دوار تكدالت بالمعدر الكبير : تميز… تألق….. وإبداع
“تكدالت” قرية صغيرة في قلب المعدر المركز، عمق ثقافي وعلمي رائد يمثله احد اعمدة العلم والمعرفة بسوس وبلاد المغرب العلامة “محمد بن المسعود المعدري”، والعائلة المسعودية الرائدة. هناك في تكدالت بيت العلامة، وخزانة مليئة بالكتب والمخطوطات النادرة، لتتشرف قرية تكدالت بحمل تلك القلادة العلمية التي زادتها مكانة وريادة وشموخ. بالقرب من بيت العائلة المسعودية تتواجد الزاوية الدرقاوية، ورائدها في بلاد سوس الشيخ “سعيد بن همو”. بين هاتين المنارتين العلمية والروحية تتبوأ تكدالت مكانة مرموقة لتجسد بجلاء عمقها العلمي وفسيفساء ابداعها المستمر، فهي كدلك ممثلة بالدوام بفريق رياضي عريق اسمه “اولمبيك تكدالت”والذي اشعل فتيل الانجازات في السنوات الاخيرة، بلقب رمضاني تاريخي أشعل الفرحة وسط ساحة تكدالت. بين الرياضة والثقافة والعلم يطل برج عملاق بين اشجار الصبار والزيتون، وساكنة اختارت الاخلاق والتضامن اساسا من الاسس العريقة في تكدالت. “تيزنيت 24 ” رحلت الى تكدالت، وعاشت التميز التكدالتي في بادرة فريدة تؤكد بجلاء ان شباب تكدالت متشبتون بالمثل الذي يقول سنكون “خير خلف لخير سلف”.
انطلق الشباب التكدالتي صباح ثاني ايام عيد الاضحى الابرك بعد اجتماع اللجنة المكلفة باعداد برنامج الايام البيئية الاولى التي نظمها الشباب في بادرة فريدة. طرحت الافكار، وتم تسطير الخطوط العريضة للمشروع، والذي يتمركز بالاساس في تحويل الساحة الى ساحة متميزة، وفضاء طبيعي يجسد بجلاء الوعي الثقافي لابناء تكدالت. فالساحة ماهي الا مراة يرسم فيها بوضوح وجه ابناء تكدالت. الفكرة تتمثل في جذريات، وغرس شجيرات وسط الساحة، وسقي اخرى سبق وغرسها وسط الساحة شعار الايام البيئية :.“المحافظة على البيئة مسؤولية وعي واخلاق “ تم تقسيم اللجنة الى لجينات: اللجنة المالية، والاعلامية، ولجنة التتبع. هذه هي اللجن التي تحركت كالاخطبوط في عمل دؤوب ومستمر. الفكرة تبقى في بدايتها الاولى صعبة، لكنها غير مستحيلة، فتكفي الشرارة لينطلق اللهب “فمعظم النار من مستصغر الشرر” كما قال الشاعر،هذا ماحصل بالضبط فاللجنة المكلفة بهذه المهمة النبيلة تلقت الضوء الاخضر من الساكنة، وتجسد في الدعم المادي والمعنوي الغير المتوقع، فالكل صفق للفكرة ودعمها بالدعاء والشكر والتوجيه والعمل المستمر. فالساكنة متحمسة لهذه الفكرة التي ستحول “تكدالت” الى فضاء طبيعي متميز يعبر عن الابداع التكدالتي بصفة خاصة، والمعدري بصفة عامة.
تميز اليوم الاول باعداد الفضاء كخطوة اساسية، وسقي الاشجار، وترتيب الاولويات، وايجاد الرسومات المناسبة، والاتفاق على شعار يمثل الفريق العريق “اولبيك تكدالت”، ورسم خريطة العمل، واعداد العدة، وجمع المساهمات المالية. انطلق العمل من طرف اللجنة وانطلقت الاتصالات خاصة في جانب الدعم المادي، وفي يوم واحد من عملية جمع المساهمات المادية لتنفيذ الجزء الاول من المشروع، فهم اعضاء اللجنة ان الحماس التكدالتي لهذه الفكرة اكبر مما كان يتصور ليقص اهل تكدالت شريط ” تكدالت في حلة جديدة، حلة التميز والابداع” . الشباب والاطفال اجتمعوا من اجل الانطلاقة الفعلية لمشروع بدأ بفكرة، ليصير طموحا، قبل ان يتحول بالارادة الى انجاز ميداني رفع له الكل القبعة بكل تقدير واحترام.
تم الاتفاق على الرسومات، وتحقق الاجماع على رسم حصانين في لوحة عملاقة يكتب فوقها ” تكدالت ترحب بكم”، فالحصان رمز العزة والشموخ والانتصار، والترحيب اساس من اسس الاحترام والتقدير. اما شعار الفريق فقد تم الاجماع على رسم البرج التكدالتي من فوقه كرة ترمز الى الفريق الرياضي لتكدالت يكتب تحتها “فريق اولمبيك تكدالت”، ووردتين باللون الاخضر ترمزان للنماء والانتاج والابداع والاستمرارية.
انطلقت الاشغال بجد وطموح عالى، وانطلقت الابداعية في لوحة تكدالية خالصة، رسومات والوان مختارة بعناية، كتابة عملاقة مكتوب فيها “تكدالت” بدقة، اشجار مغروسة سلفا بنظام وعناية، اللون الابيض، واشكال دائرية موزعة في ساحة يمكن ان تكون في المستقبل القريب نموذجية، تفنن في الافكار، واعمدة مصبوغة بالاحمر والاخضر، وعلامات المرور، وممر الراجلين، كلها تعبير عن الابداع التكدالتي والمعدري الخالص.
هكذا شكل التميز سمة من سمات هذا الابداع الفني والثقافي، في فكرة تحولت الى مشروع مازال الشباب التكدالتي عازما على انهائه، وهو تحويل الساحة الى فضاء طبيعي متميز، وساحة نموذجية. الامر ليس صعبا، فتكفي العزيمة والارادة لتذويب الصعاب. ولعل حب الناس لقريتهم، والاستعداد لتقديم الغالي والنفيس من اجلها، هو الدافع الحقيقي لهذه المبادرة، فالساكنة التكدالية متشبعة بثقافة التعاون كمبدأ، والوعي الاخلاقي كمرجع، والالتزام كأساس.
التجربة نموذجية ولعل تعميمها على جميع الدواوير لهو التحدي الكبير، فكل ساحات المعدر تحتاج الى مثل هذه المبادرات النوعية. فالمبادرات الفردية والجماعية لها من القوة والفاعلية اكثر ما للتنظيم والاطار في بعض الاحيان، فتكفي فكرة وهاجة لتشعل لهيب الانجاز ، وتكفي الارادة والطموح لتصنع المعجزات.
متابعة محمد الطالبي – تيزنيت 24