عودة إلى إمعشار 3 : بين إمعشار و الماسكاراد و الكارنفال /جامع بنيدير

إن استيراد اسم آخر لفرجة إمعشار من مرجعية ثقافية غير مرجعيتها الأصلية لا مبرر له سوى الشعور بالنقص والدونية الذي يتملّك بعضا منا أمام كل ما ينتمي إلى المرجعية الأجنبية والأ وروبية بشكل خاص، ومنشأنه لذلك أن يشوهها ويدمّر الخصوصيات التي تميزها عن غيرها، وتميز غيرها من الفرجات عنها،فما الحاجة الى البحث عن اسم آخر لهذه الفرجة غير اسم إمعشار؟ وهل من شأن استعارة المصطلحين “الماسكاراد” و”الكرنفال”الغريبين عنها وعن تراث تيزنيت وعن الذاكرة الاجتماعية والثقافية لساكنتها أن يضيفا شيئا إليها، أم على العكس من ذلك من شأنه أن يطمس هويتها ويحطّ من تميزها؟ إن كلا من هذين المصطلحين أو هما معا عاجزان عن استيعاب الدلالات التي ينفرد مصطلحإمعشار بحملها.

يقوم تميز فرجة إمعشار على ثلاثة مبادئ أو مقومات أساسية، لا نجدها تنتظم مجتمعة في غيرها من الفرجات الي يتزلف هذا البعض إلى التشبه بها، هذه المقومات هي:

أ- التنكر الذي يخفي ملامح اللاعب وهويته، وذلك من خلال أقنعة في منتهى البشاعة، وملابس رديئة ومتسخة. غير أن كل تنكر لا ينتمي بالضرورة إلى هذه الفرجة، فـفرجة “بيلماون” وكذا أشكال الماسكاراد والكارنافالات تقوم أيضا على التنكر، لكن لا صلة لها بتاتا بفرجة إمعشار لأن المبدأين التاليين لا يحضران في أي منهما.

ب- التشبه باليهود في المظهر والسلوك، ولهجة الحديث، ولكنة النطق، إذ يتحول أمعشور إلى يهودي طيلة زمن الفرجة، وذلك بالمواصفات التي تكونت لإفراد هذه الجالية في مجتمع تيزنيت وثقافتها.

ج- التحرر بفضل المبدأين السابقين من كل الضوابط الأخلاقية والدينية والاجتماعية، فوراء الأقنعة واصطناع لهجة اليهودي في النطق يتأتى لإمعشار أن يتعاملوا بخطاب بذيء الألفاظ مشحون بصيغ وتعابير صريحة، وأخرى رمزية للمباح من القول والمحظور منه.

ويتبين من ترتيب هذه المبادئ أن ثانيها، وهو التشبه باليهود، ليس إلا وجها أخر لأولها وتعزيزا له، أي التنكر، وكلاهما وسيلة للثالث، ومن أجله، أي حتى يتأتى لأمعشور تحطيم المقدس الاجتماعي والأخلاقي والديني دون تحسب لأي لوم أو مؤاخذة، أو عقاب من أي شكل.

هذه المقومات الأساسية نجد ترجمات لها في جميع الأشكال الفرجوية التي يتشبث هؤلاء بممارستها وهي:

1- عروض موسيقية راقصة “إموريگ” التي يؤديها طاقم “إد بيگجدا ” بقيادة الحاج، رفقة الطاقم الموسيقي، على الإيقاع الخاص بإمعشار.

2- عروض تمثيلية تتضمن “اسكيتشات” هزلية في مواضع اجتماعية محلية راهنة مفعمة بالنقد والسخرية.

3- عروض فردية تؤديها بعض شخصيات إمعشار مثل الحزان، وتاوايا، واشميحة، أو”تودايت “.

4– عروض ذات الصلة بسلوك كل من المجسمات المشاركة في الحفل مثل الجمل، والحمار، والبغل، والبقرة، والضبع، والباخرة، وما أضيف إليها مؤخرا كالديناصور، والزرافة.

وفي كل هذه العروض يبقى تحطيم المقدس وممارسة الكلام البذيء والسخرية والنقد هو الهدف الأساسي للفرجة.

تلك هي المقومات الأساسية التي تنفرد بها فرجة إمعشار، مضمونا وشكلا، عن غيرها من أشكال الفرجات الشعبية الأخرى المحلية منها والوطنية والعالمية، هل يستوعب كل من مصطلحي الماسكاراد والكارنافال، مجتمعين أو منفصلين، هذا الغنى الكبير الذي تحمله كلمة إمعشار؟

لا ينبغي ان نقحم فرجة امعشار قسرا في مرجعية ثقافية غير مرجعيتها الخاصة، ولا ان نفرض على هذه المرجعية أو تلك أن تقبل قسرا احتضان فرجة إمعشار، إن في ذلك تجن كبير على فرجة إمعشار،ومن ثم فان القيمين على المهرجان الجاري حاليا هم في حاجة شديدة إلى التأطير والتوجيه إذا أريد لهذا المهرجان أن يكون فعلا مهرجانا لإمعشار،وعلى أبناء تيزنيت الغيورين على ماضي مدينتهم وحاضرها أن لا يتركوا تراث أسلافهم لكل من هب ودب من ذوي الأغراض المشبوهة يعيثون فيه فسادا، وإلا فسلام على إمعشار وأهلا بالماسكاراد والكرنفال وغيرهما مما قد يقطر به سقف من سيأتي من الجمعيات والتنظيمات، ويبقى أن جهل هذه الجمعيات بأبسط أبجديات فرجة إمعشار، بله أعقد فصولها وطقوسها لا يدعو إلى الاطمئنان إلى مصداقيتها، أي مصداقية هذه الجمعيات وإلى تصديقها في ما تعد به.

ونأمل أن يكون فيما قدمناه ما يكفي للتأكيد على الخلاصات التالية:

ـ أن الاسم الذي تحمله هذه الفرجة منذ ميلادها بتيزنيت هو إمعشار، وليس إمعشارن. وهذا من أبسط أبجدياتها.

ـ أن حضور التقنع فيها كمبدأ من مبادئها لا يخول لأحد اختزالها في الماسكاراد الذي ليس إلا تقنية من تقنياتها. فلا يعقل أن نسمي الفرجة كلها بإحدى تقنياتها.

ـ نقول ذلك أيضا عن حضور العديد من مظاهر الكارنفال فيها، فهي تضم مظاهر من هذا الأخير، كما تضم مظاهر من الماسكاراد، ولكنها ليست فقط أيا منهما، إنها أكثر من كل منهما ومن كليهما مجتمعين.

ـ  لا حاجة لفرجة إمعشار من البحث عن اسم آخر لها، فهي فرجة إمعشار وكفى.

ـ ينبغي عند إخضاع فرجة إيمعشار لأي تطور ألا يكون ذلك على حساب خصوصياتها الأصيلة، فالتضحية بهذه الخصوصيات هو تضحية بهذه الفرجة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق