واقع حقوق الإنسان بجهة سوس من زاوية نظر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان

الجمعية المغربية لحقوق الإنسان

إستــــــهلال
يأتي هذا التقرير في سياق تتبع فرع أكادير للجمعية المغربية لحقوق الإنسان لحالة حقوق الإنسان بالمدينة في الموسم 2013/ 2014 انطلاقا من آليات اشتغال الجمعية في تتبع الخروقات التي تطال حقوق الإنسان في شموليتها : مدنية و سياسية و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية من جهة، و من جهة ثانية انطلاقا من المرجعية الكونية المؤسسة لقيم و مبادئ حقوق الإنسان كما هو منصوص عليها في الاتفاقيات و المواثيق الدولية.
في البداية لابد من الإشارة إلى أن هذا التقرير يستمد محتوياته من شكايات و تظلمات المواطنين و من وسائل الإعلام خاصة منها المكتوبة و الالكترونية بالمنطقة ، و كذلك اعتمادا على معاينة و تتبع وضعية حقوق الإنسان من خلال مكتب فرع الجمعية و مناضليها، من هنا فإننا لا ندعي الإحاطة الشاملة بالوضع الحقوقي بالمدينة في ظل ضعف الإمكانيات المادية و البشرية وصعوبة الشروط التي نشتغل فيها و غياب التعاون الايجابي للجهات المسؤولة على تسيير المدينة ، من سلطات محلية ترابية و منتخبة و مصالح خارجية للدولة و الجسم القضائي، علما أن معظم مراسلات الفرع إلى هاته الجهات تبقى دون رد.
ينقسم هذا التقرير إلى محورين أساسيين، الأول يتعلق بالحقوق المدنية و السياسية و فيه سنعمل على رصد واقع الحريات العامة ، الممارسة القضائية، وضعية السجن المحلي و قضايا ترتبط بأمن المواطنين…، أما المحور الثاني المتعلق بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية سنقف فيه عند الحقوق الشغلية و الحق في السكن و التربية و التعليم و قضايا البيئة و الحقوق الخاصة بالنساء و الأطفال و الهجرة غير النظامية.
الحقوق المدنية و السياسية
إن الهدف من هذا التقرير الذي سنضمنه مجموعة من التوصيات هو تشخيص حالة حقوق الإنسان بأكادير و اطلاع الرأي العام الجهوي و الوطني على صور و مجالات الانتهاكات و طبيعتها و مدى استعداد المسؤولين لاحترام حقوق الإنسان ” كما هو متعارف عليها دوليا ” و الوفاء بالتزاماتهم في خدمة المواطن و تحقيق التنمية و إقرار الديمقراطية في شموليتها ، خاصة في ظل تنامي وعي المواطن بحقوقه الأساسية والتعبير بشكل حضاري و سلمي في الدفاع عنها و النضال من أجل تحسين شروطه المعيشية، و قد سجلنا في هذا الإطار مجموعة من الأشكال الاحتجاجية السلمية من أجل الحق في السكن و الشغل و تخليد مناسبات حقوقية دولية و التي مرت في ظروف عادية إلا في بعض الحالات التي كانت فيها عرضة لتدخل السلطات المحلية و تضييقها على ممارسة هذا الحق المكفول دستوريا
و حقوقيا كما هو الشأن في :
1. منع التظاهرة السلمية العادلة و المشروعة لحركة 20 فبراير خلال تخليدها للذكرى الثالثة لميلاد الحركـــة ، و لم يقتصر تدخل السلطات على المنع فقط بل تعرض عدد من المناضلين و المناضلات لإعتداءات بدنيــة تمثلت في الضرب و التعنيف و تحرشات و إستفزازت ، لم يسلم منها حتى مرتادي السوق الأسبوعي ” سوق الأحد أكادير”، على إعتبار أن التظاهرة نظمت غير بعيد عن هــذا المرفق العمومي.
2. اعتقال عشرات الطلاب ، بشكل عشوائي ، إثر تنظيم مجموعة من طلبة يتحدرون من منطقة زاكورة لوقفة إحتجاجية بجوار كليات جامعة ابن زهــر ، تخللها تدخل عنيف لقوات الأمن في حق المتجمهرين دون سابق إنذار و دونما سلك الاجراءات المسطرية الواجبة الاتباع.
3. سجل الفرع تعنيفا همجيا لعمال معمل ” أفيرو” و ” صوتيماك” بأيت ملول لا لشيء سوى تنفيذهم لإعتصام سلمي و بمطالب نقابيـــة ، و تمت محاكمتهم بتهم ملفقة الغاية منها التنكيل بمناضلين نقابيين قادوا أشكال إحتجاجية و مطلبية .
و يذكر أن فرع أكادير للجمعية توصل بعدد من الشكايات الفردية و الجماعية من ضحايا خروقات حقوق الإنسان ، إلا أنها خارج نفوذه الترابي و أحالها في حينه على الجهات المعنية، و تبنى منها التي لها صلة بأكادير ، و يتعلق الأمر أساسا بشكايات عدد من الباعة المتجولين يدعون أنهم يتعرضون يوميا للإبتزاز مقابل وضع سلعهم في الملك العمومي و في نفس الوقت يتعرضون لإعتداءات بالضرب و التعنيف من طرف قائد المقاطعة الأولى بإنزكان و عناصر القوات المساعدة و تسلموا شواهد طبية تحدد العجز في مدد متفاوتة .
و في نفس السياق ، قامت عناصر القوات المساعدة بالإعتداء على شخص من ذوي الإحتياجات الخاصة بالشارع العام ، و هو ما كان موضوع مقالات عدد من الصحف بناءا على تقرير فرع أكادير للجمعية.
و يذكر أن أغلب هؤلاء وضعوا شكاياتهم أمام القضـــاء إلا أنه لحدود الساعة لم يلمســــوا أي تدخل أو إجراء لردع المخالفين و الضرب بيد من حديد على منتهكي حقوق المواطنين.
و بالنسبة لممارسة المواطن لحقوقه المكفولة بالقانون خاصة ظهير الحريات العامة في شقه المتعلق بتأسيس الجمعيات و تنظيم التجمعات، فقد لاحظنا خرقا واضحا لمقتضيات الظهير من طرف السلطات المحلية سواء في تسليم الوصل المؤقت فورا حين التصريح بعقد التجمعات أو وضع ملف تأسيس الجمعيات كما تلجأ السلطات المحلية الى طلب وثائق غير واردة في القانون.
أما واقع القضاء بالمدينة ، فإذ نسجل ايجابية الحكم القضائي الصادر عن المحكمة الإدارية ضد الدولة المغربية لصالح عائلة ” الخادمة فاطمة ” القاصرة التي تعرضت للتعنيف من طرف مشغليها كخادمة للبيوت ، كما نسجل إيجابية بعض الأحكام في ملفات تتعلق بإنتهاك حقوق الطفل و المرأة ، ضحايا الإغتصاب و العنف …، و التي نعتبر هذه الأحكام منصفة و عادلة في رمزيتها ، و لكن هذا لا يمنع من الإشارة إلى ما تحمله شكايات المواطنين و معاناتهم اتجاه الجسم القضائي بالمدينة ، و الذي يتسم بالبطء و التسويف في تحريك المساطر اضافة الى عدم تنفيذ أحكام قضائية أو المماطلة في تنفيذها ، و إصدار أحكام بعقوبات قاسية إذا ما تعلق الأمر بملفات ضد الصحفيين كما هو مدير جريدة مشاهد أكادير و بالنسبة لطلبة جامعة ابن زهــــر و عمال منضوون تحت لواء الكنفدرالية الديمقراطية للشغل.
وبشأن الواقع السجني يتوصل الفرع بعدد من الاتصالات من عائلات المعتقلين ومن المعتقلين أنفسهم يشكون تردي أوضاعهم و إنتشار كافة المظاهر المسيئة لهذه المؤسسة ذات الطابع التربوي، ففي ظل غياب التفعيل التام للجنة الاقليمية لمتابعة وضعية السجون و الاغلاق غير المبرر للسجون في وجه المنظمات الحقوقية و لم يلمس الفرع أي تغيير في هذا الاتجاه ولو بعد تنصيب مسؤول جديد على رأس المندوبية السامية لادارة السجون و اعادة الادماج ، فإن فرع الجمعية تمكن من رصد العديد من الخروقات التي تطال حقوق السجناء من خلال شكاياتهم المباشرة أو عن طريق عائلاتهم، فتفشي الزبونية و الاكتظاظ و المس بالسلامة البدنية و الأمان الشخصي للسجناء و تردي التغذية و الخدمات الصحية تعتبر من العناوين البارزة لواقع السجن المحلي بكل من أيت ملول و إنزكان ، و ذلك في ظل تجاوز صريح للقانون المنظم للسجون رقم 23/98 و القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء. و في هذا السياق نسجل الاعتداءات المتكررة التي يتعرض لها السجناء ، كما أن التراجعات التي طالت حقوقا ينص عليه قاون 23/98 دفعت مؤخرا عدد من المعتقلين إلى الدخول في اضرابات لامحدودة عن الطعام.
و فيما يتعلق بواقع الأمن بأكادير ، و من خلال شكايات المواطنين و تقارير الصحافة الجهوية و الوطنية، نسجل تعرض أمن المواطنين و سلامتهم البدنية و آمانهم الشخصي لاعتداءات متتالية و متزايدة من طرف منحرفين خاصة في أحياء هامشية ” تيكيوين ، بنسركاو ، الحي المحمدي ” بل بوسط المدينة ” ساحة السلام ” و بالقرب من بعض المؤسسات التعليمية ، كما أن الانتشار الواسع للمخدرات و الأقراص المهلوسة تضاعف من جرائم الاعتداء على المواطنين، و قد سبق لمواطنين أن وضعوا عريضة لدى السلطات المحلية للتدخل قصد الحد من هاته الظاهرة الخطيرة خاصة داخل قاعات الألعاب المحادية للمؤسسات التعليمية .
كما نسجل و بأسف كبير مضايقات بعض العناصر الأمنية للمواطنين في الشارع العام ، و التعامل معهم بكلام نابي و غير مسؤول و مخل بالحياء ، و التعامل معهم بالإزدراء و الإستصغار ، و إعتبار بعض المكلفين بالدوريات و الحملات التمشطية المواطنين ” مدان إلى أن تثبت براءته “.
الخلاصة التي يمكن استنتاجها من هذا المحور الأول هي أن الانتهاكات التي تطال الحقوق المدنية و السياسية و الحريات العامة بشكل عام تعتبر نتيجة منطقية لتنصل المسؤولين و عدم الوفاء لالتزاماتهم الدولية خاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و اتفاقية مناهضة التعذيب و عدم اعمال المقتضيات القانونية و الدستورية.

الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية:

نصت العديد من المواثيق الدولية لحقوق الانسان و خاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و إعلان الحق في التنمية على عدة حقوق أساسية للإنسان كالتمتع بالحق في معيشة لائقة و الحق في الشغل و السكن و التعليم و الضمان الاجتماعي و الصحة و الحماية من الفاقة و العجز…الخ.
إن بسط مميزات الحالة الاقتصادية و الاجتماعية للمواطن على صعيد مدينة أكادير في ظل هيمنة الاقتصاد غير المهيكل ميزته الرئيسية الهشاشة و الهامشية و نسيج مقاولاتي يغلب على معظم وحداته الانتاجية الطابع العائلي التقليدي وانعدام قواعد التنافس الشفاف و الحكامة الجيدة و بالتالي عدم احترام حقوق العمال و كذلك غياب تنمية حقيقية تستهدف أساسا الانسان و رفاهيته، يجعلنا نسجل مجموعة من الاختلالات التي تعتري التمتع بهاته الحقوق و منها :
1. وضع صحي غير لائق عاجز عن تلبية الحاجيات المتزايدة للمواطنين خاصة من خلال الاجهاز على مجانية التطبيب و افتقار مستشفى الحسن الثاني إلى التجهيزات و الاختصاصات و الموارد البشرية الكافية مما يجعل منه بعيدا عن المعايير المعتمدة في المؤسسات الصحية التي تقدم خدمة عمومية بالجودة المطلوبة ، و التي طبع انطلاقها عدة مشاكل و توترات، هذا بالإضافة إلى عدم توفر المواطنين على التغطية الصحية و الغلاء المهول للأدوية و هيمنة المنطق التجاري على أغلبية المؤسسسات الصحية الخاصة. مع العلم أن ما سمي ببطاقة ” راميد” كان ثبت فيما بعد لعامة المواطنين أنهم يحملون في جيوبهم “شهادة ضعف” لا تسمن و لا تغني من جوع و لا تسمح بالولوج الى العلاج الاساسي للمواطنين .
2. انتشار مهول للبطالة و المهن الهشة و تنامي ظاهرة التسول و الانحراف و الجريمة.
3. بنية تحتية هشة على مستوى ربط الأحياء الهامشية بالخدمات الأساسية كالنقل و الانارة و تعبيد الطرق و مرافق الترصيص الصحي كما هو حال مناطق : بنسركاو و أورير ، تغازوت ، أنزا ، سفوح الجبال ……إلخ مما يجعل منها فريسة سهلة للفياضانات و الأمطار الغزيرة التي تعري بشكل سافر سوء تدبير الشأن المحلي بالمدينة .
أما على مستوى الحقوق الشغلية كما هو منصوص عليها في الدستور و المواثيق الدولية لحقوق الانسان، فمن الضروري اثارة الانتباه الى معاناة الشباب حاملي الشهادات المعطلين ، و ذلك عبر إغلاق باب الحوار في وجههم من طرف ولاية أكادير و الجماعة الحضرية ، مما دفع بهؤلاء الضحايا الى خوض عدة احتجاجات و في أحيان كثيرة منعهم من الاحتجاج السلمي عبر تطويق وقفاتهم بأحزمة أمنية تعكس بالملموس المنطق الأمني الذي يتعاطى به المسؤولين مع الحق الدستوري لهؤلاء المعطلين في الشغل الي يضمن العيش الكريم ، و اخر تجليات هذا المنطق الاعتداء على المعطلين و تعنيفهم في كل شكل إحتجاجي لدرجة أصبح وقوف معطل أمام بناية باشوية و ولاية أكادير جنحة تقود إلى السجن كما هو الحال لمعطلي الجمعية الوطنية لحاملي الشهادات بأكادير قبل سنتين، و في هذا الاطار نوجه دعوة صريحة للجهات المسؤولة محليا و جهويا قصد فتح حوار فوري و جاد مع جمعيات و مجموعات المعطلين حاملي الشواهد والسواعد ، و الاستجابة لمطالبهم العادلة و المشروعة.
كما تميزت سنة 2013-2014 على صعيد الحقوق الشغلية بعدة خروقات مست بشكل خاص استقرار الشغل و الحق في الحماية من البطالة كما هو حال الطرد التعسفي كما هو الحال لعمال شركات “بيشا” في مجموعة من القطاعات كالبناء و الفلاحة و أصدر فرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان باكادير ، في حينه ، بيانا في الموضوع هذا بالإضافة الى عدم اداء الأجور و مستحقات الضمان الاجتماعي و الصندوق المهني للتقاعد لصالح عمال و مستخدمي هذه المؤسسات الشغلية .
أما عن شروط العمل و الاستفادة و ممارسة الحقوق التي نصت عليها اتفاقيات منظمة العمل الدولية أو المواثيق ذات الصلة، فنسجل معاناة العديد من المواطنين و حرمانهم من هاته الحقوق ، كما أن عدم تدخل الجهات المسؤولة من سلطات محلية و مفتشي الشغل ومصالح الضمان الاجتماعي يزيد من حدة الانتهاكات التي تطال المعايير و الحقوق و التي نصت عليها مدونة الشغل و المواثيق الدولية داخل المقاولات و الوحدات الانتاجية خاصة المتعلقة باحترام الحد الأدنى للأجور و الضمان الاجتماعي و حق تأسيس النقابات و حرية العمل النقابي و عدم تشغيل القاصرين، هذا بالإضافة إلى الاستغلال البشع الذي يتعرض العمال و العاملات داخل معظم شركات البناء و الحراسة و البستنة و النظافة و مكاتب الدراسات المحاسباتية و عيادات الأطباء و مكاتب المحامون و المدارس الخاصة حيث يشتغل العامل أو العاملة بنصف الحد الأدنى للاجر و الحرمان التام من الحقوق الاجتماعية كالتغطية الصحية و الضمان الاجتماعي و العطل السنوية ناهيك عن التسريحات بدون تعويض و هي تسريحات تخضع لمزاج المشغل.
كما عرف الحق في السكن عدة انتهاكات واجهها الضحايا باحتجاجات متتالية ، حيث يتهمون السلطات المحلية بعدم الوفاء بالتزاماتها و نهج طرق تمييزية بين الضحايا.
أما على مستوى الحق في البيئة، فاننا اذ نسجل أهمية اعادة التأهيل الحضري للمدينة نثير مع ذلك انتباه الرأي العام أن مشروع التأهيل تم في محطات عديدة على حساب الفضاءات الخضراء و الأشجار و دون مراعاة التوازن في معالجة هاته القضايا.
وفيما يخص حقوق الفئات الخاصة خاصة الأطفال و النساء و المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء فنسجل الحقائق التالية :
• في غياب أرقام رسمية عن وضعية الطفل و الطفولة بالمدينة يمكن القول أن هناك العديد من صور انتهاكات حقوق الطفل تتنافى و اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها الدولة المغربية بتحفظ و منها تنامي ظاهرة الأطفال المشردين و الممتهنين للأنشطة هامشية كبيع السجائر بالتقسيط أو مسح الأحذية أو التسول، و تعتبر هاته الفئة من الأطفال عرضة أما لاعتداءات بدنية و جنسية و نفسية أو مرشحة بامتياز لولوج عالم الجريمة بمختلف أصنافها ، و بالتالي تكون النتيجة واحدة في ظل قصور السياسات العمومية في مجال حماية للطفولة و رعايتها ألا و هي : الحرمان من الحقوق الأساسية كالحق في التربية و التعليم و الترفيه و الحق في الكرامة و الحماية من مختلف ألوان الاعتداءات خاصة الجنسية منها و التي سجلت مدينة أكادير المركز و النواحي ، حالات عديدة .
• لم تسلم النساء من العنف المادي و الجنسي و النفسي الذي تعيد انتاجه بنية ذهنية ذكورية تتغذى من عقلية ماضوية تحكمها ثقافة الإقصاء و معاداة حقوق الإنسان وذلك على الرغم من اقرار مدونة الأسرة التي حملت بعض المكتسبات المهمة للمرأة المغربية الا أن العمل البطيئ والتعاطي القضائي العتيق لبعض مقتضياتها الايجابية يكاد يفرغها من محتواها .
• ولم تعرف وضعية المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء أي تحول في اتجاه يحترم كرامتهم و حقوقهم حيث لا زالوا محرومين من أبسط الحقوق في ظل غياب آلية وطنية ناجعة و كفيلة بحمايتهم و التخفيف من معاناتهم و هم عرضة باستمرار لاعتقالات لا تحترم فيها الضمانات القانونية الواردة في قانون الهجرة و اتفاقية حماية اللاجئين بل في الكثير من الاحيان تستهدف الاعتقالات مهاجرين أفارقة حاملي بطائق اللجوء. هذا بالإضافة إلى تردي شروط إقامتهم التي تنعدم فيها أبسط قيم
و قواعد حقوق الانسان حيث يقاومون الجوع و البرد و الحر و التشرد و يلجؤون الى امتهان التسول و يكونون في بعض الأحيان عرضة لممارسات تحقيرية و تمييزية.
و نسجل بذات المناسبة تغييب فرع الجمعية بأكادير عن لقاءات توزيع بطائق الإقامة لهؤلاء ، و لا إطلاع الجمعية على الظروف التي مرت فيها عملية الإنتقاء و تسوية الوضعية .

 

 
توصيات :

إن التوصية الأساسية التي نلح عليها هي أن تتحمل السلطات المحلية الادارية و المنتخبة مسؤوليتها الكاملة ازاء مرافعات و ملاحظات الجمعية المغربية لحقوق الانسان اتجاه العديد من القضايا الحقوقية و الواردة في هذا التقرير و خاصة :
•التعاطي المسؤول و المؤسساتي مع مراسلات الجمعية
• احترام قواعد الشفافية في تدبير الشأن العام ومنها اطلاع الرأي العام على معايير توزيع منح المجالس الجماعية و الجهوية على الجمعيات سيما أن جمعيتنا لم يسبق لها أبدا الاستفادة بدون أي توضيح من المعنيين بالأمـــر.

كما أن سمات الوضع الحقوقي بمدينة أكادير لا يمكن فصله عن سياقه الوطني الذي يشهد حركتي مد و جزر تعكسان طول المسافة بين الخطاب الرسمي عن حقوق الانسان و التنزيل الميداني لهذا الخطاب و هو تنزيل يعمق من تلك المسافة التي تغطيها الانتهاكات و التجاوزات رغم نضالات الحركة الديمقراطية و الحقوقية، و بالتالي فان توصيات هذا التقرير لا تخرج عن مطالب الحركة الحقوقية في بلادنا ن حيث أن إعمال حقوق الإنسان و ترقيتها ضمانا لكرامة المواطنين لن يتأني إلا بتفعيل الالتزامات الدولية في هذا الشأن في اتجاه السمو بالمرجعية الكونية لحقوق الإنسان و ملائمة التشريعات المحلية مع تلك المرجعية التي صيغت لكل البشر في تعددهم و اختلافهم، و منها :

• الالتزام بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البروتوكلين الاختاريين الملحقين بهما.
• الالتزام باتفاقية مناهضة التعذيب و التصديق على البروتوكول الاختياري الملحق بها.
• الالتزام باتفاقية الغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة و التجسيد العملي لمسألة رفع التحفظات عن بعض بنودها.
• الالتزام باتفاقية حقوق الطفل.
• الالتزام باتفاقية حقوق و حماية اللاجئين.
• تفعيل الحقوق الواردة في الدستور و قانون الحريات العامة،
• تنفيذ توصيات هيئة الانصاف و المصالحة خاصة التأصيل الدستوري لحقوق الإنسان و الحكامة الأمنية و الاصلاح المؤسساتي
• تفعيل قانون تجريم التعذيب خصوصا بمخافر الضابطة القضائية ، و الإلتزام بالمعاملة اللائقة مع المعتقلين و الخاضعين لتدابير الحراسة النظرية .
• محاربة الفساد الإداري و المالي و إعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب.
عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع أكادير

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

يونيو 2014

 

 

إستــــــهلال

يأتي هذا التقرير في سياق تتبع فرع أكادير للجمعية المغربية لحقوق الإنسان لحالة حقوق الإنسان بالمدينة في الموسم 2013/ 2014 انطلاقا من آليات اشتغال الجمعية في تتبع الخروقات التي تطال حقوق الإنسان في شموليتها : مدنية و سياسية و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية من جهة، و من جهة ثانية انطلاقا من المرجعية الكونية المؤسسة لقيم و مبادئ حقوق الإنسان كما هو منصوص عليها في الاتفاقيات و المواثيق الدولية.

في البداية لابد من الإشارة إلى أن هذا التقرير يستمد محتوياته من شكايات و تظلمات المواطنين و من وسائل الإعلام خاصة منها المكتوبة و الالكترونية بالمنطقة ،و كذلك اعتمادا على معاينة و تتبع وضعية حقوق الإنسان من خلال مكتب فرع الجمعية و مناضليها، من هنا فإننا لا ندعي الإحاطة الشاملة بالوضع الحقوقي بالمدينة في ظل ضعف الإمكانيات المادية و البشرية وصعوبة الشروط التي نشتغل فيها و غياب التعاون الايجابي للجهات المسؤولة على تسيير المدينة ، من سلطات محلية ترابية و منتخبة و مصالح خارجية للدولة و الجسم القضائي، علما أن معظم مراسلات الفرع إلى هاته الجهات تبقى دون رد.

ينقسم هذا التقرير إلى محورين أساسيين، الأول يتعلق بالحقوق المدنية و السياسية و فيه سنعمل على رصد واقع الحريات العامة ، الممارسة القضائية، وضعية السجن المحلي و قضايا ترتبط بأمن المواطنين…، أما المحور الثاني المتعلق بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية سنقف فيه عند الحقوق الشغلية و الحق في السكن و التربية و التعليم و قضايا البيئة و الحقوق الخاصة بالنساء و الأطفال و الهجرة غير النظامية.

 

 

الحقوق المدنية و السياسية

إن الهدف من هذا التقرير الذي سنضمنه مجموعة من التوصيات هو تشخيص حالة حقوق الإنسان بأكادير و اطلاع الرأي العام الجهوي و الوطني على صور و مجالات الانتهاكات و طبيعتها و مدى استعداد المسؤولين لاحترام حقوق الإنسان ” كما هو متعارف عليها دوليا ” و الوفاء بالتزاماتهم في خدمة المواطن و تحقيق التنمية و إقرار الديمقراطية في شموليتها ، خاصة في ظل تنامي وعي المواطن بحقوقه الأساسية والتعبير بشكل حضاري و سلمي في الدفاع عنها و النضال من أجل تحسين شروطه المعيشية، و قد سجلنا في هذا الإطار مجموعة من الأشكال الاحتجاجية السلمية من أجل الحق في السكن و الشغل و تخليد مناسبات حقوقية دولية و التي مرت في ظروف عادية إلا في بعض الحالات التي كانت فيها عرضة لتدخل السلطات المحلية و تضييقها على ممارسة هذا الحق المكفول دستوريا
و حقوقيا كما هو الشأن في:

1. منع التظاهرة السلمية العادلة و المشروعة لحركة 20 فبراير خلال تخليدها للذكرى الثالثة لميلاد الحركـــة ، و لم يقتصر تدخل السلطات على المنع فقط بل تعرض عدد من المناضلين و المناضلات لإعتداءات بدنيــة تمثلت في الضرب و التعنيف و تحرشات و إستفزازت ، لم يسلم منها حتى مرتادي السوق الأسبوعي ” سوق الأحد أكادير”، على إعتبار أن التظاهرة نظمت غير بعيد عن هــذا المرفق العمومي.

2. اعتقال عشرات الطلاب ، بشكل عشوائي ، إثر تنظيم مجموعة من طلبة يتحدرون من منطقة زاكورة لوقفة إحتجاجية بجوار كليات جامعة ابن زهــر ، تخللها تدخل عنيف لقوات الأمن في حق المتجمهرين دون سابق إنذار و دونما سلك الاجراءات المسطرية الواجبة الاتباع.

3.   سجل الفرع تعنيفا همجيا لعمال معمل ” أفيرو” و ” صوتيماك” بأيت ملول لا لشيء سوى تنفيذهم لإعتصام سلمي و بمطالب نقابيـــة ، و تمت محاكمتهم بتهم ملفقة الغاية منها التنكيل بمناضلين نقابيين قادوا أشكال إحتجاجية و مطلبية .

و يذكر أن فرع أكادير للجمعية توصل بعدد من الشكايات الفردية و الجماعية من ضحايا خروقات حقوق الإنسان ، إلا أنها خارج نفوذه الترابي و أحالها في حينه على الجهات المعنية، و تبنى منها التي لها صلة بأكادير ، و يتعلق الأمر أساسا بشكايات عدد من الباعة المتجولين يدعون أنهم يتعرضون يوميا للإبتزاز مقابل وضع سلعهم في الملك العمومي و في نفس الوقت يتعرضون لإعتداءات بالضرب و التعنيف من طرف قائد المقاطعة الأولى بإنزكان و عناصر القوات المساعدة و تسلموا شواهد طبية تحدد العجز في مدد متفاوتة .

و في نفس السياق ، قامت عناصر القوات المساعدة بالإعتداء على شخص من ذوي الإحتياجات الخاصة  بالشارع العام ، و هو ما كان موضوع مقالات عدد من الصحف بناءا على تقرير فرع أكادير للجمعية.

و يذكر أن أغلب هؤلاء وضعوا شكاياتهم أمام القضـــاء إلا أنه لحدود الساعة لم يلمســــوا أي تدخل أو إجراء لردع المخالفين و الضرب بيد من حديد على منتهكي حقوق المواطنين.

و بالنسبة لممارسة المواطن لحقوقه المكفولة بالقانون خاصة ظهير الحريات العامة في شقه المتعلق بتأسيس الجمعيات و تنظيم التجمعات، فقد لاحظنا خرقا واضحا لمقتضيات الظهير من طرف السلطات المحلية سواء في تسليم الوصل المؤقت فورا حين التصريح بعقد التجمعات أو وضع ملف تأسيس الجمعيات كما تلجأ السلطات المحلية الى طلب وثائق غير واردة في القانون.

أما واقع القضاء بالمدينة ،  فإذ نسجل ايجابية الحكم القضائي الصادر عن المحكمة الإدارية ضد الدولة المغربية لصالح عائلة ” الخادمة فاطمة ” القاصرة التي تعرضت للتعنيف من طرف مشغليها كخادمة للبيوت ، كما نسجل إيجابية بعض الأحكام في ملفات تتعلق بإنتهاك حقوق الطفل و المرأة ، ضحايا الإغتصاب و العنف …، و التي نعتبر هذه الأحكام منصفة و عادلة في رمزيتها ، و لكن هذا لا يمنع من الإشارة إلى ما تحمله شكايات المواطنين و معاناتهم اتجاه الجسم القضائي بالمدينة ، و الذي يتسم بالبطء و التسويف في تحريك المساطر اضافة الى عدم تنفيذ أحكام قضائية أو المماطلة في تنفيذها ، و إصدار أحكام بعقوبات قاسية إذا ما تعلق الأمر بملفات ضد الصحفيين كما هو مدير جريدة مشاهد أكادير و بالنسبة لطلبة جامعة ابن زهــــر و عمال منضوون تحت لواء الكنفدرالية الديمقراطية للشغل.

وبشأن الواقع السجني يتوصل الفرع بعدد من الاتصالات من عائلات المعتقلين ومن المعتقلين أنفسهم يشكون تردي أوضاعهم و إنتشار كافة المظاهر المسيئة لهذه المؤسسة ذات الطابع التربوي، ففي ظل غياب التفعيل التام للجنة الاقليمية لمتابعة وضعية السجون و الاغلاق غير المبرر للسجون في وجه المنظمات الحقوقية و لم يلمس الفرع أي تغيير في هذا الاتجاه ولو  بعد تنصيب مسؤول جديد على رأس المندوبية السامية لادارة السجون و اعادة الادماج ، فإن فرع الجمعية تمكن من رصد العديد من الخروقات التي تطال حقوق السجناء من خلال شكاياتهم المباشرة أو عن طريق عائلاتهم، فتفشي الزبونية و الاكتظاظ و المس بالسلامة البدنية و الأمان الشخصي للسجناء و تردي التغذية و الخدمات الصحية تعتبر من العناوين البارزة لواقع السجن المحلي بكل من أيت ملول و إنزكان ، و ذلك في ظل تجاوز صريح للقانون المنظم للسجون رقم 23/98 و القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء. و في هذا السياق نسجل الاعتداءات المتكررة التي يتعرض لها السجناء ، كما أن التراجعات التي طالت حقوقا ينص عليه قاون 23/98 دفعت مؤخرا عدد من المعتقلين إلى الدخول في اضرابات لامحدودة عن الطعام.

و فيما يتعلق بواقع الأمن بأكادير ، و من خلال شكايات المواطنين و تقارير الصحافة الجهوية و الوطنية، نسجل تعرض أمن المواطنين و سلامتهم البدنية و آمانهم الشخصي لاعتداءات متتالية و متزايدة من طرف منحرفين خاصة في أحياء هامشية ” تيكيوين ، بنسركاو ، الحي المحمدي ” بل بوسط المدينة ” ساحة السلام ” و بالقرب من بعض المؤسسات التعليمية ، كما أن الانتشار الواسع للمخدرات و الأقراص المهلوسة تضاعف من جرائم الاعتداء على المواطنين، و قد سبق لمواطنين أن وضعوا عريضة لدى السلطات المحلية للتدخل قصد الحد من هاته الظاهرة الخطيرة خاصة داخل قاعات الألعاب المحادية للمؤسسات التعليمية .

كما نسجل و بأسف كبير مضايقات بعض العناصر الأمنية للمواطنين في الشارع العام ، و التعامل معهم بكلام نابي و غير مسؤول و مخل بالحياء ، و التعامل معهم بالإزدراء و الإستصغار ، و إعتبار بعض المكلفين بالدوريات و الحملات التمشطية المواطنين ” مدان إلى أن تثبت براءته “.

الخلاصة التي يمكن استنتاجها من هذا المحور الأول هي أن الانتهاكات التي تطال الحقوق المدنية و السياسية و الحريات العامة بشكل عام تعتبر نتيجة منطقية لتنصل المسؤولين و عدم الوفاء لالتزاماتهم الدولية خاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و اتفاقية مناهضة التعذيب و عدم اعمال المقتضيات القانونية و الدستورية.


الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية:


نصت العديد من المواثيق الدولية لحقوق الانسان و خاصة العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و إعلان الحق في التنمية على عدة حقوق أساسية للإنسان كالتمتع بالحق في معيشة لائقة و الحق في الشغل و السكن و التعليم و الضمان الاجتماعي و الصحة و الحماية من الفاقة و العجز…الخ.

إن بسط مميزات الحالة الاقتصادية و الاجتماعية للمواطن على صعيد مدينة أكادير في ظل هيمنة الاقتصاد غير المهيكل ميزته الرئيسية الهشاشة و الهامشية و نسيج مقاولاتي يغلب على معظم وحداته الانتاجية الطابع العائلي التقليدي وانعدام قواعد التنافس الشفاف و الحكامة الجيدة و بالتالي عدم احترام حقوق العمال و كذلك غياب تنمية حقيقية تستهدف أساسا الانسان و رفاهيته، يجعلنا نسجل مجموعة من الاختلالات التي تعتري التمتع بهاته الحقوق و منها :
1.
وضع صحي غير لائق عاجز عن تلبية الحاجيات المتزايدة للمواطنين خاصة من خلال الاجهاز على مجانية التطبيب و افتقار مستشفى الحسن الثاني إلى التجهيزات و الاختصاصات و الموارد البشرية الكافية مما يجعل منه بعيدا عن المعايير المعتمدة في المؤسسات الصحية التي تقدم خدمة عمومية بالجودة المطلوبة ، و التي طبع انطلاقها عدة مشاكل و توترات، هذا بالإضافة إلى عدم توفر المواطنين على التغطية الصحية و الغلاء المهول للأدوية و هيمنة المنطق التجاري على أغلبية المؤسسسات الصحية الخاصة. مع العلم أن ما سمي ببطاقة ” راميد” كان ثبت فيما بعد لعامة المواطنين أنهم يحملون في جيوبهم “شهادة ضعف” لا تسمن و لا تغني من جوع و لا تسمح بالولوج الى العلاج الاساسي للمواطنين .

2. انتشار مهول للبطالة و المهن الهشة و تنامي ظاهرة التسول و الانحراف و الجريمة.

3. بنية تحتية هشة على مستوى ربط الأحياء الهامشية بالخدمات الأساسية كالنقل و الانارة و تعبيد الطرق و مرافق الترصيص الصحي كما هو حال مناطق :  بنسركاو و أورير ، تغازوت ، أنزا ، سفوح الجبال ……إلخ مما يجعل منها فريسة سهلة للفياضانات و الأمطار الغزيرة التي تعري بشكل سافر سوء تدبير الشأن المحلي بالمدينة .

أما على مستوى الحقوق الشغلية كما هو منصوص عليها في الدستور و المواثيق الدولية لحقوق الانسان، فمن الضروري اثارة الانتباه الى معاناة الشباب حاملي الشهادات المعطلين ، و ذلك عبر إغلاق باب الحوار في وجههم من طرف ولاية أكادير و الجماعة الحضرية ، مما دفع بهؤلاء الضحايا الى خوض عدة احتجاجات و في أحيان كثيرة منعهم من الاحتجاج السلمي عبر تطويق وقفاتهم بأحزمة أمنية تعكس بالملموس المنطق الأمني الذي يتعاطى به المسؤولين مع الحق الدستوري لهؤلاء المعطلين في الشغل الي يضمن العيش الكريم ، و اخر تجليات هذا المنطق الاعتداء على المعطلين و تعنيفهم في كل شكل إحتجاجي لدرجة أصبح وقوف معطل أمام بناية باشوية و ولاية أكادير جنحة تقود إلى السجن كما هو الحال لمعطلي الجمعية الوطنية لحاملي الشهادات بأكادير قبل سنتين، و في هذا الاطار نوجه دعوة صريحة للجهات المسؤولة محليا و جهويا قصد فتح حوار فوري و جاد مع جمعيات و مجموعات المعطلين حاملي الشواهد والسواعد ، و الاستجابة لمطالبهم العادلة و المشروعة.

كما تميزت سنة 20132014 على صعيد الحقوق الشغلية بعدة خروقات مست بشكل خاص استقرار الشغل و الحق في الحماية من البطالة كما هو حال الطرد التعسفيكما هو الحال لعمال شركات “بيشا” في مجموعة من القطاعات كالبناء و الفلاحة و أصدر فرع الجمعية المغربية لحقوق الانسان باكادير ، في حينه ، بيانا في الموضوع هذا بالإضافة الى عدم اداء الأجور و مستحقات الضمان الاجتماعي و الصندوق المهني للتقاعد لصالح عمال و مستخدمي هذه المؤسسات الشغلية .

أما عن شروط العمل و الاستفادة و ممارسة الحقوق التي نصت عليها اتفاقيات منظمة العمل الدولية أو المواثيق ذات الصلة، فنسجل معاناة العديد من المواطنين و حرمانهم من هاته الحقوق ، كما أن عدم تدخل الجهات المسؤولة من سلطات محلية و مفتشي الشغل ومصالح الضمان الاجتماعي يزيد من حدة الانتهاكات التي تطال المعايير و الحقوق و التي نصت عليها مدونة الشغل و المواثيق الدولية داخل المقاولات و الوحدات الانتاجية خاصة المتعلقة باحترام الحد الأدنى للأجور و الضمان الاجتماعي و حق تأسيس النقابات و حرية العمل النقابي و عدم تشغيل القاصرين، هذا بالإضافة إلى الاستغلال البشع الذي يتعرض العمال و العاملات داخل معظم شركات البناء و الحراسة و البستنة و النظافة و مكاتب الدراسات المحاسباتية و عيادات الأطباء و مكاتب المحامون و المدارس الخاصة حيث يشتغل العامل أو العاملة بنصف الحد الأدنى للاجر و الحرمان التام من الحقوق الاجتماعية كالتغطية الصحية و الضمان الاجتماعي و العطل السنوية ناهيك عن التسريحات بدون تعويض و هي تسريحات تخضع لمزاج المشغل.

كما عرف الحق في السكن عدة انتهاكات واجهها الضحايا باحتجاجات متتالية ، حيث يتهمون السلطات المحلية بعدم الوفاء بالتزاماتها و نهج طرق تمييزية بين الضحايا.

أما على مستوى الحق في البيئة، فاننا اذ نسجل أهمية اعادة التأهيل الحضري للمدينة نثير مع ذلك انتباه الرأي العام أن مشروع التأهيل تم في محطات عديدة على حساب الفضاءات الخضراء و الأشجار و دون مراعاة التوازن في معالجة هاته القضايا.

وفيما يخص حقوق الفئات الخاصة خاصة الأطفال و النساء و المهاجرين الأفارقة جنوب الصحراء فنسجل الحقائق التالية :
في غياب أرقام رسمية عن وضعية الطفل و الطفولة بالمدينة يمكن القول أن هناك العديد من صور انتهاكات حقوق الطفل تتنافى و اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها الدولة المغربية بتحفظ و منها تنامي ظاهرة الأطفال المشردين و الممتهنين للأنشطة هامشية كبيع السجائر بالتقسيط أو مسح الأحذية أو التسول، و تعتبر هاته الفئة من الأطفال عرضة أما لاعتداءات بدنية و جنسية و نفسية أو مرشحة بامتياز لولوج عالم الجريمة بمختلف أصنافها ، و بالتالي تكون النتيجة واحدة في ظل قصور السياسات العمومية في مجال حماية للطفولة و رعايتها ألا و هي : الحرمان من الحقوق الأساسية كالحق في التربية و التعليم و الترفيه و الحق في الكرامة و الحماية من مختلف ألوان الاعتداءات خاصة الجنسية منها و التي سجلت مدينة أكادير المركز و النواحي ، حالات عديدة .

  • لم تسلم النساء من العنف المادي و الجنسي و النفسي الذي تعيد انتاجه بنية ذهنية ذكورية تتغذى من عقلية ماضوية تحكمها ثقافة الإقصاء و معاداة حقوق الإنسان وذلك على الرغم من اقرار مدونة الأسرة التي حملت بعض المكتسبات المهمة للمرأة المغربية الا أن العمل البطيئ والتعاطي القضائي العتيق لبعض مقتضياتها الايجابية يكاد يفرغها من محتواها .
    ولم تعرف وضعية المهاجرين الأفارقة  جنوب الصحراء أي تحول في اتجاه يحترم كرامتهم و حقوقهم حيث لا زالوا محرومين من أبسط الحقوق في ظل غياب آلية وطنية ناجعة و كفيلة بحمايتهم و التخفيف من معاناتهم و هم عرضة باستمرار لاعتقالات لا تحترم فيها الضمانات القانونية الواردة في قانون الهجرة و اتفاقية حماية اللاجئين بل في الكثير من الاحيان تستهدف الاعتقالات مهاجرين أفارقة حاملي بطائق اللجوء. هذا بالإضافة إلى تردي شروط إقامتهم التي تنعدم فيها أبسط قيم
    و قواعد حقوق الانسان حيث يقاومون الجوع و البرد و الحر و التشرد و يلجؤون الى امتهان التسول و يكونون في بعض الأحيان عرضة لممارسات تحقيرية و تمييزية.

و نسجل بذات المناسبة تغييب فرع الجمعية بأكادير عن لقاءات توزيع بطائق الإقامة لهؤلاء ، و لا إطلاع الجمعية على الظروف التي مرت فيها عملية الإنتقاء و تسوية الوضعية .

 

 

 

 

 

 

توصيات:
إن التوصية الأساسية التي نلح عليها هي أن تتحمل السلطات المحلية الادارية و المنتخبة مسؤوليتها الكاملة ازاء مرافعات و ملاحظات الجمعية المغربية لحقوق الانسان اتجاه العديد من القضايا الحقوقية و الواردة في هذا التقرير و خاصة :
التعاطي المسؤول و المؤسساتي مع مراسلات الجمعية
احترام قواعد الشفافية في تدبير الشأن العام ومنها اطلاع الرأي العام على معايير توزيع منح المجالس الجماعية و الجهوية على الجمعيات سيما أن جمعيتنا لم يسبق لها أبدا الاستفادة بدون أي توضيح من المعنيين بالأمـــر.

 

كما أن سمات الوضع الحقوقي بمدينة  أكادير لا يمكن فصله عن سياقه الوطني الذي يشهد حركتي مد و جزر تعكسان طول المسافة بين الخطاب الرسمي عن حقوق الانسان و التنزيل الميداني لهذا الخطاب و هو تنزيل يعمق من تلك المسافة التي تغطيها الانتهاكات و التجاوزات رغم نضالات الحركة الديمقراطية و الحقوقية، و بالتالي فان توصيات هذا التقرير لا تخرج عن مطالب الحركة الحقوقية في بلادنا ن حيث أن إعمال حقوق الإنسان و ترقيتها ضمانا لكرامة المواطنين لن يتأني إلا بتفعيل الالتزامات الدولية في هذا الشأن في اتجاه السمو بالمرجعية الكونية لحقوق الإنسان و ملائمة التشريعات المحلية مع تلك المرجعية التي صيغت لكل البشر في تعددهم و اختلافهم، و منها:


الالتزام بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية و العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البروتوكلين الاختاريين الملحقين بهما.
الالتزام باتفاقية مناهضة التعذيب و التصديق على البروتوكول الاختياري الملحق بها.
الالتزام باتفاقية الغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة و التجسيد العملي لمسألة رفع التحفظات عن بعض بنودها.
الالتزام باتفاقية حقوق الطفل.
الالتزام باتفاقية حقوق و حماية اللاجئين.
تفعيل الحقوق الواردة في الدستور و قانون الحريات العامة،
تنفيذ توصيات هيئة الانصاف و المصالحة خاصة التأصيل الدستوري لحقوق الإنسان و الحكامة الأمنية و الاصلاح المؤسساتي
تفعيل قانون تجريم التعذيب خصوصا بمخافر الضابطة القضائية ، و الإلتزام بالمعاملة اللائقة مع المعتقلين و الخاضعين لتدابير الحراسة النظرية .

  • محاربة الفساد الإداري و المالي و إعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب.

عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع أكادير

8 يونيو 2014

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق