غزوة تيزنيت …

الخبر الأول يتعلق باحتجاج نُشطاء الحركة الأمازيغية خلال أشغال افتتاح موقع Tiznit24 ضدا على غياب الأمازيغية نطقا وكتابة في حفل الافتتاح، وكذلك ضد التنصيص في أنظمة الموقع على احتكار الكتابة والتعليق من طرف اللغة العربية بإرادة إدارة الموقع طبعا.

ورغم أن الموقع الإخباري ليس مؤسسة رسمية يمكن الاحتجاج عليها بدعوى التمييز في تقديم خدمة عمومية، فأعتقد أن المؤسسات الإعلامية عن آخرها مسؤولة عن التجسيد الفعلي للتعدد الذي يزخر به المغرب ولو من باب التأويل الديموقراطي للدستور كما اعتادت على ترديد ذلك.

الخبر الثاني القادم من تزنيت أيضا، يرتبط بإعلان اختيار الممثل المصري أحمد ماهر لأداء شخصية الحاج بلعيد في فيلم سينمائي من إخراج فلسطيني ومن إنتاج، ربما، تزنيتي.

ولعل هذا الخبر كان أكثر إثارة للتعليقات والمواقف، وسأركز على موقفين من هذا الخبر غير سليمين في نظري، يتعلق الموقف الأول بمضمون وصياغة مقال إخباري حول هذا الموضوع على الموقع الإلكتروني “لكم.كم” والذي جعل من الحاج بلعيد “فنانا عربيا” دون سند واضح عن عروبته، كما حاول المقال تضخيم قيمة الممثل المصري أحمد ماهر، حيث نقلت عنه قُدرته على إتقان جميع اللهجات في العالم وهو أمر يدعو للاستغراب ولما لا السخرية. لأنه لا يُخفي المخاطر المطروحة بشأن التناغم شكلا ومضمونا بين موضوع الفيلم والممثل المقترح للبطولة. مع استحضار طبعا السجل الباهت لأحمد ماهر في السينما حيث أن مجاله الرئيسي هو التلفزيون ولم يسبق له أن كان “فتى شاشة أول” حسب تصنيفات أشقائنا المصريين.

أما الموقف الثاني من نفس الخبر، فهو الذي تم التعبير عنه عن طريق إحداث صفحة على الفيسبوك تحت اسم “جميعا ضد تعريب حياة الحاج بلعيد”، حيث حوالت الصفحة أسطَرَة الحاج بلعيد والمُبالغة في تقييم مساهمته الغنائية. وخَلُصَت الصفحة المذكورة إلى دعوة سكان الفيسبوك إلى العمل على توقيف هذا العمل بمبرر “خطر تعريب حياة الحاج بلعيد”..كذا. وهذا الموقف يطرح أكثر من سؤال، من قبيل: هل سنقف ضد كل من يحاول تناول مظهر من مظاهر الثقافة الأمازيغية بأية لغة أخرى أم أن الأمر حكر على العربية؟ هل أداء فيلم بالدارجة المغربية تعريب، وهل يمكن اعتباره خروجا عن دائرة الثقافة المغربية؟ أليس من حق الناطقين بلغات أخرى الاطلاع على الثقافة الأمازيغية؟ ألم يساعد أداء شخصية عمر المختار من طرف أنطوني كوين في خلق إشعاع وكريزما إضافية لهذا المناضل؟

أعتقد أن ما تحتاجه الثقافة الأمازيغية اليوم هو أكبر قدر من الانفتاح والحضور في الساحة الثقافية والسوق اللغوية، والتخلص من عباءة التحجر والانطلاق في رحابة الاختلاف. ولا داعي للتشديد طبعا على ضرورة احترام خصوصيتها واستقلاليتها وأصالتها.

إن مثل هاذين الحدثين/الخبرين من المطلوب حدوثهما في خضم التحولات الثقافية التي يعرفها مجتمعنا، وردود الفعل من تقييم ومواكبة، مطلوبة أيضا، على أن تكون بنفَس إقناعي وترافعي مبني على أساليب الحوار الحضارية التي لا تفسد للود قضية، والتي تزخر بها القيم الأمازيغية والإنسانية. وكل غزوة وأنتم بخير.

بقلم: التيجاني الهمزاوي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق