الداودي: طلبة مغاربة صنعوا طائرة بدون طيَّار ستُحلِّق قريبا

وأكد الداودي، في حواره مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن الجامعة المغربية، بعد سنتين إلى ثلاث، ستعيش نسمات التغيير، معتبرا ألاّ مجال اليوم للتَّبخيس من قُدرات الجامعة المغربية أو التَّقليل من شأن طلبتها، حاثًّا المُجتمع المغربي على تغيير نظرته النمطية التي يرى بها الجامعة مُساهمة منه في تغيير واقع ومآل الجامعات بالمغرب، مؤكدا استعداد وزارته تمويل مشاريع البحث العلمي بميزانية فاقت 40 مليار درهم كأكبر ميزانية تخصص لهذا المجال في تاريخ المغرب. مُشدِّدا على ضرورة تكوين مُهندسين يتقنون صنع سيارة كاملة وبإعداد آخرين قادرين على تصنيع أجزاء من الطائرات في أفق تصنيعها كاملة…

ذات الحوار كان مناسبة أفصح خلالها الوزير المعني عن قراره القاضي بتجهيز الجامعات والأحياء الجامعية بالويفي ذي الصبيب العالي ابتداء من هذه السنة وبصفة تدريجية؛ حتى يتمكن الطالب من تشغيل الانترنت داخل ساحات الجامعات، كاشفا عن طلب تقدم به إلى إحدى المقاولات قصد صُنع حاسوب محمول صغير، معربا عن أمل يحدوه بمنح حاسوب محمول لكل طالب جامعي إلى جانب المنحة.

تم تسجيل حالات عديدة للعنف داخل الجامعات، آخرها حادثة الاعتداء على الأستاذ الحسين تيسير؟ فما الإجراءات المتخذة من طرف وزارتكم لطرد العنف من داخل الحرم الجامعي؟

لقد تم سنُّ قانون داخلي على مستوى الكليات من أجل طَرد العنف من داخل الجامعات المغربية، إلا أن المشكل الذي يَعترضُنا هو في أن طالباً قد يقترفُ جُرماً أو عنفاً داخل كلية لا يَنتمي إليها بالأساس، والسؤال الذي يبقى مُعلَّقا هُنا هو من سيُعاقَبُ ذاك الطالب الذي مارس العنف، ولذلك سيتم تأسيس خليَّة لوضع قانون على مستوى كل جامعة لمعالجة هذه الإشكالية؛ وعلى سبيل المثال تم تعنيف موظف بكلية العلوم إلا أن الطالب منحدر من كلية أخرى. بل إن هناك تفكيرا الآن بكيفية معالجة الموضوع في حالة جاء الطالب المُعتدي من جامعة أخرى؛ فالمساطر تتغيَّر من أجل مُحاصرة هذه الإشكالية.

أما بخصوص العقوبات، فقد قرَّرنا طرد كل طالب مارس العنف في حق طلبة آخرين أو موظفين أو أساتذة، وإذا كان العنف داخل الحي الجامعي فسيتم حرمانه من المنحة ومن السرير، على اعتبار أن الجامعة مجال للتَّحصيل والنقاش وليس مجالا للعنف بتاتا، حيث تم إدخال هذا القرار في القانون الداخلي للمجلس الإداري للمؤسسة الاجتماعية الجامعية.

كيف تَنظُرون إلى وضعية التعليم العالي بالمغرب؟

التعليم العالي بالمغرب شأنه شأن دول كثيرة له إيجابياته وسلبياته، ولا نستطيع أن ننكر أنه يعاني من مشاكل كثيرة بالإضافة إلى نواحٍ أخرى تُميِّزه، فيكفي أن نذكر أن 18 بالمئة من خرِّيجي المعاهد العليا المغربية يَلجُون أسواق الشُّغل العالمية الكبرى مثل كندا وفرنسا واسبانيا وبلجيكا والولايات المتحدة ويلتحقون إما للدراسة أو العمل بالجامعات المرموقة هناك، والآن الطلب متزايد على الطلبة المغاربة المُتميِّزين من طرف كوريا واليابان والهند كما تم توقيع اتفاقية بذات الخصوص مع الصين، فالطالب المغربي مطلوب دُوليا رغم الإشكاليات التي نعاني منها، بالمقابل أصبحت الجامعات المغربية محطَّ أنظار الطلبة الأجانب الأفارقة والأسيويين، وأؤكد أن الجامعة المغربية بعد سنتين إلى ثلاث ستعيش نسمات التغيير، وآمل حقيقة أن يَلتَحق الأوربيون بالجامعات المغربية قصد الدراسة، فلا مجال اليوم للتَّبخيس من قُدرات الجامعة المغربية أو التَّقليل من شأن طلبتها، لأن قُدرة المغاربة على الابتكار والإبداع العلمي عند هجرتهم إلى دول أخرى ممتازة، إلا أننا للأسف “كنْحَكرو” الطالب ما أن يبقى بالمغرب.

وعلى المجتمع المغربي أن يغير تلك النظرة النمطية التي يرى بها الجامعة مساهمة منه في تغيير واقع ومآل الجامعات المغربية، فالمغرب يزخَرُ بالطلبة والأطباء والمهندسين المُميَّزين؛ حيث أن التحدي اليوم هو كيفية المحافظة عليهم داخل أرض الوطن لأن مَسارهُم سيُؤَدِّي بهم حتما نحو الأسواق الخارجية كما أصبحت دول المشرق تطلب أساتذة وباحثين مغاربة.

لكن ما الذي سيجعل المغاربة يُغيِّرون نظرتهم تُجاه الجامعة وطلبتها؟

من هنا أؤكد أن المغرب سيُنتِج “الدْرُون”، ففي غضون أقل من شهرين ستطير هذه الطائرة بدون طيار والتي قام بتصنيعها وتطويرها ثلة من الطلبة المهندسين بكل من الرباط والدار البيضاء في تجربتها الأولى، كما أن المغرب قادر على إنتاج الرادارات بنفسه وهناك فريق من المغاربة الباحثين يعمل على تطوير بيت ذكي هم قيد الاشتغال عليه حاليا، ومن هذا المنطلق يجب على المغاربة أن يضعوا ثقتهم الكاملة في القدرات المغربية التي دائما ما يشككون فيها للأسف.

ماذا عن النسبة الباقية من خريجي كليات العلوم الاجتماعية والإنسانية؟

المشكل هنا يَكمُن في كون 35 بالمئة من خريجي المدارس المغربية يتوجَّهون إلى الشعب العلمية و 65 بالمئة يتوجَّهون إلى العلوم الاجتماعية والإنسانية، ولم يستطع أي بلد توفير الشغل لمثل هذه النسبة من خريجي العلوم الاجتماعية والإنسانية، فمن الصعب اليوم على دول العالم القضاء على البطالة بما فيهم المغرب، لأن 50 بالمئة من حاملي الشهادات باسبانيا مثلا عاطلون والبطالة تتجاوز 22 بالمئة، أما في إيطاليا فـ 35 بالمئة من حاملي الشهادات عاطلون، في حين أن 24 بالمئة من حاملي الشهادات المغاربة عاطلون؛ ويمكن إرجاع الأمر إلى التنمية الاقتصاد
ية بالمغرب الني لا تستطيع خلق ما يكفي من مناصب الشغل. وأعتقد أن توفير فرص اشتغال شباب اليوم كان يتطلب تحضيراً منذ عشر سنوات فلا نستطيع معالجة مشكل يتطلب البناء والتحضير المُسبق في ظرف سنة واحدة وفي ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة.

ما أولويات اشتغالكم داخل وزارة التعليم العالي؟

الأولوية الآن هي للبحث العلمي والجودة، ويمكنني التأكيد على أن كليات الطب والهندسة لا يعانون من مشكل تأطير الأساتذة والبنايات، إلا أنه وبسبب الاكتظاظ الذي نُعانيه في كليات الآداب والحقوق والاقتصاد ذات الوُلوج المفتوح لا نستطيع المطالبة بالجودة حاليا، فالأستاذ الجامعي الذي يدرس 200 طالب أو أزيد كمعدل لا يمكنني مطالبته بالجودة، لتقتصر مجهوداتنا الآن على حل مُشكل الكمِّ والبنايات ثم بعدها نناقش الجودة. كما أن الحكومة حرصت السنة الماضية على بناء مُدرَّجات جديدة خارج ميزانية الجامعات خصيصا لمعالجة إشكالية الاكتظاظ، إضافة إلى تخصيص ألف منصب داخل الجامعات بما فيها 500 منصب جديد ومثلُها للدكاترة العاملين بالإدارات، فضلا عن إنشاء كليَّتين للطب، ومدارس العلوم التقنية بكل من بني ملال وخنيفرة وقلعة السراغنة والمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالسمارة وكليات أخرى وضعت لها ميزانية برسم سنة 2013؛ وأنا واثق تماما أنه وفي حال استمرار مجهوداتنا على ذات المنوال؛ سيتم حل مشكل التأطير والبنايات، وساعتها سنستطيع مطالبة الأستاذ بالجودة ..

وبخصوص البحث العلمي، أومن تماما أن المغرب لا يمكنه تحقيق إقلاع اقتصادي دون بحث علمي، فالمفروض في زمن العولمة الذي نعيشه تصدير التكنولوجيا بدل تصدير الطماطم، نقوم بتكوين تقنيين لتركيب الطائرات والسيارات لكننا لا نهتم بتكوين مُهندسين يصنعون أجزاء من السيارات أو الطائرات، وأعتقد أن مغرب اليوم مُلزم بتأهيل مهندسين مغاربة يتقنون صنع سيارة كاملة وبإعداد آخرين قادرين على تصنيع أجزاء من الطائرات في أفق تصنيعها كاملة، علاوة على مجال الأدوية وغيرها..

وفي هذا الصدد، أؤكد على أن الموارد المالية للبحث العلمي متوفرة، وأُبلغ ذوي المشاريع العلمية أن الوزارة مستعدة لتمويلها بكل شفافية رفقة الأساتذة، لإيماني أن الأستاذ الجامعي هو قاطرة التنمية الاقتصادية بالمغرب، والمفروض أن تكون الجامعة المغربية بأساتذتها وطلبتها ذات إنتاجية مرتفعة وألاَّ تبقى على الهامش.

كم تبلغ الميزانية المخصصة حاليا للبحث العلمي؟

حسب قانون المالية تم تخصيص 60 مليون درهم للبحث العلمي بالمغرب، إضافة إلى مبلغ 350 مليون درهم، ما يعني أن أزيد من 400 مليون درهم جعلت لهذا الغرض والذي هو أكبر مبلغ يتم توفيره للبحث العلمي في تاريخ المغرب.

فأنا أطمح في إخراج منتوجات مصنعة بالكامل بالمغرب إلى الأسواق تحمل علامة “Made in Morocco وعلى سبيل المثال تم صنع طاحونات هوائية خاصة بالمنازل لتوليد الطاقة الكهربائية بمدينة تطوان، على أن تنطلق عملية التصنيع قريبا على اعتبار أن المشروع مكتمل المعالم…

إلى ماذا ترمُون عبر إفصاحكم عن هذه اللوائح؟

تم نشر لوائح المستفيدين من السكن والممنوحين الجدد، وحاولنا ضبط الأمور إلا أن “التخَلْويض” دائما موجود والشيطان يعمل بجد..وأن نقول للمواطنين المغاربة إننا سنعمل على محو الفساد في مدة محدودة فالأمر ضرب من الكذب والبهتان لأن الله سبحانه وحده من يقدر على الفساد والمفسدين، وباعتباري وزيرا للتعليم فلا يمكنني الاطِّلاع على كل ما يجري بجامعات وأحياء المدن المغربية، إلا أننا نضع الثقة في المسؤولين، ومن هنا أدعو المجتمع المدني إلى عدم السكوت عن الاختلالات التي يضع يده عليها حتى يُفتَضَح أمر المفسدين..

ما دوافع نشر هذه اللوائح وماذا بعدها؟

دائما يوجه إلينا سؤال ماذا بعد نشر اللوائح، وأعتبر أن الأمر المطلوب منا قمنا بتنفيذه على أكمل وجه، وزارة التعليم العالي تطلب من المواطنين المُطَّلعين على ذات اللوائح الكشف عن أسماء لا تستحق أن تستفيد من المنحة أو السكن الجامعي؛ فعلى المجتمع مراقبة نفسه والتبليغ عن تلكم الحالات، وللأسف سجَّلنا عدم تحرُّك المجتمع المدني باستثناء حالة أو اثنتين. ففي ذات السياق طالبتُ البرلمانيين بفضح ملفات الفساد والتوقف عن الشكوى مع استعدادي لاتخاذ التدابير اللازمة، صراحة الانتقاد دون إعطاء حلول لازمة لا فائدة منه.

كيف ستتعاملون مع الخَصاص الذي تعرفُه الأحياء الجامعية؟

لا أستطيع الكذب على المواطنين والتأكيد على قدرتنا على القضاء على الاكتظاظ، فلن نستطيع توفير سرير لكل طالب، هدف الوزارة هو توفير مليون سرير وبوثيرة البناء التي نتَّبعُها إضافة إلى الازدياد المضطرد للطالبة الجامعيين لن نستطيع سد الخصاص الحاصل في عدد الأسرة، وحسب ميزانية 2013 سيتم إنشاء ست مطاعم وخمس أحياء جامعية.

منذ 2007 تم تأسيس مركز جامعي متعدد التخصصات بقلعة السراغنة، يتم تدريس مسلكين فقط الاقتصاد والجغرافيا، وإلى حد الآن2013 لم يتم تخصيص أية بناية للطلبة الوافدين بكثرة والذين يدرسون حاليا داخل ثانوية؟ هل من حلول لهذه الوضعية؟

للأسف ما يحصل بقلعة السراغنة أمر لا يليق، وقد وعدت طلبة وأساتذة المركز الجامعي بتحسين ظروف الدراسة والاشتغال به، ونناقش رفقة رئيس جامعة القاضي عياض ما يمكننا فعله بالمركز ، حيث كان من السهل عليَّ اتخاذ قرار عدم بناء المؤسسة الجديدة الخاصة بالعلوم التقنية وبناء مؤسسة تستوعب طلبة الك
لية متعددة التخصصات بالمقابل، إلا أن للـ “EST” آفاقا واعدة وأردت إعانة طلبة المنطقة على إيجاد فرص للشغل عبرها.

أما الكلية متعددة التخصصات فسَنُبقي عليها رغم عدم توفر بناية أو ظروف لائقة للتحصيل، وأحب أن أُشير إلى أني اتَّصلت بعمال وولاة المدن التي تعاني من ذات المشكل كتازة وتاونات لتخصيص بقع أرضية لأساتذة تلك الكليات، ومن هنا أدعو السلطات المحلية بهذه المدن إضافة إلى المنتخبين إلى المساعدة على تأسيس جامعات لشباب هذه المناطق عبر تَخْصيص بُقعٍ أرضية للأساتذة الذين يُدرِّسون بذات الكليات بغية مساعدتهم على الاستقرار وحتى نغريهم بالبقاء.

ماذا أنجز بخصوص التغطية الصحية للطالب؟ هل ستعملون على تسهيل وُلوج الطالب للمستشفيات العمومية؟

ننتظر فقط أن تتم تَسوية ملف “الراميد” حتى تستطيع الوزارة التمييز بين الأسر المستفيدة من غيرها وعندها سيتم حل مشكل التغطية الصحية الخاصة بالطلبة؛ على اعتبار أن الطلبة الذين يتوفر آباؤهم على “الراميد” سيستفيدون من التغطية، وللأسف لا نمتلك معطيات في هذا البلد وعند التحاقي بالوزارة لم أجد حتى ملفات تخصصات الأساتذة، والآن فقط بدأنا تحضير الملفات. كما أن الحكومة الحالية بدأت في سياسة تحضير وحفظ المعطيات.

وما هي التغييرات التي طَرأَت على برنامج حياتك بعد أن أصبحت وزيرا؟

أصبحت اليوم أفهم أكثر مما مضى الآية الكريمة ” لكل امرئ يومئذ شأن يُغنيه”، وبما أني أقضي يومي في الوزارة من الصباح إلى الثامنة مساء أو العاشرة ليلا فلا أعلم ما يدور في الوزارات الأخرى.

كما لا يُمكنني الخروج من المكتب ولا زالت ملفات تحتاج التوقيع على مكتبي، لأن المسؤولية التي حملني إياها المواطنون ثقيلة إما أن أتحملها على أكمل وجه أو أن أترُكها.

مواقع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق