بلاغ صحفي حول اليوم الدراسي : "العدالة العقارية والأمن العقاري بالمغرب"

وفي هذا الإطار سينظم يوم دراسي تحضره فعاليات أكاديمية وحقوقية على المستوى الوطني ، اختير له كمحور لهذه الدورة ” العدالة العقارية والأمن العقاري بالمغرب” وذلك يوم السبت 20 ابريل بمركز الاستقبال تين هينان بتيزنيت.
أرضية اليوم الدراسي
يشكل العقار أحد البنى الأساسية الذي تتأسس عليه الاختيارات العمومية في تدبير أنشطة المجال، إن على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي أو الثقافي كقيمة رمزية ومادية تحدد مختلف المستويات التي تؤطر المجتمع في علاقاته الإنتاجية والاجتماعية.
وقد كرست السياسات الكولونيالية، في إطار مشروع الاستحكام السياسي، أهمية العقار من خلال إصدار أولى التشريعات “الحمائية” في المجال العقاري عبر ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري لتيسير الولوج إلى الأرض بالنسبة للأجانب وتسييجها بضمانات قانونية عصية على مختلف أشكال المطالبة الاستحقاقية تنفيذا لمبدإ التطهير الذي يترتب عن تأسيس الرسوم العقارية.
هذا التمييز الكولونيالي تكرس أيضا من خلال إنتاج مجموعة من النصوص القانونية همت تقسيم العقار إلى مجموعة من الانظمة بدء من سنة 1914 مع إصدار الظهير المنظم للملك العمومي، مرورا بظهير 03 يناير 1916 المتعلق بتحديد الملك الخاص للدولة و 10 أكتوبر 1917 المتعلق بتنظيم الملك الغابوي وصولا إلى ظهير 1919 المنظم لأملاك الجماعات السلالية وغيرها، بهدف التحكم في المجال وتطويقه بترسانة قانونية تيسر سبل الاشتغال عليه وتطويعه وتسخيره خدمة للأجندة السياسية للفاعل العمومي.
ومع الاستقلال، تشكلت أولى السياسات العمومية في المجال العقاري عبر مشروع الإصلاح الزراعي عن طريق توزيع الأراضي الفلاحية أو القابلة للفلاحة المسترجعة على صغار الفلاحين لتحقيق “العدالة” العقارية في سياق دولي متأثر بالنزعة الإيديولوجية الاشتراكية التي كانت تعتبر الأرض ثروة مشتركة يخضع توزيعها لقواعد العدالة والمساواة بما يضمن إعادة التوازن الاجتماعي.
وأمام تطور المجال الحضري واكتساح المدينة للفضاءات القروية، تحول الاهتمام العقاري أساسا إلى تأمين نظام الولوج الاجتماعي للملكية العقارية عبر آلية السكن، لما يشكله من ضمانة للاستقرار الأسري ولما يحمله من قيم الانتماء للمجال في خصوصيته الجغرافية والعمرانية كجزء أيضا من المشروع العمومي لإعداد التراب الوطني وفق قواعد التوزيع وإعادة التوزيع والإعمار وتوجيه المجال …وغيرها.
إن سؤال العدالة العقارية في المغرب لا يرتبط فقط بتقييم مدى تأثر مجالاتنا الخاصة باللاعدالة العقارية عبر سياسات عمومية متواترة تفتقد الرابط الديمقراطي في تكييفها مع الحاجات الخاصة بل أيضا من خلال قياس مدى تأثر المجال العمومي بذات التوجيه، حيث تنتصب أمامنا تجربة “الاستثمار” التي تخترقها أسئلة متعددة ترتبط بمدى القابلية في إنجاح المخططات الاستثمارية مع وجود سياسات عقارية غير متوازنة وغير مضبوطة يمتلك فيها الفاعلون هامشا كبيرا من المناورة، وبالتالي تصير عملية تقييم سياسة الولوج إل العقار العمومي بمثابة تقييم موضوعي للمساطر وشروط التعبئة ودعم الدولة.
فالولوج إلى العقار وفق قواعد العدالة والمساواة لا يطرح فقط في سياقات الإنتاج المعياري للدولة عبر المؤسسات التشريعية والتنظيمية وإنما في المستويات التدبيرية الترابية الضيقة جهويا، وإقليميا ومحليا، من خلال مخططات التنمية التي تجعل من العقار أداة لتفعيلها بتجزيئه وفق تصورات سياسية للمجال ترتفع بموجبه بأجزاء بعينها وترهن البعض الآخر، كما هو الشأن بالنسبة لمخططات التهيئة حيث يتحول المجال العقاري إلى رقعة للشطرنج تستأثر فيه مجالات معينة بنصيب وافر من “الاستثمار” بينما تخضع أخرى  للتعبئة الخضراء أو التنطيق الممنوع على البناء مثلا، دون أن تتوفر ضمانات لتحقيق العدل على الأقل على المستوى القانوني.
إن الدخول إلى العقار كقيمة حقوقية، من المفترض أنها مضمونة حسب ما يقره القانون، لا تتحقق للجميع ولو تحققت شروط ذلك كما هو الشأن بالنسبة لأراضي الجموع مثلا، حيث آثرت السياسات العمومية تمييز المجال العقاري بتيسير طلبات تقسيم الأراضي بين ذوي الحقوق، في مناطق اشتغلت على آلية الضغط بالاحتجاج، ورفضه في مناطق أخرى بعلة البحث عن إنضاج شروط ذلك.
ومع استفحال أزمة تدبير العقار بالمغرب في علاقته مع الفرد والمجتمع والضعف الذي ميز مختلف السياسات العمومية التي حاولت استدراك الأخطاء التي انتجت واقع اللامساواة واللأمن العقاريين، انتقل النقاش إلى البحث عن تأمين مستقبل المجال العقاري في علاقته مع مختلف التحديات الوطنية والدولية في شقها المتعلق بالاقتصاد والاستقرار القانوني والاجتماعي والسياسي.      
وبهذا المعنى، فإن العدالة والأمن العقاريين يعنيان إدماج المادة العقارية ضمن منظومة الإصلاح وفق رؤية استراتيجية تستحضر إكراهات الواقع ورهانات المستقبل في سياق حقوقي وقانوني قادر على إعادة بناء الدينامية العقارية في علاقتها مع الدينامية الاقتصادية والاجتماعية بالشكل الذي يتيح لها تجاوز أزمة العلاقة القائمة بين العقار والمجتمع.
فما الذي يعنيه إذن الأمن والعدالة العقاريين، وما هي سياقات إنتاجهما؟   
ما هي المداخل الموضوعية المتاحة لتقييم السياسات العمومية في المجال العقاري؟ وكيف يمكن قياس مدى تأثير أزمة تدبير العقار على مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ؟
كيف يتم تد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق