جامع بنيدير ينعي فقيد مدرسة وكاك : ماذا بعد رحيلك عنا يا شيخنا العظيم؟

كان دأبك أبدا ألا تكثر من الكلام حتى وإن كان مباحا إلا إذا تصدرت للتدريس، أو إذا سئلت عن أمر ديني أو شأن علمي، لكنك اليوم لذت بصمت عميق ورهيب و أبدي، فقد كنت تربأ بنفسك النظيفة عن الكلام المباح حتى وإن كنت تدفع ثمن ذلك غاليا، فكنت واعيا بما حولك وبمن حولك، وتسخر في أعماقك من كل ما يكنه لك هذا وذاك بإمساكك عن الكلام، أو بنظراتك وملامحك التي قد لا يقرأها إلا من ألف التفاعل معك لفترة مّا عن كثب، فيما يخالك من ليس كذلك مغفلا وخارج التغطية في أحسن الأحوال، وسكت اليوم عن كل كلام مباحا كان أو واجبا أو محظورا، وتوقفت ملامحك عن كل تعبير، وتوقفت نهائيا عن الحركة، إنه السكون الرهيب الذي أوقد نيران الحسرة في قلوب طلبتك ومحبيك، وحدا بجميع الذين يجلونك إلى مواجهة أسئلة حرجة، صارت تتردد بشراسة على كل لسان، و لا سبيل إلى تجاهلها منها:

ـ ماذا سيدي الفقيه عن مآل المدرسة بعد رحيلك؟ وذلك بالرغم من أن زمام تدبير أهم شؤونها قد سحبوه منك قبلا، فآلت اليوم إلى هذه الوضعية التي لا تحسد عليها.

ـ ماذا بعد رحيلك يا سيدي الفقيه عن مآل خزانتك الفريدة الزاخرة بنفائس المطبوعات والمخطوطات وقد حرصت على تأسيسها وإغنائها على مدى سنوات عمرك بالقديم والجديد  في مختلف مجالات المعرفة الإنسانية؟

ـ ماذا سيدي الفقيه عن مآل علم التوقيت بعد رحيلك، وقد أعطيت له من كيانك كله ما صرت به من رواده مغربا ومشرقا، وكنت الراعي اليقظ والأمين على احترام مقتضياته وحدوده مغربا ومشرقا؟

لعلها أكثر الأسئلة إثارة للقلق والحرج، وهي مفتوحة على العديد من الاحتمالات التي منها ما هو محمود ومأمول ومريح، ومنها ما هو مخيف ومنفر، ومنها أخرى لا نعلم في الوقت الراهن شيئا عن منحاها ووجهتها.

وما  نرجوه هو ألا تجد احتمالات الإجابات المخيفة عن هذه الأسئلة طريقها إلى أدمغة من يعنيهم الأمر.

جامع بنيدير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق