«ثورة» أئمّة المساجد القادمة من أعماق سوس العالمة

من جهة، وبين الأئمة وهذه الجمعيات، من جهة أخرى، يظل الفتيل الذي يُشعل نيران الصراع بين الأطراف الأربعة المتمثلة في المجالس العلمية والمندوبيات والأئمة والجمعيات.. صراع يتحول، في بعض المناطق، إلى «حروب» حقيقية من الكيد والكيد المضاد، الأمر الذي هيّأ الأجواء لميلاد جمعية أطلقت على نفسها «رابطة أسرة المسجد»، في محاولة منها إلى إسماع صوت الأئمة، ما شكّل بوادر «ثورة» للمساجد تنطلق من قلب سوس العالمة..
في هذا الملف سنحاول رصد هذه العلاقة، التي يتداخل فيها التاريخي والمستجَدّ التنظيمي، وسنقف عند بعض النماذج التي تعكس درجة الصراع التي تقع بين هذه المكوّنات، والتي خلّفت تشريد أئمة وتعنّت آخرين ومختلف المواقف التي تصدر عن المندوبيات والمجالس العلمية، التي تتأرجح بين الحزم في مواقع والتغاضي في مواقفَ أخرى.
«الجماعة» والجمعية
قبل أن تظهر وزارة الأوقاف كإطار تنظيميّ لتدبير الشأن الديني كانت «الجماعة»، أي القبيلة أو أهل المدشر والدوار، هم من يبحثون عن إمام وكانوا عندما ينتهون من بناء المسجد، على نفقة المحسنين، منهم يشترطون على كل بيت مقدارا من المال يدفعه إلى «لجنة» من الأشخاص الذين يكونون محلَّ ثقة وإجماع القبيلة، يتولون تدبير العلاقة مع الإمام وتوفير احتياجاته. وكان الإمام -أو الفقيه- يتولى إمامة الناس في الصلوات الخمس، ويؤدي خطبة الجمعة وفي بعض المساجد، يتولى تعليم الصبيان مبادئ القراءة والكتابة ويُحفّظهم كتاب الله.. كان هذا هو العرف السائد، وكان الإمام محل ثقة الجميع وموضع إجماعهم ويلجؤون إليه لإصلاح ذات البين أو لطلب الفتوى في الدين.
الإمام الموظف
عندما ألحقت وزارة الأوقاف مجموعة الأئمة بها وأصبحوا موظفين لديها تقوم بتنصيبهم وإقالتهم وسائر الإجراءات الإدارية المتعلقة بعملهم، من خلال مندوبياتها الإقليمية المنتشرة في كل الأقاليم، كان ذلك بداية لتحول في مكانة الإمام، حيث تعززت استقلاليته عن «الجماعة» وأضحى مستغنيا عنهم، وبالتالي فإن قراراتهم لم تعد تعنيه، لأنّ التوجيهات أصبحت تأتيه من الجهة التي تدفع له أجرَه في نهاية كل شهر.. كان هذا الوضع بداية «انقلاب» حقيقيّ داخل مؤسسة المسجد، إلا أن «الفراغات» الكثيرة بدأت تتسبب في العديد من التوترات الحزازات التي تحدُث من حين إلى آخر في مسجد من المساجد..
من بين الوقائع التي تُظهر هذا النوع من الصراعات ما حدث في مسجد القدس، ب»حيّ العرب» في آيت ملول عندما اتّهم رئيس الجمعية إمام المسجد بسرقة بعض الأفرشة من المسجد يوم عيد الفطر.. وعندما هَمّ المصلّون بالصلاة أخبر رئيس الجمعية المصلين، عبر مكبّر الصوت، أن بعض الأفرشة تعرّضتْ للسرقة، وهو الأمر الذي صرّح به أمام الضابطة القضائية وأحضر معه شهودا يؤكدون أنه لم يتهم الإمام بالسرقة.. تقدّم الإمام -بدوره- بشكاية ضد رئيس الجمعية بتهمة أنه اتّهمه بالسرقة أمام المصلين، وأحضر الإمام شهودا يؤكدون ادّعاءه، وبقي الملف معلقا إلى أن تم حفظه من طرف النيابة العامة، بدعوى عدم توفر عناصر المتابعة.. لكن حرمة المسجد كانت قد لحقها الكثير من الانتهاك بسبب القيل والقال..
ولم يقف الأمر عند هذا الحد في هذا المسجد، بل دخلت المندوبية الإقليمية للأوقاف على الخط، عندما تقدمت بشكاية ضد رئيس الجمعية، بعد أن غيّرَ هذا الأخير أقفال جميع مرافق المسجد، من أجل التحكم في الدخول والخروج إليها، وهو ما استنكرته المندوبية، على اعتبار أن المسجد قد تسلمته من الجمعية التي أشرفت على بنائه وأنها هي التي سيتولى تدبير مرافقه.
المنزلة بين المنزلتين
في الوقت الذي تقوم وزيارة الأوقاف بإلحاق المساجد بدائرة إشرافها، حيث تُلزِم جمعيات المحسنين بالتنازل عن هذه المساجد لفائدتها عبر عقود تنازل عدلية، إذ يصبح المسجد وتدبير جميع مرافقه موكولا إلى الوزارة، فإن الأخيرة تتنازل -في حالات عديدة- وتسمح بتكوين الجمعيات من أجل أن تتولى بناء المساجد أو إعادة تهيئها، وتُلزمها بأن تحلّ نفسَها مباشرة بعد انتهاء أشغال البناء أو الترميم، حيث يكون تعامل الوزارة مع هذه الجمعيات «شبهَ انتهازي» وظرفيّ.. بعد ذلك، تتسابق نظارة الأوقاف من أجل تفويت المرافق من دكاكين وغيرها لفائدة الأغيار من أجل توفير مداخيل مالية لتدبير المسجد.
خطوط التماس
في هذه الوضعية الإدارية الملتبسة التي يُسمَح فيها بتواجد ظرفيّ للجمعيات التي يُشكّلها السكان، يكون الإمام، في المقابل، تابعا إداريا للوزارة وهو الأمر الذي يجعل العديد من هذه الجمعيات تشعر بالغبن حين تُقصى من تدبير الأمور التي تتعلق بالمستوى العلميّ للإمام وتوجّهه الفكريّ وغيرها من الحيثيات التي تختلف من منطقة إلى أخرى، فتارة يتهم الإمام بأنه سلفيّ متشدد وتارة بأنه مبتدع.. وتكون عناوين هذه المعارك الفقهية الطاحنة أحيانا قراءة الحزب جماعة أو دعاء القنوات في صلاة الفجر والسدل أو القبض في الصلاة وغيرها من الحيثيات التي توجد في قلب الخلاف بين المذاهب الفقهية.. ومن الوقائع التي تثير في مثل هذه الخلافات ما حدث يوم 17 نونبر 2011 حين تقدم إمام مسجد دوار «إدلامين» -قيادة تمنار في إقليم الصويرة بشكاية إلى المندوب الإقليميّ لوزارة الأوقاف مُطالِباً بإنصافه من مجموعة من السكان الذين أورد أسمائهم في الشكاية المذكورة، وقال إنهم يمنعونه من قراءة الحزب الراتب، مدّعين أن الأمر «بدعة» لم تكن في سلف هذه الأمة.. كما منعوه من قراءة سورة ياسين على الأموات. وأوردت الشكاية، أي
ضا، أنهم فرضوا عليه المشاركة في الانتخابات، كما منعوه من الدعاء عقب كل صلاة وكذا من الدعاء للملك.. وانتهى الصراع القائم بين الإمام والسكان بأن اغتنم هؤلاء فرصة عودته من عطلة عيد الأضحى ليغلقوا المسجد في وجهه ويمنعوه من العودة إلى إمامتهم.
مجالس مقيدة
عندما تُعرَض الخلافات التي تنشأ بين الأئمّة وبين المصلين وبعض الجماعات التي تتشكل في بعض الأحياء، يتأرجح موقف المجالس العلمية بين الحزم والصرامة أحيانا، فعندما تبلغ درجة الاحتقان مستويات عالية ويبدأ المُصلّون في الاحتجاج وتوقيع العرائض ومقاطعة الصلوات في المسجد فإن المجالس العلمية لا تجد بدا من سحب الإمام من المسجد درءاً لإشتعال الوضع أكثر وبلوغه درجة الفتنة، كما حدث في مسجدين في عمالة إنزكان، مما اضطرت معه المندوبية الجهوية إلى نقل الإمام من مسجد إلى آخر. في المقابل، فإن هذه المجالس تبقى عاجزة، رغم تدهور العلاقة بين الأئمة والمصلين، كما وقع في المسجد الكبير «أموكاي» في الدشيرة الجهادية، إذ فجّرت الجمعية المسيّرة لمرافق المسجد (ويضمّ أيضا مدرسة عتيقة) فضيحة الهبات التي وجّهتها عمالة إنزكان لطلبة هذه المدرسة العتيقة ووجههتْ رسالة في الموضوع إلى وزير الأوقاف تتهم فيها إمام المسجد بأنه قام استدعى 27 طالبا من المدرسة العتيقة «سيدي يحيى إغلالن» -في «الدراركة»- من أجل إيهام عامل الإقليم بأنّ هؤلاء الطلبة يدرسون في هذه المدرسة العتيقة، التابعة للمسجد الذي يشغل فيه الإمام المذكور مهمة إمام وخطيب. ويتضمن الملف المرفوع إلى كل من وزير الأوقاف وعامل عمالة إنزكان -آيت ملول عريضة خطية تحمل أسماء وتوقيعات الطلبة الذين تم «النصب» عليهم من طرف الإمام، حيث طلب منهم قراءة «السلكة» من أجل أن يحُلّوا محلَّ الطلبة الأصليين الذين كانوا غائبين بسبب عطلة العيد، وتم «تعويضهم» بطلبة مدرسة أخرى.. كما يتضمن الملف إشهادا لمنظف المسجد، يؤكد فيه أنه عايَنَ، في اليوم الذي زار فيه عامل الإقليم المسجد المذكور من أجل تقديم هبات ومساعدات للطلبة، وجودَ ما يفوق 25 طالبا كلهم غرباء عن المدرسة وليسوا من الطلبة الذين اعتادوا الإقامة في المدرسة التابعة للمسجد المذكور، حيث كانوا يقرؤون القرآن ويُردّدون مجموعة من الأمداح ساعة استقبال العامل..
تبيَّنَ في ما بعدُ أن الضجة التي أثيرت حول الملف مؤشّرٌ على وصول درجة الاحتقان بين الجمعية وبين الإمام إلى أوجِه، وكان أسلوب التربّص والفضح واحدا من أساليب تفجير هذا الاحتقان.

صناديق المساجد
من القضايا التي تثير الكثير من الجدل داخل المساجد وتكون سببا في الضجيج والصراخ أحيانا في بيت من «بيوت الله» هو تلك الصناديق الحديدية التي توجد في ركن من أركان المساجد. تُخصَّص هذه الصناديق الحديدية لجمع التبرعات، لكن القاسم المُشترَك بين كل هذه الصناديق الحديدية هو أنها تتوفر على قفل واحد وهو أمر مثير للشبهة، حيث يتولى شخص واحد فتحها وتدبير ما تم جمعه، في حين لا يتم تحرير أي محضر بمحتوياتها وبالتواريخ التي تم فيها فتح هذه الصناديق ولا حتى من كان وراء فتحها.. وهو ما يخلق صراعا ويفتح المجال للقيل والقال وللاتهامات المُتبادَلة بين القيّمين على المسجد الواحد، حيث كان أوْلى أن توضع عليها أقفال تُفتح من طرف شخصين على الأقل وأن يتم تحرير محضر بالمبالغ التي تم سحبها منها وإعلان ذلك في سبورة المسجد، وكذا مآلات صرفها، من أجل تشيع المصلّين على البذل، من جهة، ومن أجل إشاعة أجواء الشفافية بين مرتادي المساجد ومتعهّديها.
الوزارة البكماء
كغيرها من المؤسسات لم تكن وزارة الأوقاف استثناءً في صمتها المطبق وفرضها حالة من التكتم الشديد على الأوضاع داخل المساجد، حيث إن المندوبيات ترفض إعطاء تصريحات صحافية وتتحفظ كثيرا في فتح نقاش عموميّ حول وضعية المساجد، على اعتبار أنّ هذا الشأن ليس للتدوال ولا يجوز فتح النقاش في على صفحات الجرائد ولا حتى في الإعلام العموميّ، حسب العديد من الترجيحات تجنبا للفتنة.. في المقابل، يعتبر مجموعة من المتتبعين للشأن الديني أن من شأن احتكار وزارة الأوقاف الحديثَ عن الشأن الديني أن يدفع في اتجاه من «الاستبداد المقدّس» وإبعاد كل القوى الاقتراحية التي من شأنها أن تساهم في حل المعضلات التي يعرفها الشأن الديني، خاصة العلاقة مع القيّمين الدينيين، والتي تفجّرت مؤخرا على شكل مسيرات واعتصامات أمام البرلمان وداخل العديد من المدن المغربية، إذ خرج الأئمّة يحتجون على وزير الأوقاف ويطالبون برحيله..
فما دام أنه يتولى تدبيرَ الشأن الدينيّ بشرٌ يَحتمل سلوكهم الخطأ والصوابَ، فإنه ليس من المعقول -وفق مجموعة من الأصوات من داخل الأئمة- أن تكون قرارات وزارة الأوقاف بعيدة عن كل مساءلة عمومية وتدقيق في السياسات، والتي تنهجها الوزارة، خاصة في مجال الأوقاف، التي يرى الأئمة أنها السبيلُ إلى تحسين وضعية الأئمّة وتحسين خدمات هذا المرفق، بدل أن يُترَك الأئمة رهن مزاج العديد من الجمعيات والمندوبيات.
هجرة إلى الخليج
هاجر أزيد من 40 إماما نحو دول الخليج، خاصة الإمارات العربية المتحدة، في خطوة غير مسبوقة، وهو ما شكّل ظاهرة جديدة، وما تزال الطلبات تتوالى على مجموعة من المندوبيات من أجل استقطاب أئمة جدد، فالأنباء القادمة من تلك الدول تقول إنّ «الأئمة معزَّزون مُكرَّمون» بأجور عالية وتعويضات مميزة ويخدمون المساجدَ في ظروف جيدة.. وهو ما أشعل المنافسة بين الأئمة من أجل الظفر بفرصة الهجرة إلى
الخليج، بعد سلسلة من الاحتجاجات التي قادوها تنديدا بالأجر الشهريّ «الهزيل» الذي يتقاضاه القيّمون الدينيون، والذي لا يتجاوز 800 درهم في أحسن الأحوال.. مما يضطر الإمام إلى أن «يستجدي» الجمعيات التي تدبِّر المساجد وينتظر -كلما حل العيد- بعض «الصدقات» التي يجود بها مرتادو المساجد، ما يكرس النظرة الدونية إلى الإمام ويجعله دائما في مقام اليد السفلى، التي مهْمَا كانت الأحوال هي أقلُّ وأحقر من اليد العليا التي تنفق.

خربوش : وزارة الأوقاف سلطت مناديبها على الأئمة وحوّلتهم إلى مجرّد «ببغاوات»
ما توصيفك لواقع أئمّة المساجد وعموم القيّمين الدينيين؟
-وضع أسرة المساجد، بصفة عامة، هو وضعٌ تعتريه تقلبات وتتعامل معه الوزارة الوصية، ومَن وراءها، بالترغيب تارة -إغراء الغالبة الصامتة الغاضبة عن الوضع- والترهيب تارة أخرى، بسياسة الاحتواء وعزل المناضلين وتسلط مناديب الوزارة لتحويل الإمام إلى «ببّغاء»، فمشاعر الظلم والحيف، مهْما حاولنا تجاهلَها، تأبى علينا إلا أن نؤمن بأنّ هناك من الساسة من يحاربون أسْرَة المساجد في قوتهم اليومي ويسعون إلى شلّ وظيفتهم في المجتمع، بل وتشويه صورتهم، وهو أمر يهدّد السلم الاجتماعي مستقبلا.. وما يسعى إليه المجتمع وما يرقبه من الكرامة والحرية والعيش الكريم ليس لأسْرة المساجد فيه نصيبٌ، وإنّ وراء الأكمة ما وراءها..
– ما هي الآثار السلبية لسياسة الأبواب الموصَدة التي تنهجها الوزارة تجاه جمعيتكم؟
-طبعا، يؤسفنا أن نراسل الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدنيّ دون اهتمام ولا رد، والأدهى أن نسمعه يصرح أنه رُخّص لكذا وكذا من الجمعيات.. لماذا تستثنى رابطتنا، إذن؟ أليست من المجتمع المدني؟ ألا يحقّ لها تأسيس إطارها القانونيّ لتساهم في ترشيد جيلها والمجتمع المغربي المسلم؟ ولماذا يُعزَل المؤسسون لهذا الإطار ويُطارَدون في المساجد ويُمنعون من أبسط حقوقهم!؟.. فقد تحصنت وزارة الأوقاف بهالة من القداسة، كما خذلتنا مؤسسات القضاء ولم تنصفنا ولو مرة.. ولكن الأئمة في المجتمع يمتلكون خيارات عديدة، وقد أدركوا الآن كيف يُصحّحون أخطاءهم ويغيّرون من الوسائل، ما يضمن ألا يتحكم أحد في وظائفهم الدينية.
– لوحظ مؤخرا أن مجموعة من الأئمّة يتوجهون إلى دول الخليج، ما تعليقك على هذه الظاهرة؟
– يوضّح توجُّهُ الأئمة إلى دول الخليج مدى انسداد الأفق، كما يفسر حجم التعسف تجاه شريحة واسعة ذاقت مرارة الإهانة والحرمان.. كيف لا يهاجر وهو يرى إخوانه في تلك الدول يُكرَّمون أيَّما تكريم، ماديا ومعنويا وهو في بلده يُهان؟
– أي دور للمعاهد العتيقة في تخريج الأئمة؟
إذا كنت تقصد بالمعاهد الدينية المدارس العتيقة، فهي التي خرّجت معظم من ينتمون إلى هذه الشريحة العريضة، أعني فقهاء، بل علماء الساحة، ومنهم أئمة وخطباء ومرشدون.. فالمدارس الدينية تتجه نحو الذوبان في المنظومة التعليمية العمومية، وقد تفقد خصوصيتها. ويتجلى دور المدارس العتيقة في تكوين الأئمّة وعموم القيّمين الدينيين تكوينا دقيقا لا تهمّهم الشواهد أكثرَ مما يهمّهم التحصيل العلميّ الدقيق المتنوع. ومن الواضح أن الدولة الآن تسعى إلى تخريج الأئمة والعاملين الدينيين على نمطها ومقاييسها.
– ما تجليات الحيف الذي لقيّ هذه المدارس وخريجيها من طرف الوزارة الوصية؟
«هروب» الأئمة المُضطهَدين إلى الخليج هو من تجليات الحكومات المتوالية وليس فقط وزارة الأوقاف.. وهذه النظرة كفيلة -لوحدها- ب»تجفيف» مساجدنا من طاقات واعدة.. ولعلّ الأوقاف تسعد بالتخلص من الأطر الشابة الواعية من أسْرة المساجد، التي ترفض الوصاية غيرَ المسؤولة، وقد انخرط كثير من المضطهَدين في أعمال حُرّة لتأمين لقمة العيش ولم يؤثر عزلهم في وظيفتهم الدعَوية، بل تحرّروا من «قيود» الأوقاف ومن الخصوصية التي تتغنى بها وزارة الأوقاف، التي تبقى الخاسرَ الأكبر.. إنّ الحيف الذي طال المدارس العتيقة وخرّيجيها ليس وليدَ اليوم وليست وزارة الأوقاف وحدها المسؤولة عنه، فالحكومة، ومعها المجتمع المدني، لا بد أن تتدخلا لإنقاذ ما تبقى من هذه القلاع وتعطيا الأمل لخريجيها، وإن تركوها تتهدم فإنّ التّاريخ لن يرحم أحدا.
‏‎ عبد العزيز خربوش الكاتب العام لرابطة أسرة المساجد في المغرب

 

محفوظ آيت صالح نشر في المساء يوم 17 – 12 – 2012

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق