محمد السوسي مدير المطبعة الرسمية ل«المساء»: ليست للجريدة الرسمية هيئة تحرير ولا نطبع حرفا إلا بعد توصلنا بعبارة «الإذن بالسحب»

وتبدأ عملية المعالجة التقليدية، حيث نهيئها ونبرمجها في الأعداد المناسبة لها، بعد ذلك نركّب الصفحات على شكل مسودة بعد إعداد الفهرس، وفي حالة ما إذا كانت هذه المواد عبارة عن مداولات مجلسي النواب والمستشارين فإننا نرسلها إلى البرلمان بقصد إدخال التعديلات والتصحيحات، بعد عودتها مصحوبة بعبارة “الإذن بالسحب”، تبدأ عملية التصحيح والتصفيف واختيار الخطوط بالنسبة إلى العناوين والنص، ثم إخراج نسخ تعود إلى “فرع” التصحيح، حيث يصفيها المصحح للمرة الأخير، لأنه كما هو معروف قد تغير نقطة أو فاصلة معنى النص، بعد تصفيف النصوص تتم برمجتها، حسب أهمية النص، وكذا حسب الصيغة الاستعجالية له، إذ يمكن أن نجد في الفهرس أن النصوص العامة تحظى بالأسبقية على القوانين التنظيمية، التي يتم تقديمها أيضا على القوانين “العادية” التي تأتي، بدورها، قبل المراسيم تليها القرارات فالمقررات.
وفي المراسيم بدورها طبقات؛ فهناك مراسيم قوانين، وهي نادرة، لكنْ في حالة وجودها فإنها تحظى بالأولوية في التبويب. تليها مراسيم تنظيمية، وهي مراسيم تطبيقية للقوانين، ثم المراسيم الأخرى التي جرت العادة أن يطلق عليها تعريف المراسيم العادية. بعد ذلك، تأتي النصوص الخاصة، والتي تهمّ قطاعا معينا، مثل مسطرة نزع الملكية في إقليم معين، تليها النصوص الخاصة بالإدارات العامة، وهي النصوص التي تهُمّ نظام إجراء مباريات أو النظام الأساسي للموظفين، وهذه النصوص تنقسم إلى خاصة وعامة؛ تهمّ النصوص الخاصة قطاعا بعينه، مثل وزارة الصحة أو التربية الوطنية، وتهم النصوص العامة جميع الوزارات، من قبيل النظام العام للوظيفة العمومية، وفي ما يتعلق بالفهرسة والتبويب فإننا نعطي أولوية للنصوص العامة على الخاصة.
– ما الذي ينشر عادة من غير المراسم والقوانين؟
تصدر في الجريدة الرسمية، أيضا، التقارير الرسمية التي ينصّ القانون على ضرورة نشرها في الجريدة الرسمية، مثل تقرير المجلس الأعلى للحسابات وتقرير بنك المغرب وتقرير مؤسسة الوسيط وغيرها من التقارير.. كما ننشر آراء المجلس الاقتصادي والاجتماعي، التي لا تتمتع بالصفة الرسمية إلا بعد نشرها في الجريدة الرسمية، شأنها في ذلك شأن قرارات المجلس الدستوري، الذي لا يدخل حيز التنفيذ إلى بعد صدوره في الجريدة الرسمية، من قبيل الطعون في الانتخابات التي يُصدر المجلس الدستوري قراره فيها إما بإلغاء الدائرة الانتخابية أو بعدم قبول الطعن، حيث لا تصبح دائرة انتخابية ملغية أو لا يعتبر الطعن مرفوضا إلا بعد نشره في الجريدة الرسمية، ونجد أن مثل هذه الأحكام تكون مذيلة بعبارة وينشر في الجريدة الرسمية.
– ما هي العملية التي تمرون إليها بعد التصفيف؟
ننجز مسودة ونقوم بإحالتها على المديرية العامة للتشريع والدراسات القانونية بالأمانة العامة.
– هذه هي رئاسة التحرير بالنسبة إليكم؟..
(يضحك) لا وجود لرئاسة تحرير في الجريدة الرسمية.. تقوم المديرية العامة للتشريع والدراسات القانونية بمهام تنسيق الأعمال المتعلقة بإعداد وصياغة مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية، وتسهر على تنفيذ السياسة الحكومية في ما يتعلق بتدوين النصوص التشريعية والتنظيمية وتحيينها، وتتولى لهذه الغاية القيام -من الوجهة القانونية-، بدراسة جميع مشاريع القوانين والأنظمة للتحقق من مطابقتها أحكامَ الدستور وعدم منافاتها النصوص التشريعية والتنظيمية الكبرى الجاري بها العمل والقيام -إن اقتضى الأمر ذلك- بإعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية التي لا تدخل في اختصاص قطاع وزاري معين، القيام من الوجهة القانونية ببحث الفتاوى التي يطلبها رئيس الحكومة أو السلطات الحكومية وسائر الإدارات العمومية إلى الأمين العام للحكومة، وإنجاز الترجمة الرسمية للنصوص التشريعية والتنظيمية، القيام باتصال مع القطاعات الوزارية المعنية بتدوين النصوص التشريعية والتنظيمية والعمل على تحيينها وتبسيطها قصد جعلها في متناول العموم، والقيام بالدراسات والأبحاث القانونية المتصلة بمختلف مجالات العمل التشريعي، تقديم الاستشارات القانونية المتعلقة باتفاقية القروض واتفاقية ضمان القروض، بطلب من الحكومة بالتنسيق مع القطاع الوزاري المعني، إعداد وثائق الانضمام أو المصادقة، لكل حالة على حدة، إلى الاتفاقيات الدولية التي تبرمها المملكة، إعداد المذكرات القانونية المتعلقة بالطعون الدستورية التي تقدمها الحكومة بخصوص عدم دستورية بعض المشاريع ومقترحات القوانين التي يوافق عليها البرلمان، وكذا إعداد مذكرات جواب الحكومة المتعلقة بالطعون الدستورية التي يقدمها أعضاء البرلمان..
– بعد مراجعة المديرية العامة للتشريع والدراسات القانونية مسودة الجريدة الرسمية تعيدها إليكم للمرة الأخيرة؟
بعد مراجعة ومراقبة المسودة من طرف المديرية العامة للتشريع والدراسات القانونية في ما قد يكون تسرب إليها من أخطاء، أو بعد إضافة بعض المسائل التي يتم استدراكها إليها، تحال على السيد الأمين العام للحكومة، ثم تعاد إلينا مصحوبة بعبارة “الإذن بالسحب”، فنقوم بأخذ الملاحظات المشار إليها عادة بقلم أحمر.
– ما هي العملية التقنية التي تمرون إليها بعد التصفيف؟
بعد رجوع المسودة من المديرية العامة للتشريع والدراسات القانونية وإدخال التصحيحات والتعديلات التي يشير إليها الأمر بالسحب، نبدأ في المعالجة في المختبر وإعداد الصفحات الزنكية، لأننا ما زلنا لا نتوفر على تقنيات الطب
ع الإلكتروني، الذي تمر بمقتضاه المواد من الحاسوب إلى الطابعة. ويتم إعداد الصفائح الزنكية لتحمل إلى آلة السحب “أوفساط”. ثم بعد ذلك تبدأ عملية السحب ثم التجميع والتلفيف وأخيرا التوزيع.
– كيف تعاملتم مع الخطأ الذي وقع في نص الدستور؟..
توصلنا بنص الدستور في زمن “مضغوط”، وقد كنا مطالَبين بطبع 180 ألف نسخة، ثم 20 ألف نسخة أخذتها وزارة الداخلية قبل أن تعود إلى 100 ألف نسخة أخرى.. أما الخطأ الذي تحدثتَ عنه فإن ما يحمينا نحن في المطبعة الرسمية دائما هو تلك العبارة التي تأتينا من الأمانة العامة للحكومة: “الإذن بالسحب”، لذلك فنحن لا نعبَأ ولا نحفل للنقاش الذي قد يصاحب الخطأ الذي جاء في الدستور أو في غيره من القوانين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق