عن نص امتحان ” حرب سوريا” باب في الرد على من ادعى أن في نص الامتحان تحريضا على الارهاب

عبدالله توفيقي- كاتب رأي

تتبعت بكثير من التروي والتمعن النقاش الدائر في الآونة الأخيرة حول نص امتحان اللغة العربية بثانوية  مولاي رشيد الاعدادية بتيزنيت – دورة يناير 2017. وبذلت مجهودا مضاعفا في تبين حقيقة ادعاءات المعترضين عليه باحثا عن مؤشر واحد يزكيها من داخل النص فلم أضفر به ، بل لم يستطيعوا هم الاخرون اثباته . فمجمل ادعاءاتهم تجد لها مصداقية في السياق الخارجي للنص لا في سياقه الداخلي . وهي من باب تحميل النص ما لا يحتمل .وكم تأسفت لحجم المغالاة في اطلاق الأحكام على عواهنها ، والادعاءات المغرضة غير المؤسسة على قرائن  نصية تدعمها.

من خلال قراءة متمعنة لنص الامتحان في سياقه الداخلي لا أجد أي مؤشر نصي  محددا  في لفظ أو عبارة بعينها  يسند ادعاءات المعترضين على مضمونه . وسأتوقف في مقالي هذا عند رأي احدى هذه الجهات المعترضة ممثلة في ” الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والارهاب ” التي أصدرت بيانا بهذا الصدد ، زعمت فيه أن في النص تحريضا على الارهاب، متأرجحة في ذلك دون تحديد دقيق ما بين ذكر “التطبيع مع الارهاب” مرة واحدة و تكرار” التحريض على الارهاب ” ثلاث مرات ، وأكد البيان أن “النص يتضمن عناصر خطيرة تحرض على الارهاب ” لم يذكر ولو واحدا منها بلغة صريحة مباشرة.  ورتب على ذلك مضاعفات ونتائج بعدية من قبيل ” خلق الاستعداد لدى التلاميذ لدعم التنظيمات الارهابية  – المس بنفسية الاطفال بما يجعلهم عنيفين ” كل هذا ورد من  بعد استهلال للبيان بقناعة جاهزة سلم بها واضعوه  منذ البداية ،  بدل أن يخلصوا إليها كنتيجة نهائية متأتية عن مقدمات ضرورية هي كون النص ” متضمن لموقف سياسي وايديولوجي أكثر منه علمي أو تربوي وتعليمي .”

وكما لم يحسم البيان في حقيقة الاتهام الموجه لمن انتقى النص – لا من كتبه كما يعتقد معدو البيان – أهو تطبيع مع الارهاب أم تحريض عليه ، فإنه بقي كذلك متدبدبا بين رفض النص بشكل جذري بدعاوى واهية لا وجود لها إلا في ذهنه، وبين قبول النص كما هو واقتراح ادخال تعديلات عليه من الداخل  يعكس ذلك بلغة غير مباشرة مقترحه : ” لم يرد أي حديث عن السلام أو وجوب ايقاف الحرب” ، واقتراح  اخر لا يخلو من كثير من التهور “تستر على جرائم التنظيمات الارهابية المتطرفة “.

كل ادعاءات المعترضين هي تأويلات من خارج النص ، في حين أن المطلوب من التلميذ الاجابة على الأسئلة المطروحة عليه من داخل النص ، بل أن يمثل لكل معطى من خلال النص ، وإلا ما الفائدة من تثبيت نص إذا كان الجواب المطلوب سيكون من خارجه، حتى رأي التلميذ لم يطلب منه ابداؤه .

مغالطة أخرى ورد ذكرها في البيان مباشرة هي كون لغة النص ايحائية  ” بحيث يوحي للتلاميذ  / يوحي بالانسجام ” بما يكشف بوضوح أن كاتب البيان ومراجعه بعيدان كل البعد عن مجال تحليل النصوص وأحرى تأويلها ، فالنص كتب بلغة تقريرية مباشرة صريحة لا يحتمل فيها اللفظ غير معنى واحد ، لا بلغة ايحائية – كما يزعم البيان- تصويرية تعتمد الخيال ، يحتمل اللفظ فيها اكثر من معنى ، بما يقتضي كشفها باعتماد الية التأويل .

إن تأكيدنا هنا على ضرورة وحتمية قراءة النص وفق سياقه الداخلي لا يعبر عن أي نزوع للتنقيص من قيمة قراءته وفق سياقه الخارجي ، فتلك قراءة مشروعة  لكن ليست هي المطلوبة هنا ، خاصة وأن التلاميذ طلب منهم الاجابة عن أسئلة محددة بناء على ما ورد في متن النص لا غير .

أخيرا فإن ما أثمنه من بين مطالب معدي البيان دعوتهم الصريحة إلى تحييد الصراعات السياسية والايديولوجية عن الشأن التعليمي وهو ما كان أحرص بهم الالتزام به أولا قبل أن يطالبوا به غيرهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق