هِباتٌ ملكية بالجملة للزوايا .. ومقتدر: تقليد سياسي وديني

هِباتٌ ملكية بالجملة للزوايا .. ومقتدر: تقليد سياسي وديني

في مثل هذه الفترة من كل سنة هجرية، يعمل الملك محمد السادس على تسليم هبات لعدد من الأضرحة والزوايا الصوفية بالمغرب، بمناسبة ذكرى وفاة الملك الراحل الحسن الثاني، ومنها هبته إلى ضريح سيدي يحيى بن يونس، وإلى الزاوية البودشيشية، وضريح “سيدي الزوين”، وغيرها من الزوايا والأضرحة.

وأقيم، مؤخرا، حفل ديني تسلم خلاله شرفاء ضريح سيدي يحيى بن يونس هبة مالية، سلمها كبار المسؤولين المحليين بالمنطقة الشرقية، كما تلقى جمال بودشيش، ابن الشيخ حمزة، شيخ الزاوية القادرية البودشيشية، هبة ملكية خلال حفل ديني بمقر الزاوية بالجماعة القروية لمداغ.

ويوم الثلاثاء المنصرم، ﺃﺷﺮﻑ ﺍﻟﺤﺎﺟﺐ ﺍﻟﻤﻠﻜﻲ، محمد العلوي، ﺭﻓﻘﺔ سعيد زنيبر، ﻭﺍﻟﻲ ﺟﻬﺔ ﻓﺎﺱ مكناس، على تقديم هبة ملكية إلى الشرفاء الأدارسة والتيجانيين، كما سلم مسؤولون هبة ملكية للقائمين على ضريح الولي الصالح “سيدي الزوين”، والمدرسة القرآنية العتيقة المجاورة.

ويعلق الدكتور رشيد مقتدر، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بالدار البيضاء، على وفرة الهبات التي تسلمها المؤسسة الملكية للزوايا الصوفية والأضرحة بالبلاد، بالقول لهسبريس إن الهبات الملكية للزوايا تشبه موضوع الدعم المالي المخصص للأحزاب السياسية والجمعيات.

مقتدر أوضح أن الهبة آلية مالية، في شكل معونة نقدية أو عينية، تمنح سنويا للزوايا عبر لجنة مصغرة، مكونة في الغالب من ممثل عن التشريفات الملكية، وممثل عن الأوقاف، وممثل عن الداخلية، وتمنح الهبة نقدا للزوايا والطرق الصوفية، دون الخضوع لمنطق الدولة في التدبير المالي، فهي هبات شخصية من الملك، كأمير للمؤمنين، للتنظيمات الروحية الدينية التقليدية.

واستطرد المحلل ذاته أنه “بخلاف ذلك، يُمنح الدعم المالي المخصص للتنظيمات السياسية العصرية، مثل الأحزاب والنقابات والجمعيات، من ميزانية الدولة العامة، ويدبر وفقا لأساليب حديثة، وتخضع نسبيا للرقابة المالية التي تتأثر بشكل كبير بحسابات السياسة”، وفق تعبيره.

مقتدر اعتبر أن مجال الهبات المخصص للزوايا والأضرحة هو خاص بإمارة المؤمنين، والهبات “تقليد سياسي ديني مغربي معروف، يروم استمالة الزوايا والطرق الصوفية ذات الامتدادات الشعبية”، مبرزا أن الزوايا تعد آليات لتقوية البعد الروحي والديني للنظام السياسي”.

ولفت الأستاذ الجامعي ذاته إلى أن “الزوايا والطرق الصوفية بالمغرب تضطلع بدور شرعنة الأبعاد الروحية والرمزية لنظام الحكم، دون إهمال ضرورة دعم جهود بعض هذه الزوايا في تأطيرها العلمي والروحي، من قبيل تحفيظ القرآن الكريم، والأذكار والأوراد الصوفية”.

مقتدر أثار السؤال الإشكالي الذي يطرح نفسه، والمتمثل في أنه “إذا كانت الأحزاب السياسية وغيرها تستفيد من الدعم، فلمَ لا تستفيد منه الزوايا أيضا؟”، مردفا أنه “في غياب آلية (دولتية) عصرية لحل هذا المشكل، تضطلع إمارة المؤمنين بهذا الدور الذي دأبت على القيام به”.

وتابع المتحدث أن “الجديد هو أن هذا الدور أضحى يتم في إطار الدولة العصرية، وهو ما يحيلنا على تعدد مصادر الشرعية داخل نظام الحكم في المغرب، من خلال الملك كرئيس عصري للدولة، والملك كأمير للمؤمنين، أي ثنائية الشرعية السياسية والشرعية الدينية”، وفق تعبير مقتدر.

هيسبريس ـ حسن الأشرف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق