، وذلك في الفترة ما بين 07 و14 أبريل 2019.
هذا ويستهدف مهرجان إكران تيوت “بساتين تيوت” خلق جيل جديد من المهرجانات البيئية التنموية عبر الربط بين حقول الثقافة والسياحة والفلاحة لبلوغ التنمية المستدامة، وذلك سعيا وراء إحداث وقع إيجابي سواء على البيئة والإنسان أو المجال وذلك من خلال اشراك الساكنة المحلية واستقطاب المهاجرين للعودة للبادية وتثتمين الفضاءت المهملة وخلق دينامية اقتصادية محورها وركيزتها المنتوجات الطبيعية وابداعات الصانع والحرفي والمرأة والطفل، كما أن فلسفة مهرجان بساتين تيوت تقوم على التركيز على البيئة و انعاش السياحة القروية الثقافية والفلاحية، وكذا تكثيف الأنشطة الموازية عوض التركيز على الأمسيات الفنية التي تتحول لسمر ليلي في الهواء الطلق كتتويج للأنشطة الكثيفة التي استمتع بها وشارك فيها الزوار خلال النهار. كما يتقاطع هذا الملتقى مع خلاصات القمة العالمية للمناخ المنظمة بمراكشCOP22، والقمة العالمية للمناخ للمنظمات غير الحكومية المنظمة بأكادير Climat Chance وكذا فلسفة مخطط المغرب الأخضر وروح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
هذا وقد عرفت الدورة الثالثة لمهرجان اكران تيوت سلسلة من الأنشطة أهمها تنظيم حملة نظافة شاملة للواحة بمشاركة أزيد من 300 مشاركا ومشاركة، واحياء طقس “المعروف ن إكران” وهو طقس تلقائي تنخرط فيه ساكنة المنطقة وتوفر مختلف الشروط الضرورية لينعم كل زوار الواحة بطبق من الكسكس وسط واحة النخيل كطقس احتفالي بالمشاركة في حملة النظافة واعطاء الانطلاق للاحتفاء بمهرجان”إكرن تيوت”، كما ثم تنظيم حملة لتنقية أشجار النخيل والسواقي والصهاريج بالواحة، اضافة لبناء السوق الإيكولوجي التضامني “إكران ألموكار” الذي افتتحه وفد رسمي رفيع المستوى برئاسة السيد عامل إقليم تارودانت، حيث يعتبر “إكران ألموكار” أول سوق ايكولوجي مبنى بسعف النخيل بالمغرب، وقد ضم خلال هذه السنة 37 رواقا متنوعا لأبناء المنطقة حيث يستهدف تثمين المنتوجات المحلية واعادة احياء الحرف والصنائع اليدوية المهددة بالانقراض “نجارة النخيل، صناعة الرحى الحجرية، صناعة السلال والأطباق النباثية…” اضافة لزرع الثقة في الشباب والساكنة المحلية في خيرات المنطقة، كما نظم في إطار مهرجان اكران تيوت لقاء تشاوري شاركت فيه ثلة من الخبراء في الثقافة والسياحة وقضايا التنمية حول مشروع خلق متحف “مركز التعريف بالتراث السكري بسوس خلال القرنين الخامس والسادس عشر”، والذي يستهذف اعادة الاعتبار لأهم المعالم الأثرية لصناعة السكر بسوس والمنتشرة بمحيط واحة تيوت حينما كانت مستقرا ومصطافا لأمراء السعديين، كما عرف المهرجان فتح نقاش حول إعادة الاعتبار لواحة تيوت وهيكلة السياحة والفلاحة والثقافة التي تعتبر مجتمعة مشروعا متكاملا للتنمية المحلية للمنطقة، كما نظم معرض فوتوغرافي بفضاء الشوارج حول “السياحة وسحر واحة تيوت” للفوتوغرافيان الشابان هشام العابد ومحمد أوبال جمعت بين خرير الماء والخضرة…، كما برمجت في دورة هذه السنة أنشطة أخرى بيئية ورياضية و ترفيهية للشباب والأطفال كالسباق البيئي “ميني مارطون إكران” ومسابقات السباحة بفضاء الشوارج، ومسابقات الدراجات الهوائية واحياء أمسيات تراثية شاركت فيها نساء تيوت وضمت اعداد الاطباق التقليدية، وأمسيات من احياء طلبة المدرسة العتيقة تيوت…، اما الامسيات الفنية التي احتضنها فضاء “أنرار ن إكران” فقد تفننت في تنشيطها فرق مرموقة منها مجموعة الدقة الرودانية، وأحواش أوزيوة، ومجموعة كناوة سوس انزكان، وفرقة ميزان تيوت وفرق أخرى محلية، أما الفكاهة والمرح فقد استمتع جمهور حقول تيوت بعروض كل من فرقة أفرا للمسرح ببلفاع والتنائي المسيح القادمان من مراكش، ثم الفنان الفكاهي شاوشاو الذي أمتع بدوره جمهور تيوت في السهرة الختامية، أما الطفولة فقد كانت مع موعد نادر وفريد من نوعه وهو أمسية ترفيهية من تنشيط محترف سوس للسينما والمسرح بأيت ملول التي عادت بنا للزمن الجميل زمن الكركوزة ومسرح العرائس وساهمت في رسم فرحة لا توصف لطفولة تفتقد مثل هذه الأنشطة التي طالها النسيان.
ويذكر أن دورة هذه السنة حاولت اعطاء أبعاد أخرى للسياحة القروية من خلال تعزيز الشراكة والتعاون مع عدة هيئات وجمعيات تعنى بالسياحة البيئية والتضامنية على الصعيدين الوطني والدولي، و التي حلت ضيفة على تيوت للمشاركة في المهرجان ومنها جمعية الطيورالمهاجرة الإيطالية VIAAGGI EMIRAGGI، و جمعية فوق القنطرة للمهاجرين المغاربة بايطالياSOPRAI PONTI ، وتعاونية أصدقاء بلا حدود للسياحة المسؤولة ببني ملال، وجمعية سوس للدراجات الهوائية والسياحة الجبلية بتارودانت، حيث أثمرت هذه اللقاءات عدة مشاريع يشتغل منتدى فيدو تيوت على بلورتها في المستقبل القريب؛ ومنها تنظيم السباق الوطني البيئي والسياحي للدراجات الهوائية المرتقب تنظيمه في نهاية شهر غشت المقبل، وتعزيز التعاون مع الجمعيات والهيئات المعنية بالسياحة التضامنية بالمغرب وإيطاليا.
هذا و يروم المهرجان من خلال فقراته الغوص في التاريخ والتراث والعادات والتقاليد وربطها بالبيئة والسياحة وبأوراش التنمية المحلية، وكذا التعريف بما تبقى من كنوز الماضي لواحة تيوت التي تعتبر واحدة من أعرق المدن التاريخية بالجنوب المغربي، حيث نجح المهرجان في استقطاب ما يزيد عن خمسة عشر أأف زائر للمنطقة خلال أيام المهرجان، ورغم قلة الدعم والاحتضان فقد أصبح مهرجان”إكران تيوت” مرجعا وتجربة نموذجية في تنمية المجالات الترابية، ووصفة سحرية لانعاش السياحة القروية، حيث لاقت التجربة استحسانا كبيرا على الصعيدين الوطني والدولي من خلال تقديمها في عدة لقاءات بكل من مدن أكادير وأولاد تايمة وتزنيت وخنيفرة، ومدينة بيروت بلبنان، والحمامات بدولة تونس الشقيقة.

إبراهيم الرامي باحث في التنمية والسياحة القروية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق