ما سبب برمجة الشاب بلال في الدورة الثامنة لفستيفال تيفاوين؟

DSC_0742__1_

منذ انطلاقته سنة 2006 وفستيفال تيفاوين يشق طريقه بخطى تابثة نحو الإحترافية والمهنية والعالمية، سواء من حيث التنظيم أو من حيث البرمجة. وفعلا، وعلى مر 7 دورات لهذه التظاهرة الوطنية، يظهر الطموح المشروع للمنظمين لبلوغ العالمية، فيما لا يتعارض مع المشروع الإستراتيجي للتظاهرة المتمحور حول الإنتصار لفنون القرية، وخدمة المنطقة عبر تسويقها عالميا، وتسليط الضوء على مؤهلاتها ومكنوناتها التراثية الغنية، وفي ذات الآن تعرية نواقصها ومشاكلها المتعلقة بالبنيات التحتية والمرافق العمومية والخدمات الأساسية. وقد يظهر جليا للمتمعن الباحث كيف استطاعت هذه التظاهرة أن تساهم في تطوير مجموعة من الخدمات بالمنطقة خاصة فيما يتعلق بالخدمات الفندقية والمطعمة (الإنتقال من أقل من 100 سرير بتافراوت سنة 2006 إلى أزيد من 800 سرير سنة 2012)، وكيف ساهمت في تسريع وثيرة إنجاز عدة مشاريع تنموية  كبالبنيات التحتية خاصة الطرق (طريق إخف إفيلو – أملن نموذجا)، إلى جانب ما تلعبه من أدوار اقتصادية مهمة بفعل الرواج الذي تخلقه قبيل وإبان وبعد كل دورة.

وبالموازاة مع ذلك أيضا تساهم تيفاوين في نشر قيم التعاون والتضامن عبر فقراتها الإجتماعية كالزواج الجماعي وتحفيز المتفوقين وتكريم شخصيات محلية ووطنية ساهمت في خدمة الثقافة الأمازيغية والمغربية عامة  في مجالات مختلفة. كما سعى فستيفال تيفاوين للإحتفاء بالموروث الثقافي الأمازيغي وتسليط الضوء على جوانب غناه المتعددة، إلى جانب السعي إلى الإحتفاء الدائم بفنون القرية التي لم تغب يوما عن البرمجة الفنية للفستيفال، بل إنها ظلت تسجل حضورها القوي شكلا ومضمونا في برنامج تيفاوين الفني، وعلى مر السبع دورات السابقة لتيفاوين يمكن تسجيل حضور أزيد من 100 فرقة شعبية من مختلف مناطق الوطن، والتي تمارس الأشكال والألوان المتعددة لفنون القرية (أحواش بأنواعه الكثرية، أحيدوس، رقصة تزويت، تاسكيوين، إسمكان، كناوة، الحلقة…إلخ)، إلى جانب استضافة أسماء فنية أمازيغية لامعة في فن “ترويسا” و”تاكروبيت” وغيرها من الفنون التي لا تنفصل عن إنسان ومجال القرية.

 كما سعى تيفاوين للإحتفاء بفنون القرية في قوالب إبداعية تظهر رونقها وغناه وتميزها الكبير، ففي دورته الثالثة احتفى فستيفال تيفاوين بفن أحواش عبر فقرة تيفاوين تراث “ميكاحواش”، وهي حفل كبير نظمت فيه رقصة  أحواش شارك فيها أزيد من 200 راقص من مختلف مناطق المغرب. وسيرا على هذا النهج، يحرص منظموا فستيفال تيفاوين على الحضور النوعي المتميز والدائم لفنون القرية خلال كل دورة من دورات الفستيفال، غير أن ذلك لا يمنع حضور أسماء فنية وطنية وعالمية تؤدي ألوانا فنية مختلفة سواء بالأمازيغية أو العربية أو لغات أخرى غيرها، ما دام ذلك يخدم شعار “الإنتصار لفنون القرية”،  ويخدم هدف تسويق المنطقة والتعريف بها وجذب الإهتمام الإعلامي وأنظار الرأي العام الوطني والدولي.

وخلال الدورة الثامنة لفستيفال تيفاوين، وسعيا منهم لترسيخ شعار الإنتصار لفنون القرية، قام المنظمون ببرمجة مشاركة أزيد من 16 فرقة لفنون القرية. فرق تؤدي ألوانا شعبية مختلفة كرقصة أحواش بأشكالها المتنوعة “أسداو، أجماك، أهنقار، الدرست، تزويت قلعة مكونة، إمي نتانوت، تاسكوين، عواد تيزنيت…”، إلى جانب فرجات متنوعة ” هرما، الرمى، أولاد سيدي حماد أوموسى، تاغزوت (الفروسية)،  الدقة الهوارية…”.  مع مشاركة ألمع شعراء أسايس الأمازيغي “إنضامن”، وذلك باعتبار “تنضامت” جزء لا يتجزأ من فنون القرية.  وسعيا منهم لإعادة الإعتبار ل”أسايس” كفضاء تاريخي  ذي أبعاد ثقافية تراثية عميقة يحتضن أنشطة الإنسان بالقرية الأمازيغية، فقد عمد منظموا  تيفاوين لجعل  تلك الفرق تؤدي فقراته في الساحات العمومية (إسوياس)، بتافراوت و أملن طيلة أربعة أيام من 15 إلى 18 غشت 2013.

كما تمت برمجة مشاركة أسماء فنية ضمن السهرات الكبرى لتيفاوين من قبيل ” الشاب بلال، نجاة عتابو، عمر بوتمزوغت، فاطمة تاشتوكت، أعراب أتيكي، لحسن بيزنكاض”، والملاحظ أن كل هذه الأسماء هي أمازيغية باستثناء الشاب بلال. وقد يتساءل متسائل فيقول :  ما سر برمجة هذا الإسم الفني؟ وما علاقة برمجته بشعار الإنتصار لفنون القرية؟ والجواب على هذا السؤال نجده حاضرا باستمرار في أدبيات عمل جمعية فستيفال تيفاوين، ويتجلى في كون تيفاوين يظل منفتحا على جميع الثقافات وعلى جميع الألسن ما دام الإشتغال على فنون القرية يحضى بحصة الأسد من اهتمام المنظمين، وما دام حضور مثل هذه الأسماء لا يطغى على البرمجة العامة للفستيفال. إن حضور بلال يخدم بشكل مباشر فنون القرية لأنه سيجذب الإنتباه والأنظار، وسيستقطب المحبين والضيوف ليتعرفوا ويتذوقوا الطبق كاملا، طبق تتنوع مكوناته الفنية.

8

من الحيف والجور واللاموضوعية، عدم الإعتراف بأن فستيفال تيفاوين لا ينحرف قيد أنملة عن مشروعه الإستراتيجي “الإنتصار لفنون القرية”. فبقراءتنا، ولو السطحية، للبرمجة الفنية للدورة الثامنة لفستيفال تيفاوين، سيظهر لنا أن فنون القرية، والفنانون الأمازيغ يشكلون أكثر من  95%   في برمجة هذه الدورة، ذلك أنه لدينا 16 فرقة للفنون الشعبية، بالإضافة إلى الفنانين الأمازيغ : الرايسة فاطمة تاشتوكت (فن تيرويسا – أكادير)، الرايس أعراب أتيكي ( فن ترويسا – أكادير)، لحسن بيزنكاض ( فن تكروبيت – أكادير)، عمر بوتمزوغت ( الأطلس – خنيفرة)، نجاة عتابو ( الأطلس- الخميسات)، كما أن الفنانين بوتمزوغت واعتابو يؤديان أغاني باللغة العربية. في حين يبقى الشباب بلال هو الإسم الوحيد الذي يؤدي أغانيه باللغة العربية فقط. وبالتالي فهوية الفستيفال الأمازيغية المنتصرة لفنون القرية تظهر بما لا غبار عليه من خلال هذه القراء، ولا ينكر ذلك إلا جاحد.

إن قناعة منظمي فستيفال تيفاوين راسخة  بكونهم يسيرون في الطريق الصحيح لبلوغ العالمية والإحترافية، وتحقيق مزيد من المكتسبات لصالح القرية وفنون القرية وتراثتها.

لحسن السعدي، تافراوت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق